زواج إسـحـق
(1) إرسالية إبراهيم لكبيربيته (ع1-9):
1وَشَاخَ إِبْرَاهِيمُ وَتَقَدَّمَ فِي الأَيَّامِ. وَبَارَكَ الرَّبُّ إِبْرَاهِيمَ فِي كُلِّ شَيْءٍ. 2وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ لِعَبْدِهِ كَبِيرِ بَيْتِهِ الْمُسْتَوْلِي عَلَى كُلِّ مَا كَانَ لَهُ: «ضَعْ يَدَكَ تَحْتَ فَخْذِي 3فَأَسْتَحْلِفَكَ بِالرَّبِّ إِلَهِ السَّمَاءِ وَإِلَهِ الأَرْضِ أَنْ لاَ تَأْخُذَ زَوْجَةً لِابْنِي مِنْ بَنَاتِ الْكَنْعَانِيِّينَ الَّذِينَ أَنَا سَاكِنٌ بَيْنَهُمْ 4بَلْ إِلَى أَرْضِي وَإِلَى عَشِيرَتِي تَذْهَبُ وَتَأْخُذُ زَوْجَةً لِابْنِي إِسْحَاقَ». 5فَقَالَ لَهُ الْعَبْدُ: «رُبَّمَا لاَ تَشَاءُ الْمَرْأَةُ أَنْ تَتْبَعَنِي إِلَى هَذِهِ الأَرْضِ. هَلْ أَرْجِعُ بِابْنِكَ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي خَرَجْتَ مِنْهَا؟» 6فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ: «احْتَرِزْ مِنْ أَنْ تَرْجِعَ بِابْنِي إِلَى هُنَاكَ. 7اَلرَّبُّ إِلَهُ السَّمَاءِ الَّذِي أَخَذَنِي مِنْ بَيْتِ أَبِي وَمِنْ أَرْضِ مِيلاَدِي وَالَّذِي كَلَّمَنِي وَالَّذِي أَقْسَمَ لِي قَائِلاً: لِنَسْلِكَ أُعْطِي هَذِهِ الأَرْضَ هُوَ يُرْسِلُ مَلاَكَهُ أَمَامَكَ فَتَأْخُذُ زَوْجَةً لِابْنِي مِنْ هُنَاكَ. 8وَإِنْ لَمْ تَشَإِ الْمَرْأَةُ أَنْ تَتْبَعَكَ تَبَرَّأْتَ مِنْ حَلْفِي هَذَا. أَمَّا ابْنِي فَلاَ تَرْجِعْ بِهِ إِلَى هُنَاكَ». 9فَوَضَعَ الْعَبْدُ يَدَهُ تَحْتَ فَخْذِ إِبْرَاهِيمَ مَوْلاَهُ وَحَلَفَ لَهُ عَلَى هَذَا الأَمْرِ.
ع1: كبر إبراهيم فى السن واقترب عمره من 140 عام، لأن سارة ماتت وعمره 137 عام، وبعد فترة حوالى ثلاث سنوات فكر أن يزوج ابنه إسحق وكانت بركة الله له كبيرة فى الممتلكات بالإضافة للبركات الروحية.
ع2: استدعى إبراهيم كبير عبيده وهو أليعازر الدمشقى وقد كان مديرًا لممتلكاته وأعماله وطلب منه أن يَقْسِم له بوضع يده تحت فخذ إبراهيم … فلماذا ؟
- القسم بوضع اليد تحت الفخذ قريبًا من موضع الختان هو قسم بعهد الله والبنوة والتبعية له.
- هو قسم بالنسل الذى منه سيأتى المسيح، فهو قسم عظيم ومؤكد.
ع3، 4: القسم الذى طلب إبراهيم من أليعازر أن يقسم به هو أن لا يختار زوجة لابنه إسحق من الكنعانيات اللاتى يعشن حوله ولكن ليذهب أليعازر إلى عائلة إبراهيم التى تعيش ما بين النهرين ويختار زوجة من هناك، لأن الكنعانيات شريرات ومنغمسات فى عبادة الأوثان أما عشيرة إبراهيم فأفضل منهن فى معرفة الله وإن كن أيضًا وثنيات.
ولم يرسل إسحق ليختار لنفسه زوجة لما يأتى :
- لئلا يتعلق قلبه وتؤثر عليه الزوجة فيقيم معها فى أرضها ويترك عهد الله بالإقامة فى كنعان.
