“التاريخ هو الحياة” هذه مقولة صادقة جداً، لأن التاريخ ليس مجرد قصص وأحداث بقدر ما هو جذور وأصول، أى مجتمع أو أى شعب، ومن هنا تأتى أهمية دراسة التاريخ، ومعرفة وتسهيل شرحه للأجيال الحديثة وتقديمه موثقاً بصور شيقة، ومتنوعة من أجل الفوائد المرجوه منه.
والشاعر يقول “من وعى التاريخ فى صدره أضاف أعماراً إلى عمره”، إن من يعرف التاريخ يفهم الحاضر ويبنى المستقبل، ففى معرفة التاريخ معرفة الحقيقة، وفهم هذه الحياة التى نحياها، نتعلم الدروس ونفخر بتاريخ إمتد إلى آلاف السنين، وجعل لنا جذوراً ممتدة فى حياة آبائنا الآولين، من معلمين وشهداء ونساك.
وللتاريخ أهمية قصوى نعبر عنها روحياً عندما نصلى المزمور الأول إذ نقول عن الإنسان السائر فى طريق الله “أنه يكون كالشجرة المغروسة على مجارى المياه…” (مز1: 3).
فتاريخ الكنيسة هو بالحقيقة شجرة حية نامية بإستمرار لأنها “مغروسة”، ولها جذور قوية تستمد من خلالها كل ما تحتاجه من غذاء روحى تجده فى أصولها وآبائها وتراثها الذين عاشوا على “مجارى المياه” وتمتعوا بوسائط النعمة الروحية فى حياتهم ومسيرتهم الروحية. فى مجلة الكرمة (وهى مجلة دينية، آدبية تاريخية كانت تصدر شهرياً فى بدايات القرن العشرين، وكان صاحبها ومنشئها الشماس حبيب جرجس). كانت المجلة تهتم بالتوعية التاريخية من خلال جمعية لدرس التاريخ القبطى وركزت على أهمية معرفة التاريخ.
لأن “غير العارف بتاريخ أمته لا يستطيع أن يعرف قيمته ومركزه الذى ينتسب إليه، وبالتالى يجهل عظمتها ولا يعرف فضلها…” هكذا كتب على صفحات مجلة الكرمة عام 1906.
من هنا كان دور مؤسسة القديس مارمرقس لدراسات التاريخ القبطى والتى بدأت نشاطاً دراسياً وعلمياً وبحثياً منذ علم 1998، من مجموعة من آحبائنا المخلصين فى المهجر وقد دعمها فى بداية عملها مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث وعبر السنوات واصلت هذه المؤسسة أعمالها ومؤتمراتها بجوار إصداراتها العديدة ومن بين أنشطة هذه المؤسسة عقدت مؤتمرات دراسية وبحثية متخصصة تم منها ما يلى :
عام 2002 عن وادى النطرون، عام 2004 عن الفيوم وأديرتها، عام 2006 عن سوهاج وأخميم، عام 2008 عن نقادة وقوص، عام 2009 مؤتمر دولى للدراسات القبطية عام 2010 عن أسوان والنوبة.
وفى هذا العام 2013 بنعمة المسيح يقام مؤتمرها عن أسيوط (قسقام) والدير المحرق الذى يستضيف فاعليات هذا الحدث الهام، وقد أصدرت هذه المؤسسة نشاط وإجتهاد عدة إصدارات قيمة عن أعمالها فى هذه المؤتمرات. كما أصدرت عدة مجلدات فاخرة ومصورة وموثقة بإتقان عن توثيق أديرتنا وكنائسنا القديمة. كما قدمت دراسات شاملة وموثقة عن تاريخ الإيبارشيات القبطية وأشتركت مع الجامعة الأمريكية فى إصدار عدة مراجع لها قيمة عالية باللغة الإنجليزية.
ونحن إذ نشكر الله على هذه الأعمال الهامة فإنما نحيى كل من له تعب فيها، ونخص السيد فوزى أسطفانوس منسق هذه الجهود القيمة مع كل الأحباء وهم كثيرون والذين شاركوا ويشاركوا فى أعمال هذه المؤسسة والتى تحتفل هذا العام بمرور 15 سنة على تأسيسها.
وكذلك نشجع كل كنائسنا وأديرتنا والأقباط بصفة عامة على أقتناء هذه الكنوز وتشجيع قراءتها وتقديمها كإهداءات غالية فى مناسباتنا المتنوعة كالنجاح مثلاً خاصة مع غير الأقباط من مصريين وأجانب ليعرف الجميع صفحات مشرقة ولامعة من تاريخنا المصرى المسيحى العريق.