تنشر جريدة الأخبار في عددها الصادر اليوم الاثنين، حوارًا أجرته مع قداسة البابا تواضروس الثاني في مناسبة قيام الجمهورية الجديدة.
وتناول الحوار الذي أجراه خالد ميري رئيس تحرير الأخبار ومحمد زيان الصحفي بالجريدة، أهم الملامح التي تميز الجمهورية الجديدة من وجهة نظر قداسة البابا إلى جانب رأي قداسته في بعض الأحداث الجارية أبرزها جائحة كورونا وأسلوب إدارة الدولة المصرية لها.
وتحدث قداسته في الحوار، الذي نُشِرَ أيضًا على بوابة الأخبار الإلكترونية، عن وضع المرأة والشباب في الجمهورية الجديدة، وعن العلاقة الطيبة التي تجمع بين الأزهر والكنيسة، ووضع المواطنة والعدالة الاجتماعية وجهود الدولة في هذا السياق، ومشاركة الأقباط في الحياة السياسية، وإعلام الجمهورية الجديدة، وأزمة سد النهضة، وقانون بناء الكنائس، وغيرها من القضايا الوطنية الهامة.
وتصدر مؤسسة الأخبار عددًا خاصًا اليوم بمناسبة ذكرى قيام الجمهورية الجديدة، ترصد خلاله ما تم إنجازه خلال السنوات الماضية بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي.
وكان الحوار كالآتي:
■ فى أعقاب ثورة «٣٠ يونيو» المجيدة وبعد حرق تنظيم الإخوان الإرهابى للكنائس؛ قلتم «وطن بلا كنائس أفضل من كنائس بلا وطن».. إلى أين وصل الوطن من وجهة نظر البابا تواضروس الثانى؟
– لقد مر الوطن بمراحل كثيرة ونشكر الله على هذا التطور الكبير الذى حدث فى مصر بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى، الدولة المصرية تنهض الآن بقيادة الرئيس وجهوده.
■ وماذا عن وضع الكنائس الآن فى ظل الجمهورية الجديدة؟
– بعد إقرار قانون بناء الكنائس أصبح الوضع جيدا، وهناك تحسن ملموس، وهذا شىء ايجابى وطيب ومحسوس ومحبوب يذكر للجمهورية الجديدة أنها شهدت نقلة فى عملية بناء الكنائس بموجب هذا القانون.
■ دائماً الرئيس يتحدث عن مصر باعتبارها نموذجا متميزا للتعايش، ماذ يمكن أن نقول هنا قداسة البابا؟
– مصر دائماً بلد ذات حضارة وتاريخ، وبلد الأصالة وموقع جغرافى متميز، وصورتها مؤثرة، ونحن نقول إن «مصر بلد على الناصية»، فالبيت الموجود على ناصية متميز، وله قيمة، وربنا كان يدبر ويقدر مصر وله تدبير كبير بالنسبة لمصر فى مجال التعايش وفى كل مجال.
■ قداسة البابا تشاركون فى افتتاح مشروعات قومية، وشاهدتم تطور العمران فى مصر، ما رأى قداستكم فى المشروعات القومية الكبرى التى أنشئت ولاتزال؟
– مصر خطت خطوات كبيرة فى التطوير العمرانى وافتتاح المشروعات القومية، وتأسيس البنية التحتية، وخطوات الرئيس السيسى فى هذا المجال كثيرة، وكان آخر هذه المشروعات تدشين مشروع «حياة كريمة» باستاد القاهرة، وقد حضرته.. «حاجة مبهرة» حين ترى ٤٠ ألفاً فى تدشين المشروع، الدولة عليها مسئولية كبيرة فى تحسين أحوال ومعيشة المواطنين، والرئيس يقود مصر إلى تحسين هذه الأوضاع، وهى مبادرة رائعة تليق بمصر ومكانتها، ونحن المصريين كلنا سواء؛ اذا كنا نعيش فى الريف أو داخل المدن يجب أن نجد الخدمات عبر المؤسسات الحكومية ليشعر المواطن بالتطورات الجارية فى المجتمع.
