يوسف على عرش مصر
(1) حلما فرعون (ع1-8):
1وَحَدَثَ مِنْ بَعْدِ سَنَتَيْنِ مِنَ الزَّمَانِ أَنَّ فِرْعَوْنَ رَأَى حُلْماً وَإِذَا هُوَ وَاقِفٌ عِنْدَ النَّهْرِ. 2وَهُوَذَا سَبْعُ بَقَرَاتٍ طَالِعَةٍ مِنَ النَّهْرِ حَسَنَةِ الْمَنْظَرِ وَسَمِينَةِ اللَّحْمِ فَارْتَعَتْ فِي رَوْضَةٍ. 3ثُمَّ هُوَذَا سَبْعُ بَقَرَاتٍ أُخْرَى طَالِعَةٍ وَرَاءَهَا مِنَ النَّهْرِ قَبِيحَةِ الْمَنْظَرِ وَرَقِيقَةِ اللَّحْمِ. فَوَقَفَتْ بِجَانِبِ الْبَقَرَاتِ الأُولَى عَلَى شَاطِئِ النَّهْرِ. 4فَأَكَلَتِ الْبَقَرَاتُ الْقَبِيحَةُ الْمَنْظَرِ وَالرَّقِيقَةُ اللَّحْمِ الْبَقَرَاتِ السَّبْعَ الْحَسَنَةَ الْمَنْظَرِ وَالسَّمِينَةَ. وَاسْتَيْقَظَ فِرْعَوْنُ. 5ثُمَّ نَامَ فَحَلُمَ ثَانِيَةً. وَهُوَذَا سَبْعُ سَنَابِلَ طَالِعَةٍ فِي سَاقٍ وَاحِدٍ سَمِينَةٍ وَحَسَنَةٍ. 6ثُمَّ هُوَذَا سَبْعُ سَنَابِلَ رَقِيقَةٍ وَمَلْفُوحَةٍ بِالرِّيحِ الشَّرْقِيَّةِ نَابِتَةٍ وَرَاءَهَا. 7فَابْتَلَعَتِ السَّنَابِلُ الرَّقِيقَةُ السَّنَابِلَ السَّبْعَ السَّمِينَةَ الْمُمْتَلِئَةَ. وَاسْتَيْقَظَ فِرْعَوْنُ وَإِذَا هُوَ حُلْمٌ. 8وَكَانَ فِي الصَّبَاحِ أَنَّ نَفْسَهُ انْزَعَجَتْ فَأَرْسَلَ وَدَعَا جَمِيعَ سَحَرَةِ مِصْرَ وَجَمِيعَ حُكَمَائِهَا وَقَصَّ عَلَيْهِمْ فِرْعَوْنُ حُلْمَهُ. فَلَمْ يَكُنْ مَنْ يُعَبِّرُهُ لِفِرْعَوْنَ.
ع1-4: ارتعت : من الرعى أى أكلت وشربت وشبعت.
روضة : مكان مملوء بالأعشاب والنباتات التى يمكن أن تأكلها الحيوانات.
مرت سنتان بعد خروج رئيس السقاة ورجوعه إلى مركزه بقصر فرعون، فنسى يوسف تمامًا وانشغل بأعماله، ولكن الله الذى لا ينسى أولاده سمح لفرعون أن يرى حلمًا رأى فيه نفسه واقفًا على نهر، وغالبًا يقصد نهر النيل، ونظر سبع بقرات سمينة ومنظرها حسن صعدت من النهر وأخذت تجول فى روضة فأكلت وشبعت منها كما تريد. ثم صعدت بعد ذلك من النهر سبع بقرات نحيفة جدًا وقبيحة المنظر فهجمت على السبع بقرات السمينة وأكلتها، ثم قام فرعون من نومه منزعجًا.
? إلهك الذى يدبر حياتك يحرك العالم كله من أجلك، فيزعج الآخرين أو يعطيهم بركات حتى يحفظك سالمًا فى النهاية ويبارك حياتك ويحرِّك الجميع لخدمتك حتى لو كانوا أعظم الناس أو الرؤساء. فلا تنزعج من ضعفك أو الضغوط التى تمر بك حتى لو قام الناس جميعًا عليك، فأنت محفوظ بين يدى الله المحب والقادر على كل شئ.
