مع كل ذكرى تمر على حرب السادس من أكتوبر 1973م، تتجدد ذكريات وبطولات العـبور والنصر .. العـبور إلى الضفة الشرقية لقناة السويس .. ورفع العـلم المصرى عاليا خفاقا على أرض سيناء المباركة .. وحرب أكتوبر ليست مجرد حرب لتحرير الأرض ولكنها أيضا نقطة تحول كبرى فى تاريخ الوطن .. وصفحة خالدة فى تاريخنا .. وملحمة وطنية من أروع الملاحم المصرية .. وستظل راسخة فى ذاكرة التاريخ .. ليس فقط فى تاريخنا الحديث ولكن على مر تاريخنا كله .. وهى أيضا ملحمة تعـبر عن وحدة الوطن والمحبة الوطنية .. إذ تتجلى فيها بوضوح وعمق معانى الوطنية والإرادة، والصلابة والصمود، وقيم الانتماء والتلاحم والترابط بين كل فئات الشعب وكل طوائف المجتمع ..
ولقد كانت حرب أكتوبر معركة فاصلة فى تاريخنا الحديث، أحدثت تغييرات عميقة كان لها انعكاساتها على المنطقة والعالم، وكان من نتائجها أن بدأت عمليات السلام تأخذ مجراها فى المنطقة .. ومن الناحية الاقتصادية أدرك العـالم أهمية التعاون والتضامن العـربى وتأثير النفط العـربى .. ومن الناحية الوطنية أدرك المصريون أن سر قوتهم فى وحدتهم .. وأن سر الانتصار يكمن فى مساندة الشعـب المصرى العـظيم ووقوفه إلى جانب جيشه الباسل .. وأن التلاحم والترابط والتماسك الوطنى هو السـر الكامن فى انتصارات المصريين طوال تاريخهم الطويل .. واستطاع الشعـب المصرى العريق ببطولات جيشه الباسل ودماء شهدائه وبسواعد وعرق ابنائه ان يحول الهزيمة الى نصر عظيم يضع مصر وشعبها العريق فى المكانة التى تستحقها بين الأمم .. والشعب المصرى العظيم خلال تاريخه الممتد فى عمق التاريخ لآلاف السنين، يتميز بثلاث صفات بارزة بأنه : صانع الحضارات .. وصانع الانتصارات .. وصانع الإنجازات ..
الشعب المصرى صانع الحضارات :
لقد تميز المصريون القدماء بالسبق الحضاري، هم صناع حضارة ونهضة قبل غيرهم من الشعوب والأمم، هم بناة الأهرام، والمعابد، والمسلات .. وبرعوا فى كثير من العلوم والفنون ومنها: الطب والصيدلة والكيمياء والفلك والعمارة والنحت والنقش على الاحجار والموسيقى وكثير غيرها .. وخلال التاريخ نشأت حضارات متعاقبة .. وتميزت الشخصية المصرية بأنها تجمع طبقات متراصة من الحضارات والثقافات .. حتى قيل إن الحضارة تحت جلود المصريين …
وقد ذكر اسم مصر ومشتقاته فى الكتاب المقدس أكثر من سبعمائة مرة، وقد باركها الله بقوله مبارك شعبى مصر (إشعياء 19 : 25) وقد تباركت مصر برحلة العائلة المقدسة إليها، وستظل مصر واحة للأمن والأمان والسلام والاستقرار ..
الشعب المصرى صانع الانتصارات :
طوال التاريخ كانت مصر ملاذا وملجأ للهاربين واللاجئين إليها، والشعب المصرى يتصف بالسماحة والتسامح، وضيافة الغرباء، وإكرام الضيف، ولكن فى الوقت نفسه كانت مصر مقبرة للغزاة، وقدمت مصر «شعبا وجيشا» أروع الأمثلة فى التصدى للغزاة والمستعـمرين والمحتلين، ومنها التصدى للعدوان الثلاثى 1956م، وحرب الاستنزاف، وانتصار اكتوبر 1973م ، والحرب ضد الإرهاب ، وغيرها.
إن الشعب المصرى العظيم يدرك أن قواته المسلحة ورجال الشرطة هما الدرع الواقية لمصر من كل التهديدات والمخاطر، وأن قواته المسلحة والشرطة الباسلة هما حائط الصد المنيع أمام أى محاولات للنيل من مصر صاحبة أقدم وأعرق الحضارات الإنسانية العظيمة التى انطلقت منذ آلاف السنين ..
الشعب المصرى صانع الإنجازات :
لا شك أن معركة البناء والتنمية هى معـركة العـبور نحو المستقبل، وفى هذا المجال قدم المصريون إنجازات عملاقة ومشروعات قومية كبري، منها : السد العالي، ومترو الأنفاق، وإنشاء المدن الصناعية، وقناة السويس الجديدة، ومشروع إنشاء الأنفاق تحت قناة السويس، وإنشاء العاصمة الإدارية الجديدة، وشبكات الطرق والكباري، ومشروع المليون ونصف مليون فدان، والحملات القومية لحماية صحة المواطن، ومشروع إصلاح وتطوير التعليم، ومشروعات الإسكان وبناء المدن الجديدة، ومشروع تنمية سيناء، وكثير غيرها ..
وعلى الشعب المصرى العظيم صانع الحضارات .. وصانع الانتصارات .. وصانع الإنجازات .. أن يحافظ على وطنه وعلى سلامته وأمنه وأمانه، وأن يحافظ على روح أكتوبر المجيدة .. بأن نظل متماسكين ومترابطين وواثقين فى القيادة السياسية الواعية .. وأن نعمل بكل الجدية، وكل الجهد، فى معركة البناء والتنمية، معركة العبور نحو المستقبل التى يقودها الرئيس عبد الفتاح السيسى من أجل تقدم ورفعة مصر إقليميا ودوليا ..
وفى هذه الذكرى المجيدة نوجه التحية لشهداء الوطن وكل الجرحى والمصابين فى كل الحروب التى خاضها الوطن دفاعا عن ترابه واستقلاله وسلامة أراضيه، والتحية أيضا لأسر الشهداء والمصابين، والتحية أيضا لجميع القيادات والضباط والجنود أبطال حرب أكتوبر الذين قدموا أروع الأمثلة للانتماء والتضحية ولدورهم البطولى فى الدفاع عن الوطن الغالى وشعبه العظيم، ونتوجه بالتحية والتهنئة لجيش مصر الباسل وشعـبها العـظيم وقائد مسيرتها الرئيس عبد الفتاح السيسى رئيس كل المصريين، ومصر الآن تحت قيادته الحكيمة صارت تجمع ما بين روح انتصار السادس من أكتوبر وروح إرادة الثلاثين من يونيو .. إنها روح الإرادة والانتصار المتجددة لشعـب مصر العـظيم .. ونطلب من الله سلاما واستقرارا وتقدما ورخاء لبلادنا العزيزة مصر .. ولا خوف على هذا الوطن المحفوظ فى قلب الله .. وسيظل آمنا قويا مستقرا بمشيئة الله .. وحفظ الله مصر من كل سوء ..
ونطلب لكل البلاد المحيطة بنا والتى تتعرض لنزاعات أو صراعات أو حروب أن يعود إليها الأمن والاستقرار والسلام .. وكل عام ومصر وكل المصريين بكل خير وسلام.