ألقى قداسة البابا تواضروس الثاني عظته الأسبوعية في اجتماع الأربعاء مساء اليوم، من كنيسة السيدة العذراء والقديس الأنبا بيشوي بالمقر البابوي بالكاتدرائية العباسية، وبُثت العظة عبر القنوات الفضائية المسيحية وقناة C.O.C التابعة للمركز الإعلامي للكنيسة على شبكة الإنترنت.
واستكمل قداسته سلسلة “محطات رحلة الصوم الكبير وربطها بحياة الأسرة”، وتلا جزءًا من الأصحاح ١٥ في إنجيل معلمنا لوقا الوارد فيه مثل “الابن الضال” الذي تتخذه الكنيسة موضوعًا لإنجيل الأحد المقبل، وتناول من خلال المثل مشكلة الابن المعاند، مشيرًا إلى أنه يتصف بأنه:
١- يقاوم النصيحة.
٢- يشعر بذاته بشكل مبالغ فيه.
٣- لا يعطي اعتبار لمشاعر الآخرين.
٤- يضع مصلحته قبل مصالح الآخرين.
ولفت قداسة البابا إلى أن المعاند الأول هو إبليس الذي عاند الله. وعن من أين يأتي العناد، قال قداسته يأتي من:
١- كبرياء النفس.
٢- سوء التربية (التدليل أو القسوة).
٣- الخلافات الأسرية.
وألمح إلى أن قصة “الابن الضال” هي أشهر قصة في العالم، وهي قصة إنسانية في المقام الأول، وهي الأكثر تأثيرًا وهي أيضًا مليئة بالدروس. وأكد أن الأب كان يصلي لابنه طوال فترة غيابه، وكان كذلك ينتظر رجوعه.
وعن الشخصيات المعاندة التي ذكرت في الكتاب المقدس، تناول قداسة البابا بعضها مثل فرعون، وشعب إسرائيل، وغيرهم.
وتكلم قداسة البابا عن الأفعال التي قام بها الابن الضال، وهي: أعطني، سافر، بدد، احتاج، اشتهى طعام الخنازير، رجع إلى نفسه.
وأشار إلى أن أننا كآباء نحتاج إلى أن نعلم أولادنا:
١- فضيلة التراجع عن الخطأ: متخذًا بطرس الرسول نموذجًا على التراجع عن الخطأ بعدما أنكر السيد المسيح، ومريم المجدلية… وغيرهم.
٢- سرعة التراجع عن الخطأ (أقوم الآن): معطيًا مثلًا بأهل نينوى الذين استجابوا بسرعة لدعوة يونان.
٣- الاعتراف بالخطأ: وهو ما نمارسه في سر الاعتراف، وألمح إلى من أكثر الكلمات المحببة في كنيستنا هي كلمة “أخطيت”، وهي كلمة تختصر مشكلات كثيرة وتُحَنِن قلب الآخرين.
واختتم قداسته العظة بالتأكيد على أن الابن الضال صار بعودته إلى حضن أبيه “الابن الشاطر” ، وهو ما يجب أن نفعله كآباء مع أبنائنا.
نص العظة
عظة الأربعاء “الابن الضال … فى بيتنا معاند”
(الإنجيل من لوقا ص 15: 11- 32)
ثم قال كان لرجل ابنان. فقال أصغرها لأبيه يا أبَتِ أعطني نصيبي من المال. فقسم بينهما العيش. وبعد أيام ليست بكثيرة جمع الابن الأصغر كل شيء وسافر إلى كورة بعيدة وهناك بدّد ما له عائشًا في خلاعة. فلما أنفق كل شيء حدثت مجاعة عظيمة في تلك الكورة وبدأ هو أيضًا يحتاج. فمضى والتصق بواحد من أهل تلك الكورة فأرسله إلى الحقل ليرعى خنازير. وكان يشتهي أن يملأ بطنه من الخرنوب الذي كانت الخنازير تأكله فلم يكن أحد يعطيه. فرجع إلى نفسه وقال كم من أجراء لأبي يفضل عنهم الخبز وأنا أهلك ههنا جوعًا. أقوم فأمضى إلى أبي وأقول له يا أبَتِ أخطأت إلى السماء وقدامك. ولست بمستحق بعد أن أُدعى لك ابنا فاجعلني كأحد أجرائك. فقام وجاء إلى أبيه. وإذ كان لا يزال بعيدًا رآه أبوه فتحنن (عليه) وأسرع ووقع على عنقه وقلبه. فقال له ابنه يا أبَتِ أخطأت إلى السماء وقدامك ولست بمستحق بعد أن أدعى لك ابنًا. فقال أبوه لعبيده أسرعوا وأخرجوا الحلة الأولي وألبسوه وأعطوه خاتمًا في يده وحذاءً لرجليه. وقدموا العجل المعلوف واذبحوه فنأكل ونفرح. لان ابني هذا كان ميتًا فعاش وضالًا فوجدناه. فطفقوا يفرحون.