■ ما تقييم البابا تواضروس الثانى للعدالة الاجتماعية فى مصر الآن؟
– العدالة الاجتماعية مشوار طويل، لكن إذا نظرنا لما يحدث فى مصر الآن نجد أن هناك ايجابيات كثيرة تحققت على أرض الواقع، وهذه الايجابيات تواجه تحديات تعيق الطريق أحياناً، والدولة التى بها قانون واضح ونظام للحقوق والواجبات، وبها مؤسسات واضحة وقوية يرجع لها القدرة فى تحقيق العدالة الاجتماعية، وهذا بالاضافة للبعد الروحى لأهل مصر، لأن شعبها متدين، والشعب المتدين له علاقة مع الله يبدو من مخافة الله فى الطريق، وتجد من يقول «اتقى ربنا» يعنى خاف الله.
■ كيف تبدو علاقة المؤسسة الدينية المسيحية بنظيرتها الإسلامية فى الجمهورية الجديدة؟
– علاقة طيبة جداً، لدينا مؤسسة بيت العائلة، سنحتفل بمرور عشر سنوات على إنشائها، وستكون هناك مقابلة مع فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر، وسيحضر معنا احتفالية بهذه المناسبة، ونحن نتعاون مع الأزهر فى المجالات الثقافية، الاجتماعية، والعلاقة بين الأزهر والكنيسة طيبة بصفة عامة، ونتقابل فى المناسبات الوطنية والاجتماعية، حتى فى المناسبات الدينية نتبادل الزيارات وتكون جلسات مفرحة، نتبادل فيها التهانى والفرحة ويكون الوطن فى قلوبنا.
■ ما دور الكنيسة فى تربية الشباب وعودة الوعى؟
– نحن نعمل على أكثر من مستوى، ولدينا اهتمام كبير بالشباب، ففى الكنيسة اجتماعات اسبوعية ولقاءات، وفى فترات الدروس الروحية والأنشطة الاجتماعية، وأسقفية الخدمات تقوم بتعضيد التدريب المهنى، وقد وقعت بروتوكولا للتعاون مع وزارة القوى العاملة حيث تعمل فى قروض المشروعات الصغيرة، وهذه متاحة لكل المصريين، وقمنا بعمل جلسة مؤخراً مع أكثر المشروعات الصغيرة التى حققت نجاحات.
ونحن ننظم لقاءات بين شباب المخترعين ورجال الأعمال تحت عنوان «اشرح مشروعك وفكرتك»، ونقوم بتوصيلهم ببعض، مثلاً شاب صنع من اطارات السيارات المستعملة حائطا إسمنتيا عازلا للصوت والحرارة خفيف الوزن، وذلك بعد تقطيع هذه الإطارات إلى قطع صغيرة وخلطها بالأسمنت بنسب معينة، الشاب عرض مشروعه أمام رجال الأعمال وتبنوه وفى طريقه للتصنيع.
مثال آخر، شاب صيدلى فكر فى استخلاص الزيوت الطيارة من النباتات العطرية، وهذا العمل يحتاج لوقت طويل وأكثر من ماكينة، استطاع عمل ماكينة للاستخلاص فى ١٢ ساعة، وتبنى رجل أعمال مشروعه وبدأ ينتج، هكذا نشجع الشباب.
■ ولكن هناك شكاوى من تصرفات بعض الشباب، كما حدث فى الساحل الشمالى، ما دور المؤسسات الدينية فى تهذيب أخلاقهم؟
– «الحمل ليس على المؤسسات الدينية فقط»، الإنسان منذ ولادته يمر على خمس مؤسسات تساهم فى تكوينه وتخريجه، أولها الأسرة، المؤسسة التعليمية، الأصدقاء وأسميهم المؤسسة الاجتماعية، المؤسسة الإعلامية، والمؤسسة الدينية، وقبل كل هذا الأسرة أولاً لأنه لو ضبط حالها فإنها ستخرج «ناس زى الفل»، لكن الأسرة المفككة تخرج «ناس تعبانة»، ولدينا آية تقول، «اَلنَّفْسُ الشَّبْعَانَةُ تَدُوسُ الْعَسَلَ» (سفر الأمثال ٢٧ : ٧)، وعندما تقوم الأسرة بدورها فى التربية والتهذيب فى اشباع أولادها فإنهم يدوسون العسل والاغراءات، وهل تظن أن قادة الإرهاب نشأوا فى أسر سوية؟، الذى خرج الفكر الارهابى جاء من أسرة مفككة، إذن فالأسرة هى «مربط الفرس» ونقطة البداية.
