خلقة العالم
(1) اليوم الأول (خلقة النور) (ع 1-5):
1فِي الْبَدْءِ خَلَقَ اللهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ. 2وَكَانَتِ الأَرْضُ خَرِبَةً وَخَالِيَةً وَعَلَى وَجْهِ الْغَمْرِ ظُلْمَةٌ وَرُوحُ اللهِ يَرِفُّ عَلَى وَجْهِ الْمِيَاهِ. 3وَقَالَ اللهُ: «لِيَكُنْ نُورٌ» فَكَانَ نُورٌ. 4وَرَأَى اللهُ النُّورَ أَنَّهُ حَسَنٌ. وَفَصَلَ اللهُ بَيْنَ النُّورِ وَالظُّلْمَةِ. 5وَدَعَا اللهُ النُّورَ نَهَاراً وَالظُّلْمَةُ دَعَاهَا لَيْلاً. وَكَانَ مَسَاءٌ وَكَانَ صَبَاحٌ يَوْماً وَاحِداً.
ع1: البدء : أى بدء خلقة العالم وليس الأزل كما يُقصَد فى (يو1: 1). وهو ليس زمنًا محددًا لأنه لم يكن حينئذ زمن ولكنه يعلن بداية العالم ولا يعرفه إلا الله الذى كان موجودًا وقتذاك وحده ولم يعلنه الله للإنسان، وقبله الأزل ولم توجد خلائق قبل ذلك سواء سماوية أو أرضية.
خلق : تعنى أن الله هو خالق العالم من العدم وهذا ضد نظرية أزلية العالم التى ينادى بها بعض الفلاسفة.
الله : أتت فى اللغة العبرية “ألوهيم” أى بالجمع وتعنى الله المثلث الأقانيم مع أن كلمة خلق أتت فى العبرية بالمفرد، ومعنى ذلك الله الواحد المثلث الأقانيم هو الذى خلق العالم.
سموات : تعنى كل ما يعلو على الإنسان أى عالم الأرواح بكل رتب الملائكة وكل السموات بدرجاتها المختلفة.
الأرض : تعنى العالم المنظور وتشمل اليابسة والبحار وكل الكائنات المحسوسة.
تعلن هذه الآية أن الله وحده هو خالق العالم بكل ما فيه.
ع2: خربة وخالية : بالعبرية قفر وتشويش وباليونانية فى الترجمة السبعينية غير منظورة وغير كاملة، فهى تعنى أن الغموض وعدم التكامل يحيط بالأرض وهى غير منظورة لأن الإنسان لم يخلق بعد. وليس معناها أن كائنًا أحدث تشويشًا فيها ولكن عدم التكامل ولا الحياة فيها لأن الله لم يخلق العالم بعد بشكله المعروف والذى خلقه من أجل حياة الإنسان.
الغمر : أى مياه تغطى كل شئ فلا ترى منها أرضًا أو أى كواكب أو شمسًا.
ظلمة : تعنى ضباب كثيف جدًا يمنع الرؤيا فيجعل كل شئ مبهمًا وغامضًا.
روح الله : الروح القدس فهو إعلان واضح للأقنوم الثالث.
يرف : أى يتحرك وتعنى الكلمة السريانية يحتضن، أى أن الأمل معلق بروح الله القادر أن يعطى حياة من هذا الخراب والخواء.
يعلن لنا أن الله خلق من العدم، كما نفهم من (ع1)، مبادئ السموات والأرض وهى هذا الماء والضباب الكثيف الذى يغطى الأرض وكل الكواكب، وكان روح الله يحتضن هذه الخليقة التى سيعطى فيها حياة فى هذا الماء والأرض المختفية فيه.
ع3: كيف سبق النور خلقة الشمس التى أتت فى اليوم الرابع ؟!
النور المقصود هنا هو خلقة المجرات الكونية والتى تحمل كل مجرة منها ملايين النجوم ومئات الملايين من الكواكب وكل كوكب وكل نجم وكل مجرة فى حالة دوران حول نفسها بسرعة عالية جدًا وهذا الكيان الكونى كله (المجرات) وما يتخللها أطلق عليه النور وهو كيان ضوئى سبق ظهور الشمس التى نعرفها … وأكبر دليل على وجود النور خارج الشمس هو تمكن العلماء حاليًا من رؤية المجرات وتحديدها وهى أمور لا يمكن رؤيتها إن كانت مظلمة. أما الشمس التى نعرفها فهى إما كانت موجودة فى اليوم الأول ولكن فى حالة غازية ضبابية كونية واستكمل نضوجها وظهورها فى اليوم الرابع، أو أنها أخذت من المجموعة الضوئية فى اليوم الرابع ويتمشى هذا مع العلم ولا يتعارض معه وهو الرأى الذى أيَّده قداسة البابا شنودة الثالث فى كتابه “سنوات مع أسئلة الناس” الجزء الأول ونيافة الأنبا بولا أسقف الغربية فى كتابه “الكتاب المقدس والعلم”.
ع4: يعلن الله رضاه عن النور الذى خلقه بوصفه أنه حسن أى حقق مشيئة الله وهى خطوة هامة وأولى قبل خلقة باقى الأمور من أجل الإنسان.
فصل بين النور والظلمة : أى أنه صارت هناك منطقة منيرة وهى منطقة السديم والمجرات الكونية، ومنطقة أخرى هى الظلمة التى خرج منه النور المخلوق. وفى تأمل روحى يرى القديس أغسطينوس أن هذه الظلمة تعنى سقوط الملائكة الذين صاروا شياطين ففصل الله بين النور والظلمة أى الملائكة والشياطين.
ع5: أعطى الله للنور اسم النهار أما الظلمة فدعاها ليلاً، وهذا النهار غير النهار الناتج من الشمس والذى يعنى ساعات محددة كما سيبدأ فى اليوم الرابع، ولكن اليوم عند الله مدة زمنية غير معلومة قد تشمل ملايين السنين بالحساب المعروف الآن.
أعلن نهاية اليوم بوجود مساء ثم صباح يليه لأن الظلمة كانت موجودة أولاً ثم خلق الله النور، وإن كنا نعتاد أن يبدأ اليوم بالصباح ثم المساء ولكن بعض الشعوب مثل اليهود يبدأون اليوم بالمساء ثم الصباح.
والمساء مقصود به العتمة أى النور الضعيف وليس الليل الذى يحدث بعد غروب الشمس لأن الشمس لم تكن قد خلقت بعد، فالله يعمل فى الصباح والنهار.
وذِكرْ المساء ثم الصباح يعطى رجاءً حسنًا بأن كل ظلمة يعقبها نور.
? روح الله الساكن فيك، مهما كنت مشوشًا أو خربًا أو بعيدًا عن الله بسبب مشاغلك وخطاياك، قادر أن يعمل فيك ويخلق حياة نورانية داخلك. فاخضع له عندما يرشدك إلى كل عمل روحى فتتغير حياتك وتجد خلاص نفسك.
(2) اليوم الثانى : خلقة السماء (ع 6-8):
6وَقَالَ اللهُ: «لِيَكُنْ جَلَدٌ فِي وَسَطِ الْمِيَاهِ. وَلْيَكُنْ فَاصِلاً بَيْنَ مِيَاهٍ وَمِيَاهٍ». 7فَعَمِلَ اللهُ الْجَلَدَ وَفَصَلَ بَيْنَ الْمِيَاهِ الَّتِي تَحْتَ الْجَلَدِ وَالْمِيَاهِ الَّتِي فَوْقَ الْجَلَدِ. وَكَانَ كَذَلِكَ. 8وَدَعَا اللهُ الْجَلَدَ سَمَاءً. وَكَانَ مَسَاءٌ وَكَانَ صَبَاحٌ يَوْماً ثَانِياً.
ع6، 7: الجلد : كانت الأرض فى حالة غليان كما يقول العلماء ثم هدأت وقلت حرارتها فى قشرتها الخارجية فصارت الأبخرة المحيطة بها باردة، وهذا الغلاف الهوائى المحيط بالأرض هو الذى يسمى بالجلد وتطير فيه الطيور.
خلق الله فى اليوم الثانى الهواء المحيط بالكرة الأرضية، وهو يفصل بين مياه أسفله وهى مياه البحار والأنهار ومياه أخرى فوقه وهى السحب التى تتحرك ثم تتكثف وتنزل على الأرض كمطر ثم تتبخر المياه من الأرض لتتحول إلى سحب.
ع8: دعا الله هذا الهواء سماءً وهى السماء الأولى أى سماء الطيور وليس سماء الكواكب. ثم يعلن نهاية اليوم وهو حقبة زمنية غير معروف مدتها كما ذكرنا وأتى المساء أى العتمة وتلاه صباح بداية يوم جديد.
لم يذكر أن الله رأى ما عمله حسنًا فى اليوم الثانى مثل باقى الأيام لأنه مرتبط ويستكمل بما عمله فى اليوم الثالث حين أظهر اليابسة وسط البحار ثم بعد خلقه النباتات فى اليوم الثالث أيضًا قال أن ما عمله حسن للمرة الثانية.
? تعلن خلقة السماء وجود ما يسمو ويعلو عن الأرض لتجذب نظرك من الأمور الأرضية الزائلة إلى الأمور السمائية الباقية، فهذه السماء بداية لسموات أخرى آخرها وأسماها هى الملكوت أى الوجود الدائم مع الله. فليكن هدفك هو الوصول إلى السماء وكلما رفعت عينيك إلى السماء ينجذب قلبك للتأمل فى الله والسعى لإرضائه ليكون لك تمتع دائم معه فى الأبدية.
(3) اليوم الثالث : خلقة الأرض والنباتات (ع 9-13):
9وَقَالَ اللهُ: «لِتَجْتَمِعِ الْمِيَاهُ تَحْتَ السَّمَاءِ إِلَى مَكَانٍ وَاحِدٍ وَلْتَظْهَرِ الْيَابِسَةُ». وَكَانَ كَذَلِكَ. 10وَدَعَا اللهُ الْيَابِسَةَ أَرْضاً وَمُجْتَمَعَ الْمِيَاهِ دَعَاهُ بِحَاراً. وَرَأَى اللهُ ذَلِكَ أَنَّهُ حَسَنٌ. 11وَقَالَ اللهُ: «لِتُنْبِتِ الأَرْضُ عُشْباً وَبَقْلاً يُبْزِرُ بِزْراً وَشَجَراً ذَا ثَمَرٍ يَعْمَلُ ثَمَراً كَجِنْسِهِ بِزْرُهُ فِيهِ عَلَى الأَرْضِ». وَكَانَ كَذَلِكَ. 12فَأَخْرَجَتِ الأَرْضُ عُشْباً وَبَقْلاً يُبْزِرُ بِزْراً كَجِنْسِهِ وَشَجَراً يَعْمَلُ ثَمَراً بِزْرُهُ فِيهِ كَجِنْسِهِ. وَرَأَى اللهُ ذَلِكَ أَنَّهُ حَسَنٌ. 13وَكَانَ مَسَاءٌ وَكَانَ صَبَاحٌ يَوْماً ثَالِثاً.
ع9، 10: كانت المياه تغطى كل الأرض ثم حدثت تشققات فى القشرة الأرضية وتكونت مجارى للبحار متصلة بعضها ببعض وظهرت الأرض اليابسة مرتفعة عن البحار بل وتحمل أيضًا جبالاً عالية، وهكذا ظهر مكان يمكن أن يحيا عليه الإنسان وهو اليابسة أما البحار فيستخدمها للتنقل من مكان إلى مكان باليابسة. ودعا اليابسة أرضًا ومجتمع المياه بحارًا وهذا استكمال لما عمله فى اليوم الثانى فرأى أنه حسن أى رضى عنه.
ع11، 12: عشبًا : المقصود به النباتات البحرية البسيطة وهى الطحالب التى ظهرت على جوانب البحر.
بقلاً : وهى نباتات المحاصيل المختلفة مثل القمح والفول … التى تعطى غذاء للإنسان والحيوان.
يبزر بزرًا : يختلف عن الأعشاب السابقة وهى الطحالب بأنه يكون بذور تسقط فى الأرض وتعطى نباتات جديدة من نفس نوع النبات الذى أنتج هذه البذور.
شجرًا : وهى جميع أنواع الأشجار الصغيرة والكبيرة التى تعطى ثمارًا لطعام الإنسان والحيوان وتنتج بذورًا مثل البقل يمكن زراعتها لتعطى نفس نوع الأشجار التى أنتجتها. وهكذا لا تفنى هذه النباتات عندما يأكلها الإنسان أو الحيوان بل يتجدد وجودها عن طريق البذور.
بعد ظهور الأرض خلق الله عليها النباتات المختلفة لتكون طعامًا للإنسان والحيوان الذى يخدمه وأعطاها القدرة على التكاثر والاستمرار عن طريق البذور التى تنتجها، ورأى الله ذلك أنه حسن. وتكرار كلمة حسن مرتين فى اليوم الثالث يبين أن الأولى مرتبطة بما عمله فى اليوم الثانى كما ذكرنا.
ع13: ينتهى عمل الله فى اليوم الثالث بمجئ المساء الذى يليه صباح اليوم الرابع.
? محبة الله كونت لك مكانًا تستقر عليه ووضع حدودًا للبحر حتى لا يغمرك ويهلكك ثم أعطاك نباتات بأنواع كثيرة لتأكل منها كيفما أردت. إنها محبة وعناية تفوق إدراك الإنسان والله ينتظر منك أن تستقر فيه وتشبع بحبه، فكل هذه العطايا المقصود بها أن تجذب قلبك إليه وتراه فيها، وعندما تمشى على الأرض تشعر به يحملك وعندما تأكل النباتات تشعر بيده تطعمك فتفرح بحبه وتلهج بشكره ليلاً ونهارًا.
(4) اليوم الرابع : خلقة الشمس والقمر والنجوم (ع 14-19):
14وَقَالَ اللهُ: «لِتَكُنْ أَنْوَارٌ فِي جَلَدِ السَّمَاءِ لِتَفْصِلَ بَيْنَ النَّهَارِ وَاللَّيْلِ وَتَكُونَ لآيَاتٍ وَأَوْقَاتٍ وَأَيَّامٍ وَسِنِينٍ. 15وَتَكُونَ أَنْوَاراً فِي جَلَدِ السَّمَاءِ لِتُنِيرَ عَلَى الأَرْضِ». وَكَانَ كَذَلِكَ. 16فَعَمِلَ اللهُ النُّورَيْنِ الْعَظِيمَيْنِ: النُّورَ الأَكْبَرَ لِحُكْمِ النَّهَارِ وَالنُّورَ الأَصْغَرَ لِحُكْمِ اللَّيْلِ وَالنُّجُومَ. 17وَجَعَلَهَا اللهُ فِي جَلَدِ السَّمَاءِ لِتُنِيرَ عَلَى الأَرْضِ 18وَلِتَحْكُمَ عَلَى النَّهَارِ وَاللَّيْلِ وَلِتَفْصِلَ بَيْنَ النُّورِ وَالظُّلْمَةِ. وَرَأَى اللهُ ذَلِكَ أَنَّهُ حَسَنٌ. 19وَكَانَ مَسَاءٌ وَكَانَ صَبَاحٌ يَوْماً رَابِعاً.
ع14: أنوار : وهى النجوم وأهمها الشمس.
فى جلد السماء : ويقصد به سماء الكواكب وليس سماء الطيور السابق خلقتها فى اليوم الثانى.
النهار والليل : نتيجة دوران الأرض حول الشمس تكون اليوم بقسميه، النهار والليل، وبذلك بدأ فى اليوم الرابع التوقيت المعروف الآن وهو اليوم الذى يشمل 24 ساعة.
آيات : إعجازات إلهية فى دوران الأرض والشمس والكواكب والنجوم المختلفة فى مسارات محددة.
أوقات : بدأ التوقيت المعروف الآن.
أيام : جمع يوم الذى يشمل النهار والليل.
سنين : السنة التى تشمل الفصول الأربعة : الربيع والصيف والخريف والشتاء.
فى اليوم الرابع خلق الله ونظَّم الشمس والقمر والنجوم مع الأرض وباقى الكواكب وبهذا كوّن الزمن بفتراته المختلفة سواء على مدار السنة بفصولها الأربعة أو على مدى اليوم بقسميه الليل والنهار.
ع15: المقصود بالشمس والقمر والنجوم أن تنير على الأرض، فهى لخدمتها أو خدمة الإنسان.
ع16: النور الأكبر : الشمس.
حكم النهار : تنظيم وخدمة النهار بأن تضئ على الأرض وتعلن ساعات النهار وتوفر الرؤية والحرارة اللازمة لعمل الإنسان.
النور الأصغر : القمر.
حكم الليل : تنظيم الليل وساعاته والإضاءة فيه مع باقى النجوم.
خلق الله الشمس والقمر والنجوم لتنظيم النهار والليل على الأرض، فيكون النهار مناسبًا لعمل الإنسان والليل لراحته حتى يستعيد نشاطه للعمل فى اليوم التالى. والشمس ترمز للمسيح شمس البر والقمر للكنيسة لأنها تأخذ نورها مثل القمر عن طريق إنعكاس ضوء الشمس أى المسيح عليها. أما النجوم فترمز للقديسين لأنهم فى سمو عن الأرضيات ويضيئون للبشر بعدهم حتى يكملوا جهادهم ويصلوا إلى السماء.
ع17-19: كل هذه الأجرام السمائية خلقها الله فى سماء الكواكب لتنظيم النهار والليل. ورضى الله عما عمله وشهد أنه حسن، وبهذا انتهى عمل الخلقة فى اليوم الرابع وأتى المساء الذى يليه صباح اليوم الخامس.
? ليتك تستغل النظام الإلهى بوجود النهار والليل فتعمل بنشاط فى النهار مستغلاً الوقت بأمانة لعمل الخير وإظهار أمانتك لله وحبك لمن حولك، أما الليل فتهدأ فيه مع نفسك لتصلى إلى الله وتتمتع بعشرته.
(5) اليوم الخامس : خلقة الحيوانات البحرية والطيور (ع 20-23):
20وَقَالَ اللهُ: «لِتَفِضِ الْمِيَاهُ زَحَّافَاتٍ ذَاتَ نَفْسٍ حَيَّةٍ وَلْيَطِرْ طَيْرٌ فَوْقَ الأَرْضِ عَلَى وَجْهِ جَلَدِ السَّمَاءِ». 21فَخَلَقَ اللهُ التَّنَانِينَ الْعِظَامَ وَكُلَّ نَفْسٍ حَيَّةٍ تَدِبُّ الَّتِي فَاضَتْ بِهَا الْمِيَاهُ كَأَجْنَاسِهَا وَكُلَّ طَائِرٍ ذِي جَنَاحٍ كَجِنْسِهِ. وَرَأَى اللهُ ذَلِكَ أَنَّهُ حَسَنٌ. 22وَبَارَكَهَا اللهُ قَائِلاً: «أَثْمِرِي وَاكْثُرِي وَامْلإَِي الْمِيَاهَ فِي الْبِحَارِ. وَلْيَكْثُرِ الطَّيْرُ عَلَى الأَرْضِ». 23وَكَانَ مَسَاءٌ وَكَانَ صَبَاحٌ يَوْماً خَامِساً.
ع20: زحافات : تشمل جميع أنواع الأسماك والحيوانات البحرية التى تحيا داخل البحر مثل الحوت، أو تزحف لتخرج على الأرض أحيانًا مثل التمساح وكلب البحر.
نفس حية : تعطيها الحركة والحيوية والغرائز ولكن ليست هى الروح الإنسانية.
وجه جلد السماء : أى فى الهواء المحيط بالأرض.
خلق الله فى اليوم الخامس جميع أنواع الحيوانات البحرية، فامتلأ البحر بها وكذلك ملأ الهواء بالطيور التى تستطيع أن تمشى على الأرض وتطير فى الهواء سواء الطيور الكبيرة أو الصغيرة وبعضها يميل للحياة على الأرض مثل الدواجن وبعضها يستقر على الأشجار والجبال والأماكن العالية.
ع21: التنانين : المقصود بها الحيوانات البحرية الكبيرة مثل الحوت، ومعظم هذه الحيوانات البحرية الضخمة قد انقرض.
خلق الله أجناسًا مختلفة من الحيوانات البحرية وكذلك الطيور.
ع22: أعطى الله الحيوانات البحرية والطيور القدرة على التكاثر والتناسل لحفظ أنواعها وللتزايد حتى تملأ البحر والهواء والأرض.
ع23: إنتهت خلقة اليوم الخامس وحلَّ المساء الذى يليه صباح اليوم السادس.
? يشبَّه الإنسان المسيحى بالسمكة التى تستطيع السباحة ضد التيار أى لا تخضع لأفكار العالم الشريرة، ويشبَّه أيضًا بالطير الذى يميل للإرتفاع نحو السماء. فليتك تتشبه بهذه الكائنات فى النظر إلى الله والتمسك بوصاياه حتى لو رفضها من حولك وتميل إلى الصلاة ومحبة التأمل فى الله.
(6) اليوم السادس : خلقة الحيوانات والإنسان (ع 24-31):
24وَقَالَ اللهُ: «لِتُخْرِجِ الأَرْضُ ذَوَاتِ أَنْفُسٍ حَيَّةٍ كَجِنْسِهَا: بَهَائِمَ وَدَبَّابَاتٍ وَوُحُوشَ أَرْضٍ كَأَجْنَاسِهَا». وَكَانَ كَذَلِكَ. 25فَعَمِلَ اللهُ وُحُوشَ الأَرْضِ كَأَجْنَاسِهَا وَالْبَهَائِمَ كَأَجْنَاسِهَا وَجَمِيعَ دَبَّابَاتِ الأَرْضِ كَأَجْنَاسِهَا. وَرَأَى اللهُ ذَلِكَ أَنَّهُ حَسَنٌ. 26 وَقَالَ اللهُ: «نَعْمَلُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِنَا كَشَبَهِنَا فَيَتَسَلَّطُونَ عَلَى سَمَكِ الْبَحْرِ وَعَلَى طَيْرِ السَّمَاءِ وَعَلَى الْبَهَائِمِ وَعَلَى كُلِّ الأَرْضِ وَعَلَى جَمِيعِ الدَّبَّابَاتِ الَّتِي تَدِبُّ عَلَى الأَرْضِ». 27فَخَلَقَ اللهُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِهِ. عَلَى صُورَةِ اللهِ خَلَقَهُ. ذَكَراً وَأُنْثَى خَلَقَهُمْ. 28وَبَارَكَهُمُ اللهُ وَقَالَ لَهُمْ: «أَثْمِرُوا وَاكْثُرُوا وَامْلأُوا الأَرْضَ وَأَخْضِعُوهَا وَتَسَلَّطُوا عَلَى سَمَكِ الْبَحْرِ وَعَلَى طَيْرِ السَّمَاءِ وَعَلَى كُلِّ حَيَوَانٍ يَدِبُّ عَلَى الأَرْضِ». 29وَقَالَ اللهُ: «إِنِّي قَدْ أَعْطَيْتُكُمْ كُلَّ بَقْلٍ يُبْزِرُ بِزْراً عَلَى وَجْهِ كُلِّ الأَرْضِ وَكُلَّ شَجَرٍ فِيهِ ثَمَرُ شَجَرٍ يُبْزِرُ بِزْراً لَكُمْ يَكُونُ طَعَاماً. 30وَلِكُلِّ حَيَوَانِ الأَرْضِ وَكُلِّ طَيْرِ السَّمَاءِ وَكُلِّ دَبَّابَةٍ عَلَى الأَرْضِ فِيهَا نَفْسٌ حَيَّةٌ أَعْطَيْتُ كُلَّ عُشْبٍ أَخْضَرَ طَعَاماً». وَكَانَ كَذَلِكَ.
31وَرَأَى اللهُ كُلَّ مَا عَمِلَهُ فَإِذَا هُوَ حَسَنٌ جِدّاً. وَكَانَ مَسَاءٌ وَكَانَ صَبَاحٌ يَوْماً سَادِساً.
