ألقى قداسة البابا تواضروس الثاني عظته الأسبوعية في اجتماع الأربعاء مساء اليوم، من كنيسة القديس الأنبا أنطونيوس بالمقر البابوي بالقاهرة، دون حضور شعبي، وبُثت العظة عبر القنوات الفضائية المسيحية والموقع الرسمي للكنيسة القبطية الأرثوذكسية وقناة C.O.C التابعة للمركز الإعلامي للكنيسة على شبكة الإنترنت.
استكمل قداسته سلسلة “طرق تقديم المحبة”، وتناول جزءًا من الأصحاح الثامن عشر في إنجيل معلمنا متى، والأعداد (٢٣ – ٣٥)، وتأمل في “كيف استخدم السيد المسيح لغة الحب وعبّر عنها باللمسات الرقيقة”، من خلال مثليْن في الكتاب المقدس، وهما: مَثَل الابن الضال في إنجيل لوقا والأصحاح الخامس عشر ، ومَثَل العبد الذي لا يغفر في إنجيل متى والأصحاح الثامن عشر، كالتالي:
• الابن الضال ظنَّ أن النعمة الموجود بها هي سجن، وهذا الظن هو ما تفعله الخطية بالإنسان، ثم بعد أن بدد أمواله بدأ الدافع لديه في العودة لأبيه، لأنه يثق في حنو أبيه، “وَإِذْ كَانَ لَمْ يَزَلْ بَعِيدًا رَآهُ أَبُوهُ، (فَتَحَنَّنَ) وَرَكَضَ وَوَقَعَ عَلَى عُنُقِهِ وَقَبَّلَهُ” (لو ١٥: ٢٠).
• العبد الذي لا يغفر كان قاسيًا على زميله، بينما سيد العبد ترك له دينه، “فَتَحَنَّنَ سَيِّدُ ذلِكَ الْعَبْدِ وَأَطْلَقَهُ، وَتَرَكَ لَهُ الدَّيْنَ” (مت ١٨: ٢٧)، وهذا العبد لم يترك الدين لزميله ويسامحه، “وَلَمَّا خَرَجَ ذلِكَ الْعَبْدُ وَجَدَ وَاحِدًا مِنَ الْعَبِيدِ رُفَقَائِهِ، كَانَ مَدْيُونًا لَهُ بِمِئَةِ دِينَارٍ، فَأَمْسَكَهُ وَأَخَذَ بِعُنُقِهِ قَائِلًا: أَوْفِني مَا لِي عَلَيْكَ” (مت ١٨: ٢٨).
وأوضح قداسة البابا أن مَثَل العبد الذي لا يغفر ينقل لنا الحقيقة وكيف يتجبر الإنسان ويكون قاسيًا مع الآخر أحيانًا، لذلك وضع لنا الله في الصلاة الربانية “وَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا كَمَا نَغْفِرُ نَحْنُ أَيْضًا لِلْمُذْنِبِينَ إِلَيْنَا” (مت ٦: ١٢)، والمعادلة هنا بين ثلاث أطراف: الله وأنت والآخر، “فَهكَذَا أَبِي السَّمَاوِيُّ يَفْعَلُ بِكُمْ إِنْ لَمْ تَتْرُكُوا مِنْ قُلُوبِكُمْ كُلُّ وَاحِدٍ لأَخِيهِ زَلاَتِهِ” (مت ١٨: ٣٥)، فالإنسان كما يغفر لأخيه الإنسان ويسامحه هكذا الله يفعل معنا بنفس المقدار، وهنا الغفران هو مبدأ للحياة على الأرض وكذلك هو مرتبط بالسماء.
ووضع قداسته مقارنة بين المثليْن، كالتالي:
• مشاعر الأب الحنون الذي سامح ابنه الذي بدد أمواله، والسيد الحنون الذي سامح العبد وترك له الدين.
• الابن طلب العفو “أَخْطَأْتُ إِلَى السَّمَاءِ وَقُدَّامَكَ، وَلَسْتُ مُسْتَحِقًّا بَعْدُ أَنْ أُدْعَى لَكَ ابْنًا” (لو ١٥: ٢١)، والعبد كذلك “فَخَرَّ الْعَبْدُ وَسَجَدَ لَهُ قَائِلًا: يَا سَيِّدُ، تَمَهَّلْ عَلَيَّ فَأُوفِيَكَ الْجَمِيعَ” (مت ١٨: ٢٦).