وأقول ذلك لأنه إن ضبطت أحوال الأسرة جيداً، فانها ستخرج أطفال «زى الفل»، أيضاً الأسرة ذات عدد الأطفال الكبير لاى تلقى أعضاؤها الرعاية والتربية الواجبة، فعندما تكون أسرة ذات طفلين يتلقون الرعاية جيداً، والطفل الثالث لا يحظى بنفس الرعاية، والأم التى تنجب مرتين، فى المرة الثالثة تضعف صحتها.
■ كيف ينظر البابا الى اهتمام الرئيس السيسى بالشباب فى إطار حرصه على تنظيم مؤتمرات للشباب ومنتدى شباب العالم؟
– اهتمام الدولة بالشباب خط النجاح فى بناء الجمهورية الجديدة، ٦٠٪ من المواطنين فى سن الشباب، الشباب يجمع بين القوة والحيوية والتطلع للمستقبل، والطموح والبحث عن فرصة عمل للتشغيل، كل هذا يتجمع فى فترة الشباب، فلو أن الدولة كان لها اهتمام جيد بهذا القطاع الكبير، بلا شك هذه بداية جيدة.
أما مؤتمرات الشباب التى أقامها السيد الرئيس فى شرم الشيخ والعاصمة الإدارية فهى أفكار ناجحة ومهمة جداً، ورأينا أن الذين يخدمون فى «حياة كريمة» خرجوا من مؤتمرات الشباب، وهذه هى أفكار الشباب، هذا أمر جيد، لقد قدموا أفكارا ناجحة رأينا ثمارها، والكنيسة تسير فى هذا الطريق عبر الاهتمام بقطاع الشباب، وتهتم بالشباب المصرى بالخارج الموجود فى العالم كله، حتى يكونوا مرتبطين بجذورهم فى مصر.
لدينا فى الخارج أكثر من ٥٠٠ كنيسة، منها أعداد كبيرة فى الجيل الثانى والثالث والرابع، وليست لهم علاقة بمصر، والتقيت رحلة من نيويورك وجيرسى منذ أيام بالمقر البابوى منهم أفراد لم يزوروا مصر منذ ٢٣ سنة، أى منذ القرن الماضى لم يأتوا إلى مصر، ونظمنا مؤتمر اشترك فيه ٢٠٠ شاب وفتاة من كل القارات لربطهم بجذورهم فى مصر، وحمل اللقاء اسم «التمتع بالجذور»، اخترنا فيه من كل قارة ولدا وبنتا وقابلنا السيد الرئيس الذى اهتم بهم جداً جداً، وأدار معهم حواراً رائعاً، والتقط صوراً معهم، وأرسل لكل واحد منهم صورة خاصة، وتم نشر الموضوع فى الصحف وكان جميلاً ومحل اهتمام كبير من الدولة وعلى رأسها فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسى.
فى هذا العام نظمنا لقاء تحت عنوان «تمتع بالجذور»، ضم ٢٠٠ شاب وفتاة من داخل مصر، كان لقاء رائعاً قابلوا عددا من الوزراء مثل وزير الشباب والرياضة، الهجرة، والسياحة، وعدد كبير من المسئولين، زاروا أكاديمية ناصر للعلوم العسكرية، قصر عابدين، ومكتبة الاسكندرية، نظمنا لهم مجموعة شاملة من الفعاليات، بحيث نبنى رؤية جديدة لمصر والمستقبل، وأقول «بلدنا حلوة وتقدمها واضح، والكنيسة القبطية وطنية، وهى كنيسة الوطن لها جذورها وعراقتها».
■ ماذا عن قضية الوعى قداسة البابا فى الجمهورية الجديدة؟
– نضع أمام شبابنا نماذج نجاح، مثلاً، نظمنا حوارا للشباب مع الدكتورة رشا عياد راغب، مدير الأكاديمية الوطنية للتدريب، لقاء آخر مع المخرج بيتر ميمى، وكذلك مع د. أشرف صبحى وزير الشباب أعطاهم محاضرات وتحدث معهم بصورة أقدرها، فلأول مرة -فى الجمهورية الجديدة- مسئول حكومى بدرجة وزير يتحدث للشباب ويتكلم معهم ويقدم لهم القدر الوافر من الدعم، كذا نظمنا لقاء مع الدكتورة جاكلين عازر -نائب محافظ الاسكندرية- وهى شابة عمرها ٣٥ سنة، لتكون قدوة للشباب، نحن نقول لهم «يلا علشان تبقى زيه وزيها».