ع5-7: ملفوحة : جافة محترقة.
الريح الشرقية : رياح الخماسين التى تهب على مصر من الجنوب الشرقى وتكون ساخنة محملة بالأتربة.
نام فرعون فى نفس الليلة فحلم حلمًا ثانيًا غريبًا، رأى فيه ساق نبات تحمل سبع سنابل ممتلئة بالحبوب الكبيرة ومنظرها جميل. ثم رأى وراءها ساقًا أخرى تحمل سبع سنابل جافة جدًا بل ومحترقة من أثر الرياح الشرقية الساخنة ولاحظ أنها مالت على السنابل الممتلئة وابتلعتها، ثم استيقظ فرعون من حلمه.
ع8: لم يستطع فرعون أن ينام بعد ذلك وظل منزعجًا حتى الصباح، فأرسل واستدعى كل الحكماء والسحرة الذين اشتهرت بهم مصر فى معرفتهم بتفسير الأحلام ليفسروا له حلميه فعجزوا جميعًا عن ذلك.
(2) إحضار يوسف من السجن (ع9-16):
9ثُمَّ قَالَ رَئِيسُ السُّقَاةِ لِفِرْعَوْنَ: «أَنَا أَتَذَكَّرُ الْيَوْمَ خَطَايَايَ. 10فِرْعَوْنُ سَخَطَ عَلَى عَبْدَيْهِ فَجَعَلَنِي فِي حَبْسِ بَيْتِ رَئِيسِ الشُّرَطِ أَنَا وَرَئِيسَ الْخَبَّازِينَ. 11فَحَلُمْنَا حُلْماً فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ أَنَا وَهُوَ. حَلُمْنَا كُلُّ وَاحِدٍ بِحَسَبِ تَعْبِيرِ حُلْمِهِ. 12وَكَانَ هُنَاكَ مَعَنَا غُلاَمٌ عِبْرَانِيٌّ عَبْدٌ لِرَئِيسِ الشُّرَطِ فَقَصَصْنَا عَلَيْهِ فَعَبَّرَ لَنَا حُلْمَيْنَا. عَبَّرَ لِكُلِّ وَاحِدٍ بِحَسَبِ حُلْمِهِ. 13وَكَمَا عَبَّرَ لَنَا هَكَذَا حَدَثَ. رَدَّنِي أَنَا إِلَى مَقَامِي وَأَمَّا هُوَ فَعَلَّقَهُ». 14فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ وَدَعَا يُوسُفَ فَأَسْرَعُوا بِهِ مِنَ السِّجْنِ. فَحَلَقَ وَأَبْدَلَ ثِيَابَهُ وَدَخَلَ عَلَى فِرْعَوْنَ. 15فَقَالَ فِرْعَوْنُ لِيُوسُفَ: «حَلُمْتُ حُلْماً وَلَيْسَ مَنْ يُعَبِّرُهُ. وَأَنَا سَمِعْتُ عَنْكَ قَوْلاً إِنَّكَ تَسْمَعُ أَحْلاَماً لِتُعَبِّرَهَا». 16فَأَجَابَ يُوسُفُ فِرْعَوْنَ: «لَيْسَ لِي. اللهُ يُجِيبُ بِسَلاَمَةِ فِرْعَوْنَ».
ع9: عندما عجز كل الحكماء عن تفسير حلمى فرعون، تذكر رئيس السقاة خطيته نحو يوسف إذ نسيه لمدة سنتين فأسرع إلى فرعون واعترف بخطيته فى حق يوسف.
? عندما تتذكر أى خطية، إسرع بالتوبة عنها وحاول إصلاح ما يمكن إصلاحه واعلم أن الله يفرح برجوعك حتى ولو بعد سنوات طويلة. لا تخجل أن تصلح خطيتك أمام الناس فخلاص نفسك أهم من أى شئ. لا تكتفِ بالاعتراف أمام الكاهن بل أيضًا أصلح ما أفسدته قدر ما تستطيع بإرشاد أبيك الروحى.
ع10-13: قصَّ رئيس السقاة على فرعون ما حدث له فى السجن هو ورئيس الخبازين وكيف حلما فى ليلة واحدة وانزعجا من حلميهما وكيف فسَّرهما يوسف لهما وحدث بالضبط كما قال لهما.