- كانت عادة الأغنياء فى ذلك الوقت إرسال عبيدهم لاختيار زوجات لأبنائهم.
ع5: سأل أليعازر إبراهيم إن وجد فتاة مناسبة كزوجة ورفضت المجئ إلى كنعان هل يأخذ إسحق إليها ويقيم معها فى أرضها.
ع6-9: أجاب إبراهيم عبده بما يلى :
- حذره من إرجاع إسحق إلى أرض عشيرته بل يبقى فى كنعان طاعة لأوامر الله.
- طمأنه أن الله الذى يعبده سيرسل ملاكه أمامه ويختار الزوجة ويسهل الأمر حتى تأتى معه إلى كنعان.
- إن لم ترضَ أى فتاة مناسبة أن تأتى معه فهو برئ من هذا الحلف.
فحلف أليعازر كبير بيته له، بوضع يده تحت فخذه، أن يذهب ويختار زوجة لإسحق من عشيرته وأهله.
? إطمئن أن الله سيساعدك على تنفيذ وصاياه ولا تقلق من الظروف المحيطة ورأى الناس فالله يقنعهم ويعطيك نعمة فى أعينهم لتثبت فى إيمانك وحياتك معهم.
(2) علامة الزوجة المختارة (ع10-14):
10ثُمَّ أَخَذَ الْعَبْدُ عَشَرَةَ جِمَالٍ مِنْ جِمَالِ مَوْلاَهُ وَمَضَى وَجَمِيعُ خَيْرَاتِ مَوْلاَهُ فِي يَدِهِ. فَقَامَ وَذَهَبَ إِلَى أَرَامِ النَّهْرَيْنِ إِلَى مَدِينَةِ نَاحُورَ. 11وَأَنَاخَ الْجِمَالَ خَارِجَ الْمَدِينَةِ عِنْدَ بِئْرِ الْمَاءِ وَقْتَ الْمَسَاءِ وَقْتَ خُرُوجِ الْمُسْتَقِيَاتِ. 12وَقَالَ: «أَيُّهَا الرَّبُّ إِلَهَ سَيِّدِي إِبْرَاهِيمَ يَسِّرْ لِي الْيَوْمَ وَاصْنَعْ لُطْفاً إِلَى سَيِّدِي إِبْرَاهِيمَ. 13هَا أَنَا وَاقِفٌ عَلَى عَيْنِ الْمَاءِ وَبَنَاتُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ خَارِجَاتٌ لِيَسْتَقِينَ مَاءً. 14فَلْيَكُنْ أَنَّ الْفَتَاةَ الَّتِي أَقُولُ لَهَا: أَمِيلِي جَرَّتَكِ لأَشْرَبَ فَتَقُولَ: اشْرَبْ وَأَنَا أَسْقِي جِمَالَكَ أَيْضاً هِيَ الَّتِي عَيَّنْتَهَا لِعَبْدِكَ إِسْحَاقَ. وَبِهَا أَعْلَمُ أَنَّكَ صَنَعْتَ لُطْفاً إِلَى سَيِّدِي».
ع10: أرام النهرين : منطقة تقع شمالاً بين نهرى دجلة والفرات.
مدينة ناحور : تقع بجوار حاران بين النهرين شمالاً نسبة إلى ناحور جد إبراهيم أو ناحور أخى إبراهيم الذى ذهب إلى هناك بعد ترك إبراهيم لها وذهابه إلى كنعان.
أخذ أليعازر عشرة جمال ووضع عليها من خيرات الله كهدية ومهر من سيده للزوجة التى سيختارها.
ويرمز أليعازر للروح القدس الذى يختار للمؤمنين زوجاتهم ويرتب حياتهم. وعدد (10) يرمز للتمسك بوصايا الله العشرة والخيرات ترمز لبركات الروح القدس التى يهبها لأولاده. واختيار زوجة من الأمم لإسحق يرمز لقبول الأمم فى الإيمان بالمسيح.
ع11: أناخ : جعلها تبرك أى تركع وتستريح.
وصل أليعازر إلى مدينة ناحور ووقف عند بئر خارج المدينة، وكان وقت المساء الذى تخرج فيه الفتيات لملأ جرارهن حيث تكون أشعة الشمس الحارة قد انكسرت.
