عصرنا هو عصر المعلومات أو صناعة المعلومات وتدفقها فى كل إتجاه بغزارة ورشاقة وبدقة متناهية، وفى سيولة بالغة، يرجع الفضل فى ذلك إلى تكنولوجيا الإتصالات التى تنوعت، وحطمت حواجز المسافات والأزمان، حتى أنهم يقولون “لقد أنتهى عصر الجغرافيا”.
وأخذ القرار مسأله متكررة كثيراً فى حياتك كل يوم… مثلاً نأخذ قرار الذهاب للمدرسة، أو الذهاب للكنيسة لحضور الإجتماع، أو قرار مصادقة شخص معين، أو قرار قراءة جريدة أوكتاب أو مجلة، أو قرار مشاهدة برنامج، أو الإستماع إلى شريط تسجيلى، أو قرار الحديث فى موضوع ما، أو غلق موضوع ما…ألخ.
لذلك نقول أن هناك ثلاثية حياتية تتكون من ثلاثة أضلاع هى: (الإنسان- الزمان- القرار)، ولأن القرار مرتبط بالإنسان قالوا أن “القرار علم وفن ومهارة وهندسة وصناعة”، وبه تكون أو لا تكون.
وبقدر ما تعطى القرار من وقت محسوب وكاف ودراسة وتفكير متأن، يكون القرار صائباً ومفيداً، ويمنحك العائد المطلوب وربما أكثر.
أولاً: القرارات من حيث تكرارها ثلاثة أنواع :
1) قرارات دائمة التكرار :
وهى أسهل أنواع القرارات، بمعنى أنها تكاد تكون يومية، وهى تعتمد على قدرة الفرد الشخصية وما يملكه من تجارب وخبرات…
2) قرارات قليلة التكرار :
سواء على مستوى الأفراد أو على مستوى الدول… مثل قرار شن الحرب، أو قرار زيارة إحدى الدول مرة ثانية، أو قرار معاودة الدراسة بعد طول إنقطاع…ألخ، كلها قرارات قليلة التكرار فى حياة الشعوب أو الأفراد.
3) قرارات نادرة أو عديمة التكرار :
وهى التى تأخذ الصفة الإنفرادية، أى غير متكررة وهى أصعب أنواع القرارات نظراً لإنفراد حالتها، وعدم وجود خبرات ذاتية سابقة، مثل قرار الهجرة للخارج بصفة دائمة أو قرار الزواج، أو قرار دخول الدير، أو قرار التكريس البتولى…إلخ.
ثانياً: خطوات إتخاذ القرار ثلاث :
1) خطوة ما قبل القرار مباشرة :
فيها أحساس بالحاجة إلى قرار معين: بمعنى وجود مشكلة مثلاً تتطلب قراراً، وهذه الخطوة تتطلب قوة ملاحظة، وسعة رؤية وقياس الفرق بين ما هو متوقع وما هو واقع، لذا سميت هذه الخطوة بـ “الخطوة الذكية”، وهى مرحلة تفكير.
2) خطوة إتخاذ القرار :
وهى تلى الخطوة السابقة، وهى خطوة صناعة القرار وفيها يعلن القرار بعد دراسة جدوى كل البدائل المتاحة وعائدها وتكلفتها، على المدى البعيد قبل القصير، ومن جميع الجوانب، وتسمى “الخطوة الجريئة”.
3) خطوة دعم القرار :
والهدف منها هو الحرص على دقة وفاعلية وإقتصادية القرار، لكى يظل حياً فعالاً خلال دورة حياته، وبهذه الخطوة يتكامل نظام صناعة القرار وتسمى “الخطوة الحتمية”.
ثالثاً: القرارات من حيث تنوع أهدافها ثلاثة :
1) القرار الإستراتيجى :
هو تخطيطى طويل المدى، ولذا يعتبر أصعب أنواع القرارات، إذ يحتاج إلى كم هائل من المعلومات… كما أنه غالباً يتعامل مع المجهول… ومن أمثلة ذلك قرار شن الحرب.
2) القرار التشغيلى :
وهو القرار المتكرر شبه اليومى، وهو أسهل أنواع القرارات، ويعتمد أساساً على نضوج الشخصية وخبراتها وغالباً ما تكون كل معلوماته متوفرة.
3) القرار الأزمى :
وهو القرار الذى يحتاج إلى سرعة البديهة، والخبرة السابقة والقدرات الشخصية، وغالباً يؤثر فيه عامل الزمن بشدة مطلقة… ويدخل هذا النوع فى إدارة الأزمات.
رابعاً: شخصية صانع القرار… ثلاثة أنواع :
1) متخذ القرار… يعشق المخاطرة : يسرع فى إتخاذ القرار…وإذا كان ذكياً وخبيراً عادة ما يكسب ويربح الكثير.
2) متخذ القرار… يتجنب المخاطرة : يتردد فى قراراته كثيراً وقد يؤجلها أو يتجنبها.
3) متخذ القرار… معتدل التصرف : يتمهل ويأخذ فسحة أكبر من الوقت، وعادة يختار القرارات الآمنة والمتوسطة.
خامساً: ثلاثية القرار الفاشل (الخائب) :
1) يتم بدون إستشارة :
وذلك عندما لا تستشير أحداً طلباً للمعونة وسلامة الخطوة التى ستتخذها، مثل والديك، أو أب أعترافك، أو مدرسك أو صديقك الأمين… وطبعاً هذا لا يقلل من شأنك لأنك مثل أى إنسان لا تفهم فى كل الأمور والمجالات والأحوال.
2) يتم بلا حساب للوقت :
أى دون حساب لعامل الزمن… فقرار الزواج مثلاً لا يناسب شاباً فى الثامنة عشرة من عمره، لأن الوقت غير مناسب، أو قرار السفر إلى الخارج، أو الإنقطاع عن الدراسة فى سن مبكرة يعتبر قراراً خائباً… وهكذا، ويكون هو الخاسر أولاً.
3) يتم بلا تقدير لعوائده :
حيث لا يهتم الإنسان بآثار هذا القرار على المدى البعيد قبل القريب، ولا يراقب خط سيره، وإن إكتشف خطأ فيه لا يتراجع حتى لا يهتز موقفه ويقل شأنه وسط المجتمع الذى يعيش فيه… وبالطبع يكون هو الخاسر أولاً.
وواضح لك أن عكس هذه الثلاثة يكون القرار الناجح الصائب، فى أى مجال فى الحياة… وهكذا نقول أن ذكرى الإنسان هى أعماله، وأعماله ليست إلا قرارات أتخذها مات هو وبقيت هى، تحمل ذكراه سلبياً أو إيجابياً…