الميرون كلمة يونانية تعنى “طيب” أو “عطر” تكررت فى الكتاب المقدس بعهديه أكثر من خمسة وعشرين مرة، منها سبع مرات فى سفر النشيد، وثمانى مرات فى العهد الجديد.
وزيت الميرون هو الذى يستخدم فى السر الثانى “سر التثبيت”، الذى كان يُمارس فى زمن الآباء الرسل بوضع الأيدى كعلامة منظورة، وصارت ممارسته فيما بعد بالمسحة بالزيت، كما قال القديس كبريانوس (أحد أباء القرن الثالث الميلادى) “من أعتمد ينبغى أن يُمسح أيضاً لكى يصير بواسطة المسحة ممسوحاً لله، ويأخذ نعمة المسيح”.
وهذا السر كالخاتم الذى يثبتنا فى المسيح، بمعنى أننا من خلاله نحمل صورة السيد المسيح فينا، كقول معلمنا بولس الرسول “ولكن الذى يثبتنا معكم فى المسيح، وقد مسحنا، هو الله الذى ختمنا أيضاً، وأعطى عربون الروح فى قلوبنا” (2كو1: 21-22).
وإعداد زيت الميرون له رحلة طويله فى تاريخ الكنيسة، نسميها “طبخ الميرون”، وقد بدأت من أيام البابا أثناسيوس الرسولى بعدما أخذ من الأطياب المحفوظة بالكنيسة وكانت على جسد المسيح المصلوب (يو19: 39-40)، والتى أحضرها مارمرقس الرسول حينما جاء إلى مصر، وأضاف إليها زيت الزيتون. وبهذا يُعتبر البابا أثناسيوس الرسولى أول من عمل الميرون المقدس على مستوى مسكونى لأول مرة فى مدينة الأسكندرية.
ثم وزع منه على الكنائس الأخرى من خلال مندوبيها الذين حضروا عمل الميرون معه… وأستمر عمل الميرون فى كنيستنا 37 مرة، حيث كانت آخر مرة عام 2008 م بيد المتنيح البابا شنوده الثالث، والذى صنعه عدة مرات خلال حبريته الطويلة.
وننوى -بنعمة المسيح- إعداد الميرون خلال الصوم المقدس هذا العام (2014 م)، لأن الموجود منه على وشك النفاذ، وقد تناقش أعضاء المجمع المقدس فى هذا الأمر وحددوا يومى الثلاثاء والأربعاء 8،9 إبريل، بدير الأنبا بيشوى بوادى النطرون لعمل الميرون بكمية “ألف كيلو” زيت زيتون، ويوم الأثنين 21/4/2014 (شم النسيم/أثنين القيامة) قداس إضافة الخميرة المقدسة.
وسوف تُجرى طريقة طبخ الميرون بأسلوب تقنى جديد فيه إستخدام الزيوت العطرية المستخلصة على أعلى درجات النقاء من المواد السبعة والعشرين التى تُستخدم كمواد صلبة فى معظمها فى صنع الميرون.
ويمتاز هذا الأسلوب بتحقيق عدة ميزات :
1) الناتج النهائى من زيت الميرون خال تماماً من الماء الذى يفسد الزيت.
2) لا يوجد فاقد فى الزيوت العطرية بفعل الحرارة.
3) تُضمن جودة المزج لأنها زيوت تُخلط مع زيت الزيتون بدلاً من مسحوق مواد صلبة مع زيت الزيتون.
4) لا يتعرض الخلط إلى خطر الإحتراق لسبب ضعف التقليب وعدم إنتظام سرعته.
5) الإستغناء عن عمليات الطحن والنخل، والمواقيد وأجهزة التصفية، وعمليات التقليب المرهقة الطويلة.
6) الأتفال الناعمة فى الطريقة القديمة قد تفسد الزيوت العطرية فى الميرون عند التخزين لفترات طويلة.
7) نتمكن بالأسلوب الجديد من عمل كميات أكبر لإحتياجات الكنائس فى تدشين المذابح والأيقونات وأوانى الخدمة، فضلاً عن رشومات الميرون الـ 36 لكل مُعمد جديد.
ويضلع بالتجهيز لهذا الحدث الكنسى الهام دير الأنبا بيشوى، ونيافة الأنبا صرابامون أسقف ورئيس الدير بالإشتراك مع القمص جوارجيوس عطا الله، الكاهن بكليفورنيا-أمريكا، والذى كان مسئولاً عن مرات طبخ الميرون فى حبرية المتنيح البابا شنوده الثالث.
وستكون هذه هى المرة “38” فى تاريخ إعداد الميرون خلال واحد وعشرين قرناً من الزمان.