صلى قداسة البابا تواضروس الثاني صباح اليوم قداس الأحد الرابع من الخمسين المقدسة في بازيليك القديس يوحنا اللاتيران في روما والتي فتحت الكنيسة الكاثوليكية هناك أبوابها ليصلي فيها قداسة البابا صلاة العشية أمس، والقداس الإلهي اليوم مع أبنائه الأقباط.
وحضر الصلاة من أعضاء السلك الدبلوماسي، سفيرنا في روما، السفير بسام راضي، والسفير محمود طلعت سفيرنا في الڤاتيكان، وسفيري فلسطين والعراق بإيطاليا، والسفيرة إيناس مكاوي رئيسة بعثة جامعة الدول العربية لدى إيطاليا والڤاتيكان، وطاقم سفارتينا لدى إيطاليا والڤاتيكان.
كما حضره المونسينيور بريل فاريل نائب رئيس مكتب تعزيز الوحدة المسيحية، مندوبًا عن قداسة البابا فرنسيس بابا الڤاتيكان، وممثلو عدد من الطوائف المسيحية بإيطاليا.
وامتلأت الكاتدرائية بالمصلين من شعب إيبارشية تورينو وروما، الذين جاءوا المدن الإيطالية التي يقيمون فيها للمشاركة في القداس مع “باباهم” الذي جاء ليفتقدهم.
وألقى السفير بسام راضي كلمة محبة، أشاد خلالها بقداسة البابا ودوره الوطني وحكمته حيال العديد من الظروف والتحديات التي مر بها الوطن، مشيرًا إلى مقولة قداسته ” وطن بلا كنائس أفضل من كنائس بلا وطن” ولفت إلى قيمة الكنيسة القبطية والأزهر الشريف واصفًا إياهما بأنهما من الأعمدة الرئيسية التي ترتكز عليها دولة المواطنة، التي أرسى دعائمها فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي.
وثمن السفير المصري الجملة التي أوردها قداسة البابا في خطابه في الڤاتيكان يوم الأربعاء الماضي: “لقد اخترنا المحبة حتى لو كنا نسير عكس تيار العالم الطامع الذاتي، ليعرف العالم كله أن الله محبة وهذه هي أسمى صفاته” وختم موجهًا الشكر للجميع.
كما ألقى المونسينيور بريل فاريل كلمة رحب خلالها بقداسة البابا تواضروس في بازيليك القديس يوحنا اللاتيران، مشيرًا إلى أنها المرة الأولى التي يصلي فيها بطريرك الكرسي المرقسي في بازيليك القديس يوحنا التي هي كرسي أسقف روما (بابا الڤاتيكان) واصفًا مجئ قداسة البابا تواضروس إلى هذه البازيليك بأنه “شرف وسعادة”.
فيما تناول قداسة البابا في عظته على إنجيل القداس والذي يتكلم عن “النور” ، الرؤية الروحية للنور وأهميته في حياة الإنسان، من خلال العقل المنفتح والعين البصيرة والقلب المستنير، وأشار إلى قول السيد المسيح : “أَنَا قَدْ جِئْتُ نُورًا إِلَى الْعَالَمِ” (يو ١٢: ٤٦)، وكيف يكون السيد المسيح نورًا للعالم، من خلال:
١- حياة السيد المسيح: حياته ووجوده كانت نورًا كما نقرأها في الكتب المقدسة، وكان يوصينا “أَنْتُمْ نُورُ الْعَالَمِ” (مت ٥: ١٤) لأن النور يسير في خطوط مستقيمة، فالنور هو الاستقامة، والروح المستقيمة أن يكون الإنسان واضحًا، وحياة السيد المسيح كانت نورًا لأن كلمة المسيح تعني أنه الوحيد الذي يمحو الخطايا، واسم “يسوع” يعني المخلص أي أنه يُخلّص الإنسان من خطاياه ومن المرض الروحي.