وكان ابنه الأكبر في الحقل. وفيما هو آتٍ قرب من البيت فسمع أصوات غناء ورقصًا. فدعي أحد الغلمان وسأله ما هذا. فقال له إن أخاك قد جاء فذبح أبوك (له) العجل المعلوف لأنه قبله سالمًا. فغضب ولم يرد أن يدخل. فخرج أبوه وكان يتوسل إليه. فأجاب وقال لأبيه ها كم من سنين وأنا عبد لك وما تجاوزت وصية لك قًط وجديًا لم تعطني قَط لأتنعم مع أصدقائي. ولما جاء أبنك هذا الذي أكل معيشتك مع الزناة ذبحت له العجل المعلوف. فقال له يا أبني أنت مع كل حين وكل ما لي فهو لك. وكان ينبغي أن نفرح ونُسر لأن أخاك هذا كان ميتًا فعاش وكان ضالًا فوجدناه : والمجد لله دائمًا.
فى رحلتنا خلال أحاد الصوم الكبير من خلال الأسرة تقابلنا أسرة لديها مشاكل فى تربية الأبناء ، أن يكون “ابن أو ابنه” معاند، وهذه صفة صعبة
وهى تمثل كل أسرة فينا ، فجميعنا تقابل مشاكل مختلفة فى التربية ، ونحن هذا الأسبوع ندرس من خلال قراءتنا لمثل الابن الضال فكرة الابن المعاند .
من هو الشخص المعاند:
- مقاوم النصيحة ،أو المشورة (السليمة)، رافض المرشدين الروحيين، من لا يطيع أحد الوالدين، أوكليهما. ويقول المثل الشعبي “العناد لا يوصل للبلاد“. وأيضاً“المخالف حاله تالف” .
- يشعر أنه الأول، فلو كان رئيسًا أو مديرًا، فهو يهتم أن يقول لك: “أنا المدير”! فمركزه يأتي أولًا، ولابد من الخضوع لسلطته.
- لا يعطى اعتبار لمشاعر غيره، شخص أنانى.
- المصلحة الشخصية أولا :فالعنيد يهتم أولًا، وقبل كل شيء، بمصالحه الشخصية، وأحيانًا يخطئ في تقدير الموقف، فما يظن أنه مفيد له، سيكون غير مفيد! لكنه لا يرى ذلك، لذا فهو يهتم بما قاله، وباتجاهه الفكري، ويرفض التغيير، فهو لا يرى مصلحته سوى في اتجاه واحد.
إبليس هو المعاند الأصلي، والمقاوم الأول لله ، وهو أول من عاند الله، ودفع آدم وحواء لمعاندة الله ولكسر الوصية، ويشبه القديس يوحنا ذهبي الفم :”الشخص المعاند، بعربة يجرها حصان وحمار ،ويريد الحصان الجري ،بينما الحمار البليد كان يعاند بالسير ببطء ،فيضطر الراكب إلى عقابه بشدة”، النتيجة أن المعاند لايصل إلى هدفه، لذلك الآباء وضعوا هذه العبارة “على ابن الطاعة تحل البركة“.
ينبع العناد من :
1-كبرياء النفس
2- سوء التربية (التدليل)
3-أمراض نفسى.
4- وجود خلافات ومشاكل عائلية
5- المعاملة بالمثل (معاندة المعاندين).
فى سفر التثنية[18-20]. قائلاً “إذا كان لرجل ابن معاند ومارد، لا يسمع لقول أبيه ولا لقول أمُّه، ويؤدِّبانه فلا يسمع لهما.يمسكه أبوه وأمُّه، ويأتيان به إلى شيوخ مدينته وإلى باب مكانه.ويقولان لشيوخ مدينته: ابننا هذا معاند ومارد لا يسمع لقولنا وهو مسرف وسكِّير.فيرجمه جميع رجال مدينته بحجارة حتى يموت،فتنزع الشرّ من بينكم، ويسمع كل إسرائيل ويخافون.