• اللمسات الرقيقة لدى الأب “فَتَحَنَّنَ وَرَكَضَ وَوَقَعَ عَلَى عُنُقِهِ وَقَبَّلَهُ” (لو ١٥: ٢٠)، لذلك الابن الضال برغم أنه فقد كل شيء إلا أنه لم يفقد الرجاء في أبيه، والسيد فعل الأمر ذاته مع العبد “فَتَحَنَّنَ سَيِّدُ ذلِكَ الْعَبْدِ وَأَطْلَقَهُ، وَتَرَكَ لَهُ الدَّيْنَ” (مت ١٨: ٢٧).
• الجانب المظلم في مثل الابن الضال كان في أخيه الأكبر القاسي الذي رفض دخول البيت والمشاركة في فرحة عودة أخيه، بل وعاتب أبيه وشوَّه صورة أخيه، وكذلك العبد الذي لا يغفر عندما رفض زميله وكان قاسيًا معه ووضعه في السجن.
وأشار قداسة البابا أن القساوة مرض وخطية وضعف وحرمان من غفران الله وحنانه، ومصدرها هو سقوط الإنسان في الخطية مرات ومرات.
وأضاف قداسته وتحدث عن صفات اللمسات الحانية، وهي:
• لا يبذل فيها الإنسان المال مثل لغة الهدايا.
• الشعور بالقرب يُعطي مشاعر الحنو والرحمة.
• المشاركة الإنسانية.
• لا تحتاج إلى مهارات، “وَكُونُوا لُطَفَاءَ بَعْضُكُمْ نَحْوَ بَعْضٍ، شَفُوقِينَ مُتَسَامِحِينَ كَمَا سَامَحَكُمُ اللهُ أَيْضًا فِي الْمَسِيحِ” (أف ٤: ٣٢).
• يفهمها كل الناس، مثل التماس العذر والشفقة.
• هي لغة صامتة، لأنها تُقدَّم بالمشاعر، “فَلَمَّا رَآهَا يَسُوعُ تَبْكِي، وَالْيَهُودُ الَّذِينَ جَاءُوا مَعَهَا يَبْكُونَ، انْزَعَجَ بِالرُّوحِ وَاضْطَرَبَ” (يو ١١: ٣٣)، “بَكَى يَسُوعُ” (يو ١١: ٣٥).
وأوصى قداسة البابا أن يراجع الإنسان قلبه باستمرار في تصرفاته مع الآخرين لينال رحمة الله وحنانه، “مَنْ هُوَ إِلهٌ مِثْلُكَ غَافِرٌ الإِثْمَ وَصَافِحٌ عَنِ الذَّنْبِ لِبَقِيَّةِ مِيرَاثِهِ! لاَ يَحْفَظُ إِلَى الأَبَدِ غَضَبَهُ، فَإِنَّهُ يُسَرُّ بِالرَّأْفَةِ” (مي ٧: ١٨).
نص العظة
طرق تقديم المحبة” (٣) لغة اللمسات الرقيقة
عظة الأربعاء 3-4-2024
كنيسة الأنبا أنطونيوس بالمقر البابوى العباسية – القاهرة
بسم الآب والابن والروح القدس
نتأمل فى جزءًا من الأصحاح الثامن عشر في إنجيل معلمنا متى، والأعداد (٢٣ – ٣٥)
“لذلك يشبه ملكوت السماوات إنسانا ملكا أراد أن يحاسب عبيده. فلما ابتدأ في المحاسبة قدم إليه واحد مديون بعشرة آلاف وزنة.وإذ لم يكن له ما يوفي أمر سيده أن يباع هو وامرأته وأولاده وكل ما له، ويوفي الدين.فخر العبد وسجد له قائلا: يا سيد، تمهل علي فأوفيك الجميع.فتحنن سيد ذلك العبد وأطلقه، وترك له الدين.ولما خرج ذلك العبد وجد واحدا من العبيد رفقائه، كان مديونا له بمئة دينار، فأمسكه وأخذ بعنقه قائلا: أوفني ما لي عليك.فخر العبد رفيقه على قدميه وطلب إليه قائلا: تمهل علي فأوفيك الجميع.فلم يرد بل مضى وألقاه في سجن حتى يوفي الدين.فلما رأى العبيد رفقاؤه ما كان، حزنوا جدا. وأتوا وقصوا على سيدهم كل ما جرى.فدعاه حينئذ سيده وقال له: أيها العبد الشرير، كل ذلك الدين تركته لك لأنك طلبت إلي.أفما كان ينبغي أنك أنت أيضا ترحم العبد رفيقك كما رحمتك أنا؟وغضب سيده وسلمه إلى المعذبين حتى يوفي كل ما كان له عليه.فهكذا أبي السماوي يفعل بكم إن لم تتركوا من قلوبكم كل واحد لأخيه زلاته».
