طـاس يـوسـف
(1) الطاس فى عدل بنيامين (ع1-13):
1ثُمَّ أَمَرَ الَّذِي عَلَى بَيْتِهِ قَائِلاً: «امْلَأْ عِدَالَ الرِّجَالِ طَعَاماً حَسَبَ مَا يُطِيقُونَ حِمْلَهُ وَضَعْ فِضَّةَ كُلِّ وَاحِدٍ فِي فَمِ عِدْلِهِ. 2وَطَاسِي طَاسَ الْفِضَّةِ تَضَعُ فِي فَمِ عِدْلِ الصَّغِيرِ وَثَمَنَ قَمْحِهِ». فَفَعَلَ بِحَسَبِ كَلاَمِ يُوسُفَ الَّذِي تَكَلَّمَ بِهِ. 3فَلَمَّا أَضَاءَ الصُّبْحُ انْصَرَفَ الرِّجَالُ هُمْ وَحَمِيرُهُمْ. 4وَلَمَّا كَانُوا قَدْ خَرَجُوا مِنَ الْمَدِينَةِ وَلَمْ يَبْتَعِدُوا قَالَ يُوسُفُ لِلَّذِي عَلَى بَيْتِهِ: «قُمِ اسْعَ وَرَاءَ الرِّجَالِ وَمَتَى أَدْرَكْتَهُمْ فَقُلْ لَهُمْ: لِمَاذَا جَازَيْتُمْ شَرّاً عِوَضاً عَنْ خَيْرٍ؟ 5أَلَيْسَ هَذَا هُوَ الَّذِي يَشْرَبُ سَيِّدِي فِيهِ؟ وَهُوَ يَتَفَاءَلُ بِهِ. أَسَأْتُمْ فِي مَا صَنَعْتُمْ». 6فَأَدْرَكَهُمْ وَقَالَ لَهُمْ هَذَا الْكَلاَمَ. 7فَقَالُوا لَهُ: «لِمَاذَا يَتَكَلَّمُ سَيِّدِي مِثْلَ هَذَا الْكَلاَمِ؟ حَاشَا لِعَبِيدِكَ أَنْ يَفْعَلُوا مِثْلَ هَذَا الأَمْرِ! 8هُوَذَا الْفِضَّةُ الَّتِي وَجَدْنَا فِي أَفْوَاهِ عِدَالِنَا رَدَدْنَاهَا إِلَيْكَ مِنْ أَرْضِ كَنْعَانَ. فَكَيْفَ نَسْرِقُ مِنْ بَيْتِ سَيِّدِكَ فِضَّةً أَوْ ذَهَباً؟ 9الَّذِي يُوجَدُ مَعَهُ مِنْ عَبِيدِكَ يَمُوتُ وَنَحْنُ أَيْضاً نَكُونُ عَبِيداً لِسَيِّدِي». 10فَقَالَ: «نَعَمِ الْآنَ بِحَسَبِ كَلاَمِكُمْ هَكَذَا يَكُونُ. الَّذِي يُوجَدُ مَعَهُ يَكُونُ لِي عَبْداً وَأَمَّا أَنْتُمْ فَتَكُونُونَ أَبْرِيَاءَ». 11فَاسْتَعْجَلُوا وَأَنْزَلُوا كُلُّ وَاحِدٍ عِدْلَهُ إِلَى الأَرْضِ وَفَتَحُوا كُلُّ وَاحِدٍ عِدْلَهُ. 12فَفَتَّشَ مُبْتَدِئاً مِنَ الْكَبِيرِ حَتَّى انْتَهَى إِلَى الصَّغِيرِ. فَوُجِدَ الطَّاسُ فِي عِدْلِ بِنْيَامِينَ. 13فَمَزَّقُوا ثِيَابَهُمْ وَحَمَّلَ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى حِمَارِهِ وَرَجَعُوا إِلَى الْمَدِينَةِ.
ع1: ما يطيقون حمله : إملأها بكثرة قدر ما تستطيع أن تمتلئ.
طلب يوسف من رئيس عبيده أن تملأ عدال إخوته بالقمح بوفرة ويرد ثمنها من الفضة داخل كل عدال، فهو يحبهم جدًا ويريد إكرامهم بكل الطرق.
ع2: طاس : كأس.
لم يستطع يوسف إحتمال مفارقة شقيقه بنيامين فأراد الإحتفاظ به بأن وضع طاسه الفضى فى عدل بنيامين ليمكن إمساكه وإرجاعه إلى يوسف بتهمة السرقة، وحتى يختبر مشاعر إخوته نحو بنيامين هل سيتركونه فى مصر ويعودون أم يتمسكون به، بالإضافة إلى الضغط عليهم لاستكمال توبتهم.