والبئر ترمز للمعمودية ووقت المساء يرمز إلى محبة الله التى تفتقدنا قبل أن ينتهى اليوم.
ع12-14: صلى أليعازر الذى دخل إلى الإيمان وختنه إبراهيم، وطلب من الله متشفعًا بإبراهيم حبيب الله وصديقه ليسهل له الوصول إلى الفتاة المناسبة كما طلب منه علامة أنه محتاج أن يشرب هو والعبيد الذين معه والجمال، فهو سيطلب من الفتيات الخارجات ليستقين أن تعطيه ماءً ليشرب فإن وافقت إحداهن بل وقدمت محبة أكبر من عندها أن تسقيه هو وجماله وكل من معه ستكون هى الفتاة التى اختارها الله. وهكذا كانت العلامة هى الحب الفائض أو السخاء فى العطاء.
? إن محبتك لمن حولك واهتمامك بكل محتاج هى العلامة التى تظهر مسيحيتك لكل الناس، فاهتم بكل محتاج ولا ترد من يسألك.
(3) اللقاء مع رفقة (ع15-27):
15وَإِذْ كَانَ لَمْ يَفْرَغْ بَعْدُ مِنَ الْكَلاَمِ إِذَا رِفْقَةُ الَّتِي وُلِدَتْ لِبَتُوئِيلَ ابْنِ مِلْكَةَ امْرَأَةِ نَاحُورَ أَخِي إِبْرَاهِيمَ خَارِجَةٌ وَجَرَّتُهَا عَلَى كَتِفِهَا. 16وَكَانَتِ الْفَتَاةُ حَسَنَةَ الْمَنْظَرِ جِدّاً وَعَذْرَاءَ لَمْ يَعْرِفْهَا رَجُلٌ. فَنَزَلَتْ إِلَى الْعَيْنِ وَمَلَأَتْ جَرَّتَهَا وَطَلَعَتْ. 17فَرَكَضَ الْعَبْدُ لِلِقَائِهَا وَقَالَ: «اسْقِينِي قَلِيلَ مَاءٍ مِنْ جَرَّتِكِ». 18فَقَالَتِ: «اشْرَبْ يَا سَيِّدِي». وَأَسْرَعَتْ وَأَنْزَلَتْ جَرَّتَهَا عَلَى يَدِهَا وَسَقَتْهُ. 19وَلَمَّا فَرَغَتْ مِنْ سَقْيِهِ قَالَتْ: «أَسْتَقِي لِجِمَالِكَ أَيْضاً حَتَّى تَفْرَغَ مِنَ الشُّرْبِ». 20فَأَسْرَعَتْ وَأَفْرَغَتْ جَرَّتَهَا فِي الْمَسْقَاةِ وَرَكَضَتْ أَيْضاً إِلَى الْبِئْرِ لِتَسْتَقِيَ. فَاسْتَقَتْ لِكُلِّ جِمَالِهِ. 21وَالرَّجُلُ يَتَفَرَّسُ فِيهَا صَامِتاً لِيَعْلَمَ: هَلْ أَنْجَحَ الرَّبُّ طَرِيقَهُ أَمْ لاَ؟ 22وَحَدَثَ عِنْدَمَا فَرَغَتِ الْجِمَالُ مِنَ الشُّرْبِ أَنَّ الرَّجُلَ أَخَذَ خِزَامَةَ ذَهَبٍ وَزْنُهَا نِصْفُ شَاقِلٍ وَسِوَارَيْنِ عَلَى يَدَيْهَا وَزْنُهُمَا عَشَرَةُ شَوَاقِلِ ذَهَبٍ. 23وَقَالَ: «بِنْتُ مَنْ أَنْتِ؟ أَخْبِرِينِي. هَلْ فِي بَيْتِ أَبِيكِ مَكَانٌ لَنَا لِنَبِيتَ؟» 24فَقَالَتْ لَهُ: «أَنَا بِنْتُ بَتُوئِيلَ ابْنِ مِلْكَةَ الَّذِي وَلَدَتْهُ لِنَاحُورَ». 25وَقَالَتْ لَهُ: «عَِنْدَنَا تِبْنٌ وَعَلَفٌ كَثِيرٌ وَمَكَانٌ لِتَبِيتُوا أَيْضاً». 26فَخَرَّ الرَّجُلُ وَسَجَدَ لِلرَّبِّ 27وَقَالَ: «مُبَارَكٌ الرَّبُّ إِلَهُ سَيِّدِي إِبْرَاهِيمَ الَّذِي لَمْ يَمْنَعْ لُطْفَهُ وَحَقَّهُ عَنْ سَيِّدِي. إِذْ كُنْتُ أَنَا فِي الطَّرِيقِ هَدَانِي الرَّبُّ إِلَى بَيْتِ إِخْوَةِ سَيِّدِي».