ع14-16: الله يجيب بسلامة فرعون : الله يجعل الأحلام لخير فرعون.
أسرعوا بإحضار يوسف من السجن، فحلق شعره وأبدل ثياب السجن بثياب تليق بمقابلة الملك. ولما حضر أمامه قال له إنى حلمت حلمًا وعجز الكل عن تفسيره وسمعت أنك تستطيع تفسير الاحلام، فحوَّل يوسف المجد لله الذى يعطيه القدرة على التفسير.
إن يوسف يرمز للمسيح بتجسده وفدائه، فكما ألقى يوسف فى السجن والقيود هكذا المسيح حمل قيود خطايانا وصلب من أجلنا. وفى ارتفاع يوسف إلى عرش مصر يرمز للمسيح الذى قام ليقيمنا فيه ويبدل حياتنا كما أبدل ثيابه.
(3) تفسير الحلمين (ع17-32):
17فَقَالَ فِرْعَوْنُ لِيُوسُفَ: «إِنِّي كُنْتُ فِي حُلْمِي وَاقِفاً عَلَى شَاطِئِ النَّهْرِ 18وَهُوَذَا سَبْعُ بَقَرَاتٍ طَالِعَةٍ مِنَ النَّهْرِ سَمِينَةِ اللَّحْمِ وَحَسَنَةِ الصُّورَةِ. فَارْتَعَتْ فِي رَوْضَةٍ. 19ثُمَّ هُوَذَا سَبْعُ بَقَرَاتٍ أُخْرَى طَالِعَةٍ وَرَاءَهَا مَهْزُولَةٍ وَقَبِيحَةِ الصُّورَةِ جِدّاً وَرَقِيقَةِ اللَّحْمِ. لَمْ أَنْظُرْ فِي كُلِّ أَرْضِ مِصْرَ مِثْلَهَا فِي الْقَبَاحَةِ. 20فَأَكَلَتِ الْبَقَرَاتُ الرَّقِيقَةُ وَالْقَبِيحَةُ الْبَقَرَاتِ السَّبْعَ الأُولَى السَّمِينَةَ. 21فَدَخَلَتْ أَجْوَافَهَا. وَلَمْ يُعْلَمْ أَنَّهَا دَخَلَتْ فِي أَجْوَافِهَا. فَكَانَ مَنْظَرُهَا قَبِيحاً كَمَا فِي الأَوَّلِ. وَاسْتَيْقَظْتُ. 22ثُمَّ رَأَيْتُ فِي حُلْمِي وَهُوَذَا سَبْعُ سَنَابِلَ طَالِعَةٍ فِي سَاقٍ وَاحِدٍ مُمْتَلِئَةٍ وَحَسَنَةِ. 23ثُمَّ هُوَذَا سَبْعُ سَنَابِلَ يَابِسَةٍ رَقِيقَةٍ مَلْفُوحَةٍ بِالرِّيحِ الشَّرْقِيَّةِ نَابِتَةٍ وَرَاءَهَا. 24فَابْتَلَعَتِ السَّنَابِلُ الرَّقِيقَةُ السَّنَابِلَ السَّبْعَ الْحَسَنَةَ. فَقُلْتُ لِلسَّحَرَةِ وَلَمْ يَكُنْ مَنْ يُخْبِرُنِي». 25فَقَالَ يُوسُفُ لِفِرْعَوْنَ: «حُلْمُ فِرْعَوْنَ وَاحِدٌ. قَدْ أَخْبَرَ اللهُ فِرْعَوْنَ بِمَا هُوَ صَانِعٌ. 26اَلْبَقَرَاتُ السَّبْعُ الْحَسَنَةُ هِيَ سَبْعُ سِنِينَ. وَالسَّنَابِلُ السَّبْعُ الْحَسَنَةُ هِيَ سَبْعُ سِنِينَ. هُوَ حُلْمٌ وَاحِدٌ. 27وَالْبَقَرَاتُ السَّبْعُ الرَّقِيقَةُ الْقَبِيحَةُ الَّتِي طَلَعَتْ وَرَاءَهَا هِيَ سَبْعُ سِنِينَ. وَالسَّنَابِلُ السَّبْعُ الْفَارِغَةُ الْمَلْفُوحَةُ بِالرِّيحِ الشَّرْقِيَّةِ تَكُونُ سَبْعَ سِنِينَ جُوعاً. 