بدأنا من بداية الصوم المقدس نتأمل فى لغات الحب كيف نراها فى آحاد أسابيع الصوم الكبير.
محور تأملنا اليوم أحد الابن الضال “الأحد الماضى”الأسبوع يبدأ يوم الاثنين وينتهى يوم الأحد.
المحبة هى اسمى المشاعر الإنسانية..يعبر عنها بخمس لغات تسمى لغات الحب الخمسة وتطبق على أحادث أسابيع الصوم المقدس بالأخص يوم الأحد.
الأسبوع الماضى تحدثنا عن لغة تقديم الهدايا فى أحد التجربة على أن الهدية العظمى التى قدمها لنا السيد المسيح النصرة على التجربة.
اليوم نتحدث عن نوع آخر من الهدايا “اللمسات الرقيقة” ليس Touch فقط، ولكن الكلمة الرقيقة والنظرة الرقيقة وهكذا.
اللمسات الرقيقة كما نراها فى قصة الابن الضال تظهر فى كلمة “تحنن”كلمة جميلة و رقيقة ومؤثرة.فى قصة الابن الضال أخذ نصيبه وكان يعتبر بيته سجن وهذه خطية، وأراد أن يخرج من السجن إلى الحرية.
الابن الضال إنسان كسر قلب أبوه وقسم البيت وعاش فى خطية.
ما الدافع خلف رجوع الابن الضال إلى بيت أبوه مره آخرى؟ الدافع هو يعرف حنيه قلب أبوه.
مثل الابن الضال يقدم الصورة الحقيقية لإلهنا الصالح الذى يفتح باب الرحمة والتحنن.
كيف استخدم السيد المسيح لغة الحب وعبّر عنها باللمسات الرقيقة”، من خلال مثليْن في الكتاب المقدس، وهما: مَثَل الابن الضال فى إنجيل لوقا والأصحاح الخامس عشر ، ومَثَل العبد الذي لا يغفر فى إنجيل متى والأصحاح الثامن عشر:
العبد الذي لا يغفر كان قاسيًا على زميله، بينما سيد العبد ترك له دينه، “فتحنن سيد ذلك العبد وأطلقه، وترك له الدين ” (مت ١٨: ٢٧)، وهذا العبد لم يترك الدين لزميله ويسامحه، ” ولما خرج ذلك العبد وجد واحدا من العبيد رفقائه، كان مديونا له بمئة دينار، فأمسكه وأخذ بعنقه قائلا: أوفني ما لي عليك. ” (مت ١٨: ٢٨).
مثل الابن الضال ومثل العبد … أمثال تنقل إلينا الحقيقية.
أن مَثَل العبد الذى لا يغفر ينقل لنا الحقيقة وكيف يتجبر الإنسان ويكون قاسيًا مع الآخر أحيانًا، لذلك وضع لنا الله في الصلاة الربانية “واغفر لنا ذنوبنا كما نغفر نحن أيضا للمذنبين إلينا ” (مت ٦: ١٢)، والمعادلة هنا بين ثلاث أطراف: الله وأنت والآخر، “فهكذا أبي السماوي يفعل بكم إن لم تتركوا من قلوبكم كل واحد لأخيه زلاته ” (مت ١٨: ٣٥)، فالإنسان كما يغفر لأخيه الإنسان ويسامحه هكذا الله يفعل معنا بنفس المقدار ويرفع عنك متاعب، وهنا الغفران هو مبدأ للحياة على الأرض وكذلك هو مرتبط بالسماء.
لكى تتمتع بغفران الله يجب عليك أن تسامح أخيك.. تسامح المديون لك الربانية “واغفر لنا ذنوبنا كما نغفر نحن أيضا للمذنبين إلينا ” (مت ٦: ١٢)
كل ما تصنعه مع الآخر يصنعه الله معك.
