تعتبر زيارة قداسة البطريرك الأثيوبى أبونا ماتياس الأول مع وفد كبير من الآباء المطارنة والأساقفة والكهنة والشمامسة الأحباش إلى الكنيسة القبطية الأرثوذكسية كنيسة الأسكندرية حدثاً على المستوى الكنسى وأيضاً على المستوى الوطنى….
أثيوبيا ومصر شعبان من شعوب القارة الأفريقية يربط بينهما تاريخ قديم، ورد إسم كل منهما كثيراً فى الكتب المقدسة (راجع أع8: 27)، كما ربط بينهما شريان الحياة نهر النيل الخالد.
أما من ناحية التاريخ الكنسى فلقد كان القديس البابا أثناسيوس الرسولى البطريرك القبطى العشرون هو الذى قام بسيامة أول أسقف باسم الأنبا سلامة (فرومينيتوس) فى القرن الرابع الميلادى. وبذلك تعتبر الكنيستان من أقدم كنائس أفريقيا.
ومن وقتها إعتبرت أثيوبيا كنسياً إبنة مباركة لكنيسة الإسكندرية، حتى نمت عبر الأجيال وصارت كنيسة شقيقة sister church يُعتمد بطاركتها بمجمعها المقدس.
وها هو البطريرك السادس فى تاريخها يزورنا فى أول زيارة محبة إلى مصر. وقد زار أثيوبيا عدد من بطاركة كنيستنا القبطية، وآخرهم القديس البابا الأنبا كيرلس السادس والمتنيح البابا الأنبا شنودة الثالث. كما شاركت كنيسة أثيوبيا فى مراسم نياحة البابا الأنبا شنودة الثالث وكذلك فى إجراءات إنتخابات البطريرك القبطى الجديد الـ 118.
كما شاركت كنيستنا القبطية فى مراسم نياحة البطريرك الأثيوبى السابق أبونا باولوس، وكذلك فى مراسم نياحة البطريرك الأثيوبى أبونا ماتياس الأول فى مارس 2013 م وهناك بروتوكول موقع بين الكنيستين يحدد علاقتهما القوية وكيفية التعبير عن ذلك فى المناسبات المتعددة.
كانت زيارة البطريرك الأثيوبى لنا حافلة ومكثفة عبر ستة أيام متصلة (10-16 يناير 2015) تباركنا بزيارة قداسته على ستة مستويات :
1) على المستوى الرسمى :
إستقبلة سيادة الرئيس عبد الفتاح السيسى، وكذلك المهندس ابراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء مع عدد من الوزراء وأيضاً زار فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحد الطيب كما تقابل مع عدد كبير من المسؤلين بينهم محافظو القاهرة والجيزة والإسكندرية.
2) على المستوى الديرى :
زار أديرة رهبان منها أبو مقار والأنبا بيشوى بوادى النطرون، ودير مارمينا بالساحل الشمالى، وأديرة راهبات دير مارجرجس مصر القديمة، ودير الأمير تادرس، كما ألقى كلمة فى مؤتمر الرهبنة المنعقد بدير الأنبا بيشوى وبحضور مائة وخمسين راهباً وكاهناً وأسقفاً.
3) على المستوى الشعبى :
إستقبلناه كنسياً فى اليوم الأول بالمقر البابوى بالقاهرة وتناولنا الطعام معاً على مائدة محبة واحدة، وأُستقبل فى الكنيسة المرقسية بالإسكندرية، كما أُستقبل فى الكاتدرائية المرقسية بالقاهرة فى آخر أيام الزيارة، وكذلك عقد إجتماع مع الإثيوبيين بالكاتدرائية بالقاهرة.
4) على المستوى الكنسى :
صلى القداس الإلهى مع شعبه بكنيسة العذراء بالزيتون بالقاهرة، كما زار كنيسة القديس تكلا هيمانوت بالإسكندرية (وهو قديس أثيوبى).
5) على المستوى الإعلامى :
عقد لقاء مع رجال أعمال مصريين مهتمين بمشاريع التنمية على أرض إثيوبيا كما أن الكنيسة القبطية تقدم تعاوناً مع كنيسة إثيوبيا فى عدة مشروعات للتنمية.
وإشترك معنا ومع سيادة سفير إثيوبيا بالقاهرة الأستاذ/محمود درير فى مؤتمر صحفى فى آخر أيام الزيارة. كما أدلى بتصريحات متعددة وقصيرة طوال أيام الزيارة، وفى الأماكن التى زارها بين القاهرة والإسكندرية والأديرة.
6) وعلى المستوى الثقافى :
زار قداسته والوفد المرافق منطقة الأهرام الأثرية وأيضاً تجول فى المتحف المصرى بالقاهرة كما زار مكتبة الإسكندرية الكبيرة.
الخلاصة أنها كانت زيارة ناجحة بكل المقاييس وقدمت فيها الدولة بكل مسئوليها كل رعاية وعناية وإهتمام لإنجاح هذه الزيارة الأولى بصورة طيبة نقدم كل الشكر لجميع الذين تعبوا خاصة رجال الأمن والنظام.
وكان من أجمل ما قاله قداسته عندما سُئل عن نهر النيل وموضوع المياه ومشروعات التنمية التى تقيمها إثيوبيا وتخوفات مصر من أن يؤثر ذلك على حصة مصر فأجاب “مكتوب أن ما جمعه الله (يقصد إثيوبيا ومصر من خلال نهر النيل) لا يفرقه إنسان وستبقى المحبة والتعاون والإحترام بين البلدين”….
وفى ختام هذه الزيارة المباركة قدم قداسته لنا دعوة كريمة لزيارة أثيوبيا، نرجو من الله أن تتم قريباً بحسب نعمته. ننتهز هذه الفرصة لتقديم الشكر للآباء المطارنة والأساقفة الذين صاحبوا قداسة البطريرك فى كل زياراته وكذلك رؤساء ورئيسات الأديرة ونيافة الأنبا بيمن أسقف نقادة وقوص ومنسق العلاقات مع الكنيسة الأثيوبية وكل الأباء الكهنة والشمامسة والخورس وفريق العمل من الخدام والخادمات وكذلك فريق الكشافة وكل الأحباء الذين شاركوا وساهموا فى نجاح زيارة مباركة لكنيسة مصر الوطنية. وليعوض المسيح الجميع بكل الخير فى ملكوت السموات…