دينة وشكيم
(1) إغتصاب شكيم لدينة (ع1، 2):
1وَخَرَجَتْ دِينَةُ ابْنَةُ لَيْئَةَ الَّتِي وَلَدَتْهَا لِيَعْقُوبَ لِتَنْظُرَ بَنَاتِ الأَرْضِ 2فَرَآهَا شَكِيمُ ابْنُ حَمُورَ الْحِوِّيِّ رَئِيسِ الأَرْضِ وَأَخَذَهَا وَاضْطَجَعَ مَعَهَا وَأَذَلَّهَا.
ع1: بعد استقرار يعقوب بجوار مدينة شكيم، خرجت ابنته دينة لتتعرف على بنات القبيلة الوثنية التى تسكن بجوارهم فى حب استطلاع لتعرف عاداتهن وتختلط بهن مع علمها أنهن شريرات وبعيدات عن الله.
ع2: أذَّلها : اغتصبها.
شكيم : هو أمير القبيلة فى هذه المدينة ابن حمور رئيس القبيلة وهى من قبائل الحويين. وقد رأى شكيم دينة تتمشى فى المدينة فأعجب بجمالها وتحدث معها واستطاع أن يستدرجها حتى اضطجع معها واغتصبها.
? إضبط حب استطلاعك لمعرفة أخبار الشر وأحداث العالم التى يمكن أن تعثرك. لا تترك نفسك لوسائل الإعلام بدون ضابط حتى لا تعرض نفسك للسقوط فى الخطية، فيذلَّك الشيطان ويفقدك طهارتك محاولاً إبعادك عن الله.
(2) حـمور يطلب دينة زوجة لشكيم (ع3-12):
3وَتَعَلَّقَتْ نَفْسُهُ بِدِينَةَ ابْنَةِ يَعْقُوبَ وَأَحَبَّ الْفَتَاةَ وَلاَطَفَها. 4فَقَالَ شَكِيمُ لِحَمُورَ أَبِيهِ: «خُذْ لِي هَذِهِ الصَّبِيَّةَ زَوْجَةً». 5وَسَمِعَ يَعْقُوبُ أَنَّهُ نَجَّسَ دِينَةَ ابْنَتَهُ. وَأَمَّا بَنُوهُ فَكَانُوا مَعَ مَوَاشِيهِ فِي الْحَقْلِ فَسَكَتَ يَعْقُوبُ حَتَّى جَاءُوا. 6فَخَرَجَ حَمُورُ أَبُو شَكِيمَ إِلَى يَعْقُوبَ لِيَتَكَلَّمَ مَعَهُ. 7وَأَتَى بَنُو يَعْقُوبَ مِنَ الْحَقْلِ حِينَ سَمِعُوا. وَغَضِبَ الرِّجَالُ وَاغْتَاظُوا جِدّاً لأَنَّهُ صَنَعَ قَبَاحَةً فِي إِسْرَائِيلَ بِمُضَاجَعَةِ ابْنَةِ يَعْقُوبَ. وَ«هَكَذَا لاَ يُصْنَعُ». 8وَقَالَ لَهُمْ حَمُورُ: «شَكِيمُ ابْنِي قَدْ تَعَلَّقَتْ نَفْسُهُ بِابْنَتِكُمْ. أَعْطُوهُ إِيَّاهَا زَوْجَةً 9وَصَاهِرُونَا. تُعْطُونَنَا بَنَاتِكُمْ وَتَأْخُذُونَ لَكُمْ بَنَاتِنَا 10وَتَسْكُنُونَ مَعَنَا وَتَكُونُ الأَرْضُ قُدَّامَكُمُ. اسْكُنُوا وَاتَّجِرُوا فِيهَا وَتَمَلَّكُوا بِهَا». 11ثُمَّ قَالَ شَكِيمُ لأَبِيهَا وَلإِخْوَتِهَا: «دَعُونِي أَجِدْ نِعْمَةً فِي أَعْيُنِكُمْ. فَالَّذِي تَقُولُونَ لِي أُعْطِي. 12كَثِّرُوا عَلَيَّ جِدّاً مَهْراً وَعَطِيَّةً فَأُعْطِيَ كَمَا تَقُولُونَ لِي. وَأَعْطُونِي الْفَتَاةَ زَوْجَةً».
ع3، 4: استمر شكيم فى محبته لدينة التى زنا معها بل تعلق قلبه بها وأراد الزواج منها، فطلب من والده أن يزوجها له.
