أدوات الأب الأسقف في قيادة العمل التنموي
أدوات الأب الأسقف في قيادة العمل التنموي
(من الإحسان الي التنمية)
"نَقُومُ وَنَبْنِي"
تقديم/ د. مجدي لطيف السندي
العناصر:
– مقدمة: من الإحسان الي التنمية: لماذا؟
– أولاً: “الإنسان” رسالة المسيح
– ثانياً: “خدمة كل إنسان وكل الإنسان” رسالة الكنيسة
– ثالثاً: “التنمية” رسالة إنسانية نبيلة وخبرة علمية دولية متراكمة
– رابعاً: الخبرات المسيحية في العمل التنموي في مصر (في القرن العشرين)
– خامساً: كيف نخدم الفقراء؟
– سادساً: كيف نعد برنامج تنمية في المجتمع ومن يقوم به؟ (خطوات العمل الميداني)
– الخلاصة
مقدمة:
“تنمية كل إنسان وكل الإنسان بمشاركة كل إنسان” هو شعار تتبناه الكنيسة اليوم، وهو يعكس فكر كتابي ووصية إلهية منذ خلقة الإنسان، كما أنه يبني علي خبرات علمية جادة ودوافع إنسانية نبيلة تراكمت عبر الزمن. وللكنيسة القبطية خبرات في التنمية في مفهومها المسيحي الشامل والذي يتخذ بُعداً خلاصيا للإنسان مما يميز نموذج العمل التنموي المسيحي عن النماذج الأخري التي يقدمها العالم.
ما المقصود بالتنمية؟ وما هو المنظور المسيحي لها ؟ ما هي نماذج خدمة الفقراء وما هو النموذج الأنسب؟ وكيف تستفيد الكنيسة من كل الخبرات العلمية والعملية في التحول من الإحسان الي التنمية؟ وهل جهود التنمية قاصرة علي الفقراء فقط أم يجب أن تشمل كل عضو في الكنيسة والمجتمع بمفهوم إنساني شامل؟ ما هو الواقع التنموي الآن في مصر – كما ترصده التقارير العلمية، وكيف تتعاون الكنيسة مع البرامج الوطنية للتنمية؟ ما هي الأدوات التي تساعد الأب الأسقف في تبني المنهج التنموي في الخدمة، وكيف تتحول أنشطة خدمة إخوة الرب الي مكاتب فنية للتنمية تقدم برامج تنموية بمعناها المسيحي والإنساني الواسع.
هذا ما ستحاول هذه المحاضرة (وورشة العمل التالية) الإجابة عليه.
أولاً: “الإنسان” رسالة المسيح
1. “تنمية الإنسان لنفسه ولمجتمعه” فكر إلهي ووصية كتابية
– ”…وبارَكَهُمُ اللهُ وقال لهُم..أثمِروا وأكثُرُوا واملَأُوا الأَرْضَ وأَخضِعُوهَا وتَسًلَّطوا علي سَمَكِ البَحرِ وعلي طَيرِ السَّماءِ وعلي كُلِ حَيًوانٍ يَدِبُ علي الأرضَ“(تك 26:1 – 28).
– وَأَمَّا أَنَا فَقَدْ أَتَيْتُ لِتَكُونَ لَهُمْ حَيَاةٌ وَلِيَكُونَ لَهُمْ أَفْضَلُ (يو10:10 )
أول وصية أعطاها الله للإنسان (تك 26:1 – 28) كانت تعني “إنموا”..”يا آدم نمي نفسك ونمي الخليقة من حولك فأنت سيدها وهي خلقت لأجلك”. لكن بعد السقوط – فقد الإنسان هذا الإمتياز وتشوهت صورة الإنسان وصار في غربة عن الله ودخل الموت الي حياته (موت روحي وجسدي وأدبي وأبدي).
وبالتجسد أعلن السيد المسيح عن رؤيته للإنسان (يو 10: 10)؛ الحياة الأفضل هي قطعاً في الأبدية، ولكن للإنسان أيضا رسالة أرضية (كملح ونور وسفير وشاهد).
