خمسة وأربعـون عامًا تمر على انتصار السادس من أكتوبر 1973م، وهو بدون أدنى شك من الأيام الفاصلة والفارقة فى تاريخ الوطن، وأصبح من ذكريات الوطن الخالدة، ومن أعـيادنا الوطنية المجيدة، لأن هذا الانتصار العـظيم بقدرات القوات المسلحة الباسلة هو ملحمة وطنية خالدة، أعادت للوطن هيبته وكرامته وعزته، وتتجلى فيها قيمة الإرادة والصلابة والصمود، والتفوق والعـبقرية المصرية، وعبقرية مصر أن جيشها وشعـبها كيان واحد متماسك ومترابط.
ولقد كانت حرب أكتوبر حرباً دفاعـية ودارت معاركها على أرض سيناء المباركة، لاسترداد اراضينا المحتلة وحقوقنا المسلوبة، والدفاع عـن الوطن واجب مقدس، وتلبية نداء الوطن هو واجب وطنى لكل ابنائه .. ولقد جمعت المحبة الوطنية كل الجنود المصريين معاً بدون تفرقة لكى يتقدموا صفاً واحداُ ويدا واحدة دفاعا عن مصر وشعبها حتى تحقق النصر للوطن كله.
واسم مصر له رنين خاص يخفق له القلب،ويتكون من ثلاثة حروف، وقد تأمل أحد الكتاب فى اسم مصر وقال:(الميم) منارة وحضارة، و(الصاد) صولجان وجلالة، و(الراء) راية خفاقة.. وراية الوطن الخفاقة (العلم المصري) دائماً يظلل كل المصريين، ويضمنا جميعاً دون تفرقة، وقد ارتفع علم مصر فوق أرض سيناء فى انتصار السادس من اكتوبر، ويتكون من ثلاثة ألوان رئيسية: الأسود والأبيض والأحمر: الأسود يرمز للأرض الطينية المرتبطة بنهر النيل مصدر حياة المصريين، والأبيض رمز السلام لأن تاريخ المصريين يظهر أنهم شعب محب للسلام على الدوام، والأحمر رمز للدم الغالى الذى قدمه المصريون ثمناً للحرية من براثن الاستعمار والاحتلال والغزاة بكل صورهم واشكالهم. ومصر صاحبة التاريخ المجيد والعريق، قد تباركت أرضها بقدوم العائلة المقدسة إليها فى بداية القرن الأول الميلادي، وتنقـلت خلال هذه الرحلة فى أرض مصر، شمالاً وجنوبًا وشرقًا وغربًا.. وفوق روابى ووديان أرض مصر الطيبة، وعلى ضفاف نيلها العـظيم، وجدت العائلة المقدسة الأمان والحماية والسلام. ومنحت العائلة المقدسة البركة لأرض مصر وشعبها .. كما ورد بالكتاب المقدس «مُبَارَكٌ شَعْبِى مِصْرُ» (إشعياء 19 : 25)، وستظل مصر هى الأرض المباركة وواحة الأمان على مر العصور والأزمان.
ومصر لها مكانة خاصة بين دول العالم، فالعالم كله محفوظ فى يد الله ولكن مصر محفوظة فى قلب الله، برعايته لها واهتمامه بها، ومصر أيضاً لها وضعية خاصة فى التاريخ والجغرافيا والحضارة، ونحن كمصريين نرتبط بأرض مصر وبنيلها العظيم، ونهر النيل ليس فقط نهرا يأتى بالمياه، لكنه نهر حياة وتاريخ أيضاً.
وقد تعرضت مصر طوال تاريخها الطويل، لحروب وهجوم من غـزاة ومحتلين ومستعمرين كثيرين، ولكن مصر بمشيئة الله كانت وستظل دائماً مقـبرة الغـزاة.. وشعبها العظيم استطاع طوال تاريخه أن يحول كل محنة إلى منحة، وكل هـزيمة إلى عـزيمة، وكل نكسة إلى عـبور..
والانسان المصرى يتميز على مر العصور بالصبر والجلد والإرادة، وبحب الوطن وحب العمل، فهو صانع الحضارة القديمة ومنها الأهرامات والمسلات وما تظهره الآثار المصرية القديمة من تاريخ وأمجاد، وهو صانع انتصار اكتوبر العظيم، وهو أيضاً صانع الحضارة الحديثة ومنها السد العالى وقناة السويس الجديدة وما نعاصره من مشروعات قومية عملاقة، لأن بناء الوطن لا يقل أهمية عن تحرير الأرض.
وفى هذه الذكرى المجيدة نوجه التحية لشهداء الوطن وكل الجرحى والمصابين فى كل الحروب التى خاضها الوطن دفاعاً عن ترابه واستقلاله وسلامة أراضيه، والتحية أيضاً لأسر الشهداء والمصابين، والتحية أيضاً لكل القيادات والضباط والجنود أبطال حرب أكتوبر الذين قدموا أروع الأمثلة للإنتماء والتضحية ولدورهم البطولى فى الدفاع عن الوطن الغالى وشعبه العظيم، ونتوجه بالتحية والتهنئة لجيش مصر الباسل وشعـبها العـظيم وقائد مسيرتها الرئيس عبد الفتاح السيسى رئيس كل المصريين، ومصر الآن تحت قيادته الحكيمة صارت تجمع ما بين روح انتصار السادس من أكتوبر وروح إرادة الثلاثين من يونيه .. إنها روح الإرادة والانتصار المتجددة لشعـب مصر العـظيم .. ونطلب من الله سلاماً واستقراراً وتقدماً ورخاء لبلادنا العزيزة مصر، ونطلب لكل البلاد المحيطة بنا والتى تتعرض لنزاعات أو صراعات أو حروب أن يعود إليها الأمن والاستقرار .. وكل عام ومصر وكل المصريين بكل خير وسلام.