ع15، 16: بعد أن فرغ أليعازر من صلاته مباشرة وجد رفقة بنت بتوئيل ابن ناحور أخى إبراهيم خارجة لتستقى ماءً وقد وهبها الله جمالاً كبيرًا، وعندما وصلت إلى البئر نزلت إليه إذ كان فى مكان منخفض وملأت جرتها ماءً وصعدت لترجع إلى بيتها.
ع17: جرى إليها أليعازر وطلب منها أن تسقيه قليلاً من الماء، وكان الإجهاد ظاهرًا على وجهه من تعب السفر.
ع18: إستجابت رفقة سريعًا وأنزلت جرتها من على كتفيها ووضعتها على ذراعها وأمالتها ليشرب منها.
ع19: بعد أن شرب أليعازر قدمت رفقة محبة من نفسها دون أن يطلب منها وهى أن تسقى جماله أيضًا التى رأتها بجواره وبالطبع سقت أيضًا العبيد الذين معه، فكان هذا دليلاً على كرمها واهتمامها بإضافة الغرباء.
ع20: المسقاة : حوض يوضع فيه الماء لتشرب منه الحيوانات.
أفرغت رفقة جرتها فى المسقاة وذهبت إلى البئر وعادت عدة مرات لتملأ المسقاة ماءً فتشرب كل الجمال.
ع21: كان أليعازر ينظر إليها بإمعان إذ يرى العلامة التى طلبها من الله تتحقق بسرعة أمامه ولعله كان يواصل الصلوات فى داخله ليكمل الله عمله.
? ما أجمل أن تعتمد على الصلاة فى تدبير أمور حياتك وثق أن الله يفرح بصلواتك ويستجيب سريعًا على قدر إيمانك. إستمر فى صلاتك حتى لو تأخرت إستجابة الله لحكمة يراها فهو يعطيك فى الوقت المناسب ما هو لخيرك.
ع22، 23: تأكد أليعازر أن هذه هى الفتاة التى اختارها الله بعد أن تحققت العلامة، فهو له إيمان كبير مثل سيده إبراهيم، لذا أسرع ووضع خزامة ذهبية فى أنف رفقة وسوارين من الذهب فى يديها وسألها من أنت وهل يوجد فى بيتكم مكان وطعام لنا وللجمال.
ع24، 25: أخبرته الفتاة أنها رفقة بنت بتوئيل ابن ناحور من زوجته ملكة ورحبت باستضافته هو ورفقائه وجماله.
ع26، 27: فرح جدًا أليعازر وسجد أمام الله وشكره لأنه من أجل عظم محبته هداه ليس فقط إلى واحدة من عشيرة سيده إبراهيم بل إلى حفيدة أخيه ناحور.