ع5: علم يعقوب بما حدث مع ابنته، ولعلها بقيت عند شكيم بعد أن اغتصبها حتى تقدم حمور فى نفس اليوم أو بعده بطلب يدها من أبيها، أو ظلت تخرج لتقابله عدة أيام ثم بقيت عنده وحينئذ جاء حمور ليخطبها لابنه من أبيها. على أى الأحوال فإن يعقوب قد اغتم جدًا ومن هول المصيبة صمت وانتظر حتى يأتى أبناؤه من أعمالهم فى رعى الغنم فيتشاور معهم.
ع6: قرَّر حمور أن يخطب دينة لشكيم ابنه، فاصطحبه معه وزار يعقوب وطلب دينة منه لتكون زوجة لشكيم.
ع7: أثناء زيارة حمور وشكيم ليعقوب لخطبة دينة، وصل أولاد يعقوب بعد انتهاء أعمالهم فى الرعى وسمعوا وعلموا القصة كلها، فغضبوا جدًا لاغتصاب شكيم أختهم دينة وكيف حدثت هذه القباحة فى عائلة أبيهم إسرائيل التى تتميز بالطهارة والبر والحياة النقية مع الله. فهذا الأمر ليس فقط لا يليق بل مصيبة كبيرة لا يتوقعها أحد.
ع8-10: حاول حمور أن يحلّ المشكلة ويخفف من غضب إخوتها بعرضه أن يكون هذا الزواج فاتحة علاقات طيبة بين عائلة إسرائيل وقبيلتهم، فيتحدان فى حياة واحدة ويتاجران معًا وتكون أرضهما واحدة لأن إسرائيل كان غريبًا فى الأرض، فيعتبر هذا نوعًا من الأمان له بهذه المعاهدة والمصاهرة.
ع11، 12: قدّم شكيم ابن حمور عرضًا آخر يظهر محبته وتمسكه بدينة وهو طلبه من يعقوب وأولاده أن يحددوا المهر أى ما يدفع للعروس والعطية التى تقدم لعائلتها حسبما يرون بل يكثرون أيضًا ويطلبون أكبر مهر وعطية وهو مستعد هو وأبوه لإيفاء مطالبهم.
? لا تندفع فى تصرفاتك لئلا تسقط فى خطايا لا يمكن حلها وتسئ إلى الآخرين فلا يسامحونك مهما كانت محاولاتك للحل. إضبط لسانك وتصرفاتك وصلى قبل أن تقدم على شئ وضع دائمًا أمام عينيك مخافة الله حتى لا تخطئ إليه وتسئ إلى أحد.
(3) حديث أولاد يعقوب بمكر (ع13-17):
13فَأَجَابَ بَنُو يَعْقُوبَ شَكِيمَ وَحَمُورَ أَبَاهُ بِمَكْرٍ لأَنَّهُ كَانَ قَدْ نَجَّسَ دِينَةَ أُخْتَهُمْ: 14«لاَ نَسْتَطِيعُ أَنْ نَفْعَلَ هَذَا الأَمْرَ أَنْ نُعْطِيَ أُخْتَنَا لِرَجُلٍ أَغْلَفَ لأَنَّهُ عَارٌ لَنَا. 15غَيْرَ أَنَّنَا بِهَذَا نُواتِيكُمْ: إِنْ صِرْتُمْ مِثْلَنَا بِخَتْنِكُمْ كُلَّ ذَكَرٍ. 16نُعْطِيكُمْ بَنَاتِنَا وَنَأْخُذُ لَنَا بَنَاتِكُمْ وَنَسْكُنُ مَعَكُمْ وَنَصِيرُ شَعْباً وَاحِداً. 17وَإِنْ لَمْ تَسْمَعُوا لَنَا أَنْ تَخْتَتِنُوا نَأْخُذُ ابْنَتَنَا وَنَمْضِي».
ع13: من ضيق أولاد يعقوب مما حدث، فكروا فى خدعة للإنتقام من قبيلة شكيم وليس من شكيم وحده.
ع14-16: تظاهر أولاد يعقوب بالموافقة على زواج دينة من شكيم ولكن أعلموا حمور وابنه أنهم من عوائدهم أن يختتن كل ذكر ولا يمكن التزاوج من أى قبيلة غريبة إن لم يكن ذكورها جميعًا مختتنين. فإن أرادوا زواج دينة من شكيم فلابد أن يختتن كل ذكور قبيلتهم.