مقارنة بين المثليْن (الابن الضال و العبد ):
– مشاعر الأب الحنون الذي سامح ابنه الذي بدد أمواله، والسيد الحنون الذي سامح العبد وترك له الدين. والاثنين يرمزوا إلى الله محب البشر.
– الابن طلب العفو “أخطأت إلى السماء وقدامك، ولست مستحقا بعد أن أدعى لك ابنا” (لو ١٥: ٢١)، والعبد كذلك “فخر العبد رفيقه على قدميه وطلب إليه قائلا: تمهل علي فأوفيك الجميع. ” (مت ١٨: ٢٦).
– اللمسات الرقيقة لدى الأب “فتحنن وركض ووقع على عنقه وقبله ” (لو ١٥: ٢٠)، لذلك الابن الضال برغم أنه فقد كل شيء إلا أنه لم يفقد الرجاء في أبيه، والسيد فعل الأمر ذاته مع العبد ” فتحنن سيد ذلك العبد وأطلقه، وترك له الدين ” (مت ١٨: ٢٧).العبد صار مكرماً
حنية الله شاملة..هذه القصص يجب أن نتعلم منها لكى تحرك فينا روح الفضيلة والأسلوب المسيحى فى الحياة.
-الجانب المظلم فى مثل الابن الضال كان فى أخيه الأكبر الذى كان فى الحقل القاسي الذي رفض دخول البيت والمشاركة في فرحة عودة أخيه، بل وعاتب أبيه وشوَّه صورة أخيه، وكذلك العبد الذي لا يغفر عندما رفض زميله وكان قاسيًا معه ووضعه في السجن.
أن القساوة مرض وخطية وضعف وحرمان من غفران الله وحنانه، ومصدرها هو سقوط الإنسان في الخطية مرات ومرات.
إننا لانستطيع أن نفى ديون خطاينا إلى الله، ولكن فى تحننه وصفحه عن خطاينا لا يقبل أن نصير عبيدنا .
القساوة مرض وخطية وضعف وفيها تحرم نفسك من حنان الله وغفرانه.
اقبل بعقلك واقبل المشاعر بقلبك وتصرف فى حياتك كما يحدث فى المثل
أشعة الشمس تمثل محبة ربنا، وقلب الإنسان أبيض “قلب نقى” أو أسود “قلب غليظ”.. الأشعة عندما تسقط على القلب الأبيض زى الشمع القلب يلين، أما أشعة الشمس لو سقطت على قلب أسود زى الطين يجمد وينشف أكثر .
صفات اللمسات الحانية:
- لغة غيير مكلفة..لا يبذل فيها الإنسان المال مثل لغة الهدايا.
- الشعور بالقبول والقرب يُعطى مشاعر الحنو والرحمة.
- المشاركة الإنسانية. ..الحضن يعطى الأمان للأولاد…”الحضن يشبه عودة الإنسان إلى رحم أمه”
- لا تحتاج إلى مهارات، ” كونوا لطفاء بعضكم نحو بعض، شفوقين متسامحين كما سامحكم الله أيضا في المسيح. ” (أف ٤: ٣٢)
- يفهمها كل الناس، مثل التماس العذر والشفقة.
- هى لغة صامتة، لأنها تُقدَّم بالمشاعر، ” فلما رآها يسوع تبكي، واليهود الذين جاءوا معها يبكون، انزعج بالروح واضطرب ” (يو ١١: ٣٣)، ” بكى يسوع ” (يو ١١: ٣٥).
المشاعر الرقيقة واللمسات الرقيقة يا أخوتى هى لغة من لغات الحب.
الأبناء يميشون كما يفعون الأباء والأمهات.
يجب أن يراجع الإنسان قلبه باستمرار في تصرفاته مع الآخرين لينال رحمة الله وحنانه” من هو إله مثلك غافر الإثم وصافح عن الذنب لبقية ميراثه! لا يحفظ إلى الأبد غضبه، فإنه يسر بالرأفة ” (مي ٧: ١٨).
الله يفرح عندما يغفر لنا “واغفر لنا ذنوبنا كما نغفر نحن أيضا للمذنبين إلينا ” (مت ٦: ١٢)
لاتنسى المديح “طوبى للرحما على المساكين والمسيح يرحمهم في يوم الدين
فإن الرحمة تحل عليهم ويحل بروح قدسه فيهم”
لإلهنا كل مجد وكرامة من الآن وإلى الأبد آمين.