28هُوَ الأَمْرُ الَّذِي كَلَّمْتُ بِهِ فِرْعَوْنَ. قَدْ أَظْهَرَ اللهُ لِفِرْعَوْنَ مَا هُوَ صَانِعٌ. 29هُوَذَا سَبْعُ سِنِينَ قَادِمَةٌ شَبَعاً عَظِيماً فِي كُلِّ أَرْضِ مِصْرَ. 30ثُمَّ تَقُومُ بَعْدَهَا سَبْعُ سِنِينَ جُوعاً فَيُنْسَى كُلُّ الشَّبَعِ فِي أَرْضِ مِصْرَ وَيُتْلِفُ الْجُوعُ الأَرْضَ. 31وَلاَ يُعْرَفُ الشَّبَعُ فِي الأَرْضِ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ الْجُوعِ بَعْدَهُ لأَنَّهُ يَكُونُ شَدِيداً جِدّاً. 32وَأَمَّا عَنْ تَكْرَارِ الْحُلْمِ عَلَى فِرْعَوْنَ مَرَّتَيْنِ فَلأَنَّ الأَمْرَ مُقَرَّرٌ مِنْ قِبَلِ اللهِ وَاللهُ مُسْرِعٌ لِيَصْنَعَهُ.
ع17-24: قصَّ فرعون حلميه على يوسف وأوضح فيهما أن السبع بقرات الرقيقة والقبيحة قد ابتلعت البقرات السمينة ولم يظهر عليها أى تغير بل ظلت كما هى رقيقة وقبيحة، وكذلك السبع سنابل الجافة قد ابتلعت السمينة وظلت كما هى جافة.
ع25-32: فسَّر يوسف الحلمين بأن السبع بقرات السمينة والسبع سنابل الممتلئة هى سبع سنين شبع وخير وفير ستأتى على مصر، ثم يتلوها سبع سنين جوع وهى التى ترمز إليها البقرات السبع والسنابل السبع الرقيقة، وتكرار الحلم لتأكيد المعنى وأنه سيتم قريبًا. وبطريقة لبقة ولطيفة بشَّر فرعون بالله الواحد الذى أعطاه هذه الأحلام وأرسل إليه تفسيرها لينذره فيدبِّر أموره، لأن فرعون كان يؤمن بتعدد الآلهة الوثنية ولم يكن يعرف الله الواحد.
? يمكنك فى حديثك مع الآخرين أن تقدم إلهك دون بشارة واضحة لأنه سيظهر فى محبتك وإيمانك واتكالك عليه فيشعر الكل بالمسيح الحى فيك.
(4) مشورة يوسف وتعيينه رئيسًا لمصر (ع33-46):
33«فَالْآنَ لِيَنْظُرْ فِرْعَوْنُ رَجُلاً بَصِيراً وَحَكِيماً وَيَجْعَلْهُ عَلَى أَرْضِ مِصْرَ. 34يَفْعَلْ فِرْعَوْنُ فَيُوَكِّلْ نُظَّاراً عَلَى الأَرْضِ وَيَأْخُذْ خُمْسَ غَلَّةِ أَرْضِ مِصْرَ فِي سَبْعِ سِنِي الشَّبَعِ 35فَيَجْمَعُونَ جَمِيعَ طَعَامِ هَذِهِ السِّنِينَ الْجَيِّدَةِ الْقَادِمَةِ وَيَخْزِنُونَ قَمْحاً تَحْتَ يَدِ فِرْعَوْنَ طَعَاماً. فِي الْمُدُنِ وَيَحْفَظُونَهُ. 36فَيَكُونُ الطَّعَامُ ذَخِيرَةً لِلأَرْضِ لِسَبْعِ سِنِي الْجُوعِ الَّتِي تَكُونُ فِي أَرْضِ مِصْرَ. فَلاَ تَنْقَرِضُ الأَرْضُ بِالْجُوعِ». 