ع17: ثم قالوا لحمور وابنه أنه إن لم توافقوا على الختان نأخذ دينة ونمضى إلى خيامنا. وهذا يظهر أن دينة كانت قد بقيت عند شكيم بعد أن اغتصبها سواء فى نفس اليوم أو بعده بأيام.
وهنا يظهر أن أولاد يعقوب، الذين يقودهم شمعون ولاوى، قد استخدموا الدين كخدعة للوصول إلى أغراضهم الشريرة، وهذا أمر خاطئ جدًا أى التظاهر بالتدين لإتمام الشر.
? إعلم أن ممارساتك الروحية أمر خاص بينك وبين الله بل يأمرك المسيح أن تكون فى الخفاء، فلا تحاول إظهار هذه الممارسات أمام الناس أو استخدامها لأى أغراض شخصية فى تعاملك مع كل من حولك أو لإخفاء بعض خطاياك.
(4) حديث حـمور وشكيم لأهل مدينتهم (ع18-24):
18فَحَسُنَ كَلاَمُهُمْ فِي عَيْنَيْ حَمُورَ وَفِي عَيْنَيْ شَكِيمَ بْنِ حَمُورَ. 19وَلَمْ يَتَأَخَّرِ الْغُلاَمُ أَنْ يَفْعَلَ الأَمْرَ لأَنَّهُ كَانَ مَسْرُوراً بِابْنَةِ يَعْقُوبَ. وَكَانَ أَكْرَمَ جَمِيعِ بَيْتِ أَبِيهِ. 20فَأَتَى حَمُورُ وَشَكِيمُ ابْنُهُ إِلَى بَابِ مَدِينَتِهُِمَا وَقَالاَ لأَهْلَ مَدِينَتِهُِمَا: 21«هَؤُلاَءِ الْقَوْمُ مُسَالِمُونَ لَنَا. فَلْيَسْكُنُوا فِي الأَرْضِ وَيَتَّجِرُوا فِيهَا. وَهُوَذَا الأَرْضُ وَاسِعَةُ الطَّرَفَيْنِ أَمَامَهُمْ. نَأْخُذُ لَنَا بَنَاتِهِمْ زَوْجَاتٍ وَنُعْطِيهِمْ بَنَاتِنَا. 22غَيْرَ أَنَّهُ بِهَذَا فَقَطْ يُواتِينَا الْقَوْمُ عَلَى السَّكَنِ مَعَنَا لِنَصِيرَ شَعْباً وَاحِداً: بِخَتْنِنَا كُلَّ ذَكَرٍ كَمَا هُمْ مَخْتُونُونَ. 23أَلاَ تَكُونُ مَوَاشِيهِمْ وَمُقْتَنَاهُمْ وَكُلُّ بَهَائِمِهِمْ لَنَا؟ نُواتِيهِمْ فَقَطْ فَيَسْكُنُونَ مَعَنَا». 24فَسَمِعَ لِحَمُورَ وَشَكِيمَ ابْنِهِ جَمِيعُ الْخَارِجِينَ مِنْ بَابِ الْمَدِينَةِ. وَاخْتَتَنَ كُلُّ ذَكَرٍ – كُلُّ الْخَارِجِينَ مِنْ بَابِ الْمَدِينَةِ.
ع18، 19: وافق شكيم وأبوه على الشرط الذى طلبه أولاد يعقوب وهو ختان كل ذكر وانصرفا من أمامهم لإتمام الأمر، وكان شكيم بمثابة أمير فى قبيلته وله مركز عظيم وبالتالى فكلامه هو وأبيه له تأثير على كل القبيلة.
ع20-23: باب مدينتهم : حيث الساحة التى يجتمع فيها الناس.
وقف حمور وابنه شكيم عند مدخل مدينتهم وتكلموا مع جموع الشعب، فأعلموهم أن يعقوب وعشيرته أناس مسالمون ويمكنهم الإرتباط بهم والتزاوج منهم فيشاركونهم الحياة، ولكن هناك شرط وهو أن يختتن كل الذكور حتى يعيشوا كلهم كأسرة واحدة. ومن فوائد هذا التزاوج بين القبيلتين أن تصير ممتلكاتهم ممتلكات لهم أى لقبيلة شكيم لأنهم سيصبحوا شعبًا واحدًا كبيرًا وله ممتلكات كثيرة. كل هذا ليشجعهم على قبول الأمر.
ع24: كل الخارجين من باب المدينة : جميع رجال المدينة العاملين الذين يخرجون إلى أعمالهم.