2. “الإنسان” هدف التجسد ومحور رسالة المسيح
إنجيل لوقا ركز علي لقب المسيح (إبن الإنسان) (المسيح صديق الإنسان). فالإنسان هو هدف التجسد ومحور رسالة المسيح ”رُوحُ الرَّبِ عليَّ لأنَّهُ مَسَحَني لأُبَشّرَ المَساكِينَ أَرْسَلَنِي لأَشْفِيَ المُنكَسِري القُلُوبِ لأُنادي لِلمأسُورينَ بالإِطلاقِ ولِلعُميِ بالبَصَرِ وأُرسِلَ المُنسَحِقِينَ في الحُرِّيهِ، وأَكرِزَ بِسَنَهِ الرَبَ المَقْبولهِ“(لو 18:4)
وقد أكد السيد المسيح علي إرساليته التي ركزت علي الإنسان، في التعليم والمعجزات والأمثال؛ علي سبيل المثال (الخروف الضال – الإبن الضال – والدرهم المفقود).
لأَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ قَدْ جَاءَ لِكَيْ يَطْلُبَ وَيُخَلِّصَ مَا قَدْ هَلَكَ» (لو 19: 10)
مثل الخروف الضال «أَيُّ إِنْسَانٍ مِنْكُمْ لَهُ مِئَةُ خَرُوفٍ وَأَضَاعَ وَاحِداً مِنْهَا أَلاَ يَتْرُكُ التِّسْعَةَ وَالتِّسْعِينَ فِي الْبَرِّيَّةِ وَيَذْهَبَ لأَجْلِ الضَّالِّ حَتَّى يَجِدَهُ؟“(لو 15: 3-7).
مثل الإبن الضال “كَانَ يَنْبَغِي أَنْ نَفْرَحَ وَنُسَرَّ لأَنَّ أَخَاكَ هَذَا كَانَ مَيِّتاً فَعَاشَ وَكَانَ ضَالاًّ فَوُجِدَ».(لو 15:11 – 32)
مثل الدرهم المفقود ” أَوْ أَيَّةُ امْرَأَةٍ لَهَا عَشْرَةُ دَرَاهِمَ إِنْ أَضَاعَتْ دِرْهَماً وَاحِداً أَلاَ تُوقِدُ سِرَاجاً وَتَكْنِسُ الْبَيْتَ وَتُفَتِّشُ بِاجْتِهَادٍ حَتَّى تَجِدَهُ؟“(لو 15: 8- 10)
3. عمل المسيح الرعوي: إهتم بخدمة كل إنسان وكل الانسان
«فَالْجُمُوعُ إِذْ عَلِمُوا تَبِعُوهُ فَقَبِلَهُمْ (النفس)، وَكَلَّمَهُمْ عَنْ مَلَكُوتِ اللهِ (الروح) وَالْمُحْتَاجُونَ إِلَى الشِّفَاءِ شَفَاهُمْ (الجسد)». (لو 9: 11)
“فقال لهم يسوع لا حاجة لهم أن يمضوا. أعطوهم أنتم ليأكلوا” (مت 14 : 16)
“وَإِلهُ السَّلاَمِ نَفْسُهُ يُقَدِّسُكُمْ بِالتَّمَامِ. وَلْتُحْفَظْ رُوحُكُمْ ونَفْسُكُمْ وَجَسَدُكُمْ كَامِلَةً بِلاَ لَوْمٍ عِنْدَ مَجِيءِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ“ (1تس 5: 23)
عمل المسيح الرعوي: إهتم بخدمة كل إنسان وكل الانسان
المسيح هو أعظم خادم تنموى يخدم كل احتياجات الانسان الروحية والنفسية والجسدية
المسيح يكلف الكنيسة بالإستجابة لكل إحتياجات الإنسان.
المسيح يطلب مشاركة الإنسان (”كم رغيفاً عندكم. اذهبوا وانظروا“ يو – “إرفعوا الحجر” يو 11) – “إملؤا الأجران ماء” (يو 2)
الكنيسة تتمثل بالسيد المسيح الذي قدم نموذج السامري الصالح الذي رمز لشخص المسيح الذي يتحنن علي الإنسان في كل مكان بصرف النظر علي إنتمائه
الكنيسة مدعوة في كل عصر أن تقدم نموذج السامري الصالح في خدمتها غير المشروطة للإنسان.
