نحتفل بالصليب المقدس ثلاث مرات على مدار العام :
الأولى: 10 برمهات (19 مارس) من كل عام.
الثانية: يوم الجمعة العظيمة، يوم الصليب (متغير التاريخ).
الثالثة: 17 توت (27 ستمبر) من كل عام.
هذا على المستوى الكنسى، ولكن على المستوى الروحى والشخصى نعيش الصليب فى كل يوم وكل ساعة يقول القديس يوحنا ذهبى الفم “الصليب بالنسبة لنا هو عمل المحبة اللانهائية نحو البشر، وعلامة عناية الله غير المنطوق بها”.
ويُعتبر الصليب هو الخلاصة السريعة التى تقدم المسيحية فى كل عقائدها وروحياتها، كما أنها محور الإرتكاز لفهم المسيحية، وقد سُئل أحدهم: هل تؤمن بالمصلوب؟ فأجاب: نعم أؤمن بالذى صلب الخطية، إنه بالحقيقة فخرنا وعلامة حياتنا.
فإذا كان اليهود يتعجبون كيف يحدث الخلاص من ميت على الصليب؟!! وإذا كان الفلاسفة يرون الأمر حماقة إذ كيف يحدث الخلاص من عبد؟!! فإننا نراه مجداً وإكليل إفتخار، لأن فيه حكمة وتدبير الله محب البشر، والإنسان المسيحى مدعو لحمل الصليب فى حياته حتى ينال إكليل المجد، من هذا المنطلق نرى أنواعاً وأنواعاً للصليب فى حياتنا منها :
صليب الدفاع عن الإيمان :
وحمله الكثيرون، ومن أشهرهم البابا أثناسيوس الرسولى (البطريرك العشرون) الذى واجه الهرطقة الأريوسية العتيقة فى القرن الرابع االميلادى بضراوة ودافع عن الإيمان المستقيم، وصار معروفاً بلقب “أثناسيوس ضد العالم” الأريوسى.
صليب الحاجة أو الفقر :
يحمله كثير من المسيحيين ربما بسبب الظروف الإقتصادية أو الإجتماعية أو البيئية ويمثلهم لعازر فى مثل “الغنى ولعازر” الذى نال ظلماً وإستعباداً من ذلك الغنى الذى كان يراه على مرمى البصر وربما كل يوم (لو16: 19-31).
صليب النسك والفقر الإختيارى :
وهو أحد أساسيات الحياة الرهبانية الناجحة، وعاشه آباؤنا عبر الأجيال برضى وإختيار وفرح، عالمين “أنه ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه؟” (مت16: 26)، أحد الأمثلة الشهيرة القديس الأنبا أرسانيوس معلم أولاد الملوك، والذى ترهب بعدما ترك كل ما كان له من رغد العيش ليحيا ناسكاً.
صليب المرض والألم :
فى حياة البعض يكون الصليب قاسياً من وجهة نظرنا كبشر، ولكن الذى يتحمله بشكر ورضا يضع لنفسه إكليلاً فى السماء، حتى أننا كنا نرى المتنيح القمص بيشوى كامل (كاهن الإسكندرية) وهو يعانى من مرض السرطان ويتألم ولكنه يدعوه “مرض الفردوس”!!..
صليب الإحتمال :
سواء فى الحياة الزوجية أو فى الحياة الإجتماعية أو الحياة الكنسية، حتى أننا نصلى فى صلاة باكر كل يوم “…محتملين بعضكم بعضاً فى المحبة” (أف4: 2)، وعلى سبيل المثال نتذكر والدة القديس أغسطينوس البارة مونيكا وهى تحتمل فى أسرتها زوجها الذى كان غير مؤمن وإبنها الذى كان شارداً، وبدموعها وبصلواتها وإحتمالها عاد الأثنان إلى حظيرة الإيمان.
صليب الكرازة :
والذى يحمل الإيمان بالمسيح لكل إنسان حتى يحيا فى فرح الخلاص من الخطية التى مسحها بالصليب… وها هو بولس الرسول الكارز العظيم يقول “وأما من جهتى، فحاشا لى أن أفتخر إلا بصليب ربنا يسوع المسيح، الذى به قد صلب لعالم لى وأنا للعالم” (غلا6: 14).