٢- كلامه ووصاياه: وصاياه تدور حول “المحبة”، وترتبط بحياة الإنسان ووجوده بين الآخرين، فكل ما نفعله مع الآخرين إنما نفعله مع المسيح، ووضع السيد المسيح أساس المعاني الإنسانية فقدّم لنا كيف تزول الكراهية بالمحبة، وقدم تعاليمًا تُعتبر نبراسًا لحياة الإنسان، لذلك نُسميه “المعلم الصالح”.
٣- معجزاته وأعماله: معجزاته هي أعمال نور في حياة الإنسان اليومية، مثلما فعل في الطبيعة في معجزة امتلاء الشباك بالسمك “«يَا مُعَلِّمُ، قَدْ تَعِبْنَا اللَّيْلَ كُلَّهُ وَلَمْ نَأْخُذْ شَيْئًا. وَلكِنْ عَلَى كَلِمَتِكَ أُلْقِي الشَّبَكَةَ». وَلَمَّا فَعَلُوا ذلِكَ أَمْسَكُوا سَمَكًا كَثِيرًا جِدًّا، فَصَارَتْ شَبَكَتُهُمْ تَتَخَرَّقُ” (لو ٥: ٥، ٦)، وفي الصحة والمرض مثلما شفى المولود أعمى، ونازفة الدم، فمعجزات السيد المسيح هي نور لحياة الإنسان، وما زالت يد الله تصنع معجزات ومعجزات.
وأوضح قداسته أن الإنسان يحتاج إلى النور الروحي، لأن النور يمنح السلام والنقاوة والاستمرار في الحياة الصالحة.
واختتم بتقديم الشكر لكل الحضور مشيرًا إلى زيارته للڤاتيكان التي جاءت بهدف الاحتفال بمرور ٥٠ سنة على زيارة المتنيح قداسة البابا شنودة الثالث للڤاتيكان وعشر سنوات على زيارته قداسته للڤاتيكان وبدء يوم المحبة الأخوية.
وعقب انتهاء القداس جلس قداسة البابا وتقدم إليه أبناء الإيبارشية حيث صافحهم جميعًا، وصلى لمن طلبوا منه الصلاة، وخصص بعض الوقف للحديث مع بعض الأسر من المتزوجين حديثًا، واستمع اليهم، ومنحهم بعض النصائح النافعة لحياتهم.
هل تريد ان تفرح قلب المسيح؟
المسيح فرحنا بقيامته، يا تري كل أحد فينا يفرح المسيح؟ كل أحد يقول:” انا نفسي افرح المسيح.” هناك نبوة قيلت عن المسيح، لكنها تصلح أن تكون لنا جميعاً. في إنجيل متى اصحاح 12 يقول :”هُوَذَا فَتَايَ الَّذِي اخْتَرْتُهُ، حَبِيبِي الَّذِي سُرَّتْ بِهِ نَفْسِي. أَضَعُ رُوحِي عَلَيْهِ فَيُخْبِرُ الأُمَمَ بِالْحَقِّ. لاَ يُخَاصِمُ وَلاَ يَصِيحُ، وَلاَ يَسْمَعُ أَحَدٌ فِي الشَّوَارِعِ صَوْتَهُ. قَصَبَةً مَرْضُوضَةً لاَ يَقْصِفُ، وَفَتِيلَةً مُدَخِّنَةً لاَ يُطْفِئُ.” (مت 18:12-20) كل أحد فينا هو حبيب المسيح، و المسيح يفرح به و يصف الكتاب المقدس حبيب المسيح بـ ٥ صفات:
لاَ يُخَاصِمُ: أول شئ يفرح قلب المسيح أن لا يكون في حياتك خصام. احترس أيها الحبيب و أيتها المباركة، الخصام يغضب قلب المسيح. كان هناك عداوة بين اليهود والسامريين، و المسيح لا يعرف الخصام. يوماً ما ذهب المسيح إلى1- السامرة و تحدث مع امرأه سامرية و في حديثه بدأ يدفعها للتوبة. فانطلقت هذه المرأة لأهل مدينتها و اخبرتهم بما فعل المسيح معها، و حدثت المصالحة. تذكر الآية التي تقول :”لا تغرب الشمس على غيظكم.” لأن عدو الخير يدخل في قلب الإنسان من خلال هذا الخصام ليطيل مدته و يزيد من حجمه، فيصعب حل هذا الخصام. أتذكر مرة كنت في زيارة لأرمينيا ، و قدموا لي رمان و شرحوا لي ان قلب الرمان يرمز لقلب الانسان المسيحي، يستوعب الجميع داخل قلبه بالحب.