من أجل مكانة حمور وشكيم بين الشعب ولأن العرض كان مفيدًا ومقنعًا، وافق أهل المدينة على الختان للتزاوج من أسرة إسرائيل واختتنوا.
? إعرض كلامك بشكل مقنع للآخرين حتى يقبلوه واهتم بمشاعرهم وآرائهم، فعلى قدر ما تحترم آراء الناس يحترمون رأيك ويتفاهمون معك بل يحبون مصاحبتك ومرافقتك.
(5) قتل رجال قبيلة شكيم (ع25-31):
25فَحَدَثَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ إِذْ كَانُوا مُتَوَجِّعِينَ أَنَّ ابْنَيْ يَعْقُوبَ شِمْعُونَ وَلاَوِيَ أَخَوَيْ دِينَةَ أَخَذَا كُلُّ وَاحِدٍ سَيْفَهُ وَأَتَيَا عَلَى الْمَدِينَةِ بِأَمْنٍ وَقَتَلاَ كُلَّ ذَكَرٍ. 26وَقَتَلاَ حَمُورَ وَشَكِيمَ ابْنَهُ بِحَدِّ السَّيْفِ وَأَخَذَا دِينَةَ مِنْ بَيْتِ شَكِيمَ وَخَرَجَا. 27ثُمَّ أَتَى بَنُو يَعْقُوبَ عَلَى الْقَتْلَى وَنَهَبُوا الْمَدِينَةَ لأَنَّهُمْ نَجَّسُوا أُخْتَهُمْ. 28غَنَمَهُمْ وَبَقَرَهُمْ وَحَمِيرَهُمْ وَكُلَُّ مَا فِي الْمَدِينَةِ وَمَا فِي الْحَقْلِ أَخَذُوهُ. 29وَسَبُوا وَنَهَبُوا كُلَّ ثَرْوَتِهِمْ وَكُلَّ أَطْفَالِهِمْ وَنِسَاءَهُمْ وَكُلَّ مَا فِي الْبُيُوتِ. 30فَقَالَ يَعْقُوبُ لِشَمْعُونَ وَلاَوِي: «كَدَّرْتُمَانِي بِتَكْرِيهِكُمَا إِيَّايَ عِنْدَ سُكَّانِ الأَرْضِ الْكَنْعَانِيِّينَ وَالْفِرِزِيِّينَ وَأَنَا نَفَرٌ قَلِيلٌ. فَيَجْتَمِعُونَ عَلَيَّ وَيَضْرِبُونَنِي فَأَبِيدُ أَنَا وَبَيْتِي». 31فَقَالاَ: «أَنَظِيرَ زَانِيَةٍ يَفْعَلُ بِأُخْتِنَا؟».
ع25، 26: بأمن : لم يقاومهما أحد.
قاد شمعون ولاوى عصابة مكونة من عبيدهم وهجموا على مدينة شكيم وقتلوا كل رجالها بما فيهم شكيم وحمور. ولم يقاومهم أحد بسبب توجعهم من عملية الختان لأنهم هجموا فى اليوم الثالث لختانهم وأخذوا أختهم دينة التى كانت فى بيت شكيم.
ع27-29: هجم أيضًا باقى أولاد يعقوب على مدينة شكيم بعد قتل الرجال واشتركوا مع القاتلين فى سلب غنائمهم وسبى نسائهم وأولادهم ليكونوا عبيدًا وجوارى لهم. وهكذا أنهوا هذه القبيلة من الوجود.
ع30: تضايق يعقوب جدًا مما حدث لأنه انتقام غير عادل، فبدلاً من أن يرفضوا الزواج أو يعاقبوا شكيم بأى عقوبة قتلوا رجالاً أبرياء وسبوا نساءهم وأولادهم وسلبوا غنائمهم، فهذا ظلم فظيع. ومن ناحية أخرى خاف من القبائل المجاورة عندما تسمع بما حدث فيقوموا عليه ويقتلوه خاصة وأن عشيرته عددها قليل بالقياس إلى القبائل الكبيرة المحيطة بهم.
ع31: برّر شمعون ولاوى جريمتهم بأنه لا يمكن السكوت على اغتصاب أختهم دينة ومعاملتها كزانية.
? لا تندفع فى غضبك وتقرر قرارات غير حكيمة، بل تريث وفكر وصلى أولاً ليرشدك الله فتصنع مشيئته فلا تندم بسبب غضب الله عليك وغضب الناس أيضًا.