37فَحَسُنَ الْكَلاَمُ فِي عَيْنَيْ فِرْعَوْنَ وَفِي عُيُونِ جَمِيعِ عَبِيدِهِ. 38فَقَالَ فِرْعَوْنُ لِعَبِيدِهِ: «هَلْ نَجِدُ مِثْلَ هَذَا رَجُلاً فِيهِ رُوحُ اللهِ؟» 39ثُمَّ قَالَ فِرْعَوْنُ لِيُوسُفَ: «بَعْدَ مَا أَعْلَمَكَ اللهُ كُلَّ هَذَا لَيْسَ بَصِيرٌ وَحَكِيمٌ مِثْلَكَ. 40أَنْتَ تَكُونُ عَلَى بَيْتِي وَعَلَى فَمِكَ يُقَبِّلُ جَمِيعُ شَعْبِي. إِلَّا إِنَّ الْكُرْسِيَّ أَكُونُ فِيهِ أَعْظَمَ مِنْكَ». 41ثُمَّ قَالَ فِرْعَوْنُ لِيُوسُفَ: «انْظُرْ. قَدْ جَعَلْتُكَ عَلَى كُلِّ أَرْضِ مِصْرَ». 42وَخَلَعَ فِرْعَوْنُ خَاتِمَهُ مِنْ يَدِهِ وَجَعَلَهُ فِي يَدِ يُوسُفَ وَأَلْبَسَهُ ثِيَابَ بُوصٍ وَوَضَعَ طَوْقَ ذَهَبٍ فِي عُنُقِهِ 43وَأَرْكَبَهُ فِي مَرْكَبَتِهِ الثَّانِيَةِ وَنَادُوا أَمَامَهُ «ارْكَعُوا». وَجَعَلَهُ عَلَى كُلِّ أَرْضِ مِصْرَ. 44وَقَالَ فِرْعَوْنُ لِيُوسُفَ: «أَنَا فِرْعَوْنُ. فَبِدُونِكَ لاَ يَرْفَعُ إِنْسَانٌ يَدَهُ وَلاَ رِجْلَهُ فِي كُلِّ أَرْضِ مِصْرَ». 45وَدَعَا فِرْعَوْنُ اسْمَ يُوسُفَ «صَفْنَاتَ فَعْنِيحَ». وَأَعْطَاهُ أَسْنَاتَ بِنْتَ فُوطِي فَارَعَ كَاهِنِ أُونَ زَوْجَةً. فَخَرَجَ يُوسُفُ عَلَى أَرْضِ مِصْرَ. 46وَكَانَ يُوسُفُ ابْنَ ثَلاَثِينَ سَنَةً لَمَّا وَقَفَ قُدَّامَ فِرْعَوْنَ مَلِكِ مِصْرَ. فَخَرَجَ يُوسُفُ مِنْ لَدُنْ فِرْعَوْنَ وَاجْتَازَ فِي كُلِّ أَرْضِ مِصْرَ.
ع33: لم يكتفِ يوسف بتفسير الأحلام ولكنه قدَّم أيضًا حلاً للمشكلة ومشورة لتدبير أمور مصر وهى تشمل الآتى :
- إختيار رجل حكيم ليخزن قمحًا فى سنى الشبع ليأكل منها الناس والدواب فى سنى الجوع.
ع34: 2- يساعد هذا الرئيس الحكيم مجموعة من النظار على كل بلاد مصر ليجمعوا منها خمس غلة الأرض لفرعون، إذ كانوا قديمًا يجمعون العشر لفرعون أما الآن فلأن المحصول سيكون وفيرًا فيمكنهم جمع الخمس.
ع35، 36: 3- يٌبنىَ مخازن فى كل مدن مصر تُجْمَع فيها هذه الغلة من المدن والقرى المحيطة بها طوال سنى الشبع، فتحفظ البلاد من الموت جوعًا فى سنى الجوع.
? عندما تلاحظ أى مشكلة لا تكتفِ بمعرفتها أو تسقط فى إدانة من سبَّبها ولكن قدم الحل إن كنت تستطيع وإن لم تعرف حلاً فاصمت وصلى حتى يتدخل الله.
ع37: أعجب فرعون وكل عبيده المشيرون الذين حوله ليس فقط بتفسير الأحلام ولكن بالحل المنظم الذى قدَّمه يوسف للمشكلة.
