اللقاء الثانى مع يوسف
(1) الحاجة إلى طعام (ع1-14):
1وَكَانَ الْجُوعُ شَدِيداً فِي الأَرْضِ. 2وَحَدَثَ لَمَّا فَرَغُوا مِنْ أَكْلِ الْقَمْحِ الَّذِي جَاءُوا بِهِ مِنْ مِصْرَ أَنَّ أَبَاهُمْ قَالَ لَهُمُ: «ارْجِعُوا اشْتَرُوا لَنَا قَلِيلاً مِنَ الطَّعَامِ». 3فَقَالَ لَهُ يَهُوذَا: «إِنَّ الرَّجُلَ قَدْ أَشْهَدَ عَلَيْنَا قَائِلاً: لاَ تَرُونَ وَجْهِي بِدُونِ أَنْ يَكُونَ أَخُوكُمْ مَعَكُمْ. 4إِنْ كُنْتَ تُرْسِلُ أَخَانَا مَعَنَا نَنْزِلُ وَنَشْتَرِي لَكَ طَعَاماً. 5وَلَكِنْ إِنْ كُنْتَ لاَ تُرْسِلُهُ لاَ نَنْزِلُ. لأَنَّ الرَّجُلَ قَالَ لَنَا: لاَ تَرُونَ وَجْهِي بِدُونِ أَنْ يَكُونَ أَخُوكُمْ مَعَكُمْ». 6فَقَالَ إِسْرَائِيلُ: «لِمَاذَا أَسَأْتُمْ إِلَيَّ حَتَّى أَخْبَرْتُمُ الرَّجُلَ أَنَّ لَكُمْ أَخاً أَيْضاً؟» 7فَقَالُوا: «إِنَّ الرَّجُلَ قَدْ سَأَلَ عَنَّا وَعَنْ عَشِيرَتِنَا قَائِلاً: هَلْ أَبُوكُمْ حَيٌّ بَعْدُ؟ هَلْ لَكُمْ أَخٌ؟ فَأَخْبَرْنَاهُ بِحَسَبِ هَذَا الْكَلاَمِ. هَلْ كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّهُ يَقُولُ انْزِلُوا بِأَخِيكُمْ؟». 8وَقَالَ يَهُوذَا لإِسْرَائِيلَ أَبِيهِ: «أَرْسِلِ الْغُلاَمَ مَعِي لِنَقُومَ وَنَذْهَبَ وَنَحْيَا وَلاَ نَمُوتَ نَحْنُ وَأَنْتَ وَأَوْلاَدُنَا جَمِيعاً. 9أَنَا أَضْمَنُهُ. مِنْ يَدِي تَطْلُبُهُ. إِنْ لَمْ أَجِئْ بِهِ إِلَيْكَ وَأُوقِفْهُ قُدَّامَكَ أَصِرْ مُذْنِباً إِلَيْكَ كُلَّ الأَيَّامِ. 10لأَنَّنَا لَوْ لَمْ نَتَوَانَ لَكُنَّا قَدْ رَجَعْنَا الْآنَ مَرَّتَيْنِ». 11فَقَالَ لَهُمْ إِسْرَائِيلُ أَبُوهُمْ: «إِنْ كَانَ هَكَذَا فَافْعَلُوا هَذَا: خُذُوا مِنْ أَفْخَرِ جَنَى الأَرْضِ فِي أَوْعِيَتِكُمْ وَأَنْزِلُوا لِلرَّجُلِ هَدِيَّةً. قَلِيلاً مِنَ الْبَلَسَانِ وَقَلِيلاً مِنَ الْعَسَلِ وَكَثِيرَاءَ وَلاَذَناً وَفُسْتُقاً وَلَوْزاً. 12وَخُذُوا فِضَّةً أُخْرَى فِي أَيَادِيكُمْ. وَالْفِضَّةَ الْمَرْدُودَةَ فِي أَفْوَاهِ عِدَالِكُمْ رُدُّوهَا فِي أَيَادِيكُمْ. لَعَلَّهُ كَانَ سَهْواً. 13وَخُذُوا أَخَاكُمْ وَقُومُوا ارْجِعُوا إِلَى الرَّجُلِ. 14وَاللهُ الْقَدِيرُ يُعْطِيكُمْ رَحْمَةً أَمَامَ الرَّجُلِ حَتَّى يُطْلِقَ لَكُمْ أَخَاكُمُ الْآخَرَ وَبِنْيَامِينَ. وَأَنَا إِذَا عَدِمْتُ الأَوْلاَدَ عَدِمْتُهُمْ».