2- لاَ يَصِيحُ: الإنسان المسيحي دائماً يعمل في هدوء دون صخب او غضب. يقول الآباء: “و لو اقام الغضوب ميتاً ، فما هو مقبول أمام الله.”لذلك إذا كنت تريد أن تفرح قلب المسيح كما فرحك بقيامته، لا تجعل للغضب مكاناً في قلبك. لستصر كل أمورك في هدوء مثل الشجر، هل رأيت شجرة تسمع صوتها و هي تنمو؟ بالعكس، فالشجرة تمتد و تنمو وتورق وتثمر في هدوء. تذكر الآية التي تقول :”لأَنَّ غَضَبَ الإِنْسَانِ لاَ يَصْنَعُ بِرَّ اللهِ.” (يع 1: 20)
لاَ يَسْمَعُ أَحَدٌ فِي الشَّوَارِعِ صَوْتَهُ: في العالم الذي نعيش فيه هناك شبكة الانترنت و كل انسان متاح له أن يتكلم في أي شئ. نقرأ في إشعياء الإصحاح الخامس هذه الآية:”وَيْلٌ لِلْقَائِلِينَ لِلشَّرِّ خَيْرًا وَلِلْخَيْرِ شَرًّا، الْجَاعِلِينَ الظَّلاَمَ نُورًا وَالنُّورَ3- ظَلاَمًا، الْجَاعِلِينَ الْمُرَّ حُلْوًا وَالْحُلْوَ مُرًّا.” (إشعياء 5: 20) لأن كما قال المسيح في إنجيل متي “كُلَّ كَلِمَةٍ بَطَّالَةٍ يَتَكَلَّمُ بِهَا النَّاسُ سَوْفَ يُعْطُونَ عَنْهَا حِسَابًا يَوْمَ الدِّينِ.” (مت 12: 36) اذا أردت ان تتكلم فتكلم كلام للبناء و تذكر قول القديس أرسانيوس معلم أولاد الملوك : كثيراً ما تكلمت و ندمت، أما عن الصمت فما ندمت قط.”
قَصَبَةً مَرْضُوضَةً لاَ يَقْصِفُ:الانسان الذي يريد أن يعيش مع المسيح لسانه مشجع دائماً. في فترة ما بعد القيامة نجد قصة جميلة عن التشجيع: بطرس الرسول يتوجه لمهنته القديمة – بعدما أنكر المسيح و سقط في صغر نف و شعر أنه غير4- قادر على صيد النفوس – يصطاد 153 سمكة، و يخرج من البحر ويجد أن المسيح قد أعد لهم غذاء، و يأخذه على انفراد و يسأله “اتحبني؟” و يجيب ” نعم يا رب.” فيقول له المسيح “ارعى غنمي.” و نسمع عن بطرس الرسول و كرازته العظيمة و عظاته و رسائله، ثم استشهاده. التشجيع جعل السامرية تعترف أمام المسيح بخطيتها.
5- فَتِيلَةً مُدَخِّنَةً لاَ يُطْفِئُ: و هذا تعبير عن النظرة الإيجابية، إنسان يتطلع للأمام و ينظر للمستقبل. كلنا نعرف شاول الرسول الذي قضى نصف حياته بعيداً عن المسيح، و في نقطة تحول، يصير فيما بعد بولس الرسول الكارز العظيم.
تصور انك تصير حبيب المسيح، و ان المسيح ينظر إليك و يقول “حبيبي الذي سرت به نفسي.” حبيبي الذي يفرحني. لذلك اجتهد أن تفرح قلب مسيحك في حياتك، في بيتك، في خدمتك، في عملك، في علاقاتك الاجتماعية، و عندما تفرح قلب المسيح ستزداد انت فرحاً و سعادة.
This page is also available in: English