(4) اللقاء مع أهل رفقة (ع28-49):
28فَرَكَضَتِ الْفَتَاةُ وَأَخْبَرَتْ بَيْتَ أُمِّهَا بِحَسَبِ هَذِهِ الأُمُورِ. 29وَكَانَ لِرِفْقَةَ أَخٌ اسْمُهُ لاَبَانُ. فَرَكَضَ لاَبَانُ إِلَى الرَّجُلِ خَارِجاً إِلَى الْعَيْنِ. 30وَحَدَثَ أَنَّهُ إِذْ رَأَى الْخِزَامَةَ وَالسِّوَارَيْنِ عَلَى يَدَيْ أُخْتِهِ وَإِذْ سَمِعَ كَلاَمَ رِفْقَةَ أُخْتِهِ قَائِلَةً: «هَكَذَا كَلَّمَنِي الرَّجُلُ» جَاءَ إِلَى الرَّجُلِ وَإِذَا هُوَ وَاقِفٌ عِنْدَ الْجِمَالِ عَلَى الْعَيْنِ. 31فَقَالَ: «ادْخُلْ يَا مُبَارَكَ الرَّبِّ. لِمَاذَا تَقِفُ خَارِجاً وَأَنَا قَدْ هَيَّأْتُ الْبَيْتَ وَمَكَاناً لِلْجِمَالِ؟» 32فَدَخَلَ الرَّجُلُ إِلَى الْبَيْتِ وَحَلَّ عَنِ الْجِمَالِ. فَأَعْطَى تِبْناً وَعَلَفاً لِلْجِمَالِ وَمَاءً لِغَسْلِ رِجْلَيْهِ وَأَرْجُلِ الرِّجَالِ الَّذِينَ مَعَهُ. 33وَوُضِعَ قُدَّامَهُ لِيَأْكُلَ. فَقَالَ: «لاَ آكُلُ حَتَّى أَتَكَلَّمَ كَلاَمِي». فَقَالَ: «تَكَلَّمْ». 34فَقَالَ: «أَنَا عَبْدُ إِبْرَاهِيمَ. 35وَالرَّبُّ قَدْ بَارَكَ مَوْلاَيَ جِدّاً فَصَارَ عَظِيماً وَأَعْطَاهُ غَنَماً وَبَقَراً وَفِضَّةً وَذَهَباً وَعَبِيداً وَإِمَاءً وَجِمَالاً وَحَمِيراً. 36وَوَلَدَتْ سَارَةُ امْرَأَةُ سَيِّدِي ابْناً لِسَيِّدِي بَعْدَ مَا شَاخَتْ فَقَدْ أَعْطَاهُ كُلَّ مَا لَهُ. 37وَاسْتَحْلَفَنِي سَيِّدِي قَائِلاً:لاَ تَأْخُذْ زَوْجَةً لِابْنِي مِنْ بَنَاتِ الْكَنْعَانِيِّينَ الَّذِينَ أَنَا سَاكِنٌ فِي أَرْضِهِمْ 38بَلْ إِلَى بَيْتِ أَبِي تَذْهَبُ وَإِلَى عَشِيرَتِي وَتَأْخُذُ زَوْجَةً لِابْنِي. 39فَقُلْتُ لِسَيِّدِي: رُبَّمَا لاَ تَتْبَعُنِي الْمَرْأَةُ. 40فَقَالَ لِي: إِنَّ الرَّبَّ الَّذِي سِرْتُ أَمَامَهُ يُرْسِلُ مَلاَكَهُ مَعَكَ وَيُنْجِحُ طَرِيقَكَ فَتَأْخُذُ زَوْجَةً لِابْنِي مِنْ عَشِيرَتِي وَمِنْ بَيْتِ أَبِي. 41حِينَئِذٍ تَتَبَرَّأُ مِنْ حَلْفِي حِينَمَا تَجِيءُ إِلَى عَشِيرَتِي. وَإِنْ لَمْ يُعْطُوكَ فَتَكُونُ بَرِيئاً مِنْ حَلْفِي. 42فَجِئْتُ الْيَوْمَ إِلَى الْعَيْنِ وَقُلْتُ: أَيُّهَا الرَّبُّ إِلَهُ سَيِّدِي إِبْرَاهِيمَ إِنْ كُنْتَ تُنْجِحُ طَرِيقِي الَّذِي أَنَا سَالِكٌ فِيهِ 43فَهَا أَنَا وَاقِفٌ عَلَى عَيْنِ الْمَاءِ وَلْيَكُنْ أَنَّ الْفَتَاةَ الَّتِي تَخْرُجُ لِتَسْتَقِيَ وَأَقُولُ لَهَا: اسْقِينِي قَلِيلَ مَاءٍ مِنْ جَرَّتِكِ 44فَتَقُولَ لِيَ: اشْرَبْ أَنْتَ وَأَنَا أَسْتَقِي لِجِمَالِكَ أَيْضاً هِيَ الْمَرْأَةُ الَّتِي عَيَّنَهَا الرَّبُّ لِابْنِ سَيِّدِي. 45وَإِذْ كُنْتُ أَنَا لَمْ أَفْرَغْ بَعْدُ مِنَ الْكَلاَمِ فِي قَلْبِي إِذَا رِفْقَةُ خَارِجَةٌ وَجَرَّتُهَا عَلَى كَتِفِهَا فَنَزَلَتْ إِلَى الْعَيْنِ وَاسْتَقَتْ. فَقُلْتُ لَهَا: اسْقِينِي. 46فَأَسْرَعَتْ وَأَنْزَلَتْ جَرَّتَهَا عَنْهَا وَقَالَتِ: اشْرَبْ وَأَنَا أَسْقِي جِمَالَكَ أَيْضاً. فَشَرِبْتُ وَسَقَتِ الْجِمَالَ أَيْضاً. 