ع24: ذوات أنفس حية : الحيوانات العليا التى تعيش على الأرض وهى غير الحيوانات البحرية والطيور.
كأجناسها : أى كل نوع من الحيوانات مختلف عن الآخر خلق الله منه ذكرًا وأنثى لينتجا حيوانات من نفس نوعها وجنسها.
بهائم : الحيوانات الأليفة مثل الماشية المستخدمة فى الزراعة.
دبابات : كل الحيوانات ذوات أربعة أرجل التى تدب على الأرض.
وحوش أرض : الحيوانات التى أصبحت مفترسة بعد السقوط.
خلق الله فى اليوم السادس جميع أنواع الحيوانات التى تعيش على الأرض.
ع25: بعدما خلق الله الحيوانات رضى عما عمله وأعلن أنه حسن.
ع26: نعمل : يتحدث هنا بالجمع ليعلن ثالوثه القدوس الذى قام بخلقة العالم كله، وذكر ذلك هنا لأن هذا هو أهم عمل وهو خلقة الإنسان.
صورتنا : صورة الله ليس فى الجسد ولكن فى الروح التى يتميز بها الإنسان عن باقى الخلائق والتى تشمل العقل والعاطفة.
كشبهنا : أى الميل للتشبه والتمثل بالله.
يتسلطون : يقصد الإنسان الذى سيتكاثر فيقود ويدبر ويرعى جميع الحيوانات.
بعد خلقة الحيوانات فى اليوم السادس، خلق الله أعظم كائن وهو الإنسان وهذا معناه أنه أوجده من العدم وليس هو متطورًا تلقائيًا من حيوانات أدنى منه. وخلقه متميزًا عن باقى الخلائق بوجود روح فيه فيصير على صورة الله ومثاله، وأعطاه أيضًا أن يكون قائدًا ومتسلطًا على جميع أنواع الحيوانات.
ع27: يعلن هنا أنه خلق الإنسان ذكرًا وأنثى وهذا ما سيشرحه بالتفصيل فى (ص2).
ع28: أعطى الله الإنسان البركة ليتكاثر ويملأ الأرض ويتسلط على جميع الحيوانات وهذه هى خطة الله وليس لها علاقة بسقوط الإنسان، فيمكن أن يتكاثر دون أن يسقط وبالتالى فالعلاقة الجنسية ليس لها صلة بالخطية بل هى علاقة مباركة من الله للإثمار وملأ الأرض. وقد قال باركهم لأنه يقصد فى آدم وحواء الجنس البشرى كله.
ع29: أعطى الله النباتات لتكون طعامًا للإنسان وبعد ذلك أعطاه أن يأكل العشب مثل الحيوانات (ص3: 18) بعد السقوط، أما الحيوانات فسمح له بأكلها بعد الطوفان (ص9: 3). ويلاحظ أنه أعطاه النباتات الراقية وهى البقل وثمار الأشجار أى محاصيل الحقل المعروفة وثمار الفاكهة.
ع30: بالنسبة للحيوانات فقد أعطاها الله النباتات أيضًا لتأكلها وتحيا بها ولكن النباتات الأدنى وهى الأعشاب التى تشمل الطحالب والحشائش المختلفة وبعض النباتات المزروعة فى الحقل.
ع31: يشهد الله بعد خلقة الإنسان أن ما عمله حسن جدًا تمييزًا له عن باقى خلائق العالم لأن هدف الخلقة هو الإنسان ليكون العالم كله فى خدمته، وبهذا ينتهى اليوم السادس.
ويلاحظ أنه إن كان الإنسان قد خُلِقَ فى اليوم السادس، فقد تم تجديده أيضًا وفداءه فى اليوم السادس أى يوم الجمعة العظيمة وفى الساعة السادسة بصلب المسيح.
? إن هدف خلقتك أن تتمثل بالله وتنمو نحوه وكل العالم تحت قدميك تستخدمه لتصل إلى الله، فلا تنشغل به عن هدفك بل إبحث عن الله فى كل ما تراه من خلائق واشكره على كل عطاياه فتشعر بعشرته على الأرض إلى أن تصل لمكانك الدائم معه فى الملكوت.