ع1، 2: إزدادت المجاعة فى كل أرض كنعان وفرغ القمح الذى اشتراه أولاد يعقوب من مصر فطلب يعقوب منهم أن يسافروا إليها ليشتروا قمحًا فلا يموتون.
ع3-5: ردَّ يهوذا على أبيه بأن رئيس مصر (يوسف) قال لهم لابد أن تحضروا أخاكم الصغير معكم فى المرة القادمة وإلا فلن أقابلكم أو أعطيكم طعامًا.
ع6، 7: عاتب يعقوب أولاده لأنهم أخبروا رئيس مصر أن لهم أخًا أصغر، فردوا عليه أنه سألهم هل لهم إخوة آخرون وعن عشيرتهم وأبيهم ولم يعرفوا أنه سيطلب منهم إحضار هذا الأخ الصغير.
ع8-10: قال يهوذا لأبيه أعطنى بنيامين وأنا أضمن لك أن أرجعه إليك وإلا أصير فى نظرك مذنبًا طوال حياتى. وقد قال هذا ليشجعه ويطمئنه خاصة وأنه أصبح من الضرورى أن يشتروا طعامًا وإلا فسيهلكوا هم وبنيهم. وقال له أيضًا لو كنا أطعنا رئيس مصر وأخذنا أخانا لكنا استطعنا أن نذهب ونشترى قمحًا مرتين وليس مرة واحدة.
? حاول أن تطمئن كل من يعانى من القلق .. قدّم له الأدلة المقنعة وكلمات التشجيع واحتمل قلقه وصلى لأجله حتى يهدأ ولا تتضايق منه لأنك أنت أيضًا مُعَرَّض أن تقلق مثله.
ع11: البلسان : دهن طيب الرائحة.
كثيراء : صمغ يستخدم فى الطب.
لاذنًا : صمغ يستخدم فى الطب.
اضطر يعقوب للموافقة على أخذ بنيامين معهم وقال لهم خذوا معكم هدية من أفخر ما تنتجه أراضى كنعان حتى تسترضون رئيس مصر. وذكر مجموعة من ثمار الأرض مرّ الكلام عن بعضها فى (ص37: 25).
ع12-14: قال لهم أن يأخذوا معهم أيضًا الفضة التى سيشترون بها القمح الجديد مع الفضة التى وجدوها فى عدالهم (ص 42 : 35)، ويأخذوا معهم بنيامين. وصلى لكى يحفظهم الله ويعودوا بشمعون وبنيامين، وفى إستسلام قال ولكن إن فقدت أحدهم فلتكن إرادة الله.
(2) لقاءهم فى بيت يوسف (ع15-34):
15فَأَخَذَ الرِّجَالُ هَذِهِ الْهَدِيَّةَ وَأَخَذُوا ضِعْفَ الْفِضَّةِ فِي أَيَادِيهِمْ وَبِنْيَامِينَ وَقَامُوا وَنَزَلُوا إِلَى مِصْرَ وَوَقَفُوا أَمَامَ يُوسُفَ. 16فَلَمَّا رَأَى يُوسُفُ بِنْيَامِينَ مَعَهُمْ قَالَ لِلَّذِي عَلَى بَيْتِهِ: «أَدْخِلِ الرِّجَالَ إِلَى الْبَيْتِ وَاذْبَحْ ذَبِيحَةً وَهَيِّئْ لأَنَّ الرِّجَالَ يَأْكُلُونَ مَعِي عَِنْدَ الظُّهْرِ». 17فَفَعَلَ الرَّجُلُ كَمَا قَالَ يُوسُفُ. وَأَدْخَلَ الرَّجُلُ الرِّجَالَ إِلَى بَيْتِ يُوسُفَ. 18فَخَافَ الرِّجَالُ إِذْ أُدْخِلُوا إِلَى بَيْتِ يُوسُفَ وَقَالُوا: «لِسَبَبِ الْفِضَّةِ الَّتِي رَجَعَتْ أَوَّلاً فِي عِدَالِنَا نَحْنُ قَدْ أُدْخِلْنَا لِيَهْجِمَ عَلَيْنَا وَيَقَعَ بِنَا وَيَأْخُذَنَا عَبِيداً وَحَمِيرَنَا». 19فَتَقَدَّمُوا إِلَى الرَّجُلِ الَّذِي عَلَى بَيْتِ يُوسُفَ وَكَلَّمُوهُ فِي بَابِ الْبَيْتِ. 