تقديس البكر وتيهان الشعب وقيادة الله.
(1) تقديس البكر وعيدى الفصح والفطير (ع1-16):
1وَكلم الرَّبُّ ِمُوسَى قائلاً: 2«قَدِّسْ لِي كُلَّ بِكْرٍ كُلَّ فَاتِحِ رَحِمٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ النَّاسِ وَمِنَ الْبَهَائِمِ. إِنَّهُ لِي». 3وَقَالَ مُوسَى لِلشَّعْبِ: «اذْكُرُوا هَذَا الْيَوْمَ الَّذِي فِيهِ خَرَجْتُمْ مِنْ مِصْرَ مِنْ بَيْتِ الْعُبُودِيَّةِ فَإِنَّهُ بِيَدٍ قَوِيَّةٍ أَخْرَجَكُمُ الرَّبُّ مِنْ هُنَا. وَلاَ يُؤْكَلُ خَمِيرٌ. 4اَلْيَوْمَ أَنْتُمْ خَارِجُونَ فِي شَهْرِ أَبِيبَ. 5وَيَكُونُ مَتَى أَدْخَلَكَ الرَّبُّ أَرْضَ الْكَنْعَانِيِّينَ وَالْحِثِّيِّينَ وَالأَمُورِيِّينَ وَالْحِوِّيِّينَ وَالْيَبُوسِيِّينَ الَّتِي حَلَفَ لِآبَائِكَ أَنْ يُعْطِيَكَ أَرْضاً تَفِيضُ لَبَناً وَعَسَلاً أَنَّكَ تَصْنَعُ هَذِهِ الْخِدْمَةَ فِي هَذَا الشَّهْرِ. 6سَبْعَةَ أَيَّامٍ تَأْكُلُ فَطِيراً وَفِي الْيَوْمِ السَّابِعِ عِيدٌ لِلرَّبِّ. 7فَطِيرٌ يُؤْكَلُ السَّبْعَةَ الأَيَّامِ وَلاَ يُرَى عِنْدَكَ مُخْتَمِرٌ وَلاَ يُرَى عِنْدَكَ خَمِيرٌ فِي جَمِيعِ تُخُومِكَ. 8«وَتُخْبِرُ ابْنَكَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ قَائِلاً: مِنْ أَجْلِ مَا صَنَعَ إِلَيَّ الرَّبُّ حِينَ أَخْرَجَنِي مِنْ مِصْرَ. 9وَيَكُونُ لَكَ عَلاَمَةً عَلَى يَدِكَ وَتَذْكَاراً بَيْنَ عَيْنَيْكَ لِتَكُونَ شَرِيعَةُ الرَّبِّ فِي فَمِكَ. لأَنَّهُ بِيَدٍ قَوِيَّةٍ أَخْرَجَكَ الرَّبُّ مِنْ مِصْرَ. 10فَتَحْفَظُ هَذِهِ الْفَرِيضَةَ فِي وَقْتِهَـا مِـنْ سَنَةٍ إِلَى سَنَةٍ.
11«وَيَكُونُ مَتَى أَدْخَلَكَ الرَّبُّ أَرْضَ الْكَنْعَانِيِّينَ كَمَا حَلَفَ لَكَ وَلِآبَائِكَ وَأَعْطَاكَ إِيَّاهَا 12أَنَّكَ تُقَدِّمُ لِلرَّبِّ كُلَّ فَاتِحِ رَحِمٍ وَكُلَّ بِكْرٍ مِنْ نِتَاجِ الْبَهَائِمِ الَّتِي تَكُونُ لَكَ. الذُّكُورُ لِلرَّبِّ. 13وَلَكِنَّ كُلَّ بِكْرِ حِمَارٍ تَفْدِيهِ بِشَاةٍ. وَإِنْ لَمْ تَفْدِهِ فَتَكْسِرُ عُنُقَهُ. وَكُلُّ بِكْرِ إِنْسَانٍ مِنْ أَوْلاَدِكَ تَفْدِيهِ. 14«وَيَكُونُ مَتَى سَأَلَكَ ابْنُكَ غَداً: مَا هَذَا؟ تَقُولُ لَهُ: بِيَدٍ قَوِيَّةٍ أَخْرَجَنَا الرَّبُّ مِنْ مِصْرَ مِنْ بَيْتِ الْعُبُودِيَّةِ. 15وَكَانَ لَمَّا تَقَسَّى فِرْعَوْنُ عَنْ إِطْلاَقِنَا أَنَّ الرَّبَّ قَتَلَ كُلَّ بِكْرٍ فِي أَرْضِ مِصْرَ مِنْ بِكْرِ النَّاسِ إِلَى بِكْرِ الْبَهَائِمِ. لِذَلِكَ أَنَا أَذْبَحُ لِلرَّبِّ الذُّكُورَ مِنْ كُلِّ فَاتِحِ رَحِمٍ وَأَفْدِي كُلَّ بِكْرٍ مِنْ أَوْلاَدِي. 16فَيَكُونُ عَلاَمَةً عَلَى يَدِكَ وَعِصَابَةً بَيْنَ عَيْنَيْكَ. لأَنَّهُ بِيَدٍ قَوِيَّةٍ أَخْرَجَنَا الرَّبُّ مِنْ مِصْرَ».
ع1، 2: أمر الله موسى أن يُعلم الشعب تقديس الابن البكر وكذا بكر البهيمة، فهذان قد قتلهما الملاك المهلك للمصريين أما أبكار شعب الله ففداهم خروف الفصح، الذى هو رمز للمسيح، واشتراهم بدمه فهم ملك له لذا يطلب تخصيصهم له.
ويلاحظ فى تقديم الأبكار ما يلى :
- كان كل بكر يُفدَى بدفع خمسة شواقل من الفضة.
- سبط اللاويين كان فداءًا لأبكار بنى إسرائيل.
- زاد عدد أبكار بنى إسرائيل عن سبط اللاويين 273 نفس، فكان فداء كل واحد بخمسة شواقل من الفضة (عد3: 39-51).
- تذبح أبكار الحيوانات الطاهرة لله وأما الحيوانات النجسة فتفدى بشاه أو يكسر عنقها (ع2، 12، 16).
- يبقى البكر سبعة أيام يتغذى على لبن أمه ثم يذبح.
- لا يأخذ صاحب الحيوان شيئاً من هذه الأبكار مثل صوفها ولا يستغلها فى العمل بل تقدم لله.
- لا يجوز نذر الأبكار من الحيوانات فهى ستقدم حتمًا بحسب الشريعة.
? خصِّص لله بداية يومك وأحسن أوقاتك وإمكانياتك بالإضافة إلى تقديم بكور ممتلكاتك، وإن اختار الله أحد أولادك للتكريس فشجعه.
ع3: ذكَّرهم بيوم خروجهم من مصر التى استعبدوا فيها أكثر من أربعمائة سنة (430 سنة)، وهى ترمز لعبودية الخطية إذ امتلأت مصر بالأوثان، فيطلب منهم الإلتزام بأكل الفطير الذى يرمز للنقاوة ورفض الخمير الذى يرمز للشر وتقديس الأبكار وأكل خروف الفصح.
? حينما تتوب وتعترف كن أكثر حرصًا فى رفض مصادر الشر متذكرًا ذل الخطية لتبتعد عن كل ما يؤدى إليها.
ع4، 5: يذكرهم بالإلتزام بعيدى الفصح والفطير طوال حياتهم ليس فقط فى البرية بل بعدما يستقرون فى أرض الميعاد ويكون حولهم الشعوب الوثنية، فلا يهتموا بأفكارهم الغربية بل يتمسكوا بشريعة الله.
ويفهم أن شهر نيسان هو شهر أبيب، وكان شهر أبيب هو السابع من شهور السنة ولكن جعله الله الشهر الأول كما ذكر فى (ص12: 2)، وبهذا أصبحت هناك سنة مدنية عند العبرانيين تحسب بها الأمور السياسية والمدنية والزراعية وسنة أخرى دينية وهى التى تبدأ بشهر أبيب وتحسب بها الأعياد والمناسبات الدينية. ويوجد شهر فى السنة القبطية حاليًا يسمى أبيب ولكنه غير شهر أبيب الذى كان موجودًا عند العبرانيين. وكان شهر أبيب يوافق شهرى مارس وأبريل الحاليين أى أن خروج بنى إسرائيل كان فى الربيع وهو وقت مناسب لارتحالهم من مصر فى الصحراء.
ع6، 7: يؤكد الإلتزام بأكل الفطير سبعة أيام وعزل الخمير الذى يرمز للشر … وعدد
“7” يرمز لكمال عمل الروح القدس، أى العمر كله نحياه فى نقاوة مبتعدين عن الشر.
ع8-10: علامة على يدك : أى تعملها باهتمام.
تذكارًا بين عينيك : تفهمها وتتذكرها وتراها دائمًا لكى تتممها.
فى فمك : تعلم بها أولادك.
يؤكد عليه الإلتزام بعمل الفصح والفطير طوال حياته وتعليم معانيه الروحية لأولاده على مدى الأجيال.
? إهتم أن تعلم أولادك وأحباءك التعاليم الروحية ليحبوا الله والكنيسة ويرتبطوا به ولا يكون الجهل هو المعطل عن الله، بل تظهر حلاوة عشرة الله بالطريقة المباشرة أو غير المباشرة حسبما توافق الظروف المحيطة بك.
ع11-13: يذكرهم بإتمام شريعة تقديم البكر لله طوال حياتهم عندما يخرجون من مصر ثم يستقرون فى أرض كنعان ويأمرهم بما يلى :
- تقديم بكر الإنسان (فاتح رحم) الذكر لله بتكريسه له. وهذا ما حدث بتكريس سبط لاوى لخدمة الله بدلاً من أبكار بنى إسرائيل (عد3: 11).
- يفدى بكر الإنسان بتقديم خمسة شواقل مقدسة فضة عن كل بكر وهو ما يساوى حوالى 75 جم من الفضة (عد18: 16) وذلك قبل عدّ ذكور سبط اللاويين الذين صاروا بدلاً من أبكار بنى إسرائيل.
- تقديم بكر الحيوان الذكر لله ذبيحة.
- الحيوانات النجسة مثل الحمار يقدم بدلاً من بكرها شاة، وإن لم يقدم يقتل بكر الحيوان النجس حتى لا يأكله أحد. وقد وضَّحت الشريعة التى استلمها موسى الحيوانات النجسة والحيوانات الطاهرة، ويفهم من هذا كما ذكرنا فى سفر التكوين أن الحيوانات الطاهرة وغير الطاهرة كانت معروفة قبل شريعة موسى، أى أن الآباء قد تعلموها من الله.
- يُقدَّم الذكر لأنه يمثل القوة، فنحن نقدم لله أفضل ما عندنا بالإضافة إلى أنه يرمز للمسيح الذى هو بكر بين إخوة كثيرين (رو8: 29).
ع14-16: يؤكد أهمية تعليم الأبناء عناية الله وقوته التى أخرجت شعبه بيد قوية من عبودية مصر بعد قتل أبكارهم، والوسيلة لنجاتهم كانت ذبح الخروف لفداء الأبكار لذا يفدون أبكار الإنسان ويقدمون أبكار الحيوانات لله. ويضعون كلمات هذه الشريعة فى عصائب أى قطع من الجلد أو القماش تثبت على الجبهة وتلف حول الرأس وأيضًا يثبتون واحدة أخرى على اليد عند الساعد، والمقصود أن يفكروا أو يعملوا بهذه الشريعة فالرأس ترمز للفكر واليد للعمل.
(2) التيهان فى البرية (ع17-22):
17وَكَانَ لَمَّا أَطْلَقَ فِرْعَوْنُ الشَّعْبَ أَنَّ اللهَ لَمْ يَهْدِهِمْ فِي طَرِيقِ أَرْضِ الْفَلَسْطِينِيِّينَ مَعَ أَنَّهَا قَرِيبَةٌ لأَنَّ اللهَ قَالَ: «لِئَلاَّ يَنْدَمَ الشَّعْبُ إِذَا رَأُوا حَرْباً وَيَرْجِعُوا إِلَى مِصْرَ». 18فَأَدَارَ اللهُ الشَّعْبَ فِي طَرِيقِ بَرِّيَّةِ بَحْرِ سُوفٍ. وَصَعِدَ بَنُو إِسْرَائِيلَ مُتَجَهِّزِينَ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ. 19وَأَخَذَ مُوسَى عِظَامَ يُوسُفَ مَعَهُ لأَنَّهُ كَانَ قَدِ اسْتَحْلَفَ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِحَلْفٍ قَائِلاً: «إِنَّ اللهَ سَيَفْتَقِدُكُمْ فَتُصْعِدُونَ عِظَامِي مِنْ هُنَا مَعَكُمْ»
20وَارْتَحَلُوا مِنْ سُكُّوتَ وَنَزَلُوا فِي إِيثَامَ فِي طَرَفِ الْبَرِّيَّةِ. 21وَكَانَ الرَّبُّ يَسِيرُ أَمَامَهُمْ نَهَاراً فِي عَمُودِ سَحَابٍ لِيَهْدِيَهُمْ فِي الطَّرِيقِ وَلَيْلاً فِي عَمُودِ نَارٍ لِيُضِيءَ لَهُمْ – لِكَيْ يَمْشُوا نَهَاراً وَلَيْلاً. 22لَمْ يَبْرَحْ عَمُودُ السَّحَابِ نَهَاراً وَعَمُودُ النَّارِ لَيْلاً مِنْ أَمَامِ الشَّعْبِ.
ع17، 18: لم يوجههم الله شمالاً إلى أرض فلسطين أى أرض الميعاد، بل اتجهوا من رعمسيس القريبة من أرض جاسان إلى سكوت، ثم من سكوت اتجهوا جنوبًا نحو البحر الأحمر، وسكوت فى الطريق بين الاسماعيلية والسويس الحالية (خريطة 2 ص93). وقد أتاههم الله بعيدًا عن أرض الميعاد لأنه يعرف ضعفهم الروحى فإذا واجهوا حربًا سيخافوا ويعودوا إلى عبودية مصر لذا سمح لهم بأن يتوهوا فى البرية فيكون اتكالهم الوحيد على الله، لأنه كانت توجد طريق قصيرة تتجه نحو الشمال إلى العريش ورفح وتستغرق حوالى أسبوعين للوصول إلى فلسطين ولكنهم لن يستطيعوا مواجهة الحروب مع الكنعانيين لضعف إيمانهم وقتذاك فلما قضوا أربعين سنة فى البرية نما إيمانهم وتدربوا على الجهاد الروحى فاستطاعوا دخول أرض الميعاد ومواجهة الكنعانيين.
? أقتل الضيقات التى تمر بك لأنها قد تكون الحل لخلاص نفسك، فالله يعرف طبعك ويبعدك عن الشر مستخدمًا بعض الضيقات.
ع19: كان يوسف يشعر بغربته فى مصر رغم مركزه العظيم وأنه لابد أن تدفن عظامه فى أرض الميعاد، التى هى رمز لأورشليم السمائية، فتذكر موسى وصية يوسف وأخذ عظامه معه وهو خارج من مصر وغالباً أخذ عظام إخوة يوسف أيضًا ونقلها إلى شكيم فى كنعان (أع7: 16).
? جيد أن تتذكر غربة العالم دائمًا لتفكر فى جمال الأبدية وتسعى لنوالها فتهتم بقراءاتك وصلواتك وتوبتك.
ع20-22: تحرك بنو إسرائيل من سكوت إلى إيثام فى طرف برية سيناء وعلى حدودها (خريطة 2 ص93). وهكذا صاروا بلا معين فأظهر الله حينئذ عنايته بهم وأرسل لهم عمودًا من السحاب يغطيهم فوق رؤوسهم ويحميهم من الشمس الحارقة طوال النهار ويتحرك فوقهم إلى الأمام وإذ يرفعون رؤوسهم إليه يسيرون وراءه.
وهو يرمز للمعمودية لأن السحاب كمية من الماء مثل ماء المعمودية التى تعطى المعتمدين فيها طبيعة جديدة وتهديهم إلى الحياة مع الله وتجتاز بهم وسط الضيقات التى تمثلها الشمس الحارقة.
وفى الليل يتحول عمود السحاب إلى عمود نار من الأرض إلى السماء يتحرك أمامهم فينير طريقهم ويخيف أعداءهم ويحميهم.
والظلمة ترمز للخطية والعمى الروحى التى يزيلها عمود النار فيضئ لهم طريق الحياة مع الله، وهو من نار لأن إلهنا نار آكلة، وعمود النار يرمز إلى وصاياه التى تهدينا إلى الحياة معه، فلنتطهر من كل خطية لكى نكون مرضيين أمامه ونطمئن لقوته التى تحمينا من أعداءنا الشياطين.
وظلَّ عمود السحاب وعمود النار معهم طوال أيام البرية فالله يهدينا ويحمينا طوال حياتنا فى برية العالم.
? ضع الله أمامك من بداية كل يوم ليطمئن قلبك وتخافه فترفض الخطية وتتأمل فى حبه فتتمتع بعشرته.