في اليوم الثاني والعشرون من شهر برمودة من سنة 44 للشهداء (328م) تنيح القديس ألكسندروس، البطريرك التاسع عشر من بطاركة الكرازة المرقسية. ولد بالإسكندرية من أبوين مسيحيين. رسمه البابا مكسيموس اغنسطساً، والبابا ثاؤنا شماساً، والبابا بطرس قساً. وبعد نياحة البابا أرشلاوس، كان قد تقدم في الأيام فانتخبوه بطريركاً ورسموه يوم 3 أبيب سنة 28 للشهداء (312م). فغضب أريوس لأنه كان يطمع في هذه الكرامة. وعندما حاول أن ينال منه الحل، قال البابا لمندوبي أريوس: “لقد أوصاني أبي القديس البابا بطرس ان لا أقبله، فليتب عما ارتكبه من خطية. ومتى قبل الفادي توبته فليعطني علامة لكي أحله”. ولما تمادى أريوس، عقد له البابا مجمعاً لسماع أقواله، فحكم المجمع بتوبيخه وتعنيفه، فلم يستفد. بعدها عقد مجمعاً مؤلفاً من مائة أسقف، وحرمه الجميع عدا أسقفين ليبيين. واستمر الصراع بين البابا ألكسندروس و أريوس حيث أنكر الأخير لاهوت المسيح، ونشر بدعته من خلال التراتيل والألحان. وقد استمال اليه أوسابيوس أسقف نيقوميدية، الذى كان ماكراً فصيحاً. أما البابا فقد عقد عدة مجامع في مختلف البلاد المصرية، وكتب كثيراً من الرسائل، أرفقها برسالة دورية ضمنها عرضاً كاملاً للإيمان الأرثوذكسي وتلخيصاً لبدعة أريوس. هذا وقد تأثر بعض الأساقفة من بلاغة أريوس. فكتبوا للبابا يرجون العفو عنه. فرد البابا برسالة بناها على قول القديس يوحنا الإنجيلي “في البدء كان الكلمة. والكلمة كان عند الله. وكان الكلمة الله”. ورجا من اخوته الأساقفة أن يصادقوا بتوقيعاتهم على ما كتب اسوة بأخوتهم أساقفة آسيا وسوريا وليبيا. وقد أستجاب العديد منهم، مما جعل اوسابيوس يقنع الامبراطور قسطنطين بأن يرسل خطاباً للبابا الاسكندري يطلب حل أريوس، فلم يقبل البابا. ثم بعث البابا الاسكندري برسالة الى ألكسندروس أسقف بيزنطة، يشرح فيها الإيمان القويم، تُعرف بطومس ألكسندروس. وقد بعث بهذا الطومس الى اساقفة المسكونة، فوقع عليه أساقفة مصر وكبادوكيا وبمفيلية وآسيا، وكان عددهم مائتان وخمسين.
ولما اشتد الخلاف كلّف الامبراطور الأسقف أوسيوس، أسقف قرطبة بإسبانيا لإنهاء الخلاف بين البابا ألكسندروس وأريوس، فلم يستطع لإنه اقتنع بكلام البابا ألكسندروس. عندئذ اتفق مع البابا على عقد مجمع مسكوني، وهو المجمع الذي انعقد في نيقية وحضره ثلاثمائة وثمانية عشر أسقفاً، وحكموا بقطع أريوس من الكهنوت، كما وضع المجمع قانون الإيمان وقوانين أخرى، ثم رتب صوم الأربعين وعيد القيامة وحكم في قضايا أخرى.
وبعد انتهاء المجمع عاد البابا الى مقر كرسيه منتصراً. ورعى رعيته أحسن رعاية. ثم تنيح بسلام. وكانت مدة جلوسه على الكرسي خمس عشرة سنة وتسعة أشهر وعشرين يوماً.