«حياة كريمة» قفزة فى المجتمع المصرى، هكذا تحدث قداسة البابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية، وبطريرك الكرازة المرقسية، عن مبادرة حياة كريمة، وكيف أن نقل أب وأم وأبناء من مناطق عشوائية خطرة، إلى شقة بأثاث وحياة آدمية، أمر رائع.
أجرى الحوار:
شنودة فيكتور – محمود بسيونى
وأضاف البابا تواضروس الثانى، فى حواره لـ”مبتدا”، أن سكان المناطق العشوائية والخطرة لم يفكر فيهم أحد قبل الرئيس عبد الفتاح السيسى، وهذا حق مهم لحقوق الإنسان، بل من الحقوق الأساسية.
وأكد البابا تواضروس، أن مصر تُسمى أم الأوطان، وذُكرت فى الكتاب المقدس 700 مرة، وستعبر الأزمة الحالية كما عبرت العديد من الأزمات، ونحن فى بداية عام جديد وهو فرصة وبداية أمل.
وتحدث البابا فى حواره عن المثلية الجنسية، وكيف أن الله حينما خلق الإنسان كان آدم وحواء، أى رجل وامرأة، مؤكدًا أن المجتمعات التى أدخلت المثلية الجنسية تنتحر، وإلى نص الحوار..
كيف ترى المجتمع المصرى واحتياجه للمربى الفاضل الذى يرسم الطريق السليم؟
بلا شك الأسرة هى قوة المجتمع، والأسرة السليمة القوية تصنع مجتمعًا قويًا، وكلمة قوى هنا تعنى قوى فى المبادئ والتربية والعمل والأجيال، وجيلًا يسلم لجيل.
خلال هذا العام، من شهر يونيو، ركزت فى العظة الأسبوعية على موضوعات الأسرة، لأننا نعيد فكر الأسرة، وكيف نكون أسرة، والتفكير بطريقة سليمة لاختيار شريك الحياة، وكيف يمكن لكل شخص أن يجد ما يناسبه.
أولى خطوات اختيار الزوجة، اختيار أم صالحة للأبناء، وليس فقط فتاة جميلة ولطيفة؛ لأن الإنسان يتغير مع العمر، وهنا يجب أن يكون الاختيار بالنظر لتلك الإنسانة أنها ستكون أمًا، وكذلك بالنسبة للفتاة، يجب أن تختار شابًا يصلح أبًا.
أى مجتمع فيه أخطاء، وكذلك الأسرة، ولكن الخطأ لا يتعالج بالعنف أو الخصام أو الانفصال، وتصحيح الخطأ بالتعليم، بأن نعلم المخطئ الطريق الصحيح.
الأب والأم إذا فعل ابنهما شيئًا، يعنفانه مباشرةً، وهذا ليس الحل، وروت لى سيدة أمرًا مع ابنها فى الصف الأول الثانوى، كان يخلع حذاءه ويلقى الجورب فى أى مكان، ثم قالت له: ألم أقل لك 100 مرة ضعه فى مكانه؟ وهنا رد الابن: «إيه يعنى لما يبقوا 101»؟
وهنا استوعبت خطأها، بأنها لم يكن ينبغى أن تقول ذلك، وكان يمكنها معالجة الأمر بكلمات مختلفة؛ كأن تعلمه شيئًا.
منذ 10 سنوات كانت الدولة المصرية تمر بظرف صعب، وكان للكنيسة ولقداستكم موقف محدد، كيف تعلق على هذه الأمور الآن؟
الوطن أولًا.. وسلامة الوطن أولًا، ومبدأ التفكير فى أى شىء يجب أن تكون بدايته “ابحث عن سلامة الوطن”، والوطن هو الناس، الذين يعيشون فيه، هذا ما تعلمناه فى البيت والمدرسة والكنيسة، كما أن وطننا مصر، وهى التى يسمونها وطن الأوطان، من جمال البلد وتاريخها وحضارتها.
مصر ذُكرت فى الكتاب المقدس 700 مرة، ما يؤكد عظمة مصر، وبناءً على ذلك نتعامل مع كل ما يحدث.
طالت قداستكم العديد من الشائعات منذ سنوات.. كيف تتعامل معها؟
فى سفر الرؤيا، آية توضح أن 8 نوعيات من البشر لن تدخل السماء، منهم الكذبة، وهو يفرح على الأرض لكنه لن يدخل السماء، فدعه يفرح على الأرض.
فكرة الإلحاد.. والخروج من كل الالتزامات الدينية وكيف نواجه ذلك بالمحبة؟
العالم تقدم فى كل شىء، التكنولوجيا والاختراعات، والتقدم الكبير فى العالم، جعل عقل الإنسان كبيرًا، لكنه فى نفس الوقت لم يبتكر شيئًا يجعل القلب متوازنًا مع العقل، فصار العقل كبيرًا والقلب صغيرًا، ولم يعد للقلب ما يغذيه، وفقد الإنسان العديد من الأشياء التى تغذى القلب، والذى هو المستودع الحقيقى للمحبة، حواسنا مكشوفة أمام الآخرين، لكن القلب صندوق مغلق حتى يتواجه مع الله، وكان القدماء يحنطون كل شىء إلا القلب، يتركونه كى يواجه الله.
