من الأمثال الغربية مثل بيقول: ” الله الذي خلق لنا الأسنان ، كيف لا يعطينا الخير “. وهو من أمثال الطمأنينة واليقين في عمل الله وتدبيره لحياة الخليقة والمخلوقات وعلى رأسها الإنسان.
ومنذ بدأت الحرب العبثية بين روسيا وأوكرانيا في فبراير 2022 والعالم يشهد موجات من الأزمات والضيقات بتخش بصورة مفزعة على كافة الأصعدة سواء اقتصاديا أو اجتماعيا أو ماليا أو صحيا … إلخ مما تسبب في حالة من التوتر وانطلق والضغط على الأسرة في معظم بلدان العالم وبالطبع من بينها مصر بلادنا الحبيبة.
ولكي نواجه هذه الضغوط يجب أن نغير من تفكيرنا ووسائل مواجهة الحياة في هذه الظروف الصعبة حتى تعبر الأزمة بسلام :
- تجنب هوس المقارنة مع الآخرين سواء جيران أو زملاء أو أقارب وكما تقول الوصية الأخيرة من الوصايا العشر : يجب ألا تشتهي شيئا مما لقريبك ( خروج 20 : 17 ) .
إن الهوس بالأشياء وامتلاك المقتنيات مثل الآخرين لا يجب أن يتحكم في حياتنا لأن الآخرين عندهم موبايل جديد أو تليفزيون كبير أو غير ذلك لأن الرغبة في الحصول على الأشياء وعدم تحقيقها يمكن أن تؤدي إلى ضغوط كبيرة وعدم الرضا عن الحياة .. ومن أكاذيب الحياة إنه إذا كان لدينا المزيد من المال فسنكون أكثر سعادة أو منزل أوسع سنكون أكثر سعادة… ؟!
لقد كان سليمان الحكيم يدرك ذلك جيداً ولذا قال : من يحب الفضة لا يشبع ومن يحب الثروة لا يشبع من دخل ” ( جامعة 5 : 10 ) وقد شرح ذلك باستفاضة في الاصحاح الثاني من سفر الجامعة وقال :.. ثم التفت انا الي كل اعمالي التي عملتها يداي والي التعب الذي تعبته في عمله ، فاذا الكل باطل وقبض الريح ولا منفعة تحت الشمس “(جامعة 2 : 11 ).
ولكن هذا لا يعني الا نجتهد ونعمل باجتهاد لأنه مكتوب ” كل ما فعلتم فاعملوا من القلب كما للرب ليس للناس ” ( كولوسي 3 : 23 ) وبالتالي لا داعي للقلق أو التوتر بشأن أي شيء مهما كان.
- تجنب الانشغال الزائد فوق الطاقة وفوق إمكانية استيعاب الوقت المتاح لك. أحيانا يجلب الإنسان العمل إلى المنزل أو يستعمل الموبايل أو يجلس أمام شبكة النت بالساعات الطويلة لأداء الأعمال أو حتى التسلية أو البحث في اللاشيء ؟! .. إن المنزل مكان للراحة وليس امتداد لأعمال المكتب أو انشغالات العمل بأي صورة. إن وقتك هو عمرك ويجب أن تحسن توزيع واستغلاله كثيرون مرهقون بالأعباء والمخاوف والقلق رغم أن السيد المسيح منذ الفين عام قال: ” تعالوا إلي يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم ” ( متى 11: 28 ) ويكمل ..” تجدوا راحة لنفوسكم ” ليس راحة أجسادنا بل أرواحنا وكياننا الأعمق ووصية السيد المسيح تعلموا مني لأني وديع ومتواضع القلب، فيها تخفيف للتوتر والقلق والضغوط والأوجاع القلبية التي نحملها لأنفسنا وعائلتنا بدلاً من أن يكون الإنسان قاسيا متعاليا متكبراً في صراع الحياة .
- 3- ترشيد ما عندك وما لديك :الطعام والماء والأدوية والطاقة والورق والملابس… وسائر الاستخدامات المنزلية العديدة. حافظ على ما هو متوفر أو موجود عندك بلا أسراف أو تبذير أو استهانه بالقليل والاباء قالوا قديماً: قليل دائم خيراً من كثير متقطع. تجنب الاسراف في استخدام الموبايل والنت وسائر الأجهزة المتاحة عندك بصفة عامة. قلل استخدام الكهرباء سواء باستخدام لمبات الليد LED موفرة الطاقة أو بعدم ترك المصابيح مضاءة بلا فائدة… كذلك في استخدامات المياه…كذلك في الطعام والمتبقي منه واستخدام أطعمة مفيدة وصحية مثل العسل الاسود أو البليلة أو الخضروات والفاكهة الطازجة… كذلك استخدامات الخبز بحكمة وترشيد ولا تلجأ إلى الأطعمة خارج المنزل لأنها صحيا قليله ومحدودة الفائدة والقيمة الغذائية… كل هذه الاجراءات سوف تحافظ على دخلك وتوفر معك شيئاً ليس قليلاً في ظل ارتفاع الاسعار والعملات وتوافر السلع…
- كن شفوقاً عطوفاً على الاخرين ذوي الاحتياج وكن حساساً لمن حولك وهم في احتياج ولكن يستحون من الطلب أو السؤال.
ان كلمه شفقه Compassion تظهر في الكتابة المقدس ما يقرب من مائة مرة وهي تعني الرغبة في مساعدة شخص في مشكلة أو ألم أو إذا كان يواجه موقفاً صعباً أو ازمة أو تعباً شديداً.
ونحن كأبناء للسيد المسيح يجب أن نتبع الأمثلة التي رسمها لنا فعندما زار المدن والقرى ورأى الجموع تتوق لرؤيته: كان يسوع يطوف المدن كلها… “ولما رأى الجموع تحنن عليهم، اذ كان منزعجين ومنطرحين كغنم لا راعي لهم ” (متي 9 : 35 ،36 ).
ورأيناه يتحنن على الجموع في الفقر واشبع خمسة الاف رجل ما عدا النساء والاطفال وكذلك بدافع الشفقة والتعاطف وتلبيه الاحتياج.
ونحن اليوم يدي المسيح التي يجب أن تمتد بالشفقة والمساعدة نحو هؤلاء الناس خاصة في ظل هذه الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها بلادنا وشعبنا المصري…
يجب أن نصلي من اجل الاخرين المنكوبين ونحيطهم بالمحبة والرحمة والمساعدة والرعاية مثلما دعانا بولس الرسول لكي نكون: “كونوا لطفاء بعضكم نحو بعضا شفقينا متسامحين كما سامحكم الله ايضا في المسيح” (افسس 4: 32).
انه وقت للتكافل والشعور بالشفقة داخل كنائسنا وخدماتنا ومجموعات الخدام والشباب مع الحب والرحمة والشفقة والمودة الأخوية بين الجميع نستطيع أن نعبر هذه الازمات وندع القلق والتوتر ونسند بعضنا البعض بالأمل والرجاء والحب، والعمل والخدمة والرعاية.
البابا تواضروس الثاني
بابا الاسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية