موت سارة ودفنها
(1) موت سارة (ع1، 2):
1وَكَانَتْ حَيَاةُ سَارَةَ مِئَةً وَسَبْعاً وَعِشْرِينَ سَنَةً سِنِي حَيَاةِ سَارَةَ. 2وَمَاتَتْ سَارَةُ فِي قَرْيَةِ أَرْبَعَ الَّتِي هِيَ حَبْرُونُ فِي أَرْضِ كَنْعَانَ. فَأَتَى إِبْرَاهِيمُ لِيَنْدُبَ سَارَةَ وَيَبْكِيَ عَلَيْهَا.
ع1: لأجل طاعة سارة العظيمة واتكالها على الله فى مرافقة إبراهيم فى مشوار الإيمان منذ خروجه من أور الكلدانيين، إهتم الوحى بذكر عمرها دونًا عن باقى النساء فى الكتاب المقدس فقد عاشت 127 عام وكانت قد ولدت إسحق فى سن التسعين ولذا يتوقع الآباء أن عمر إسحق عند تقديمه ذبيحة كان قد تجاوز الخامسة والعشرين أو الثلاثين لأن عمره عند موت أمه كان 37 عامًا.
ع2: ماتت سارة فى قرية أربع التى سميت فيما بعد حبرون وهى فى جنوب أرض كنعان بجوار بئر سبع، ويبدو أن إبراهيم كان قد خرج من حبرون لافتقاد بعض أعماله ورعاته فلما عاد وجد أن سارة قد ماتت، فحزن عليها جدًا وبكى وندبها أى تذكر كل فضائلها ومحبتها ومرافقتها له فى طريق الإيمان واحتمالها أتعابًا كثيرة؛ وهذه أول مرة يذكر فيها أن إبراهيم قد بكى لأن سارة هى رفيقة عمره، وهذا يظهر محبته وتقديره لها.
? إهتم بوفاء وإخلاص من حولك وامتدحهم على ذلك وتمتع بحبهم ما داموا يعيشون معك لأنهم صورة لمحبة الله المقدمة لك، فنشكره على عطاياه.
(2) دفن سارة (ع3-20):
3وَقَامَ إِبْرَاهِيمُ مِنْ أَمَامِ مَيِّتِهِ وَقَالَ لِبَنِي حِثَّ: 4«أَنَا غَرِيبٌ وَنَزِيلٌ عِنْدَكُمْ. أَعْطُونِي مُلْكَ قَبْرٍ مَعَكُمْ لأَدْفِنَ مَيِّتِي مِنْ أَمَامِي». 5فَأَجَابَ بَنُو حِثَّ إِبْرَاهِيمَ: 6«اِسْمَعْنَا يَا سَيِّدِي أَنْتَ رَئِيسٌ مِنَ اللهِ بَيْنَنَا. فِي أَفْضَلِ قُبُورِنَا ادْفِنْ مَيِّتَكَ. لاَ يَمْنَعُ أَحَدٌ مِنَّا قَبْرَهُ عَنْكَ حَتَّى لاَ تَدْفِنَ مَيِّتَكَ». 7فَقَامَ إِبْرَاهِيمُ وَسَجَدَ لِشَعْبِ الأَرْضِ لِبَنِي حِثَّ 8وَقَالَ: «إِنْ كَانَ فِي نُفُوسِكُمْ أَنْ أَدْفِنَ مَيِّتِي مِنْ أَمَامِي فَاسْمَعُونِي وَالْتَمِسُوا لِي مِنْ عِفْرُونَ بْنِ صُوحَرَ 9أَنْ يُعْطِيَنِي مَغَارَةَ الْمَكْفِيلَةِ الَّتِي لَهُ الَّتِي فِي طَرَفِ حَقْلِهِ. بِثَمَنٍ كَامِلٍ يُعْطِينِي إِيَّاهَا فِي وَسَطِكُمْ مُلْكَ قَبْرٍ». 