■ هل هناك رؤية يقدمها قداسة البابا تواضروس الثاني؛ خاصة أننا مستهدفون من الشائعات التى تضر بالوطن؟
– اعتقد أن كل المؤسسات تقوم بدورها كل فى مجاله، كان عندنا شباب من أكاديمية شباب المتوسط معظمهم مسلمون يأتون لزيارة البابا، وهنا أورد لكم مثلا يقول «البعد جفاء» فعندما نقترب من بعض ونتحدث معاً و«ناخذ وندى» الوعى يزداد.
■ هل استطاعت مصر القضاء على التطرف من وجهة نظر بابا الإسكندرية؟
– يوجد تحسن فى رؤية الأفكار عند كل المؤسسات، والسيد الرئيس قال أكثر من مرة «الدول يهدموها من داخلها»، وكلما يزورنا الرئيس فى الكاتدرائية يقول «لازم نبقى واحد».
■ ماذا عن سد النهضة، والعلاقة مع كنيسة إثيوبيا، وما الدور الذى يمكن أن تلعبه الكنيسة المصرية وعلى رأسها قداسة البابا تواضروس الثانى؟
– كانت الكنيسة الاثيوبية «ابنة» الكنيسة الارثوذوكسية، وكنا نرسل كل فترة مطراناً ورغم حاجز اللغة كان هناك بعض المطارنة يتعلمونها، اثيوبيا لا تتكلم بلغة واحدة، فى ١٩٥٩ طلب الامبراطور «هيلاسلاسي» من البابا «كيرلس» الاستقلال، وصار للكنيسة فى اثيوبيا بطريرك، وصرنا كنائس «أخوات» حتى عام ١٩٧٤، ثم حكم اثيوبيا حكماً شيوعياً، قتل الامبراطور والبطريرك، وحولها إلى شيوعية وأضعف الكنيسة واستمر هذا الحكم تسع سنوات وانتهى، وبدأت أثيوبيا تسترجع نفسها، وتأثرت بفترة الشيوعية حيث أضحى اختيار رؤساء الحكومة والمسئولين أمثال «ميليس زيناوي» و»آبى أحمد» من القبائل الكبيرة، وسيطر الفكر القبلى وضعف تأثير الكنيسة فى الحياة الاثيوبية.
فى عام ٢٠١٥ زرت إثيوبيا، وكان الاستقبال والاهتمام يفوق الوصف، وعندهم تعبير يقول «اسكندرية أٌمٌنا ومارمرقس أبونا»، لكن وضع وتأثير الكنيسة لم يعد مثل السابق، كان الامبراطور والكنيسة وحدة، بدليل الحرب الجارية فى اقليم «تيجراي»، وهو جزء مسيحى داخل اثيوبيا ومنطقة كلها كنائس وأديرة، والبطريرك الموجود هناك رقم ٦ منذ عام ١٩٥٩ من تيجراى، ورئيس منظمة الصحة العالمية من تيجراى أيضاً، ويحدث بها ما يحدث!
وعن دور الكنيسة فى أزمة سد النهضة، فنحن نتكلم لنا دور، نحاول أن نوضح موقفنا وطبيعة نهر النيل، لكن الأمر بات ملفاً سياسياً كاملاً بنسبة ١٠٠٪.
■ هل يمكن أن يطلعنا البابا تواضروس الثانى على وضع الكنائس بالقدس؟
– للكنيسة القبطية الأرثوذوكسية مطران قبطى فى القدس منذ قرون، وهو الشخصية الثانية بعد البابا، رسم أسقفاً وتمت ترقيته لدرجة مطران بعدها بدقائق.
وبالنسبة لوضع الكنائس فى القدس، كانت تعيش هناك أسر قبطية منذ بداية القرن العشرين، وعندما اندلعت الحرب انقطع التواصل المصرى، وجاءت كامب ديفيد ولكن الزيارات كانت منقطعة عن المصريين الذين كانوا عبارة عن فئات كثيرة، كل منها يعتمد على شغل يدوى يسوقونه لأهلهم المصريين عندما يزورون القدس، ولم يعد أهلهم يسافرون فغادروا القدس، رغم أن لنا أديرة وكنائس ومؤسسات، الأنبا «أنطونيوس» مطران القدس له دور كبير، والمدرسون المصريون موجودون هناك ويدرسون بالكلية الأنطونية، ودير السلطان لنا ملكية كاملة عليه، وقد حدث الاعتداء عليه وعلى رهبانه، الدير ملك كامل للكنيسة القبطية.
