في اليوم التاسع من شهر بشنس من سنة 1168 للشهداء (1452م)، تنيح القديس البابا يوأنس الحادي عشر البطريرك التاسع والثمانون من بطاركة الكرازة المرقسية. وكان يُدعى القس الأسعد أبو الفرج. وكان كاهناً لكنيسة الشهيد مرقوريوس أبي سيفين بمصر القديمة. وقد تمت رسامته في يوم 16 من بشنس سنة 1143 للشهداء (1427م) كانت إقامته بالقلاية البطريركية بحارة زويلة. عاصر من الملوك: الأشرف والعزيز والظاهر والمنصور. وفي بداية حبريته حدث زلزال ثم فيضان ناقص وغلاء فاحش استمر سنتين وتفشى الطاعون.
وفي أيام هذا البابا أيضاً أرسل ملك الحبشة رسالة الى السلطان في مصر يرجوه فيها رفع المظالم عن المسيحيين. إلا أن السلطان والأمراء غضبوا من الرسالة إذ أحسوا أن مظالمهم قد شاعت خارج الحدود المصرية. فأرسل الى ملك الحبشة يرفض ما جاء بالرسالة. ولما وصل هذا الرد استشاط الملك غضباً واحتجز حاملي رسالة السلطان، بعد أن قُتل ملك المسلمين في الحبشة. وعند وصول هذه الأخبار الى السلطان ثار واستدعى البابا وأمر بضربه، ثم فرض عليه أن يكتب خطاباً الى الملك الحبشي يعرفه بكل ما أصابه، كما يوضح فيه تهديد السلطان بإبادة الأقباط انتقاماً لكل ما قد يصيبه من تضييق على مسلمي بلاده، ويطالبه بإعادة الوفد السلطاني الى مصر بغير تأخير. وعند وصول الخطاب استدعى ملك الحبشة رئيس الوفد وأغدق عليه العطايا ولكنه ماطله في الإذن له بالعودة. ثم سمح له بالعودة، فعاد الى القاهرة بعد غياب دام أربع سنوات … إلا أن عودة الوفد لم تهدئ من غضب السلطان ضد البابا بل حكم بضربه وحبسه وأخذ ماله. وفرض عليه ألا يكاتب ملك الحبشة ولا يرسم له مطارنة أو أساقفة إلا بعد استئذانه. وحدث أن الفيضان جاء ناقصاً فارتفعت الأسعار وشح الخبز فنادى الكل بالصلاة، واشترك المسلمون والأقباط وصلوا أياماً متتالية حتى تزايد ماء النيل في شهر توت.
وفي عهده برز بعض الآباء الساهرين الذين جاهدوا في سبيل الإيمان وتقوية العزائم، منهم الأنبا قرياقص أسقف البهنسا، والأنبا غبريال أسقف اسيوط وتاج الدين بن نصار الله كاتب الأمير برسباي. وبعد هذه الآلام انتقل البابا بعد أن قضى على الكرسي المرقسي أربعاً وعشرين سنة وأحد عشر شهراً وثلاثة وعشرين يوماً ودُفن بدير الخندق.