? إبحث عن توبة من حولك بكل الطرق سواء بالتشجيع أو بتنبيههم إلى زوال العالم وخطورة الخطية أو صعوبة الدينونة. حدثهم عن جمال الحياة مع الله وأمجاد السماء وكن مثابرًا لتأتى بهم إلى المسيح.
ع3-6: فى الصباح الباكر أخذ إخوة يوسف عدالهم المملوءة قمحًا وانصرفوا وأوصى يوسف رئيس بيته أن يلحقهم ويوبخهم لأجل سرقة طاسه الذى يعتز به، ففعل كما أمره.
ع7-9: استنكر إخوة يوسف هذا الإتهام الغريب بالسرقة ودافعوا بأن فضتهم التى وجدوها فى عدالهم قد ردّوها إليه ولكنه قال لهم هى بركة من إلهكم، فكيف يسرقون كأس رئيس مصر بعد أن أكرمهم فى بيته، وحكموا بالموت على من يوجد معه وهم جميعًا يصيرون عبيدًا لرئيس مصر. وقد قالوا هذا فى ثقة لتأكدهم من عدم سرقتهم له.
ع10-13: وافق رئيس عبيد يوسف على كلامهم ولكن خفَّف الحكم بأن الذى يوجد معه الطاس يصير هو وحده عبدًا أما الباقين فيكونون أبرياءً. وبدأ بتفتيش عدالهم من الكبير حتى الصغير فوجد الطاس فى عدل بنيامين، فانزعجوا جدًا وعبَّروا عن ذلك بتمزيق ثيابهم ووضعوا عدالهم على دوابهم وعادوا فى ذل شديد مقبوضًا عليهم إلى بيت يوسف.
وهكذا استفادوا من الضيقة التى وضعهم فيها يوسف، فصارت مشاعرهم طيبة نحو بنيامين ولم يفكروا بأنانية كل واحد لمصلحته بالإضافة إلى شعورهم بخطيتهم السابقة نحو يوسف.
(2) يهوذا يفدى بنيامين (ع14-34):
14فَدَخَلَ يَهُوذَا وَإِخْوَتُهُ إِلَى بَيْتِ يُوسُفَ وَهُوَ بَعْدُ هُنَاكَ وَوَقَعُوا أَمَامَهُ عَلَى الأَرْضِ. 15فَقَالَ لَهُمْ يُوسُفُ: «مَا هَذَا الْفَِعْلُ الَّذِي فَعَلْتُمْ؟ أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ رَجُلاً مِثْلِي يَتَفَاءَلُ؟» 16فَقَالَ يَهُوذَا: «مَاذَا نَقُولُ لِسَيِّدِي؟ مَاذَا نَتَكَلَّم وَبِمَاذَا نَتَبَرَّرُ؟ اللهُ قَدْ وَجَدَ إِثْمَ عَبِيدِكَ. هَا نَحْنُ عَبِيدٌ لِسَيِّدِي نَحْنُ وَالَّذِي وُجِدَ الطَّاسُ فِي يَدِهِ جَمِيعاً». 17فَقَالَ: «حَاشَا لِي أَنْ أَفْعَلَ هَذَا! الرَّجُلُ الَّذِي وُجِدَ الطَّاسُ فِي يَدِهِ هُوَ يَكُونُ لِي عَبْداً وَأَمَّا أَنْتُمْ فَاصْعَدُوا بِسَلاَمٍ إِلَى أَبِيكُمْ». 18ثُمَّ تَقَدَّمَ إِلَيْهِ يَهُوذَا وَقَالَ: «اسْتَمِعْ يَا سَيِّدِي. لِيَتَكَلَّمْ عَبْدُكَ كَلِمَةً فِي أُذُنَيْ سَيِّدِي وَلاَ يَحْمَ غَضَبُكَ عَلَى عَبْدِكَ لأَنَّكَ مِثْلُ فِرْعَوْنَ. 19سَيِّدِي سَأَلَ عَبِيدَهُ: هَلْ لَكُمْ أَبٌ أَوْ أَخٌ؟ 20فَقُلْنَا لِسَيِّدِي: لَنَا أَبٌ شَيْخٌ وَابْنُ شَيْخُوخَةٍ صَغِيرٌ مَاتَ أَخُوهُ وَبَقِيَ هُوَ وَحْدَهُ لِأُمِّهِ وَأَبُوهُ يُحِبُّهُ. 21فَقُلْتَ لِعَبِيدِكَ: انْزِلُوا بِهِ إِلَيَّ فَأَجْعَلَ نَظَرِي عَلَيْهِ. 22فَقُلْنَا لِسَيِّدِي: لاَ يَقْدِرُ الْغُلاَمُ أَنْ يَتْرُكَ أَبَاهُ. وَإِنْ تَرَكَ أَبَاهُ يَمُوتُ. 