47فَسَأَلْتُهَا: بِنْتُ مَنْ أَنْتِ؟ فَقَالَتْ: بِنْتُ بَتُوئِيلَ بْنِ نَاحُورَ الَّذِي وَلَدَتْهُ لَهُ مِلْكَةُ. فَوَضَعْتُ الْخِزَامَةَ فِي أَنْفِهَا وَالسِّوَارَيْنِ عَلَى يَدَيْهَا. 48وَخَرَرْتُ وَسَجَدْتُ لِلرَّبِّ وَبَارَكْتُ الرَّبَّ إِلَهَ سَيِّدِي إِبْرَاهِيمَ الَّذِي هَدَانِي فِي طَرِيقٍ أَمِينٍ لِآخُذَ ابْنَةَ أَخِي سَيِّدِي لِابْنِهِ. 49وَالْآنَ إِنْ كُنْتُمْ تَصْنَعُونَ مَعْرُوفاً وَأَمَانَةً إِلَى سَيِّدِي فَأَخْبِرُونِي وَإِلَّا فَأَخْبِرُونِي لأَنْصَرِفَ يَمِيناً أَوْ شِمَالاً».
ع28: أسرعت رفقة إلى بيتها وأخبرت أمها وإخوتها بما حدث معها.
ع29-31: إذ سمع لابان أخو رفقة كلامها عن أليعازر وما فعله معها ورأى الخزامة والسوارين، أسرع نحو أليعازر الذى مازال واقفًا عند البئر ورحب به وناداه يا مبارك الرب تكريمًا له ودعاه أن يدخل البيت إذ كان قد أمر العبيد بإعداد مكان لاستضافته هو ومن معه.
ع32، 33: دخل أليعازر البيت ووضع جماله فى حظيرة الحيوانات وأعطوها ماءً وطعامًا ورحبوا به ووضعوا أمامه مائدة ليأكل، أما هو فقال لا آكل قبل أن أقول كلامى أى أعلن المهمة التى أتيت من أجلها.
ع34-41: عرَّف لابان وعائلة رفقة بنفسه أنه عبد إبراهيم وشرح لهم ما صار إليه من الغنى والممتلكات فى العبيد والماشية والفضة والذهب وأن له ابن وحيد هو إسحق وهو الوارث لكل ممتلكاته. وأن إبراهيم قد طلب منه أن يختار زوجة لإسحق من أهله وعشيرته ليأتى بها إلى كنعان وقد حلف له بذلك، ولكن إن لم ترضَ الزوجة بالمجئ إلى كنعان يتبرأ من حلفه.
ع42-49: قصَّ لهم كيف طلب علامة من الله عند وصوله إلى البئر خارج مدينتهم وهى أن يطلب ماءً والفتاة التى توافق أن تسقيه ثم تعرض أن تسقى جماله أيضًا تكون هى الفتاة المختارة من الله، فلما فرغ من صلاته أقبلت رفقة وتحققت العلامة فيها ولما سألها عن شخصيتها أعلمته أنها رفقة بنت بتوئيل ابن ناحور، فشكر الله الذى هداه إلى بيت أخى سيده وسجد له ووضع الخزامة والسوارين فى أنف ويدى رفقة كمهر لها، ثم سأل أليعازر أهل رفقة هل يوافقون على إعطائه رفقة لإسحق أم لا فينصرف فى طريقه.
? جيد أن تطيع كلام الله وتتكل عليه بل وتطلب علامة منه ليثبتِّ إيمانك، فهو إله حنون طويل الأناة يهتم بك ويفرح بصلواتك ويسهل طريقك لتحيا معه.
