سِـلـم يعقـوب
(1) وصية إسحق ليعقوب (ع1-5):
1فَدَعَا إِسْحَاقُ يَعْقُوبَ وَبَارَكَهُ وَأَوْصَاهُ وَقَالَ لَهُ: «لاَ تَأْخُذْ زَوْجَةً مِنْ بَنَاتِ كَنْعَانَ. 2قُمِ اذْهَبْ إِلَى فَدَّانَِ أَرَامَ إِلَى بَيْتِ بَتُوئِيلَ أَبِي أُمِّكَ وَخُذْ لِنَفْسِكَ زَوْجَةً مِنْ هُنَاكَ مِنْ بَنَاتِ لاَبَانَ أَخِي أُمِّكَ. 3وَاللهُ الْقَدِيرُ يُبَارِكُكَ وَيَجْعَلُكَ مُثْمِراً وَيُكَثِّرُكَ فَتَكُونُ جُمْهُوراً مِنَ الشُّعُوبِ. 4وَيُعْطِيكَ بَرَكَةَ إِبْرَاهِيمَ لَكَ وَلِنَسْلِكَ مَعَكَ لِتَرِثَ أَرْضَ غُرْبَتِكَ الَّتِي أَعْطَاهَا اللهُ لإِبْرَاهِيمَ». 5فَصَرَفَ إِسْحَاقُ يَعْقُوبَ فَذَهَبَ إِلَى فَدَّانَِ أَرَامَ إِلَى لاَبَانَ بْنِ بَتُوئِيلَ الأَرَامِيِّ أَخِي رِفْقَةَ أُمِّ يَعْقُوبَ وَعِيسُوَ.
ع1: استدعى إسحق ابنه يعقوب ليودعه ويوصيه وصية الوداع قبل سفره. وهذا يظهر محبة إسحق ليعقوب وإيمانه أن الوعود الإلهية تتم فيه، فقال له لا تتزوج من الكنعانيات الوثنيات الشريرات اللاتى تعيش بينهن.
ع2: أوصاه أيضًا أن يسافر إلى منطقة فدان آرام الواقعة بين النهرين شمالاً حيث تقيم عائلة والدته، جده بتوئيل وخاله لابان، فيأخذ من بنات خاله زوجة له.
ع3: طلب ليعقوب أن يباركه الله بنسل كثير ويكون نسله بركة لكل الشعوب. وهذا ما تم ليس فى شعب إسرائيل كشعب يعلن الإيمان بالله وسط الوثنيين بل بالأحرى فى المسيح الذى يقدم الخلاص والبركة للعالم كله.
ع4: تمنى له تحقيق مواعيد الله لإبراهيم بميراث أرض كنعان وتملُّكها.
ع5: إنصرف يعقوب بعد ذلك وسافر فى طريقه من كنعان إلى حاران حيث يقيم خاله لابان.
? إهتم بنصائح والديك والمسئولين عنك فهى رسائل من الله تساعدك على حياة البر لترتبط بالله وتحيا مستقيمًا.
(2) عيسو يتزوج ابنة إسماعيل (ع6-9):
6فَلَمَّا رَأَى عِيسُو أَنَّ إِسْحَاقَ بَارَكَ يَعْقُوبَ وَأَرْسَلَهُ إِلَى فَدَّانَِ أَرَامَ لِيَأْخُذَ لِنَفْسِهِ مِنْ هُنَاكَ زَوْجَةً إِذْ بَارَكَهُ وَأَوْصَاهُ قَائِلاً: «لاَ تَأْخُذْ زَوْجَةً مِنْ بَنَاتِ كَنْعَانَ». 7وَأَنَّ يَعْقُوبَ سَمِعَ لأَبِيهِ وَأُمِّهِ وَذَهَبَ إِلَى فَدَّانَِ أَرَامَ 8رَأَى عِيسُو أَنَّ بَنَاتِ كَنْعَانَ شِرِّيرَاتٌ فِي عَيْنَيْ إِسْحَاقَ أَبِيهِ 9فَذَهَبَ عِيسُو إِلَى إِسْمَاعِيلَ وَأَخَذَ مَحْلَةَ بِنْتَ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ أُخْتَ نَبَايُوتَ زَوْجَةً لَهُ عَلَى نِسَائِهِ.
عندما وجد عيسو أن أخاه يعقوب قد سافر للزواج من بنات خاله بالإضافة لضيق والديه من زوجتيه بنات حث، أراد استرضائهما فتزوج ابنة عمه إسماعيل التى تدعى محلة. ولم يفكر فى جوهر تفكير والديه وهو الإبتعاد عن الوثنيات والحياة مع الله والزواج بامرأة تساعده على ذلك لأنه لا يفكر بطريقة روحية بل منغمس تمامًا فى الماديات. وهكذا لم يغير شيئًا من وضعه بعمله هذا وظل بعيدًا عن الله مرتبطًا بالوثنيات.