ع38، 39: سأل فرعون عبيده هل يوجد رجل حكيم مثل يوسف، فأظهر الجميع إعجابهم به وقرر أمام الكل أنه هو الرجل الحكيم الذى اختاره ليكون رئيسًا ومدبرًا لمصر.
ع40، 41: على فمك يقبِّل جميع شعبى : تعبير عن خضوع الشعب كله له وليس بالمعنى الحرفى.
أعطى فرعون يوسف الرئاسة على القصر الملكى وقَرَّر خضوع الكل له.
ع42-44: خاتمه : خاتم الملك الذى يلبسه فى يده ويختم به على كل الأوامر فتعتمد.
ثياب بوص : ثياب من الكتان الأبيض يلبسها الكهنة والعظماء.
طوق ذهب : علامة العظمة والتكريم.
أركبه مركبته الثانية : أى المقام الثانى بعد الملك مباشرة.
ثبَّت الملك قراره برئاسة يوسف على مصر بخمسة أمور :
- أعطاه خاتمه ليختم به على القرارات الصادرة من الملك لكل مصر.
- ألبسه ثياب من الكتان التى يلبسها عظماء المملكة.
- ألبسه طوقًا ذهبيًا فى عنقه دليل الإكرام الشديد.
- أعطاه المركبة الثانية فى المملكة إعلانًا أنه فى المقام الثانى بعد الملك مباشرة.
- خضوع كل الشعب له وأمرهم أن يسجدوا أمامه عند مروره بينهم.
ع45، 46: صفنات فعنيح : كلمة مصرية قديمة معناها طعام الحياة.
أسنات : منتسبة إلى آلهة الحكمة.
فوطى فارع : المنتسب إلى رع إله الشمس.
أون : أى مدينة الشمس وهى الواقعة الآن نواحى المطرية وعين شمس.
أعطى فرعون اسمًا جديدًا ليوسف إعلانًا لمركزه الجديد كرئيس لمصر وزوَّجه بابنة كاهن، لأن الكهنة كان مقامهم كبيرًا جدًا فى مصر آنذاك. وكان عمره ثلاثين سنة حين ملك على مصر، ثم خرج من قصر فرعون ليباشر أعماله كرئيس لمصر ويدبر شئونها لأن سنى الشبع ستبدأ سريعًا.
(5) سنى الشبع وبدء الجوع (ع47-57):
47وَأَثْمَرَتِ الأَرْضُ فِي سَبْعِ سِنِي الشَّبَعِ بِحُزَمٍ. 48فَجَمَعَ كُلَّ طَعَامِ السَّبْعِ سِنِينَ الَّتِي كَانَتْ فِي أَرْضِ مِصْرَ وَجَعَلَ طَعَاماً فِي الْمُدُنِ. طَعَامَ حَقْلِ الْمَدِينَةِ الَّذِي حَوَالَيْهَا جَعَلَهُ فِيهَا. 49وَخَزَنَ يُوسُفُ قَمْحاً كَرَمْلِ الْبَحْرِ كَثِيراً جِدّاً حَتَّى تَرَكَ الْعَدَدَ إِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَدَدٌ. 50وَوُلِدَ لِيُوسُفَ ابْنَانِ قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَ سَنَةُ الْجُوعِ وَلَدَتْهُمَا لَهُ أَسْنَاتُ بِنْتُ فُوطِي فَارَعَ كَاهِنِ أُونَ. 51وَدَعَا يُوسُفُ اسْمَ الْبِكْرِ مَنَسَّى قَائِلاً: «لأَنَّ اللهَ أَنْسَانِي كُلَّ تَعَبِي وَكُلَّ بَيْتِ أَبِي». 52وَدَعَا اسْمَ الثَّانِي أَفْرَايِمَ قَائِلاً: «لأَنَّ اللهَ جَعَلَنِي مُثْمِراً فِي أَرْضِ مَذَلَّتِي». 53ثُمَّ كَمِلَتْ سَبْعُ سِنِي الشَّبَعِ الَّذِي كَانَ فِي أَرْضِ مِصْرَ. 