في خدمة الكاهن القبطي فقي مجالات الخدمة المتعددة، توجد معوّقات تُعطّل عمل الكهنوت وتحدّ من فاعليته، كما تكون غير مُثمرة بثمار الفضائل العديدة، وقد يصل الأمر أن تصبح عثرات ويضيع الكاهن ومن ثَمّ شعبه.. من هذه المعوّقات ما يلي:1- محبة الذات: الذات هي العدو المُقيم معنا، وهي التي تجعل الإنسان لا يرى إلّا ذاته فقط، وتظهر في صور كثيرة مثل: الانقسام، الاحتقار للآخر، التحزُّب، محبة الظهور، الانشقاق، الرئاسة، الحسد والخصام، تبرير النفس، تقديم الأعذار، فساد في حياة الإنسان… كل هذه صور تنشأ من محبة الذات، وغيرها. ضعفات مثل هذه ربما تُفقِدك الملكوت، احترس يا أبونا من ذلك، لأن شعبنا هو أحسن ترمومتر لحياتنا.2- محبة المال: هذه ضربة تُفسِد وتُضيّع حياة الإنسان. الله جعل المال وضْعه في مساواة مع الله ذاته وأسماه: “سيد” عندما قال: «لاَ يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَخْدِمَ سَيِّدَيْنِ… الله والمال»، الانشغال بالمال وجمعه، أو عمليات البيع والشراء بصفة عامة. المال قوة.. ولكنه ليس قوة الخدمة.تذكَّروا مارمرقس عندما بدأ خدمته لم يكن لديه شيء، تذكَّر بدايتك كيف كانت، وأنت الآن ماذا صرت؟ ربما تحصل على مبلغ كبير جدًا عبارة عن عشور من الناس وأنت جالس في مكتبك، ما هو فضلك في هذا؟ لا شيء بالمرة! وعندما يضع الله في يدك مالاً… اعلم أنك قد وُضِعت في اختبار، لأن المال الذي بين يديك هو عشور، أي وصية ويجب أن تنفّذها.تذكَّر معي القديس بطرس عندما وقف أمام مُقعّد باب الجميل، وقال: ليس لنا ذهب ولا فضة، ولكن لنا اسم ربنا يسوع… اسمك هو الذي يُغنينا كما نُصلَّي في التسبحة.اعلم أن كل مال يُوضَع في يدك هو لأعمال الرحمة، وعمل المحبة، ليُصْرَف بحكمة، والأموال مكانها عند الأقدام، كما علمنا الآباء الرسل.تذكَّر معي قصة الراهب الذي مات ووجدوا في قلايته دينارًا… أوقفوا الدفن وجَرَت مناقشات ومفاوضات ومباحثات وآراء وأقوال، اتفقوا وقالوا: لتذهب فضته معه إلى الهلاك… ودفنوا معه الدينار.انتبه… نحن متفقون أن ميزانية دخل الكنيسة – الشهرية أو السنوية – موزعة كالتالي:- الثلث الأول لتعضيد إخوة الرب 30%.- الثلث الثاني: للتعليم والخدمة 30%.- الثلث الثالث: من أجل التعمير والصيانة 30%.- والـ10% الباقية للطوارئ.ونحن أصدرنا لوائح لمجالس الكنائس وبها هذا البند.3- محبة المظهر:المظاهر الكاذبة وهي كثيرة وبعيدة عن الجوهر..ثقوا يا أحبائي أن عمل الله ينمو في هدوء وبلا ضوضاء. يشبّهونه بالمَثَلْ: في الغابة يمكن أن تسقط شجرة كبيرة فُتُحدِث دويًا عظيمًا هذا هو الموت، ولكن يمكن أن تنتقل حبوب اللقاح من شجرة لشجرة ومن زهرة لزهرة ولا يسمع لها أحد صوتًا. وهذه هي الحياة.المجاملات التي أحيانًا تزيد عن اللزوم، أيّة مظاهر ليس لها معنى في كنيستنا. أرجو أن تضع في ذهنك دائمًا: إني سأقف يومًا أمام الله، ماذا سأقول له عن كل شيء؟ في المال الذي كان بيدي وفي أي طريق صرفته؟ في اجتماع حضرته وكيف خدمته؟ في الكنيسة التي أقامني الله عليها خادمًا مسئولاً.محبة المظاهر وهي الرياء، وكتب عنها معلمنا متى أصحاح 23، وأيضًا محبة المظاهر تظهر في تقليد بعضنا البعض… أرجوك، انتبه.. رسالتنا هي توبة الناس، نحن كمعشر كهنة وظيفتنا طرد الخطية من حياة الناس، نحن فرقة مكافحة الخطية من قلوب الناس، إن العالم محاط بكل صور الشر التي لا تنتهي، رسالتك يا أبونا هي أن تنادي: «تُوبُوا، لأَنَّهُ قَدِ اقْتَرَبَ مَلَكُوتُ السَّماوَاتِ..» هذه هي كرامة الكهنوت.4- محبة العلاقات الاجتماعية أكثر من العلاقات الروحية..وهذه العلاقات الاجتماعية المباشرة أو غير المباشرة، غير وسائل التواصل المتعددة، وقد يسقط الكاهن في شهوات ومبررات تلوّث كهنوته وتضعفه وَالْخَطِيَّةُ كُلُّ قَتْلاَهَا أَقْوِيَاءُ..احذر أيها الكاهن وانتبه لنفسك لكي لا تقع في أحد فخاخ العدو.اتركك مع تدريب هام وهو قراءة ودراسة وتأمل مزمور 139 وليكن قانونك الروحي هذا المزمور خلال الصوم المقدس…”يَا رَبُّ، قَدِ اخْتَبَرْتَنِي وَعَرَفْتَنِي. أَنْتَ عَرَفْتَ جُلُوسِي وَقِيَامِي. فَهِمْتَ فِكْرِي مِنْ بَعِيدٍ. مَسْلَكِي وَمَرْبَضِي ذَرَّيْتَ، وَكُلَّ طُرُقِي عَرَفْتَ. لأَنَّهُ لَيْسَ كَلِمَةٌ فِي لِسَانِي، إِلاَّ وَأَنْتَ يَا رَبُّ عَرَفْتَهَا كُلَّهَا. مِنْ خَلْفٍ وَمِنْ قُدَّامٍ حَاصَرْتَنِي، وَجَعَلْتَ عَلَيَّ يَدَكَ. عَجِيبَةٌ هذِهِ الْمَعْرِفَةُ، فَوْقِي ارْتَفَعَتْ، لاَ أَسْتَطِيعُهَا. أَيْنَ أَذْهَبُ مِنْ رُوحِكَ؟ وَمِنْ وَجْهِكَ أَيْنَ أَهْرُبُ؟ إِنْ صَعِدْتُ إِلَى السَّمَاوَاتِ فَأَنْتَ هُنَاكَ، وَإِنْ فَرَشْتُ فِي الْهَاوِيَةِ فَهَا أَنْتَ. إِنْ أَخَذْتُ جَنَاحَيِ الصُّبْحِ، وَسَكَنْتُ فِي أَقَاصِي الْبَحْرِ، فَهُنَاكَ أَيْضًا تَهْدِينِي يَدُكَ وَتُمْسِكُنِي يَمِينُكَ. فَقُلْتُ: «إِنَّمَا الظُّلْمَةُ تَغْشَانِي». فَاللَّيْلُ يُضِيءُ حَوْلِي! الظُّلْمَةُ أَيْضًا لاَ تُظْلِمُ لَدَيْكَ، وَاللَّيْلُ مِثْلَ النَّهَارِ يُضِيءُ. كَالظُّلْمَةِ هكَذَا النُّورُ. أَنْتَ اقْتَنَيْتَ كُلْيَتَيَّ. نَسَجْتَنِي فِي بَطْنِ أُمِّي. أَحْمَدُكَ مِنْ أَجْلِ أَنِّي قَدِ امْتَزْتُ عَجَبًا. عَجِيبَةٌ هِيَ أَعْمَالُكَ، وَنَفْسِي تَعْرِفُ ذلِكَ يَقِينًا. لَمْ تَخْتَفِ عَنْكَ عِظَامِي حِينَمَا صُنِعْتُ فِي الْخَفَاءِ، وَرُقِمْتُ فِي أَعْمَاقِ الأَرْضِ. رَأَتْ عَيْنَاكَ أَعْضَائِي، وَفِي سِفْرِكَ كُلُّهَا كُتِبَتْ يَوْمَ تَصَوَّرَتْ، إِذْ لَمْ يَكُنْ وَاحِدٌ مِنْهَا. مَا أَكْرَمَ أَفْكَارَكَ يَا اَللهُ عِنْدِي! مَا أَكْثَرَ جُمْلَتَهَا! إِنْ أُحْصِهَا فَهِيَ أَكْثَرُ مِنَ الرَّمْلِ. اسْتَيْقَظْتُ وَأَنَا بَعْدُ مَعَكَ. لَيْتَكَ تَقْتُلُ الأَشْرَارَ يَا اَللهُ. فَيَا رِجَالَ الدِّمَاءِ، ابْعُدُوا عَنِّي. الَّذِينَ يُكَلِّمُونَكَ بِالْمَكْرِ نَاطِقِينَ بِالْكَذِبِ، هُمْ أَعْدَاؤُكَ. أَلاَ أُبْغِضُ مُبْغِضِيكَ يَا رَبُّ، وَأَمْقُتُ مُقَاوِمِيكَ؟ بُغْضًا تَامًّا أَبْغَضْتُهُمْ. صَارُوا لِي أَعْدَاءً. اخْتَبِرْنِي يَا اَللهُ وَاعْرِفْ قَلْبِي. امْتَحِنِّي وَاعْرِفْ أَفْكَارِي. وَانْظُرْ إِنْ كَانَ فِيَّ طَرِيقٌ بَاطِلٌ، وَاهْدِنِي طَرِيقًا أَبَدِيًّا.
خدمة الكاهن
09 فبراير 2018
خدمة الكاهن في الكنيسة القبطية الارثوذكسية خدمة فعالة ومؤثرة للغاية، فالكاهن في طقس كنيستنا عندما يُسام ويُقام يصير راعيًا وخادمًا لكل الرعية التي يؤتمن عليها.واختيار الكاهن ليس نهاية المطاف بل أنه بداية، فالكاهن كان شماسًا وكان خادمًا وكان معروفًا ومشهودًا له من الجميع. وعملية إعداد إنسان ليصير كاهنًا منذ أن كان طفلًا صغيرًا في مدارس الأحد، إلى أن نال بداية التعليم المسيحي في بيته وأسرته بعد معموديته؛ إنه طريق طويل يمر بخطوات كثيرة، حتى يكون لائقًا لهذه الخدمة المملؤة بركة.خدمة الكاهن أيها الأحباء يمكن أن نضعها في أربعة نقاط أساسية: أاولًا: الكهنوت أمانة، ثانيًا: الكهنوت نقاوة، ثالثًا: الكهنوت سلامة، رابعًا: الكهنوت اتضاع.اولًا: الكهنوت أمانةبلا شك الكاهن يُستودع أسرار الله ويُستودع أسرار الكنيسة، والأمانة هي العنصر الأساسي والرئيسي في حياتنا، وجميعنا يعرف قيمة هذه الكلمة، لأن عكسها كلمة لا نقبلها ولا يقبلها إنسان، بل هي كلمة تجرح الأذن عكس كلمة أمانة. ولذلك الوصية تقول في السقر الأخير من الكتاب المقدس: «كُنْ أمينًا إلَى الموتِ فسأُعطيكَ إكليلَ الحياةِ» (رؤيا2: 10). وكلمة “كُن” تعني استمرارية هذه الأمانة طول العمر. ومن يُسام كاهنًا يكون أمينًا في كل كلمة، في كل تعليم، في كل زيارة، في كل قداس، في كل إرشاد؛ تلازمه الأمانة. يقول الكتاب المقدس: «كُنْتَ أَمِينًا فِي الْقَلِيلِ فَأُقِيمُكَ عَلَى الْكَثِيرِ. اُدْخُلْ إِلَى فَرَحِ سَيِّدِكَ» (متى25: 23)، فالله يبارك في القليل الذي كنت أمينًا عليه حتى لو كان كلمة واحدة، فتفتح فمك ويعطيك روحًا ونطقًا وكلامًا. أنت أمين على كل شخص في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، أنت أمين على خدمة الرعية بكل أوجه الخدمات، أنت أمين في كل أوجه العلاقات والمعاملات مع كل أحد.ثانيًا: الكهنوت نقاوةالكاهن عندما يتقدم لتقديس الذبيحة وفي القداس، هو يعلن أمام الله ويعترف أنه غير مستحق ولا مستوجب، فلا يصحّ أن نخدم الله بأيدٍ غير نقية. لا يصح أن نخدم الله بأفواه غير نقية، لا يصح أن نخدم الله بعقول بها أفكار رديئة، لا يصح… فالكهنوت نقاوة.