أحد ابداعات كنيستنا القبطية في علاقتها بالكلمه المقدسة هو قراءة السفر الاخير في الكتاب المقدس في ليلة واحدة وحيدة عبر العام كله نسميها
“ليله سفر الرؤيا “أو سهرة ابو غالمسيس . و هذا السفر ذو طبيعة خاصة في محتواه و نصوصه و احداثه و نبواته و يسميه عدد كبير من الاباء “سفر الخروج إلي الابدية ” لانه يعد الأنسان إلي احداث النهاية و مجيْ الديان العادل ربنا يسوع المسيح .
و تحدّد العبارة الافتتاحية من سفر الرؤيا موضوعين رئيسيين يدور حولهما هذا السفر المقدس :
اولاً : رؤيا لشخص الرب يسوع المسيح المبارك .
ثانياً : رؤيا لتعاليم الله للكنيسة المقدسة .
و كلّما تقدَّم بنا السفر يتبلور هذان الموضوعان أكثر فأكثر .
أولاً : رؤيا لشخص الرب يسوع المسيح الُمباَرك :
لقد استطاع يوحنا الرسول ان يعلن هذه الحقائق :
1 – هو : الحق و الفادي و الملك الُمنتصر .
فسفر الرؤيا هو اكتمال لموضوع الكتاب المقدس الُمتمركز حول شخص المسيح الُمخلّص .
2 – صفات لشخصه الُمباَرك : منها علي سبيل المثال لا الحصر .
” كلمة الله ” ( 1 : 2 ) .
-“المُمسكُ السّبعةَ كواكب َفي يمينِه , الماشي وسَطِ السبع المناير الذًهبيًة “
( 2 : 1 ) .
فالسيّد المسيح هو راعي الكنيسة و الساهر علي حمايتها من كافة أعدائها .
– ” ما يقولُهٌ الروٌحُ للكنائس ” ( 3 : 22) , فالرسائل السيد المسيح إلي الكنائس السبعة في أسيا الصغري تدل علي أنه العارف كل شيء عن أعمالها , الُمحذّر لهم من الأخطار , الُممتدح أيضاً كل الفضائل .
– ” هوذا قَدْ غَلَبَ الأسدُ الذي مِنْ سبْط يهوذا , أصلُ داودَ , ليفتحَ السفَر و يفُكُّ خُتومَهُ الّسبعة” ( 5 : 5) .
إنه هو الأسد الذي من سبط يهوذا و الخروف المذبوح و الديان .
ثانياً : رؤيا لتعاليم الله للكنيسة الُمقدّسة :
1 – البعد النّبوي : يتنبأ السفر في مُعظمه بأحداث مُستقبلية وخاصة تلك الُمتعلّقة بأواخر الأزمنة , و أغلب النبوات تصف الدينونة الألهية للخطية كما تصف الأصحاحات الأخيرة , الانتصار الُممجّد للمسيح الملك ثم ملكوت السَّموَات و الحياة الأبدية ( أصحاح 21 و 22 ).
2 – البعد التاريخي : يعكس سفر الرؤيا تاريخ العالم في نهاية الأوقات و الدينونة و طريقة تطبيق الحكم الإلهي العادل علي الأفراد و الأمم , فالعالم كلّه منذ بدء الخليقة حتي يوم الدينونة سيمتثل بين يدي الرب الكلي القدرة الُمطلَق التصرُّف,أي شخص ربنا يسوع المسيح الديان (20 : 11 ).
2 – التعليم العقائدي : لو كان سفر الرؤيا هو السفر الوحيد في الكتاب المُقدس , لكان من الممكن أن نستدل منه علي معرفة الحقائق العقائدية الهامة عن الأنسان و الخطية و الملائكة و الشياطين و الدينونة و الخلاص و الكنيسة و السجود و السماء و الجحيم . و الله مثلث الأقانيم ( الآب و الابن و الروح القدس ) .
4 – التطبيق الروحي : فحث المسيحيين علي السلوك العملي للتعاليم المسيحية , و هو أحد الجوانب البارزة التي يستند عليها السفر ” طوبي للذي يقرأ ُ و للذين يَسمَعونَ أقوال َ النبوةِ , و يحفظون ما هو مكتوب ٌ فيها , لانَّ الوقتَ القريبُ “ُ( 1 : 3 ) و هذه أربع مراحل متتالية :
” اقرأ . اسمع . احفظ . استعد “
حقا ً أن إيماننا المسيحي المستقيم هو الإيمان الوحيد و الحقيقة الُمطَلقة , و الطريق الفريد الذي من خلاله يستطيع الإنسان أن يعرف الإله الحقيقي الرب يسوع المسيح و يرتاح فيه , و ذلك علي حد التعبير كتابنا المقدس أنه : ” ليس بأحد ٍ غيره الخلاص ُ ” ( أع 4 : 12).
و مسيحيّتنا ببساطة تُلخّص عقيدتها في نقاط مُحدَّدة:
1- إننا نؤمن باللَّه الواحد مثلث الأقانيم” الآب , و الابن , و الروح القدس”
( 1 يو 5 : 6 , 7 )
2 – إن الرب يسوع المسيح هو اللَّه الذي ظهر في الجسد ( 1 تي 3 : 16 ).
3- إن الرب يسوع صار كفارة لخطايانا و خلَّصنا من الخطية واللعنة و الموت.
4 – إن الرب يسوع المسيح سوف يأتي دياناً لهذا العالم عند نهاية الأزمنة ليُجازي كل واحدٍ حسب عمله .
و مجيء الرب يسوع الثاني في نهاية العالم هو الحقيقة التي أكًّدها الكتاب الُمقدس بعهديه : ” تتحَّول الشمسُ إلي ظُلمةٍ , و القمرُ إلي دمٍ قبل أنْ يجيءَ يومِ الرَّبّ العظيمُ المخوفُ ” ( يؤ 2 : 31 ) ” مُنتظرين و طالبينَ سُرعةَ مجيءِ يوم الرَّبّ ” ( 2 بط 3 : 12 )كما تُكرّرها الكنيسة علي مسامعنا في قانون الإيمان و أيضاً في تسبحة نصف الليل و صلوات الأجبية عبر ساعات اليوم حقاً هو سفر الأستعداد للملكوت .