فـي تـذكار احتفالنا بصـوم آبائنا الرسل الأطهـار نتذكـر خدمتهـم فـي كل العالم، ونتأمل في بعض من خدمـة معلمنا بطرس الرسـول كمـا وردت في الإصحاحين التاسع والعاشر مـن سفـر الأعمال، وتحكي عن انتقـال معلمنا بطـرس الرسول للخدمة في منطقة لدة ويافا. فقـد تميزت خدمتهم جميعا بالتجــــــوال والسفـر فسفر الأعمـال يحكي الكثيـر عن الرحلات الكرازية لمعلمنا بطرس الرسـول ومعلمنـا بولس الرسول. وكانت هذه الرحـلات لهـا عمـل كبير في انتشار الإيمان لكنها كانت أيضا تظهـر كيـف كان الآباء مستعدين للتعب من أجل الرب، وقد يظن البعض أن الرحلات الكرازية كانت فقط لمعلمنا بولس إلا أن الدارس للسفر يدرك أن أسفار معلمنـا بطـرس لـم تـكـن قصيرة فالمسافة من لدة إلى يافا لا تقل عن مئـة ميـل، فـروح الإرسالية كان دائما مرتبط دائما بالسفر والتعب من أجل افتقاد المؤمنين ونشر الإيمان.
أما عن خدمـة معلمنـا بطرس الرسـول فتظهر أنهـا مرتبطـة بخدمـة إخوتـه مـن الآبـاء الرسـل، فقد ذهـب للخدمــــة فـي نفس المنطقـة سابقا فيلبس الرسول عندما رافـق مركبـة الخصـي الحبشي حيـث شـرح له الإيمان وعمده، وهذا يظهـر كيـف كان الآباء الرسل يشعرون أنهم يكملـون عمل بعضهم البعض، وهذا ملمـح كـرازي مهم في خدمـة الآباء الرسل فالعمل بينهم كان متناسق ومرتبط بعمل الآخريـن فـكـل منهـم يـخـدم مـع أخيـه ويشعر بالمسئولية تجاه خدمـة الآخـر ويكملـون عملهم بعضهم مع بعـض، فمـن الأمور التي تتعب الخدمـة هو استقلالية الخادم عن أخيه وعـدم إحساسه بالمسئولية نحو خدمـة أخيـه.
يظهر من خدمـة معلمنا بطرس الرسـول كيـف أنه كان متأثرا بشخص ومنهـج خدمـة الرب يسوع ذاته، فكان يتبع نفس منهجـه وينطبـق بمثل كلماتـه، فدعا إينيـاس المقعد (قم): «ونـزل – بطـرس – إلى القديسين الذين في لـدة، فوجد هنـاك إنسانا اسمه إينيـاس مضجعًا على سرير منذ ثمان سنين وكان مفلوجـا فقال له بطـرس يا إينيـاس يشفيك لنفس يســــوع المسيـح قـم وافرش لنفسك» (أع ٣٢:9-٣٤)،
كمـا قـال لطابيثا التي فارقت الحياة «يا طابيثا قومي» (اع 40:9) تماما كمـا فـعـل الـرب يسوع، وكما كان الرب يسوع يجعل الآخرين يشتركون في العمل، فقال لمريض بركة بيت حسـدا «احمـل سـريرك وامض إلى بيتك» (يو 5) قال بطـرس لإينيــــاس «قم وافرش لنفسك»، وهو بهذا يعلمنا مثلاً كيف نتشبه بالرب يسوع، لذلك فنحـن نطلـق علـى الآباء الرسل أنهم «المتشبهون بالرب يسوع»، وهو بهذا يعلمنا أيضا ضرورة أن يكون للإنسان دور فـي قصـة خلاصه، وهذا يتفق مع روح الإنجيـل، فالكتـاب يؤكد دائمـا كيـف كان الـرب يسوع يهتـم بـدور الإنسـان مـع دور الخـادم.