? كن روحانيًا فى نظرتك للأمور وابحث عما يرضى الله وما يقرِّبك إليه، وإن كان هناك شئ يعطيك مكاسب مادية ولكن يعطلك عن الله فتنازل عنه لأجله، وإذ يرى الله إهتمامك يسندك، وحتى لو أخطأت مثل يعقوب فإنه يسامحك ويؤدبك ولكن يباركك.
(3) حلم يعقوب (ع10-15):
10فَخَرَجَ يَعْقُوبُ مِنْ بِئْرِ سَبْعٍ وَذَهَبَ نَحْوَ حَارَانَ. 11وَصَادَفَ مَكَاناً وَبَاتَ هُنَاكَ لأَنَّ الشَّمْسَ كَانَتْ قَدْ غَابَتْ. وَأَخَذَ مِنْ حِجَارَةِ الْمَكَانِ وَوَضَعَهُ تَحْتَ رَأْسِهِ فَاضْطَجَعَ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ. 12وَرَأَى حُلْماً وَإِذَا سُلَّمٌ مَنْصُوبَةٌ عَلَى الأَرْضِ وَرَأْسُهَا يَمَسُّ السَّمَاءَ وَهُوَذَا مَلاَئِكَةُ اللهِ صَاعِدَةٌ وَنَازِلَةٌ عَلَيْهَا 13وَهُوَذَا الرَّبُّ وَاقِفٌ عَلَيْهَا فَقَالَ: «أَنَا الرَّبُّ إِلَهُ إِبْرَاهِيمَ أَبِيكَ وَإِلَهُ إِسْحَاقَ. الأَرْضُ الَّتِي أَنْتَ مُضْطَجِعٌ عَلَيْهَا أُعْطِيهَا لَكَ وَلِنَسْلِكَ. 14وَيَكُونُ نَسْلُكَ كَتُرَابِ الأَرْضِ وَتَمْتَدُّ غَرْباً وَشَرْقاً وَشِمَالاً وَجَنُوباً. وَيَتَبَارَكُ فِيكَ وَفِي نَسْلِكَ جَمِيعُ قَبَائِلِ الأَرْضِ. 15وَهَا أَنَا مَعَكَ وَأَحْفَظُكَ حَيْثُمَا تَذْهَبُ وَأَرُدُّكَ إِلَى هَذِهِ الأَرْضِ لأَنِّي لاَ أَتْرُكُكَ حَتَّى أَفْعَلَ مَا كَلَّمْتُكَ بِهِ».
ع10، 11: سار يعقوب فى طريقه من بئر سبع بجنوب كنعان أرض الفلسطينيين إلى حاران التى تقع فى شمال العراق حيث يقيم خاله لابان (خريطة 8)، وبعد أن تعب طوال النهار فى المشى إستراح فى مكان خلوى بالصحراء لأن الشمس كانت قد غابت ولا يمكن السير فى الليل. وكان يشعر بالخوف من تعقب أخيه عيسو له الذى يمكن أن يقتله وشعر أيضًا بالوحدة والغربة فى البرية وفقدانه لرعاية والديه وخيمته المجهزة، ومن التعب نام على الأرض وأخذ حجرًا وجعله كوسادة لرأسه ونام هناك فى هذا التجرد الشديد ولم يبقَ له إلا إيمانه بالله.
ويرمز هذا الحجر للمسيح حجر الزاوية الذى نبنى عليه كل حياتنا.
? عندما تضيق بك الأمور وتفقد الكثير مما تستند عليه من الماديات والعلاقات البشرية فاعلم أن الله حينئذ أقرب ما يكون إليك، فاطلبه واستند عليه فتجد راحتك.
ع12: رأى فى حلم سلمًا يرتفع من الأرض إلى السماء وملائكة صاعدة ونازلة عليه. وهذا السلم يرمز لصليب المسيح الذى ترتفع عليه الملائكة مسبحة الله على فدائه للبشر وتنزل من عليه لتبشر العالم بالمسيح الفادى حتى يؤمنوا به، وهذا السلم أيضًا أى الصليب يرتفع به المؤمنون إلى السماء أما الذين يرفضونه فينحدرون إلى الجحيم.
كما يرمز السلم أيضًا إلى العذراء مريم التى بابنها نرتفع إلى السماء ونبشر العالم باسمه.
ع13-15: سمع يعقوب صوت الله من أعلى السلم وأعلن له أنه إله إبراهيم وإسحق آبائه الذى أعطاهم الوعود وهو الآن يثبت وعده معه هو أيضًا بأن يهبه الأرض التى ينام عليها. ويقصد أرض كنعان كلها كما وعد إبراهيم، ويبارك نسله فيكون كثيرًا جدًا مثل تراب الأرض، ويحفظه فى ذهابه إلى خاله ويعيده إلى أرضه ولا يتركه أبدًا وبنسله تتبارك كل شعوب الأرض أى بالمسيح الآتى من نسله.
والمقصود بحتى فى نهاية (ع15) ليس وقتًا معينًا بعده سيتركه الله ولكنه لن يتركه طوال حياته وسيتمم كل وعوده له.
(4) وعود يعقوب لله (ع16-22):
16فَاسْتَيْقَظَ يَعْقُوبُ مِنْ نَوْمِهِ وَقَالَ: «حَقّاً إِنَّ الرَّبَّ فِي هَذَا الْمَكَانِ وَأَنَا لَمْ أَعْلَمْ!» 17وَخَافَ وَقَالَ: «مَا أَرْهَبَ هَذَا الْمَكَانَ! مَا هَذَا إِلَّا بَيْتُ اللهِ وَهَذَا بَابُ السَّمَاءِ!» 18وَبَكَّرَ يَعْقُوبُ فِي الصَّبَاحِ وَأَخَذَ الْحَجَرَ الَّذِي وَضَعَهُ تَحْتَ رَأْسِهِ وَأَقَامَهُ عَمُوداً وَصَبَّ زَيْتاً عَلَى رَأْسِهِ 19وَدَعَا اسْمَ ذَلِكَ الْمَكَانِ «بَيْتَ إِيلَ». وَلَكِنِ اسْمُ الْمَدِينَةِ أَوَّلاً كَانَ لُوزَ. 20وَنَذَرَ يَعْقُوبُ نَذْراً قَائِلاً: «إِنْ كَانَ اللهُ مَعِي وَحَفِظَنِي فِي هَذَا الطَّرِيقِ الَّذِي أَنَا سَائِرٌ فِيهِ وَأَعْطَانِي خُبْزاً لِآكُلَ وَثِيَاباً لأَلْبِسَ 21وَرَجَعْتُ بِسَلاَمٍ إِلَى بَيْتِ أَبِي يَكُونُ الرَّبُّ لِي إِلَهاً 22وَهَذَا الْحَجَرُ الَّذِي أَقَمْتُهُ عَمُوداً يَكُونُ بَيْتَ اللهِ وَكُلُّ مَا تُعْطِينِي فَإِنِّي أُعَشِّرُهُ لَكَ».
ع16، 17: عندما استيقظ يعقوب من نومه تأكد أن هذا الحلم إعلان حقيقى من الله وأن الله موجود معه فى هذا المكان، فشعر بخشوع وقداسة وفرح أمامه وأعلن أنه مادام الله فى هذا المكان فهو بيته لأن بيت الله هو مكان اجتماعه مع الإنسان بل هو باب السماء. وهذه أول إشارة واضحة للكنيسة بيت الله.
ع18، 19: أخذ يعقوب الحجر الذى نام عليه وأقامه كعمود وصبَّ عليه زيتًا.
والحجر كما ذكرنا يرمز للمسيح صخر الدهور والزيت يرمز للروح القدس ويعنى بصب الزيت تدشين الحجر والمكان إعلانًا أنه مكان الله. ودعا المكان بيت إيل أى بيت الله أما المدينة القريبة من هذا المكان التى دعيت بيت إيل فكانت تسمى قبلاً لوز لكثرة أشجار اللوز بها.
ع20-22: أمام إهتمام الله بيعقوب وظهوره له على السلم، وعد الله إن حفظه فى طريقه إلى حاران وأعاده إلى أرض كنعان التى كان يعيش فيها ودبر له احتياجاته من الطعام والملبس فهو سيقوم بثلاثة أمور :
- أن يظل يعبد الله طوال حياته. وتظهر أهمية هذا الأمر لأن يعقوب وأباه وأمه هم فقط الذين يعبدون الله فى العالم كله وقتذاك.
- أن يبنى مذبحًا لله فى هذا المكان وتصير بيت إيل مكان الله لعبادته.
- أن يعطى الله عشر المقتنيات التى يهبها له.
? ما أجمل أن تقدم وعودًا لله فى كل مناسبة لتحيا معه وترتبط به بوسائل روحية مختلفة فتشجعك على النمو الروحى.