20وَقَالُوا: «اسْتَمِعْ يَا سَيِّدِي. إِنَّنَا قَدْ نَزَلْنَا أَوَّلاً لِنَشْتَرِيَ طَعَاماً. 21وَكَانَ لَمَّا أَتَيْنَا إِلَى الْمَنْزِلِ أَنَّنَا فَتَحْنَا عِدَالَنَا وَإِذَا فِضَّةُ كُلِّ وَاحِدٍ فِي فَمِ عِدْلِهِ. فِضَّتُنَا بِوَزْنِهَا. فَقَدْ رَدَدْنَاهَا فِي أَيَادِينَا. 22وَأَنْزَلْنَا فِضَّةً أُخْرَى فِي أَيَادِينَا لِنَشْتَرِيَ طَعَاماً. لاَ نَعْلَمُ مَنْ وَضَعَ فِضَّتَنَا فِي عِدَالِنَا». 23فَقَالَ: «سَلاَمٌ لَكُمْ. لاَ تَخَافُوا. إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ أَبِيكُمْ أَعْطَاكُمْ كَنْزاً فِي عِدَالِكُمْ. فِضَّتُكُمْ وَصَلَتْ إِلَيَّ». ثُمَّ أَخْرَجَ إِلَيْهِمْ شَمْعُونَ. 24وَأَدْخَلَ الرَّجُلُ الرِّجَالَ إِلَى بَيْتِ يُوسُفَ وَأَعْطَاهُمْ مَاءً لِيَغْسِلُوا أَرْجُلَهُمْ وَأَعْطَى عَلِيقاً لِحَمِيرِهِمْ. 25وَهَيَّأُوا الْهَدِيَّةَ إِلَى أَنْ يَجِيءَ يُوسُفُ عَِنْدَ الظُّهْرِ. لأَنَّهُمْ سَمِعُوا أَنَّهُمْ هُنَاكَ يَأْكُلُونَ طَعَاماً. 26فَلَمَّا جَاءَ يُوسُفُ إِلَى الْبَيْتِ أَحْضَرُوا إِلَيْهِ الْهَدِيَّةَ الَّتِي فِي أَيَادِيهِمْ إِلَى الْبَيْتِ وَسَجَدُوا لَهُ إِلَى الأَرْضِ. 27فَسَأَلَ عَنْ سَلاَمَتِهِمْ وَقَالَ: «أَسَالِمٌ أَبُوكُمُ الشَّيْخُ الَّذِي قُلْتُمْ عَنْهُ؟ أَحَيٌّ هُوَ بَعْدُ؟» 28فَقَالُوا: «عَبْدُكَ أَبُونَا سَالِمٌ. هُوَ حَيٌّ بَعْدُ». وَخَرُّوا وَسَجَدُوا. 29فَرَفَعَ عَيْنَيْهِ وَنَظَرَ بِنْيَامِينَ أَخَاهُ ابْنَ أُمِّهِ وَقَالَ: «أَهَذَا أَخُوكُمُ الصَّغِيرُ الَّذِي قُلْتُمْ لِي عَنْهُ؟» ثُمَّ قَالَ: «اللهُ يُنْعِمُ عَلَيْكَ يَا ابْنِي». 30وَاسْتَعْجَلَ يُوسُفُ لأَنَّ أَحْشَاءَهُ حَنَّتْ إِلَى أَخِيهِ وَطَلَبَ مَكَاناً لِيَبْكِيَ. فَدَخَلَ الْمَخْدَعَ وَبَكَى هُنَاكَ. 31ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ وَخَرَجَ وَتَجَلَّدَ وَقَالَ: «قَدِّمُوا طَعَاماً». 32فَقَدَّمُوا لَهُ وَحْدَهُ وَلَهُمْ وَحْدَهُمْ وَلِلْمِصْرِيِّينَ الْآكِلِينَ عِنْدَهُ وَحْدَهُمْ لأَنَّ الْمِصْرِيِّينَ لاَ يَقْدِرُونَ أَنْ يَأْكُلُوا طَعَاماً مَعَ الْعِبْرَانِيِّينَ لأَنَّهُ رِجْسٌ عِنْدَ الْمِصْرِيِّينَ. 33فَجَلَسُوا قُدَّامَهُ: الْبِكْرُ بِحَسَبِ بَكُورِيَّتِهِ وَالصَّغِيرُ بِحَسَبِ صِغَرِهِ. فَبُهِتَ الرِّجَالُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ. 34وَرَفَعَ حِصَصاً مِنْ قُدَّامِهِ إِلَيْهِمْ. فَكَانَتْ حِصَّةُ بِنْيَامِينَ أَكْثَرَ مِنْ حِصَصِ جَمِيعِهِمْ خَمْسَةَ أَضْعَافٍ. وَشَرِبُوا وَرَوُوا مَعَهُ.
