نعى قداسة البابا تواضروس الثاني مثلث الرحمات نيافة الأنبا إيساك الأسقف العام الذي تنيح أمس وأقيمت صلوات تجنيزه ظهر اليوم، وأشاد قداسته بالنموذج الرهباني والإنساني الرائع الذي قدمه الأب الأسقف الجليل المتنيح.
جاء ذلك خلال اجتماع الأربعاء الأسبوعي الذي عقده قداسته في كنيسة السيدة العذراء والقديس الأنبا بيشوي بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية مساء اليوم.
وقال قداسة البابا في نعيه: “ودًّعنا اليوم أحد أحبار الكنيسة الأجلاء والأحباء لقلوبنا جميعًا مثلث الرحمات نيافة الأنبا إيساك الأسقف العام والمدبر الروحي والأب الروحي لدير القديس مكاريوس السكندري في جبل القلالي في محافظة البحيرة، هذا الأسقف المبارك والشيخ الوقور عاش حياته هادئًا وصامتًا رغم أنه تعرّض لمتاعب كثيرة جدًّا، متاعب من الخارج ومن الداخل، ورغم أنه خدم في بلاد كثيرة، خدم في مصر طبعًا، وخدم في إنجلترا وفي السودان، وخدم في بلاد كثيرة جدًّا، لكن ربنا سمح في سنواته العشرة الأخيرة أن يستقر في دير القديس مكاريوس السكندري، وهو أحد الأديرة الحديثة، وصار هناك مدبرًا وأبًا روحيًّا ومرشدًا ومن خلاله كان يساعد نيافة الأنبا باخوميوس – ربنا يعطيه الصحة، من خلاله بدأ ينقل الحياة الرهبانية الأصيلة، الأنبا إيساك راهب من ٦٠ سنة – بعضكم أصغر من ذلك، فشرب البرية وشرب الرهبنة بقدر رائع، وقدم هذه الخبرة، يا لسعادة آباء هذا الدير لأنهم أخذوا هذه الخبرة، نعزي نفوسنا، ونطلب صلواته وهو في السماء.
نعزي نيافة الأنبا باخوميوس، ونعزي الآباء رهبان هذا الدير، ونعزي أيضًا ديره الذي نشأ فيه (دير السريان) ونيافة الأنبا متاؤس أسقف ورئيس الدير، وأيضًا كل الآباء الأحباء في دير السريان العامر”.
قداسة البابا بمناسبة عيد النيروز: من براعة الأقباط أن يربطوا الطعام (البلح والجوافة) بالإيمان بالأعياد والمناسبات
هنأ قداسة البابا أبناء الكنيسة بمناسبة عيد النيروز الذي يحل يوم الأحد المقبل. جاء ذلك خلال عظة اجتماع الأربعاء الأسبوعي الذي أقيم مساء اليوم، في كنيسة السيدة العذراء والقديس الأنبا بيشوي بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية.
وقال قداسته في التهنئة: “الأحد القادم سنحتفل بعيد النيروز، رأس السنة القبطية، سنة الشهداء، أو التقويم القبطي في العام الجديد ١٧٣٩، وهو من الأعياد الثابتة في الكنيسة، في ١ توت وبداية السنة بشهورها القبطية وبالنظام الكنسي الذي فيها، أهنئكم جميعًا، وهذا العيد نحتفل به لمدة ١٧ يومًا حتى عيد الصليب.
واحتفالنا ببداية سنة جديدة هو احتفال حلو، فيه كنائس كثيرة تسهر ليلًا وتقوم بسهرة تسبحة، وكنائس كثيرة تستعد له، ومن براعة الأقباط عبر التاريخ أنهم اتّخذوا من السنة التي اعتلى فيها دقلديانوس عرش الإمبراطورية الرومانية، وكانت في سنة ٢٣٤ ميلادية، فاتّخذوها وسموها سنة ١ للشهداء، لأن دقلديانوس كان إمبراطور طاغية وفي عهده استشهد أعداد بالمئات، ليس في مصر فقط ولكن في أرجاء الإمبراطورية الرومانية. فالأقباط بكل براعة جعلوا هذا التاريخ كبدء سنة قبطية، وبقية الشهور نعرفها: توت بابه هاتور… ، وصارت السنة القبطية التي نحتفل بها كل سنة.