تغذية القلب هى المحبة، والتربية والأسرة أساسها المحبة، والنفس الشبعانة تدوس العسل، يمكن أب وأم يحضران لابنهما كل شىء، ولكن الأهم شعور الابن بحب والديه، ووقت ما يشبع من المحبة يدوس على العسل، أى يتغلب على أى إغراء، ولكن الأزمة أنه أحيانًا، لا يشبع من المحبة، والله صنع فى الأسرة الزوج والزوجة كى يضاعفا كمية الحب التى يعطونها للابن والابنة، ما يمكنهما من مواجهة أى شىء سواء كان إلحادًا أو إدمانًا أو خطيئة أو سوء سلوك أو أى شىء.
المحبة لا تسقط أبدًا، حينما أغذى ابنى فى المحبة، هذا استثمار، والحب غير المشروط، أحبه لأنه كيان، ليس لأنه شاطر أو يفعل شيئًا معينًا.
المثلية الجنسية.. صرنا نراها بشكل تنظيمى كيف نواجهها؟
المثلية الجنسية ليس لها شكل جينى، والأهم فى المواجهة التربية، ويجب توعية الأبناء، وإذا كانت المثلية خطيئة، فلا بد لها من توبة، وهنا على المجتمع المساعدة، وإن كانت مرضًا تستلزم علاج.
الحقيقة الأمر مرفوض تمامًا، ولما خلق الله الإنسان خلق آدم وحواء، وهو تكوين الأسرة، وعام 1994، فى مؤتمر السكان، اعترضت الكنيسة على مقولة كل أشكال الأسرة؛ لأن الأسرة لها شكل واحد فقط.
التربية أمر مهم للغاية؛ بأن نربى الولد كى يكون ولدًا، فلا يصح مثلًا أن تترك أم ابنها ليطيل شعره بشكل مبالغ فيه، لأن ذلك سينعكس عليه تدريجيًا، ويجب فى التربية الوعى لمثل هذه الأمور.
المجتمعات التى أدخلت المثلية الجنسية فيها، مجتمعات تنتحر، لأنه سينجبون أطفالًا بأى طريقة؟ والمجتمع سينحل.
كيف ترى قضية حقوق الإنسان والتعامل معها فى المجتمع المصرى؟
احترام الآخر والمساواة خطوط من حقوق الإنسان، والنظر بعين خاصة للضعفاء مثل المرأة والمعاق والأطفال، ولكن الغرب ينظر لحقوق الإنسان بمعيار سياسى فقط؛ لأن كل ما يحتاجه الإنسان تحقق عنده مثل التعليم والضمان الاجتماعى، وإذا توفرت تلك الحقوق الأساسية، يبدأون البحث عن الحقوق السياسية، ولذلك حينما ينظرون إلى الدول النامية يركزون على الحقوق السياسية، وهى موجودة ولكن! هناك أولويات مثل التعليم والسكن أولًا، يجب على الدولة تغطية الحقوق الأساسية للإنسان ثم النظر لباقى الحقوق.
وفى التعامل مع الإنسان هناك 3 مستويات، الكفاف، والكفاية والكفاءة، أول الكفاف أى الأكل والشرب والملبس، والكفاية التعليم والسكن والصحة، ثم تأتى الكفاءة وهى إمكانيات الفسح والسفر، ولا يمكن الحديث عن السفر قبل توفير الطعام، وحقوق الإنسان متدرجة، ومصر فى السنوات الأخيرة بدأت تنتهج هذا النهج.
مؤتمرات الشباب وما فيها من حوارات بين الشباب ورئيس الجمهورية والوزراء والمسؤولين، حق من حقوق التعبير، ومصر تسير فى مسار الحقوق السياسية والأساسية معًا.
كيف ترى المشروعات التنموية مثل حياة كريمة؟
هذه نقلات اجتماعية أو قفزات فى المجتمع المصرى، واستبدال المناطق العشوائية والخطرة بأخرى، مثل الأسمرات وبشائر الخير وغيرها، توفر نظرة تقدير للإنسان، بنقل أب وأم من مناطق عشوائية صعبة الحياة، إلى شقة بالأثاث وحياة كريمة، هذا إنجاز كبير، من كان ينظر لهؤلاء من قبل؟ وإطلاق مبادرة على هذه الأمور مسمى مميز أى أننا نبادر نعالج موقف، الرئيس حينما يحرك أجهزة الدولة فى هذا هو اتجاه لكرامة الإنسان وهو شىء رائع.
فى احتفالية قادرون باختلاف، طلبت فتاة ركوب طائرة، وهنا أخذها الرئيس إلى طائرة وهنا يجب التوقف ومعرفة كيف سينظر هؤلاء للدولة والقائمين عليها، وكيف تقدرهم وتوفر لهم الحياة الكريمة.