10وَكَانَ عِفْرُونُ جَالِساً بَيْنَ بَنِي حِثَّ. فَأَجَابَ عِفْرُونُ الْحِثِّيُّ إِبْرَاهِيمَ فِي مَسَامِعِ بَنِي حِثَّ لَدَى جَمِيعِ الدَّاخِلِينَ بَابَ مَدِينَتِهِ: 11«لاَ يَا سَيِّدِي اسْمَعْنِي. الْحَقْلُ وَهَبْتُكَ إِيَّاهُ وَالْمَغَارَةُ الَّتِي فِيهِ لَكَ وَهَبْتُهَا. لَدَى عُيُونِ بَنِي شَعْبِي وَهَبْتُكَ إِيَّاهَا. ادْفِنْ مَيِّتَكَ». 12فَسَجَدَ إِبْرَاهِيمُ أَمَامَ شَعْبِ الأَرْضِ 13وَقَالَ لِعِفْرُونَ فِي مَسَامِعِ شَعْبِ الأَرْضِ: «بَلْ إِنْ كُنْتَ أَنْتَ إِيَّاهُ فَلَيْتَكَ تَسْمَعُنِي. أُعْطِيكَ ثَمَنَ الْحَقْلِ. خُذْ مِنِّي فَأَدْفِنَ مَيِّتِي هُنَاكَ». 14فَأَجَابَ عِفْرُونُ إِبْرَاهِيمَ: 15«يَا سَيِّدِي اسْمَعْنِي. أَرْضٌ بِأَرْبَعِ مِئَةِ شَاقِلِ فِضَّةٍ مَا هِيَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ؟ فَادْفِنْ مَيِّتَكَ». 16فَسَمِعَ إِبْرَاهِيمُ لِعِفْرُونَ وَوَزَنَ إِبْرَاهِيمُ لِعِفْرُونَ الْفِضَّةَ الَّتِي ذَكَرَهَا فِي مَسَامِعِ بَنِي حِثَّ. أَرْبَعَ مِئَةِ شَاقِلِ فِضَّةٍ جَائِزَةٍ عِنْدَ التُّجَّارِ. 17فَوَجَبَ حَقْلُ عِفْرُونَ الَّذِي فِي الْمَكْفِيلَةِ الَّتِي أَمَامَ مَمْرَا الْحَقْلُ وَالْمَغَارَةُ الَّتِي فِيهِ وَجَمِيعُ الشَّجَرِ الَّذِي فِي الْحَقْلِ الَّذِي فِي جَمِيعِ حُدُودِهِ حَوَالَيْهِ 18لإِبْرَاهِيمَ مُلْكاً لَدَى عُيُونِ بَنِي حِثَّ بَيْنَ جَمِيعِ الدَّاخِلِينَ بَابَ مَدِينَتِهِ. 19وَبَعْدَ ذَلِكَ دَفَنَ إِبْرَاهِيمُ سَارَةَ امْرَأَتَهُ فِي مَغَارَةِ حَقْلِ الْمَكْفِيلَةِ أَمَامَ مَمْرَا (الَّتِي هِيَ حَبْرُونُ) فِي أَرْضِ كَنْعَانَ 20فَوَجَبَ الْحَقْلُ وَالْمَغَارَةُ الَّتِي فِيهِ لإِبْرَاهِيمَ مُلْكَ قَبْرٍ مِنْ عِنْدِ بَنِي حِثَّ.
ع3: بنى حث : ابن كنعان وكونوا شعبًا كبيرًا يسمى الحثيين وسكن جنوب كنعان.
ذهب إبراهيم إلى إحدى مدن الحثيين التى كانت بجوار حبرون ودخل مدينتهم وعند باب المدينة توجد ساحة كعادة المدن يجتمع فيها رؤساء المدينة وقضاتها. فدخل ليطلب منهم مكانًا ليدفن فيه سارة إذ لم يمتلك أى مكان طوال حياته بل كان يتنقل بخيمته فى الصحراء هو وغنمه.