54وَابْتَدَأَتْ سَبْعُ سِنِي الْجُوعِ تَأْتِي كَمَا قَالَ يُوسُفُ فَكَانَ جُوعٌ فِي جَمِيعِ الْبُلْدَانِ. وَأَمَّا جَمِيعُ أَرْضِ مِصْرَ فَكَانَ فِيهَا خُبْزٌ. 55وَلَمَّا جَاعَتْ جَمِيعُ أَرْضِ مِصْرَ وَصَرَخَ الشَّعْبُ إِلَى فِرْعَوْنَ لأَجْلِ الْخُبْزِ قَالَ فِرْعَوْنُ لِكُلِّ الْمِصْرِيِّينَ: «اذْهَبُوا إِلَى يُوسُفَ وَالَّذِي يَقُولُ لَكُمُ افْعَلُوا». 56وَكَانَ الْجُوعُ عَلَى كُلِّ وَجْهِ الأَرْضِ. وَفَتَحَ يُوسُفُ جَمِيعَ مَا فِيهِ طَعَامٌ وَبَاعَ لِلْمِصْرِيِّينَ. وَاشْتَدَّ الْجُوعُ فِي أَرْضِ مِصْرَ. 57وَجَاءَتْ كُلُّ الأَرْضِ إِلَى مِصْرَ إِلَى يُوسُفَ لِتَشْتَرِيَ قَمْحاً لأَنَّ الْجُوعَ كَانَ شَدِيداً فِي كُلِّ الأَرْضِ.
ع47، 48: بحزم : بوفرة.
كل طعام : خمس الغلة الذى يعطونه لفرعون.
بدأت سنى الشبع السبع فكان المحصول وفيرًا، وجمع النظار التابعون ليوسف خمس غلة الأرض الذى يعطونه فريضة لفرعون، فكانوا يخزنونه فى المخازن التى أقامها يوسف فى المدن لكل ما يجمع من القرى المحيطة، وهذا نظام إدارى ناجح لتسهيل التخزين ثم بيع الغلال فيما بعد للناس وتقليل نفقات النقل والتسهيل على الناس، إذ لم يقم المخازن فى العاصمة بل جعلها منتشرة فى كل المدن وبالتالى أشرك نظار كثيرين فى المسئولية حتى يحاسب كل واحد على عمله.
ع49: بدأ النظار فى كتابة كميات الغلال التى يجمعونها فى بادئ الأمر ولكن زادت كمية الغلال حتى أنهم عجزوا عن كتابتها لوفرتها الشديدة والتى شبهها برمل البحر فى الكثرة.
ع50، 51: أثناء سنى الشبع ولدت أسنات ليوسف ابنين الأول دعاه منسى ومعناه ناسٍ ،لأن الله أنساه كل متاعب العبودية والسجن فى مصر وكذلك المتاعب التى لاقاها من إخوته عندما كان فى بيت أبيه.
ع52: أما ابنه الثانى فدعاه أفرايم ومعناه الثمر المتضاعف لأن الله أعطاه نجاحًا وغنى فى مصر بعدما ذاق ذلّ العبودية والسجن بها.
ع53، 54: انتهت سبع سنى الشبع وبدأ الجوع، ليس فقط فى مصر بل فى البلاد المحيطة بها مثل فلسطين، والمقصود بجميع البلدان أى كل المنطقة المحيطة بمصر وقد يكون هذا بسبب قلة الأمطار فى كل البلاد وهى التى تغذى نهر النيل أيضًا، فبدأ الناس يعانون من الجوع لعدم وجود طعام أما مصر فكان فيها غلال مخزونة.
ع55، 56: ضاق الناس من الجوع فى مصر واشتكوا إلى فرعون الذى أرسلهم إلى يوسف فبدأ يبيع لهم طعامًا من الغلال المخزونة.
ع57: جاء الناس من البلاد المحيطة بمصر عندما سمعوا بوجود طعام فيها وبدأوا يشترون غلالاً من مخازنها.
? كن حكيمًا لتدخر أعمالاً صالحة وعبادة مقدسة فى أيام قوتك أى شبابك وفى كل وقت لك قدرة على العمل أى طوال عمرك حتى إذا ضعفت صحتك وقدرتك تكون أفكارك قد امتلأت بالروحانيات فتتمتع بالمخزون داخلك ولا تجوع أبدًا بنعمة الله الساكنة فيك.