كلمة البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعى فى استقبال قداسة البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية بكركى فى 27 مارس 2014م
صاحب القداسة
- ألمنا أن نكون ألتقينا صباح اليوم فى صلاة الوداع المؤثرة لراحة نفس المثلث الرحمة مار أغناطيوس زكا الأول عيواص ، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق ، الرئيس الأعلى للكنيسة السريانية الأرثوذكسية فى العالم ، الذى أحببناه واحترمناه وتعاونا معه ومع رعاة كنيسته وشعبها بروح الإخوة والمحبة . 2. لكننا نتعزى ونفرح بلقائنا الروحى والأخوى والكنسى الذى يجمعنا فى هذا المساء مع نيافة الكردينال Kurt Kock رئيس المجلس الحبرى لوحدة المسيحيين ، وأصحاب الغبطة البطاركة ، وسيادة السفير البابوى فى لبنان ، وأصحاب السيادة ممثلى أخواننا البطاركة الذين تعثر عليهم الحضور ، إما بداعى السفر ، وإما لدواعٍ قاهرة .
فباسم أبينا البطريرك الكاردينال مار نصر الله بطرس وأسرة هذا الكرسى البطريركى المارونى من أساقفة وكهنة ورهبان وراهبات وموظفين ، أرحب بكم ، صاحب القداسة ، وبهذه الوجوه العزيزة من أباء الكنيسة الذين شرفونا بحضورهم ، كما أرحب بالوفد المرافق لقداستكم من مطارنة وأباء ومدنيين . 3. هذا اللقاء الكنسى المسكونى عزيز على قلبنا ، لأنه يشكل لنا مناسبة فريدة ، كنا ننتظرها بفارغ الصبر ، لكى نقرأ سوية ، فى ضوء إنجيل ربنا يسوع المسيح وعلى أنوار الروح القدس وعلى أساس خبرتنا التاريخية المشترك ووجودنا ، بإرادة إلهية فى مصر والأراضى المقدسة ولبنان وسوريا والعراق وسائر بلدان الشرق الأوسط والعالم العربى ، منذ عهد المسيح الرب والرسل وولادة الكنيسة . ففيما يتخبط عالمنا العربى المشرقى فى أزماته الدامية المتنوعة ، نرجو أن تتحول أزماته هذه إلى آلام مخاض ، يولد منها عالم متجدد بالقيم الروحية والإنسانية والوطنية . رجاؤنا هذا يرتكز على إيماننا بإنجيل يسوع المسيح الخلاصى ، إنجيل المحبة والإخوة ، إنجيل الحقيقة والحرية ، إنجيل العدالة والسلام . ويحتم علينا هذا الإنجيل أن نكون صوتاً واحداً فى إعلانه والشهادة له ، وبدء واحدة فى مساعدة أبناء أوطاننا العربية ، شعوباً ومسئولين ، ليجتازوا بالحوار والتفاوض ، على أساس من الحقيقة والثقة ، وبروح المصالحة ، هذه المرحلة التاريخية الصعبة والحاسمة . ونساعدهم لكى يسيروا نحو إحلال سلام عادل وشامل ودائم ، وبناء أوطان تحترم كرامة الإنسان ، وقدسية الحياة البشرية ، والتعددية ، وقيم الحرية المعطاة لنا من الله كهبة ثمينة ، ولا سيما حرية التعبير والرأى والإيمان والعبادة .
- ولابد من أن نجدد قوانا وجهودنا فى عمل كنائسنا المسكونى المشترك ، سواء بالشكل المباشر ، أم بواسطة مجلس كنائس الشرق الأوسط الذى نوليه ثقتنا ودعمنا ، فيأتى عملنا المباشر ، ومن خلال مجلس الكنائس ، ليعزز المسكونة الروحية ، ومسكونية الخدمة ، والمسكونية الراعوية ، من أجل أزدهار كنائسنا واحياء هوياتها ورسالاتها ، والمحافظة على ابنائنا وبناتنا فى هذه الأرض المشرقية التى باركها الله ، وتجلى عليه سره ، ومنها أطلق تدبيره الخلاصى ، وأعلن إنجيل الإخوة والسلام
. 5. وأننا ندرك تمام الإدراك أن رسالتنا فى هذا الشرق العربى هى أن نكون مع إخواننا المسلمين بكل إخوة وتعاون ، عيشاً مشتركاً تغنيه القيم المسيحية والقيم الإسلامية . وفى عالم ملتوٍ ومغرض يدعو ويعمل ويجهد فى سبيل إزكاء الصراع بين الأديان والثقافات والحضارات ، فإن رسالتنا ، كمسيحيين ومسلمين ، فى هذه البقعة من العالم ، أن نظهر إمكانية العيش الهادئ وحوار الحياة والثقافة والمصير بين المسيحيين والمسلمين وسواهم من أبناء الديانات الأخرى . قداسة البابا تواضروس ، أيها الأخوة الأباء الأحباء نشكر عناية الله التى جمعتنا ، ونودع من جديد روح أخينا البطريرك مار أغناطيوس الأول فى أحضان رحمة الآب السماوى ، راجين أن يكون لقاؤنا نقطة أنطلاق لمسيرتنا الكنسية المشتركة فى الشهادة لإنجيل المسيح الخلاصى فى شرقنا المعذب والمحبوب وأهلاً وسهلاً بكم !