في اليوم السادس والعشرون من شهر برمودة من سنة 1009 للشهداء (1293م)، تنيح القديس البابا يوأنس السابع البطريرك الثامن والسبعون من بطاركة الكرازة المرقسية. فبعد نياحة البابا أثناسيوس الثالث البطريرك السادس والسبعين، كان هناك مرشحان لدرجة البطريركية، الأول يوحنا بن أبي سعيد السكري، والثاني غبريال بن أخت الأنبا بطرس أسقف طنبدي، ولما كانت أصوات الناخبين متساوية في المجمع المقدس، وكان يوحنا معضداً من أكابر المسيحيين بمصر القديمة، وغبريال معضداً من أعيان القاهرة، لذلك انقسم الأساقفة الى قسمين. أخيراً اتفقوا على القرعة الهيكلية ففاز فيها غبريال. إلا أن ذلك لم يُرض الطرف الآخر. فعمدوا على استرضاء الحكام ليؤيدوهم في انتخاب يوحنا، فتمكنوا من رسامته بطريركاً في السادس من طوبه سنة 978 للشهداء (1262م)، وأقام بطريركاً لمدة ست سنوات وتسعة أشهر وتسعة عشر يوماً، سادتها المشاكل والاضطرابات. وخلال هذه الفترة استطاع مؤيدوا غبريال أن يعزلوا البطريرك يوحنا بأحد الأديرة ورسموا غبريال في الرابع والعشرين من بابة سنة 985 للشهداء (1268م).
استمر البابا غبريال البطريرك السابع والسبعون يدبر الكنيسة سنتين وشهرين وعشرة ايام، كانت نيران الفتنة في خلالها لا تخمد، حتى تنيح البابا غبريال في السادس من طوبه 987 للشهداء (1271م). فاتحدت كلمة الجميع على إعادة البابا يوأنس في السابع من طوبه 987 للشهداء (1271م) في فترة حكم الظاهر بيبرس.
كان البابا يوأنس السابع جليل القدر، وقوراً، واسع العلم، فعمل على إزالة التفرقة بين الناس، فعظُمت شهرته. وقد قام بعمل الميرون المقدس.
وفي عهد هذا البابا، رسم مطراناً قبطياً للحبشة بدلاً من المطران الأنطاكي. وكان هناك أيضاً تاجراً مصرياً قد أرسل مالاً لشريك له في الحبشة. وبعدها مات الشريك. فرفع التاجر مظلمة لملك مصر ليساعده في الحصول على ماله. فأحيلت الشكوى الى البابا يوأنس الذي أعطاه رسالة للإمبراطور بالحبشة، فأعاد اليه المال مضافاً إليه بعض الهدايا.
وكانت الحالة السياسية في أيام هذا البابا عصيبة، بسبب ما ساد مصر من الفتن والقلاقل. وكان الدافع لهذه الفتن الضرائب المتزايدة، والتشدد في فرض ملابس خاصة على الأقباط، وترك العامة يتهجمون عليهم بلا رادع. فبذل البابا جهوداً شاقة لأجل شعبه، إذ قد راعه أن يرى الكثيرين منهم يضعفون فيجحدون السيد المسيح.
وفي عهد السلطان قلاوون أمر ذلك الحاكم بأن يحفروا حفرة كبيرة ويجمعوا فيها النصارى ويحرقوهم، كان ذلك في سنة 980 للشهداء. وعندئذ طالب السلطان قلاوون البابا أن يدفع خمسين ألف دينار له مقابل أن يطلق النصارى. وظلوا يحصلونها على مدى سنتين.
هذا وقد واجه النصارى شدائد كثيرة في أيامه يطول شرحها، وقاسى الأساقفة الكثير. وظل البابا يوأنس على الكرسي في المدة الثانية اثنتين وعشرين سنة وثلاثة أشهر وتسعة عشر يوماً وتنيح بسلام. ودُفن بدير النسطور بالبساتين، في فترة حكم الملك الناصر.