(5) موافقة أهل رفقة (ع50-60):
50فَأَجَابَ لاَبَانُ وَبَتُوئِيلُ: «مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ خَرَجَ الأَمْرُ. لاَ نَقْدِرُ أَنْ نُكَلِّمَكَ بِشَرٍّ أَوْ خَيْرٍ. 51هُوَذَا رِفْقَةُ قُدَّامَكَ. خُذْهَا وَاذْهَبْ. فَلْتَكُنْ زَوْجَةً لِابْنِ سَيِّدِكَ كَمَا تَكَلَّمَ الرَّبُّ». 52وَكَانَ عِنْدَمَا سَمِعَ عَبْدُ إِبْرَاهِيمَ كَلاَمَهُمْ أَنَّهُ سَجَدَ لِلرَّبِّ إِلَى الأَرْضِ. 53وَأَخْرَجَ الْعَبْدُ آنِيَةَ فِضَّةٍ وَآنِيَةَ ذَهَبٍ وَثِيَاباً وَأَعْطَاهَا لِرِفْقَةَ وَأَعْطَى تُحَفاً لأَخِيهَا وَلِأُمِّهَا. 54فَأَكَلَ وَشَرِبَ هُوَ وَالرِّجَالُ الَّذِينَ مَعَهُ وَبَاتُوا. ثُمَّ قَامُوا صَبَاحاً فَقَالَ: «اصْرِفُونِي إِلَى سَيِّدِي». 55فَقَالَ أَخُوهَا وَأُمُّهَا: «لِتَمْكُثِ الْفَتَاةُ عِنْدَنَا أَيَّاماً أَوْ عَشَرَةً بَعْدَ ذَلِكَ تَمْضِي». 56فَقَالَ لَهُمْ: «لاَ تُعَوِّقُونِي وَالرَّبُّ قَدْ أَنْجَحَ طَرِيقِي. اصْرِفُونِي لأَذْهَبَ إِلَى سَيِّدِي». 57فَقَالُوا: «نَدْعُو الْفَتَاةَ وَنَسْأَلُهَا شِفَاهاً». 58فَدَعُوا رِفْقَةَ وَقَالُوا لَهَا: «هَلْ تَذْهَبِينَ مَعَ هَذَا الرَّجُلِ؟» فَقَالَتْ: «أَذْهَبُ». 59فَصَرَفُوا رِفْقَةَ أُخْتَهُمْ وَمُرْضِعَتَهَا وَعَبْدَ إِبْرَاهِيمَ وَرِجَالَهُ. 60وَبَارَكُوا رِفْقَةَ وَقَالُوا لَهَا: «أَنْتِ أُخْتُنَا. صِيرِي أُلُوفَ رَبَوَاتٍ وَلْيَرِثْ نَسْلُكِ بَابَ مُبْغِضِيهِ».
ع50، 51: وافق لابان وبتوئيل أبوه على تزويج رفقة لإسحق فقد فهما من القصة أن الله هو الذى اختارها فلا يمكن أن يعارضوه وأعطوه رفقة لتكون زوجة لإسحق. ونلاحظ تقدم لابان على بتوئيل أبيه وذلك إما لشيخوخته أو مرضه فترك ابنه يقود الموقف.
? الخضوع لمشيئة الله يريح حياتك لأنك تشعر أنه هو القائد والمدبر لأمورك فهو بالتالى يضمن راحتك وسلامك. كن حريصًا على فهم معاملات الله معك وإن لم تفهم فارفع قلبك بصلوات كثيرة فيعلن ويوضح لك مشيئته.
ع52، 53: شكر أليعازر الله على نجاح مهمته وسجد له، فهو رجل صلاة واتضاع مثل سيده، وقدم هدايا لرفقة ولأسرتها المتمثلة فى أخيها وأمها كاستكمال لمهرها وهى آنية فضة وذهب وتحف وثياب.
ع54: أكل أليعازر وشرب وبات هذه الليلة وهو فى فرح وفى الصباح استأذن من أهل رفقة ليأخذها وينصرف إلى إبراهيم.
ع55: حاول أهل رفقة أن تبقى معهم أيامًا ليتمتعوا بها قبل أن تفارقهم وطلبوا ذلك من أليعازر حتى يبقى معهم هذه المدة.
ع56-58: ترجى أليعازر من أهل رفقة ألا يعطلوه عن الإنصراف مادام الله قد أعلن مشيئته واختار رفقة، فقال أهلها لنسألها هل توافق على الإنصراف سريعًا فوافقت. ونلاحظ حرية الفتاة فى قبول عريسها، التى هى حق لكل فتاة.
ع59، 60: ربوات : عشرات الألوف.
يرث باب مبغضيه : يتغلب على أعدائه.