ع4: أعلن إبراهيم لبنى حث أنه غريب يسكن فى وسطهم رغم عظمته وكثرة ممتلكاته ولكنه كان متضعًا ويشعر بغربته عن العالم لأن قلبه كان قد تعلق بالسماء.وطلب منهم مكانًا ليدفن سارة.
ع5، 6: أظهر بنو حث محبتهم لإبراهيم وتكريمهم له فقالوا له إن مكانتك عندنا كرئيس عظيم لأنهم رأوا غناه وبركة الله التى معه، ورحبوا أن يدفن سارة فى أى قبر يختاره من قبورهم.
ع7-9: مغارة المكفيلة : أى مضاعفة لأنها تتكون من حجرتين داخلية وخارجية.
سجد إبراهيم باتضاع أمام رؤساء الشعب والجالسين فى الساحة والتمس منهم أن يشترى مغارة المكفيلة الموجودة بطرف حقل أحد سكان المدينة وهو عفرون بن صوحر. ويظهر هنا تمسك إبراهيم بإيمانه فلم يدفن سارة فى أرض آبائه بالعراق لأنهم بعيدون عن عبادة الله ولا فى أحد قبور الكنعانيين بنى حث لأنهم وثنيون وطلب أن يشترى مقبرة خاصة لزوجته.
ع10، 11: كان عفرون صاحب الأرض والمغارة جالسًا بين الجالسين فى الساحة فقام وسط المجتمعين وأعلن أنه يقدم حقله والمغارة التى فيه هدية لإبراهيم والجالسون شهود على ذلك، وهذا يظهر كرم عفرون ومكانة إبراهيم بين الحثيين ومحاولتهم إكرامه.
ع12، 13: أكد إبراهيم إحترامه واتضاعه بسجوده مرة ثانية أمام الحثيين والتمس من عفرون، الذى لم يكن إبراهيم يعرفه شخصيًا من قبل، أن يشترى الحقل والمغارة ولا تكون هدية منه، فقد عاش إبراهيم غريبًا طوال حياته ولم يمتلك شيئًا إلا مقبرة، أى الموت، وآمن بوعد الله فى ميراث أرض كنعان الذى سيتم لأولاده.
ع14، 15: أربعمائة شاقل فضة : شاقل الفضة يساوى 15جم تقريبًا وبالتالى فأربعمائة شاقل تساوى ستة كيلوجرامات فضة.
إذ وجد عفرون إصرار إبراهيم على دفع ثمن الأرض قبل منه أن يشتريها معلنًا أن المحبة التى بينهما أهم، فإن كان يريد أن يشتريها فليكن له ما يريد.
ع16-18: جائزة عند التجار : أى فضة نقية يوافق عليها التجار وكل المتعاملين فى البيع والشراء.
وزن إبراهيم الفضة ثمن الحقل أمام شيوخ الحثيين وأعطاها لعفرون، وبهذا امتلك إبراهيم الحقل والمغارة والأشجار التى فى الحقل. وهكذا لم يمتلك إبراهيم طوال حياته أى أرض وعندما امتلك، امتلك مقبرة أى الغربة عن العالم.
? ليتك ترفع عينيك نحو السماء فلا تنشغل بممتلكات الأرض لأنها زائلة وإن كنت تملك شيئًا فاعتبر نفسك وكيلاً عليه تديره بأمانة فتعطى حسابًا عنه يوم الدينونة وتستخدمه لتقدم محبة نحو من حولك وليس لأنانيتك ولذاتك الخاصة.
ع19، 20: أخيرًا دفن إبراهيم سارة فى مغارة المكفيلة وقد دفن فيما بعد إبراهيم فى نفس المغارة هو وإسحق ويعقوب بل أيضًا عظام يوسف قد نقلوها إليها وكذلك دفنت رفقة وليئة فيها.