ومن براعة الأقباط أيضًا أنهم استخدموا ما هو نتاج الأرض في هذا الوقت (سبتمبر الجاري) وأكثر شيئين موجودين: البلح والجوافة، وحتى الترانيم في مدارس الأحد (يا بلح لونك أحمر..)، وهذه براعة أن نربط الطعام بالإيمان بالمناسبات والأعياد ونحيا بها هكذا، حتى الإنسان البسيط يعرف أنه وقت الجوافة والبلح، وفي كنائسنا بالخارج لا يوجد في بلادهم الجوافة، فيستورودها منا ويوزعوها على أطفالنا في مدارس الأحد، فتثبت داخلهم المعاني الروحية مع الترانيم الروحية، كل سنة وأنتم طيبين، ودائمًا نقول “نوفري شاي” ومعناها عيد سعيد وردها أيضًا “نوفري شاي”، وهي باللغة القبطية”.
ألقى قداسة البابا تواضروس الثاني عظته الأسبوعية في اجتماع الأربعاء مساء اليوم، من كنيسة السيدة العذراء والقديس الأنبا بيشوي بالكاتدرائية بالعباسية، وبُثت العظة عبر القنوات الفضائية المسيحية والموقع الرسمي للكنيسة القبطية الأرثوذكسية وقناة C.O.C التابعة للمركز الإعلامي للكنيسة على شبكة الإنترنت.
واستكمل قداسته السلسلة التعليمية الجديدة “الاتحاد الزيجي” كأساس لبناء أسرة مسيحية مقدسة، حيث تناول ثلاث فقرات من الأصحاح الثالث من رسالة القديس بولس الرسول إلى أهل كولوسي، وتحدث عن “كيف تشهد الأسرة للمسيح”، والأشكال المختلفة التي يواجهها الإنسان للشهادة، مثل الإباحيات والماديات والمظهريات وشهوات العالم والصراعات و…، واختصّ قداسته الأسرة وأشكال الشهادة التي تواجهها داخل البيت وخارج البيت.
وقدّم قداسة البابا أشكال الشهادة داخل البيت، من خلال:
١- وجود الحب المستمر داخل البيت، لأن الشهادة بالحب تجعل البيت سماءً ثانية، وخاصة من خلال الحوار.
٢- روح الخضوع الإيجابي، فالخضوع ذبيحة حب، وبه تفاهم مستمر، ويطرد روح العناد والتمرد والتسلط.
٣- الاحتمال في محبة وقبول الاختلاف، “مُحْتَمِلِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، وَمُسَامِحِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا إِنْ كَانَ لأَحَدٍ عَلَى أَحَدٍ شَكْوَى. كَمَا غَفَرَ لَكُمُ الْمَسِيحُ هكَذَا أَنْتُمْ أَيْضًا” (كو ٣: ١٣).
كما قدّم قداسته أشكال الشهادة خارج البيت، من خلال :
١- القدوة، وتتضح في الاحترام والمجاملة والسلوك الجيد، كذلك وضع الحدود ورفض الخطية بشدة، “اَلنَّفْسُ الشَّبْعَانَةُ تَدُوسُ الْعَسَلَ” (أم ٢٧: ٧).
٢- نوع تربية الأبناء، لأنه على الأب والأم أن يساعدوا أبناءهم أن يسكن المسيح في قلوبهم، وربطهم بالقيم السليمة، “كُونُوا رِجَالًا. تَقَوَّوْا” (١كو ١٦: ١٣).
٣- الخدمة وتعليم الأبناء الخدمة، لأن ارتباط الأب والأم بالخدمة يجعلهم يشهدون للمسيح في احتمال الآخرين والعمل الاجتماعي، “مِنْ أَجْلِكَ نُمَاتُ كُلَّ النَّهَار” (رو ٨: ٣٦).
تأتي هذه السلسلة التعليمية اتساقًا مع إطلاق عام “أسرتي مقدسة”، الذي جاء كتوصية من المجمع المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذكسية في جلسته العامة، التي عُقدت يوم ٩ يونيو الماضي، وترسيخًا لمبادئ وقيم الأسرة المسيحية السوية، كما ذكر قداسته في الحلقة الأولى من السلسلة يوم ١٥ يونيو الماضي.