■ إلى أى المحطات وصل قطار المواطنة فى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسى؟
– أقول لكم إن المواطنة تتحقق باستمرار، ولو نظرنا ونحن اليوم فى عام ٢٠٢١ وعدنا لما كان فى ٢٠١١، نجد الفرق كبيرا، وهذا ما تؤكده الدولة باستمرار، والبلد لا يقوم إلا بقطار مواطنة حقيقية، يقودها قانون حقيقى عملى مطبق وليس حبرا على ورق.
■ كثيراً ما كانت تطرح مشاركة الأقباط فى الحياة السياسية، من وزارات وبرلمان، كيف يرى البابا تواضروس الثانى الوضع فى ظل الجمهورية الجديدة؟
– أولاً يجب ألا ننسى ولعشرات السنين تم استبعاد الأقباط من المشاركة فى الحياة السياسية بصور متعددة، وآخر برلمان قبل الثورة كان عدد النواب المسيحيين به لا يزيد على عضو واحد، عندما أنظر للبرلمان وأجد به عددا نسبيا إذن الأمر تغير وخطوة كبيرة، قبل ٢٠١٦ لم يكن هناك قانون لبناء الكنائس، وكانت تبنى على «هوى المسئول، كنا نشوف فيها الآمرين»، الآن أصبح هناك قانون ينظم بناء الكنائس بمعنى وجود حق، ومعناه إذا تأخر المسئول عن هذا الحق أقاضيه، لأن وجود قانون لبناء الكنائس يحقق العدالة وقفزة فى تحقيق المواطنة.
أقول لكم إن «أول كل سنة يحرص فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسى، أن يقدم المعايدة لكل المصريين من الكاتدرائية، هذه هى المواطنة».
والحق أقول «بعد قتل الأقباط فى ليبيا جاء الرئيس السيسى ليقدم لنا التعزية، لكنه قال فى بداية اللقاء «لم آت إليكم إلا بعدما أخذت حقكم».
الحق الحق أقول «إن ما تم استبعاده منذ عشرات السنوات يتم تطبيقه وعمله الآن.. واحنا ماشيين فى الخط ونحتاج وقت».
■ اهتمام كبير حاليا بملف «تجديد الخطاب الديني»، ما الشكل الأمثل الذى يكرس للتعايش والمحبة والسلام من وجهة نظركم؟
– أول شىء أن يحقق التجديد احترام الآخر، من حيث دينه ولغته واسمه، احتراماً كاملاً فعندما تقول «حنا ولا جرجس» يحترمك الآخرون، وهذا ما تسعى مصر لاقراره بقيادة الرئيس السيسى فى الجمهورية الجديدة، فى كل مجالات الحياة هناك دلائل ملموسة على هذه الخطوات والتحركات من جانب الدولة فى البرلمان والوزارات والمحافظات.
■ هل من جديد فى قانون الأحوال الشخصية يطلعنا عليه بابا الإسكندرية؟
– اجتمعت الكنائس المصرية منذ سنوات مضت لتشكيل قانون الأسرة المسيحية، لكى نقدمه لوزارة العدل ثم تقديمه لرئيس الوزراء الذى يحوله لوزارة العدل وذلك لتشكيل لجنة مع الكنائس لمراجعة مشروع القانون لاقراره بعد العرض على البرلمان لمناقشته، وننتظر اقراره فى الدورة البرلمانية الجديدة.
■ وهل قداسة البابا راض عن المواد التى يحتويها القانون؟
– طبعاً، هذا القانون سيحقق للناس ما يريدونه فى بناء الأسرة، لأنه مهم جداً فى ذهن الشباب استقرار مفهوم الأسرة، وبناء فكرها، ففى الكنيسة القبطية شريعة الزوجة الواحدة بحسب الكتاب المقدس، أى «لا طلاق إلا لعلة الزنا»، لذلك وجب وضع خطوط وقواعد وشروط لبناء فكر الأسرة فى ذهن الشباب، وهذا مهم لكى يحفظ الأسرة الناشئة.
دعنى أضع أمامك مقاربة، حتى نخرج مهندسا جيدا لا بد من اعداده إعداداً جيداً، فما بالك بالأسرة؟، من الأجدر إعداد الأسرة قبل الزواج وبناء فكرها وأسس مستقبلها.