- قصة مثل الابن الضال أشهر قصة فى العالم كله كتبت بالأدب اليونانى الرفيع، هى قصة إنسانية والأطول شرحاً فى الكتاب المقدس، الأكثر تأثيراً لأنها فى نطاق الأسرة، ومملوءة دروس تربية … تشرح خطوات الابن المعاند من خلال افعاله :أعطني …وسافر …بدد …وأنفق …أحتاج …وأشتهى ….
هذه هى طريقة العناد حتى النهاية ولكن الابن الشاطر لم يتوقف فقط عند أشتهى لأنه عندما أشتهى عرف بالحقيقة ما هو الصواب ، لم يعرف ويحزن.
لقد أحتاج الابن الشاطر أن يوحد فكرة وقلبه وفعله ليرجع عن عناده
أب لديه ابنان، الابن الأصغر طلباً نصيبه، الأب أعطى ابنه ما يريد.
- هل أنت كـ أب وأم تعرفون أصدقاء أبناكم، ماذا يقولون ويفعلون؟
من المهم عندما يعودون الأبناء إلى البيت .. يتحدثون عما حدث خارج البيت ! هذه “علامة أمان”.
، فى السكوت “علامة استفهام”.
من أمثلة المعاندين فى الكتاب المقدس:
- فرعون كان إنساناً متصلباً “فَاشْتَدَّ قَلْبُ فِرْعَوْنَ فَلَمْ يَسْمَعْ لَهُمَا، كَمَا تَكَلَّمَ الرَّبُّ.ثُمَّ قَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: «قَلْبُ فِرْعَوْنَ غَلِيظٌ. قَدْ أَبَى أَنْ يُطْلِقَ الشَّعْبَ“.(خروج 7: 13-14)، ولكن عناده لم يكن لخيره أو خير شعبه، بعد عشر ضربات .
- شعب إسرائيل، شعب الله المختار،أظهر عناداً و تمردوا ضد الله مرات عديدة وإبتعدوا عن محبته وحمايته لهم. فقد كان العجل الذهبي الذي صنعوه عند جبل سيناء. في ذلك الوقت أكبر دليل ، حتى أن الله قال لموسى: “رَأَيْتُ هَذَا الشَّعْبَ وَإِذَا هُوَ شَعْبٌ صُلبُ الرَّقَبَةِ” (تثنية 9: 13).
- الفريسيين عندما شفى المسيح رجلاً يده يابسة في يوم السبت، حزن قلبه وغضب بسبب قساوة قلوب الفريسيين. فبدلاً من أن يعترف الفريسيين بالمسيا، ويمجدون الله من أجل قوة الشفاء، جعلتهم قلوبهم المتمردة يحاولون أن يقتلوه ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: «هَلْ يَحِلُّ فِي السَّبْتِ فِعْلُ الْخَيْرِ أَوْ فِعْلُ الشَّرِّ؟ تَخْلِيصُ نَفْسٍ أَوْ قَتْلٌ؟». فَسَكَتُوا.فَنَظَرَ حَوْلَهُ إِلَيْهِمْ بِغَضَبٍ، حَزِينًا عَلَى غِلاَظَةِ قُلُوبِهِمْ، وَقَالَ لِلرَّجُلِ: «مُدَّ يَدَكَ». فَمَدَّهَا، فَعَادَتْ يَدُهُ صَحِيحَةً كَالأُخْرَى.، “حل تعاظم أهل البدع”
لقد أحتاج الابن الشاطر أن يوحد فكرة وقلبه وفعله ليرجع عن عناده
- رجع إلى نفسه :
علم ابنك وبنتك يرجع لنفسه، يصحح نفسه بإرشادك.
الابن الضال ترك بيته، ولكن كان لديه “روح الرجاء” ويعرف أن بيته أفضل بيت.
أمثال من الكتاب المقدس:
- بطرس رجع إلى نفسه .
- داود أخطأ ورجع وقال “أرحمنى يا الله عظيم رحمتك ومثل كثرة رئفتك أمحو أثمى .أغسلنى كثيرا من أثمى ومن خطيتى طهرنى “
- مريم المجدلية رجعت وصارت أول مبشرة بالقيامة.
- أقوم الآن :
مهم جداً عندما تقع فى الخطية تنهض بسرعة.