وكلمة نقاوة في كنيستنا تعني حياة التوبة المستمرة، حياة التوبة الدائمة. أنت أيها الكاهن والمتقدم للكهنوت يجب أن تنقّي سريرتك دائمًا، ويجب أن تنقّي قلبك دائمًا، ولا تجعل قلبك يحوي خطايا وأفكارًا رديئة، لذلك اهتم بمقابلة أب اعترافك باستمرار فأنت تحتاج إلى هذا، فليس معنى أنك ترتدي ملابس الكهنوت وأنك تصير كاهنًا وتقيم الأسرار وتعقد الاجتماعات وتخدم الناس، لا يعني ذلك أنك لا تحتاج إلى التوبة، بل إنني اتجاسر كأول المحتاجين إلى التوبة.ولذلك عندما يُسام الكاهن يقضي أربعين يومًا في خلوة ثم ينزل الخدمة، ولا نسمح له بأخذ الاعترافات قبل سنة (ممكن يبدأ بعد 6 شهور في أخذ اعترافات الصغار، لكن بعد سنة يبدأ لكن قليلًا)، لأن عمل الاعترافات يحتاج إلى أن يكون هو أيضاَ نقيًا ومعترفًا دائمًا وتائبًا، ويعيش هذه الحياة، حياة النقاوة دائمًا.ثالثًا: الكهنوت سلامةوسلامة تعني أنك صانع سلام، فالكاهن يُقام لكي ما يصير إنسانًا صانع سلام في مجتمعه وفي خدمته، مع الكهنة إخوته، مع الأب الأسقف الذي يخدم تحت رعايته، أن يكون صانع سلام في وسط أسرته ومع زوجته ومع أولاده، يكون صانع سلام مع نفسه، ومع ذوي الاحتياجات الخاصة، ومع إخوة المسيح الفقراء بكل وجه من وجوه الفقر. يجب أن يكون صانع سلام، وأن يكون بشوشًا مبتسمًا، وألّا يكون غضوبًا مصطدمًا مع أحد، وأن يكون الكاهن سهل جدًا عليه أن يعتذر، ويقدم من قلبه اعتذارًا عما يكون قد بدر منه… الكهنوت مسئولية.ولذلك يا إخواتي عندما نقيم كاهنًا يحضر آباء أساقفة يمثلون الكنيسة، وآباء كهنة، وشمامسة، والهيكل مفتوح والمذبح مفتوح، ونقيمه بعد مشوار طويل كما ذكرت، وبعد أن يتعهد الكاهن أمام الله وأمام الكنيسة، والموضوع ليس بسيطًا، ولا هو مجرد تغيير شكل أو اسم أو ثياب. الشخص الذي تدعوه الكنيسة للكهنوت تفترض فيه النقاوة الكاملة، فسوف يقف أمام الله يومًا ويقدم حسابًا عن وكالته. صحيح أن عمل الكاهن الأساسي هو الصلاة، وهي اهتمامه الأول، ولا يشغله شيء عنها، لكن إذا لم يكن مصليًا من قلبه وله قانونه الخاص في صلواته، سيكون شخصًا مؤديًا للصلاة! ومن يقبل هذا؟! لا السماء تقبل، ولا الأرض تقبل.ولذلك يا أبنائي الأحباء، وأولادنا المتقدمين إلى نوال هذا السر العظيم: يجب أن تكون صانع سلام كامل. نسمع أحيانًا عن خلاف بين الكهنة في كنيسة أو خدمة أو إيبارشية، هذه يا إخوتي خطية تحرمك من الملكوت، ولا تكون لخدمتك أيّة نتيجة أو أي ثمر، وتكون خادعًا لنفسك. لذلك الكهنوت يحتاج إلى كل تدقيق، وأن يكون الكاهن واعيًا (كما نقول في التعبير الشعبي المصري: “عينه في وسط رأسه)، منتبهًا لرعيته ونفسه وأسرته والخدام والشمامسة، راعيًا كل القطيع، الرجال والنساء، الصغار والكبار، وكل أحد.رابعًا: الكهنوت اتضاعإنها لحظات رهيبة أن يقف الانسان أمام المذبح ويقدم الأسرار المقدسة، فعلى يديك تصير هذه الأسرار التي تمارسها كنيستنا، عن طريق استدعاء الروح القدس الذي يقدس الأسرار. وقد بتكون كاهنًا منفردًا في كنيسة، أو مع آباء كهنة آخرين، وقد تكون هناك كنيسة واحدة في البلد التي تخدم فيها، وقد تذهب لمكان ليس فيه كنيسةمن الأساس لكي تخدم أعدادًا صغيرة وترعاهم، كيفما يكون حقل الخدمة الذي دُعيت إليه.كل هذا يحتاج إلى اتضاعك، فالاتضاع هو السبيل إلى الملكوت ولا سبيل آخر، مهما كنت عالمًا في اللاهوت أو العقيدة أو الكتاب المقدس، أو الاجتماعات أو الخدمة والافتقاد… فاتضاعك هو الذي يقودك إلى الملكوت وإلى نصيبك السماوي، وما أجمل أيقونة الكاهن المتضع الذي منه نأخذ الشريعة، والذي نحتكم إلى مشورته الروحية. ما أشهى وما أجمل أن يكون الكاهن في هذه الصورة المتضعة كسيده ربنا يسوع المسيح! الكاهن اتضاع، وهذا الاتضاع لا يظهر أبدًا إلّا من خلال كلامك، وأفعالك، وطريقتك، وأسلوبك، وافتقادك، وردودك على الأسئلة، ومناقشاتك، حتى في خلواتك، والمؤتمرات التي تشترك فيها؛ في كل هذه يظهر هذا الاتضاع. اتضاعك هو الذي يحملك ويقدمك إلى المسيح، وتسمع الصوت القائل: «ادخل الى فرح سيدك».هذا هو الكهنوت يا إخوتي الأحباء. والأبناء الذين نقدمهم لكي ما يصيروا كهنة يحتاجون أن يتعلموا هذا الكهنوت: أمانة، ونقاوة، وسلامة، واتضاع؛ بكل ماتحملة هذه الكلمات الأربع من معانٍ ومن شمول. ولذلك من نقدمهم في هذا اليوم، وبعد اختبارات وجلسات وتزكيات كثيرة، وطبعًا عندما نختار أنسانًا ليصير كاهنًا نختاره بمخافة الله ولا نحابي الوجوه أبدًا. وفي اختيار الكاهن يقف أمامنا شيئان: “صلاحية الإنسان، واحتياج المكان”. وفي هذا الصباح الباكر سنقدم 29 شماسًا ليصيروا كهنة، بعضهم كهنة كنائس في القاهرة وفي الأقصر وفي المحلة الكبرى وفي كندا. وبعض الكهنة سيُرسمون كهنة عموميين لكي ما يخدموا تحت أيدي الأب الاسقف على حسب احتياجات الخدمة. وأيضًا هناك كهنة سيُرسمون لخدمة الكرازة خارج مصر. وهناك كهنة يُسامون لخدمة الإرشاد الروحي. ونحن نصلي من أجل أن يقبل الرب تكريسهم الكامل لهذه الخدمة المقدسة.وهذا العام سنبتدئ بعمل شيء جديد وهام، فقد اقتطعنا ثلاثة أيام من فترة الأربعين يومًا التي يقضيها الكاهن الجديد في الدير الذي يختارة، وفي هذه الثلاثة أيام سنعقد للكهنة الجدد كورسًا خاصًا ومنهجًا خاصًا تحت عنوان “التدبير الكنسي والتنمية”، حيث سنستضيف الكهنة الجدد في المقر البابوي بدير الأنبا بيشوي، وسيلقي المحاضرات مجموعة من المتخصصين على مدار ثلاثة أيام (8-10 مارس). والهدف من مثل هذه الكورسات المتخصصة أن الكاهن أكثر تأهيلًا للخدمة المتسعة والمطلوبة منه. صلواتكم جميعًا من أجل هؤلاء، ومن أجل خدمتهم، ومن أجل بذلهم وتضحياتهم، ونصلي أن يعطيهم الله نعمة ويسندهم، فالكاهن لا ينجح في خدمته إلا بصلوات من يرعاهم، والصلوات هي التي تساعده وتسنده وتفرح قلب ربنا.