ودَّعوا أختهم وابنتهم رفقة وتمنوا لها أن يعطيها الله نسلاً يكون أمة عظيمة تصل إلى عشرات الآلاف ويكون نسلها قويًا يتغلب على أعدائه. وأعطوا رفقة كعادة هذا الزمان مرضعتها التى تدعى دبورة، فذهبتا مع أليعازر والعبيد الذين معه إلى أرض كنعان.
(6) وصول رفقة إلى إسحق (ع61-67):
61فَقَامَتْ رِفْقَةُ وَفَتَيَاتُهَا وَرَكِبْنَ عَلَى الْجِمَالِ وَتَبِعْنَ الرَّجُلَ. فَأَخَذَ الْعَبْدُ رِفْقَةَ وَمَضَى. 62وَكَانَ إِسْحَاقُ قَدْ أَتَى مِنْ وُرُودِ بِئْرِ لَحَيْ رُئِي – إِذْ كَانَ سَاكِناً فِي أَرْضِ الْجَنُوبِ. 63وَخَرَجَ إِسْحَاقُ لِيَتَأَمَّلَ فِي الْحَقْلِ عِنْدَ إِقْبَالِ الْمَسَاءِ فَرَفَعَ عَيْنَيْهِ وَنَظَرَ وَإِذَا جِمَالٌ مُقْبِلَةٌ. 64وَرَفَعَتْ رِفْقَةُ عَيْنَيْهَا فَرَأَتْ إِسْحَاقَ فَنَزَلَتْ عَنِ الْجَمَلِ. 65وَقَالَتْ لِلْعَبْدِ: «مَنْ هَذَا الرَّجُلُ الْمَاشِي فِي الْحَقْلِ لِلِقَائِنَا؟» فَقَالَ الْعَبْدُ: «هُوَ سَيِّدِي». فَأَخَذَتِ الْبُرْقُعَ وَتَغَطَّتْ. 66ثُمَّ حَدَّثَ الْعَبْدُ إِسْحَاقَ بِكُلِّ الأُمُورِ الَّتِي صَنَعَ 67فَأَدْخَلَهَا إِسْحَاقُ إِلَى خِبَاءِ سَارَةَ أُمِّهِ وَأَخَذَ رِفْقَةَ فَصَارَتْ لَهُ زَوْجَةً وَأَحَبَّهَا. فَتَعَزَّى إِسْحَاقُ بَعْدَ مَوْتِ أُمِّهِ.
ع61: خرجت رفقة من بيتها هى وجواريها اللاتى وهبهن أهلها لها وركبن الجمال وتحركت القافلة بقيادة أليعازر الدمشقى من حاران إلى أرض كنعان.
ع62، 63: كان إسحق مقيمًا فى جنوب أرض كنعان وذهب لافتقاد الرعاة والماشية عند بئر لحى رئى الذى ظهر فيه الملاك لهاجر وإسماعيل (ص16: 14)، وعند المساء عند رجوعه إلى خيمته خرج إلى الحقل ليقضى فترة خلوة وتأمل فى الله، كما اعتاد بعض اليهود قديمًا وكثير من الرهبان حاليًا، فرأى من بعيد قافلة جمال آتية نحو مكان إقامته.
? ما أجمل أن تخصص وقتًا تختلى فيه مع الله كل يوم أو على الأقل كل أسبوع، تجلس وحدك فى مكان هادئ إما فى مكان خلوى أو أمام منظر متسع أو فى مكان مقدس أو أمام صورة للمسيح وتفكر فى موضوع روحى وتراجع حياتك لتتمتع بلقاء هادئ وتنطلق مشاعرك نحو الله.
ع64، 65: لاحظت رفقة رجلاً مقبلاً نحوهم فاحترامًا له نزلت عن الجمل وسألت أليعازر الدمشقى عنه فقال أنه إسحق، فاحتشامًا غطت وجهها بالبرقع كعادة النساء فى هذا الوقت.
ع66، 67: وصلت القافلة وتقابلت مع إسحق وقصَّ أليعازر عليه كل ما حدث وقدَّم له رفقة، ففرح إسحق بها وأدخلها إلى خيمة أمه سارة وتزوجها وتعزى عن انتقال أمه بالمحبة التى تكونت مع رفقة وحياته الجديدة معها. وكان قد مضى على وفاة سارة ثلاث سنوات وبلغ إسحق من العمر أربعين عامًا.