في اليوم الرابع من شهر بشنس من سنة 221 للشهداء (505م)، تنيح القديس البابا يوأنس الأول، البطريرك التاسع والعشرين من بطاركة الكرازة المرقسية. وقد ولد هذا الأب بمدينة الإسكندرية من ابوين مسيحيين. مال منذ حداثته الى العيشة الرهبانية، فترهب بدير القديس مكاريوس. ولما اختير للبطريركية رفض، إلا أن الأساقفة والكهنة والأراخنة أخذوه قهراً ورسموه في أول بابة سنة 213 للشهداء (496م)، فلما جلس على الكرسي المرقسي اهتم بالتعليم والوعظ وتثبيت المؤمنين على الإيمان المستقيم. وكان الامبراطور زينون قد توفي، وتولى بعد منه الإمبراطور أنسطاسيوس البار، فكتب له القديس ساويرس الأنطاكي رسالة تحتوي على مبادئ الإيمان القويم، وكان مقدونيوس بطريرك القسطنطينية قد قطع العلاقة مع كنيسة الإسكندرية وكنيسة أنطاكية، وأكد على قرارات المجمع الخلقيدوني، فعقد عليه مجمع بأمر الإمبراطور في العاصمة أنزله عن كرسي البطريركية، ونفاه الإمبراطور ورسم بدلاً منه رجلاً فاضلاً اسمه تيموثاوس. فحالما ارتقى البطريركية عقد مجمعاً رفض فيه قوانين مجمع خلقيدونية، وأعلن اتحاده مع كنيستي الإسكندرية وأنطاكية.
وقد ازدهرت كنيسة الإسكندرية في عهد البابا يوأنس، لأن النفوس كانت قد اطمأنت، وهدأت القلوب ، إذ أن الإمبراطور أنسطاسيوس كلن مسالماً، وكان يرسل الى برية شيهيت ما يحتاجه الآباء الرهبان. وكانت أيام حبريته أيام هدوء وسلام. ولم يكدر الصفو غير الوباء الذي انتشر في الإسكندرية وقضى على كثير من أبنائه. ولما أكمل سعيه الصالح مرض قليلاً ثم تنيح بعد أن قضى على الكرسي المرقسي ثماني سنوات وسبعة شهور.