أقوم الآن : هذه هى الفرصة الحقيقية (الآن ) لم ينتظر وهو ما ينتظره الله منا جميعاً
مثال من الكتاب المقدس:
- نينوى أخذت فرصة طويلة لتتوب، ونادى يونان قائلًا “بعد أربعين يوما تنقلب نينوى” (يون 3: 4).. إلا أن هذه المدينة العظيمة لم تؤجل توبتها إلى قرب نهاية هذه المدة، إنما تابت مباشرة في المسوح والرماد، توبة عميقة، شملت الكل. فرفع الله غضبه عنها..
- زكا العشار قال له يسوع “أسرع وأنزل”. نفذ زكا فى الحال”فأسرع ونزل وقبله فرحًا” (لو 19: 6). وهكذا قال الرب: (اليوم) حدث خلاص لهذا البيت.
- سجان فيلبى
- القديسة بائيسة
- القديسة مريم المصرية
” السرعة ضارة فى كل شىء إلا توبة الإنسان”
- أخطأت يا أبتاه فى السماء وقدامك :
كلمة أخذتها الكنيسة ووضعتها فى مرد الإنجيل فى الصوم الكبيير
أخطأت أخطات يا ربي يسوع أغفر لى …..ليس عبد بلا خطية ولا سيد بلا غفران
كلمة تستحق التوقف والتفكير خطوات التوبة
الخطوة الأولى: الرجوع إلى النفس .
الخطوة الثانية أقوم الآن.
الخطوة الثالثة :أمام الأب الكاهن.
من أجمل كلمات كنيستنا “أخطيت“
اعتذار مقبول :
العشار قالها فقبلت صلاته فورا ، لذا تقولها الكنيسة دائما فى صلواتها وألحانها
اعتذار شاول لداود : قَالَ شَاوُلُ: «أَهذَا صَوْتُكَ يَا ابْنِي دَاوُدُ؟» وَرَفَعَ شَاوُلُ صَوْتَهُ وَبَكَى. ثُمَّ قَالَ لِدَاوُدَ: «أَنْتَ أَبَرُّ مِنِّي، لأَنَّكَ جَازَيْتَنِي خَيْرًا وَأَنَا جَازَيْتُكَ شَرًّا.وَقَدْ أَظْهَرْتَ الْيَوْمَ أَنَّكَ عَمِلْتَ بِي خَيْرًا، لأَنَّ الرَّبَّ قَدْ دَفَعَنِي بِيَدِكَ وَلَمْ تَقْتُلْنِي.فَإِذَا وَجَدَ رَجُلٌ عَدُوَّهُ، فَهَلْ يُطْلِقُهُ فِي طَرِيقِ خَيْرٍ؟ فَالرَّبُّ يُجَازِيكَ خَيْرًا عَمَّا فَعَلْتَهُ لِي الْيَوْمَ هذَا.
“أخطيت”: وهى كلمة تحنن قلب الله والناس.
أما أفعال الأب وهو يمثل رد فعل الأسرة لكل ابن معاند :
“الأب أخذ الابن فى حضنه”
وأعطاه الحلة الأولى والخاتم .. لأنه ابن ، والحذاء: رمز البنوة الكاملة، وذبح العجل المثمن : له مناسبة خاصة جداً غالبا زواج الابن الأكبر، كسرت القاعدة من أجل محبة الأب للابن الضال، الأهم من هذا أخذه فى “حضنه”
الحضن هو الهدية العظمة، وترجع فانسان إلى مكانته فى قلب الأب.”وقع على عنقه وقبله”
الإنسان المعاند يحتاج أمرين :
- عين الرحمة فى القبول
- حضن المحبة.
- موقف الابن الأكبر يقابل الموقف بعناد أشد.
الابن الصغير تغرب مكانياً ، بينما الابن الكبير تغرب كيانياً.
الأخ الأكبر يغضب ويتذمر ولم يستر على أخيه ويتهم أبيه بالبخل ويشوه صورته، لم يحمل محبة لأبيه أو أخيه.
- موقف الأب من ابنه الكبير : كان ينبغى أن نفرح ونُسر لأن أخاك هذا كان ميتًا فعاش وكان ضالًا فوجدناه
- موقف الأب من ابنه الصغير: خرج وقع على عنقه وقبله… عظيم هذا الأب.
يجب أن تكون لديك عين رحيمة ملتمسة للاعذار مهما خالف الأبناء فالآباء يترفقون.
أرجوك تجنب أى عناد ، لأن العناد يفقد الإنسان كل شىء .
This page is also available in: English