الحق أقول إن بعض المسلسلات تقدم رسائل سلبية عن الأسرة المصرية والمجتمع المصرى عموماً، والتليفزيون مؤثر، والسينما المصرية من أقدم الفنون فى المنطقة قدمت أفلاما مؤثرة ومن أهم أدوات القوة الناعمة.
■ ما الكلمة التى يريد قداسة بابا الإسكندرية أن يوجهها للشعب المصرى بالتزامن مع قيام الجمهورية الجديدة؟
– أقول لكم «بعين الرجاء ننظر للمستقبل أنه سيكون أفضل بكثير، ونحن كمصريين جميعاً نشترك فى بناء بلدنا، والدور مهما كان صغيراً أو كبيراً يكمل الصورة».
أرى أننا كمصريين بصفة عامة بقيادة السيد رئيس الجمهورية، والحكومة والبرلمان نسير فى الطريق، ورؤية القائد مهمة جداً، لأن رؤية فخامة الرئيس تحقق مستقبلا جيدا لأبنائنا، ومشاركتنا شىء جيد.
■ فى السابق كان أقباط المهجر يعارضون سياسات الدولة وقرارات الكنيسة، الآن تغير الوضع تماما، ما تعليقكم؟
– الحمد لله.. دى نعمة من عند ربنا.
■ فى الطريق لبناء الجمهورية الجديدة، كيف رأيتم خطوات الرئيس منذ البداية وحتى الآن؟ وهل كانت هناك صعوبات فى المسيرة؟
– الحق أقول «أى حاجة من أجل الوطن سهلة، الوطن هو الأول، هو الغالى ويستحق كل شىء، ولولا الوطن ما كان الإنسان، ومن خلال الوطن كبر الطفل وتعلم فى المدرسة، وتعب الأب والأم، وتعب الجيش والشرطة، الجميع تعبوا لأجل الوطن، وكل المجتمع يعمل حقاً لأجل البلد، ومن هنا فإن غرس القيم الأخلاقية واحترام الآخر والتشجيع يبنى المجتمع.
«أقول كفى تكسير المجاديف، وأرى فى الجمهورية الجديدة أن عصر تكسير المجاديف انتهى، نحتاج التشجيع».
وفى قصة دخلت مدرسة الرسم على الأطفال وقد طلبت منهم رسم وجه إنسان، ومضت الى طفل صغير رسم شيئا غير مفهوم، ولما سألته قال لها «هذا وجه انسان من الداخل» قدمت له مكافأة على التفكير والابداع.
■ فى 2013 التقطت صور لقداسة البابا وهو حزين عقب حرق الكنائس.. حدثنا عن مشاعركم فى هذا اليوم العصيب؟
– أكبر ألم مر علىّ كان يوم ١٤ أغسطس سنة ٢٠١٣م، وكنت فى السنة الأولى فى البطريركية، و«معنديش خبرة»، وكان أمام عينى سلامة الوطن أهم شىء بمسيحييه ومسلميه، فى هذا اليوم حرقت نحو٨٠ كنيسة، وكان مهم عندى سلامة الناس، كان أمام عينى وطن به ١٠٠ مليون أو أكثر، كيف أتصرف؟ وماذا أفعل؟ خرجت وقلت «وطن بلا كنائس أفضل من كنائس بلا وطن»، هذا نابع من تربيتى، فقد نشأت فى بيت قوامه عشر شقق، نحن الشقة الوحيدة التى يقطنها مسيحيون، والدى توفى ووالدتى، وحتى اليوم يودنى جيرانى ويزورونى ويكلمونى باسمى القديم، «ويفخرون أن ابنهم بقى بطريرك الإسكندرية».
قلت إذا حرقوا الكنائس سنصلى مع اخوتنا المسلمين فى الجوامع، ولو حرقوا الجوامع هنصلى احنا الاثنين فى الشوارع، وهذا يؤكد أن العدو عدو للمساجد والكنائس.
■ قداسة البابا ما رسالتك للخارج من ناحية حرية العبادة واقامة الشعائر وحرية الرأى والتعبير فى الجمهورية الجديدة؟
– أقول «تعالى وشوف».
■ كان البابا تواضروس الثانى يخدم الأطفال، وحتى جلس على كرسى مارمرقس الرسول ولم يترك العمل مع الأطفال واهتم بهم، رأينا ان نسألكم عن اهتمام الجمهورية الجديدة بالأطفال؟
– الأطفال هم زهور الحياة، والاهتمام بالطفولة يعنى المستقبل، وأرى اهتمام الجمهورية الجديدة بالطفل بشكل كبير، كما ظهر ذلك جلياً فى اهتمام السيد الرئيس بالتغذية المدرسية، صحة الطفل والمشروعات المقدمة لذلك، اهتمام الرئيس بالعملية الدراسية ومستقبل التعليم فى مصر، مشروع «حياة كريمة» وهو موجه لأطفال الريف الذين لا يجدون أى نوع من العناية.
وأقول الدولة كاملة تهتم بالطفل من السيد رئيس الجمهورية حتى المسئولين، والموظفين فى كل المؤسسات، وفى «حياة كريمة» يركزون على الاطفال.
■ قداسة البابا له موقف من السوشيال ميديا، هل ضبطت الجمهورية الجديدة ايقاع هذا المرض المزمن عند كثير من الأسر؟
– السوشيال ميديا مجال لخدمة الإنسان، وكثير من الناس استخدموا وسائل التواصل الاجتماعى..
«السكين تم تصنيعه لاعداد الطعام، وهناك أناس يستخدمونه فى القتل»، وعليه ساهمت وسائل التواصل الاجتماعى فى انتشار الاكاذيب والشائعات وتشويه الصورة، السوشيال ميديا تسببت فى أشياء خطيرة للمجتمع، وإن لم يكن الضمير الانسانى حاضراً لضبطها تفقد الانسانية كثيراً، ونحن دورنا بالتعليم المستمر ننصح ألا يسير الشباب وراء السوشيال ميديا فى كل شىء، فهناك صفحات هدفها نشر المغالطات والاكاذيب، وتشويه صورة الدولة، وحسابات تحمل أسماء وهمية تبث الشائعات فى كل مجال.
■ وكيف ينظر قداسة البابا إلى أداء الحكومة والبرلمان فى الجمهورية الجديدة؟
– أرى أن الرد على الشائعات وسيلة مهمة جداً، والحكومة عملت بجهد كبير فى المشروعات القومية، كذا البرلمان جاء ليقوم بدوره فى التشريع وسن القوانين، ونحن نقف مع الجمهورية الجديدة لأجل الوطن.
■ تحدثتم عن الرد على الشائعات، هل لدى الكنيسة وحدة متخصصة فى هذا المجال؟
– الكنيسة القبطية الارثوذوكسية لديها المركز الإعلامى، ولأن الكنيسة لها خصوصية، لذلك ترد فقط على ما يستحق الرد عليه من أخبار منشورة مغلوطة.
■ وهل تتواصل الكنيسة مع وسائل الإعلام الأجنبية لتقديم صورة حقيقية عن مصر؟
– كنائسنا فى الخارج على تواصل مع وسائل الإعلام التى تقع فى بلدانها، مثلاً، أسقف لندن معروف ومتواصل جيداً، وهو مولود فى استراليا، واللغة مهمة جداً، هو يرد على المغالطات التى تنشرها وسائل الاعلام الأجنبية، ويعبر عن رؤيتنا بصورة يقبلها العقل الأجنبى.
■ الدكتور «وجيه صبحى باقى سليمان»، الصيدلى، بابا الاسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، كيف يرى بعين الصيدلى إدارة الجمهورية الجديدة لجائحة كورونا؟
– الحق أقول لكم «منظمة الصحة العالمية قالت إن مصر تعاملت مع جائحة كورونا بصورة جيدة، بل وقدمت مصر مساعدات لدول أخرى، ومازالت مستمرة فى تقديم هذه المساعدات، وأنتجت مصر لقاحا يخدم قارة أفريقيا.
■ أخيراً قداسة البابا، العالم يتسابق للحصول على لقاح كورونا ما رسالتك للشعب المصرى؟
– أنا من أوائل الذين تلقوا اللقاح، وكل الذين يخدمون معنا فى الكنيسة ايضا تلقوا اللقاح، وأشجع الشباب على الإقبال على التطعيم ضد فيروس كورونا، على الأقل يحفظ الحياة.
وأقول «إن شركات محترمة مثل فايزر ومودرنا وجونسون بها نخبة بذلت جهوداً وملايين الدولارات للابحاث، وعلى الرغم من وجود صراع وتنافس بين هذه الشركات لكسب الملايين، إلا أننى فى النهاية أشجع على تلقى اللقاح».