مكان الشباب عند البابا تواضروس؟
الشباب لهم مكانة خاصة لدى منذ سنوات، وحق الشباب فى المعرفة، والميديا تتنازع الشباب الآن، كل جهة تجذب من ناحية، ولا أحد يعرف نية هذه الجهات، وهؤلاء الشباب ينجذبون، وخدمات الشباب تحتاج إلى الكثير، ونتعاون مع وزارة الشباب والرياضة، وفى الكنيسة هناك أسقفية للشباب، ولكن يهمنى الشباب المهاجرون للخارج، وأخشى أن ينسوا مصر، ويجب ربط هؤلاء الشباب بمصر، وابتكرنا مبادرة العودة للجذور، وبالتواصل مع الكنائس فى الخارج، فوجئت بالبعض لم يأتِ لمصر نهائيًا، ولِدوا فى الخارج ولم يعرفوا وطنهم، ونحن بحاجة لمبادرات للإتيان بهؤلاء.
ملف المواطنة وعلاقة خاصة بين قداستك والرئيس السيسى الذى أسقط الخط الهمايونى، كيف تراه الآن بعد 10 سنوات؟
منذ 10 سنوات بدأ المنحنى يصلح أخطاء كثيرة من الماضى، وتهنئة الرئيس السيسى للأقباط فى عيد الميلاد من داخل الكاتدرائية، خطوة من خطوات المواطنة الحقيقية، عكس أن يقول الرئيس إن ديانتى كذا، وهو فارق كبير، وهو تصحيح مهم، وحادث الفتنة الطائفية فى الزاوية الحمراء، وحينها تشكلت لجنة كتبت تقريرًا عن الحادث، وكان فيه كل شىء لحل الأزمة ولكن لم ينظر أحد للتقرير أو الحلول، وجاء الرئيس السيسى بعد كل هذه السنوات، وأصدر قانون بناء الكنائس، وهى خطوات جيدة للمواطنة، وأنا لا أريد التحدث عن الأقباط، بل أتحدث عن وضع البلد كله، ونحن على طريق المواطنة نأخذ خطوات كبيرة، والوضع يتحسن بشكلٍ كبير خصوصا إذا كان القياس بما سبق، ولكن مازال أمام مصر مشوار كبير.
هل هناك اختلاف بين قراءات البابا تواضروس عبر سنوات عمره؟
من قبل كنت أقرأ فى الإخراج السينمائى والأدب مثل إحسان بعد القدوس ونجيب محفوظ، مع القراءات الفلسفية والروحية أيضًا، ولكن بعد دخول الأسقفية، صارت القراءات الكنسية هى الأولوية؛ لأنها الأهم، ولكن القراءاة بصفة عامة “اقرأ لتقود”، ووجود الشخص فى مركز قيادة يجب أن يقرأ، وكذلك أتابع بعض القنوات التلفزيونية التى تتميز بتقديم محتوى ثقافى راقى، مثل القناة الألمانية، وعلق الرئيس ذات مرة على برامج الأكل، والثقافة ضرورة ومنها معرفة مشكلات الناس، وكذلك قراءات الأخبار مهمة، وأشارك فى اللقاءات التى تعقدها الدولة وأتعلم منها كثيرًا، بالتعامل والحوار مع الكثيرين.
كيف تقضى يومك؟
يومى مزدحم للغاية، وأضطر للاستقطاع من النوم، وهو أمر يزعجنى ولا أحبه، ودراستى الطبية تؤكد أن النوم حاجة أساسية للإنسان قبل الطعام، من 11 صباحًا إلى 11 مساءً مع الناس، فى صلوات ولقاءات، ومن 11 مساءً إلى 11 صباحًا لنفسى سواء لصمتى أو نومى أو صلواتى، وهذه الرؤية العامة، وتعلمنا فى الدير الاستيقاظ 4 صباحًا من أجل التسبحة، وتعلمنا النوم مبكرًا، وهو التقسيم العام ولكن هناك استثناءات.
هل تابعت مبادرة الشركة المتحدة «أخلاقنا الجميلة»؟
بالتأكيد.. وأعجبنى كثيرًا التقديم عن التنمر، وهو أكثر من رائع وعملى وواقعى، وهو اتجاه مهم، وفيلم التنمر رائع ومؤثر للغاية.
كلمة ودعاء من قداستك لمصر فى ظل الأزمة المعاناه من تداعيات الأوكرانية الروسية
نبدأ عامًا جديدًا، وهو بداية أمل، ومصر مرت بأزمات كثيرة وعبرتها، والأزمة الاقتصادية الحالية تحتاج إلى شكلٍ من أشكال التكافل، مثلًا من يكنز شيئًا، ليس هذا وقته الآن، وترشيد الاستهلاك الآن ضرورة قصوى، ومراعاة الآخرين، ويجب الانفتاح على الآخر، ولدى يقين أن عين الله على مصر، ورغم كل هذه الصعاب، الأزمة ستمر، ويجب أن نتحلى بالرجاء، وأهنئ كل المصريين بمناسبة عيد الميلاد، وبهذه المناسبة دعونا ننسى كل ما فات ونبدأ من جديد، ولو سقطت قف من جديد.