ع15-17: قام إخوة يوسف ومعهم بنيامين والفضة والهدية وذهبوا إلى مصر وقابلوا يوسف، فما رآهم ومعهم بنيامين قال لرئيس عبيده الوكيل على بيته أن يدخلهم إلى قصره ليأكلوا معه فأدخلهم.
ع18-22: خاف إخوة يوسف عندما أدخلهم إلى قصره لئلا يقتلوهم هناك لاتهامهم بالجاسوسية أو بسرقة الفضة ثمن القمح الذى اشتروه فى المرة السابقة، فشرحوا لوكيل بيت يوسف ما حدث معهم وكيف وجدوا فضتهم فى عدالهم فأحضروها معهم بالإضافة إلى فضة جديدة لشراء قمح.
ع23-25: طمأنهم رئيس بيت يوسف أن فضتهم قد وصلت إليه، ولعل يوسف قد لقَّنه أن يقول ذلك، ثم رحَّب بهم وقدّم لهم ماءً لغسل أرجلهم وماءً لدوابهم وتمم لهم واجبات الضيافة وهم فى تعجب مما يحدث معهم بل وفى خوف أيضًا، فهيأوا هديتهم ليقدموها ليوسف عند حضوره ليرضى عليهم ويسامحهم. وأخرج رئيس البيت لهم شمعون ليطمئنهم ففرحوا به.
ع26-30: وصل يوسف إلى بيته فأسرع إخوته ليسجدوا أمامه ويقدموا هديتهم، فسألهم عن سلامة أبيهم ثم استفهم منهم عن بنيامين هل هو أخوهم، فأجابوا بالإيجاب فطلب له النعمة والبركة من الله. ولم يحتمل يوسف رؤية بنيامين والكلام معه فأسرع إلى مخدعه ليبكى هناك.
? اجعل مشاعر الحب نحو الآخرين هى المحرك لك فى تعاملاتك معهم وحواراتك، حتى لو كنت حازمًا أحيانًا معهم أو أخفيت مشاعرك إلى حين لتعلمهم شيئًا، ولكن إهتم بالكل ولا تذكر خطاياهم وإساءاتهم.
ع31، 32: غسل يوسف وجهه وخرج للقاء إخوته فى مائدة الطعام، فجلس على مائدة خاصة به كعادة عظماء مصر، وجلس إخوته على مائدة وحدهم خاصة بهم وضيوفه المصريون على مائدة أخرى، لأن عادة المصريين ألا يأكلوا مع الأجانب إما لشعورهم بكرامة خاصة بهم أو لضيقهم من الأجانب الأعداء مثل الهكسوس.
وهنا يرمز يوسف إلى المسيح الذى يقدم جسده ودمه لجميع المؤمنين من أصل يهودى أو أممى.
ع33، 34: أجلس يوسف إخوته بترتيب أعمارهم فتعجبوا جدًا كيف عرف ذلك، ثم أكرمهم كعادة المصريين فى الإكرام بأن رفع لحومًا وأطعمة من على مائدته وأعطى كل واحد منهم ولكنه أعطى أكثر لشقيقه بنيامين إذ أعطاه خمسة أضعاف إخوته. كل هذا وإخوته فى ذهول من أجل هذا الإكرام الغير عادى.
? لكل واحد منا نصيبه المبارك فى المسيح. إحرص على أن تتمتع بهذه البركات الروحية التى يخصك الرب بها وافرح واشكره عليها دائما.