23فَقُلْتَ لِعَبِيدِكَ: إِنْ لَمْ يَنْزِلْ أَخُوكُمُ الصَّغِيرُ مَعَكُمْ لاَ تَعُودُوا تَنْظُرُونَ وَجْهِي. 24فَكَانَ لَمَّا صَعِدْنَا إِلَى عَبْدِكَ أَبِي أَنَّنَا أَخْبَرْنَاهُ بِكَلاَمِ سَيِّدِي. 25ثُمَّ قَالَ أَبُونَا: ارْجِعُوا اشْتَرُوا لَنَا قَلِيلاً مِنَ الطَّعَامِ. 26فَقُلْنَا: لاَ نَقْدِرُ أَنْ نَنْزِلَ. وَإِنَّمَا إِذَا كَانَ أَخُونَا الصَّغِيرُ مَعَنَا نَنْزِلُ لأَنَّنَا لاَ نَقْدِرُ أَنْ نَنْظُرَ وَجْهَ الرَّجُلِ وَأَخُونَا الصَّغِيرُ لَيْسَ مَعَنَا. 27فَقَالَ لَنَا عَبْدُكَ أَبِي: أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ امْرَأَتِي وَلَدَتْ لِي اثْنَيْنِ 28فَخَرَجَ الْوَاحِدُ مِنْ عِنْدِي وَقُلْتُ: إِنَّمَا هُوَ قَدِ افْتُرِسَ افْتِرَاساً. وَلَمْ أَنْظُرْهُ إِلَى الْآنَ. 29فَإِذَا أَخَذْتُمْ هَذَا أَيْضاً مِنْ أَمَامِ وَجْهِي وَأَصَابَتْهُ أَذِيَّةٌ تُنْزِلُونَ شَيْبَتِي بِشَرٍّ إِلَى الْهَاوِيَةِ. 30فَالْآنَ مَتَى جِئْتُ إِلَى عَبْدِكَ أَبِي وَالْغُلاَمُ لَيْسَ مَعَنَا وَنَفْسُهُ مُرْتَبِطَةٌ بِنَفْسِهِ 31يَكُونُ مَتَى رَأَى أَنَّ الْغُلاَمَ مَفْقُودٌ أَنَّهُ يَمُوتُ فَيُنْزِلُ عَبِيدُكَ شَيْبَةَ عَبْدِكَ أَبِينَا بِحُزْنٍ إِلَى الْهَاوِيَةِ 32لأَنَّ عَبْدَكَ ضَمِنَ الْغُلاَمَ لأَبِي قَائِلاً: إِنْ لَمْ أَجِئْ بِهِ إِلَيْكَ أَصِرْ مُذْنِباً إِلَى أَبِي كُلَّ الأَيَّامِ. 33فَالْآنَ لِيَمْكُثْ عَبْدُكَ عِوَضاً عَنِ الْغُلاَمِ عَبْداً لِسَيِّدِي وَيَصْعَدِ الْغُلاَمُ مَعَ إِخْوَتِهِ. 34لأَنِّي كَيْفَ أَصْعَدُ إِلَى أَبِي وَالْغُلاَمُ لَيْسَ مَعِي؟ لِئَلَّا أَنْظُرَ الشَّرَّ الَّذِي يُصِيبُ أَبِي!».
ع14، 15: عندما دخل إخوة يوسف أمامه سجدوا بخوف ورعدة من أجل الجريمة التى ضُبِطوا متلبسين بها، فوبخهم على سرقة طاسه الذى يتفاءل به، سواء كان هذا حقيقيًا أو مجرد توبيخ، إذ أن من عادة المصريين التفاؤل والتشاؤم.
ع16: لم يجد يهوذا دفاعًا يبرِّر به فأعلن عبوديتهم وخضوعهم جميعًا له.
ع17: قال يوسف إنى عادل فلن أستعبد إلا الذى أخطأ وأخذ الطاس، أى بنيامين، أما أنتم فأحرار وعودوا إلى بيوتكم.
ع18-34: قصَّ يهوذا على يوسف كل ما حدث فى حوارهم مع أبيهم ورفضه أن يعطيهم بنيامين لتعلق قلبه به، لأنه ابن شيخوخته، وكيف ضمنه يهوذا. والتمس يهوذا من يوسف أن يأخذه عبدًا عوضًا عن بنيامين لأن أباه لن يحتمل فقدانه فيموت بحزن شديد خاصة وأنه فقد شقيقه الأكبر من زوجته راحيل التى كان يحبها.
وهكذا قدَّم يهوذا نفسه فداءً عن أخيه بنيامين، وهذا إعلان لتحسن يهوذا وإخوته روحيًا وخروجهم من الأنانية ووصولهم إلى الحب الباذل على مثال المسيح الفادى.
? أنظر إلى احتياجات من حولك لتقدم لهم محبة حتى ولو على حساب راحتك، وإن بذلت الكثير فاعلم أنك بهذا تلميذ حقيقى لمسيحك وتستحق مكانًا معه فى السماء.