4. التنمية إقتفاء لمثال الرب يسوع
وَكَانَ الصَّبِيُّ يَنْمُو وَيَتَقَوَّى بِالرُّوحِ مُمْتَلِئاً حِكْمَةً وَكَانَتْ نِعْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ….أَمَّا يَسُوعُ فَكَانَ يَتَقَدَّمُ فِي الْحِكْمَةِ وَالْقَامَةِ وَالنِّعْمَةِ عِنْدَ اللهِ وَالنَّاسِ. (لو 2).
فالآيات الوحيدة التي سجلت طفولة وصبي يسوع أشارت الي هذا النمو المتكامل الذي عاشه السيد المسيح وأخضع نفسه له – كإبن الإنسان الذي شابهنا في كل شيء ما عدا الخطية – روحاً ونفساُ وجسداً في دوائر علاقاته الأسرية والمجتمعية.
ثانياً: رسالة الكنيسة هي “خدمة كل إنسان وكل الإنسان”
“”فَقَالَ بُطْرُسُ: «لَيْسَ لِي فِضَّةٌ وَلاَ ذَهَبٌ وَلَكِنِ الَّذِي لِي فَإِيَّاهُ أُعْطِيكَ: بِاسْمِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ النَّاصِرِيِّ قُمْ وَامْشِ». وَأَمْسَكَهُ بِيَدِهِ الْيُمْنَى وَأَقَامَهُ فَفِي الْحَالِ تَشَدَّدَتْ رِجْلاَهُ وَكَعْبَاهُ فَوَثَبَ وَوَقَفَ وَصَارَ يَمْشِي وَدَخَلَ مَعَهُمَا إِلَى الْهَيْكَلِ وَهُوَ يَمْشِي وَيَطْفُرُ وَيُسَبِّحُ اللهَ” (أع 3: 6-8)
هذا القصة الجميلة (معجزة شفاء مقعد باب الجميل) توضح ثلاثة أدوار رئيسية للكنيسة تجاه الإنسان (بحسب الفكر الأرثوذكسي):
1. تجدد طبيعته (بوسائط الخلاص/الأسرار). الثمر: الإنسان يتجدد ويتقدس بعمل النعمة المستمر.
2. ترعاه وتنميه بالعضوية وبالشركة، من خلال منهج متكامل للتنمية البشرية (روحا ونفسا وجسدا: خدمة كل إنسان وكل الإنسان). الثمر: الإنسان يتحد بباقي الإعضاء من خلال الشركة العاملة وينمو بشكل متكامل.
3. تمكنه من الخدمة، إذ تساعده علي إكتشاف الوزنات التي أعطاها له الله، وتعطيه الفرصة والصلاحيات التي تمكنه من إستخدام وزناته لحساب المسيح، الثمر: في الكنيسة الحية كل الإعضاء خدام.
وبالتالي لكل عضو في الكنيسة ثلاثة أدوار رئيسية:
1. يتغير بالإيمان العامل بالمحبة وبالتوبة المستمرة ” تَغَيَّرُوا عَنْ شَكْلِكُمْ بِتَجْدِيدِ أَذْهَانِكُمْ” (رو 12: 2)،
2. ينمو بالعضوية الحية في جسد المسيح (أف 2: 21)،
3. يخدم من خلال الشهادة والشركة، في اي وفي كل مجال لحساب المسيح، ففي الكنيسة الحية كل الإعضاء خدام (1بط 4:10).
ودور الخادم في الكنيسة، إذاً، هو ثلاثي الأدوار أيضاً:
1. يتوب ويتوب (أي يحيا حياة التوبة ويدعو لها) (التوبة تبدأ ولا تنتهي إلا بخلع الجسد)؛
2. ينمي الآخرين وينمو معهم (أي يتبني منهج التنمية، وفيما هو يُنمي الآخرين هو نفسه ينمو )؛
3. يخدم الآخرين ويتخدم روحياً من خلالهم
وبالتالي فإن منهج التنمية في الكنيسة يشمل الجميع، خداماً ومخدومين.
ثالثا: “التنمية” رسالة إنسانية نبيلة وخبرة علمية دولية متراكمة
عبر رحلة التنمية، ظهرت ثلاثة نماذج شهيرة في خدمة الفقراء والمعوزين. فما هي؟
نماذج خدمة الفقراء
- نموذج الإغاثة والإعالة (الإحسان):
مميزاته: إستجابة سريعة لإحتياج ملح – حلول سهلة وسريعة – سعادة للمعطي – راحة للمتلقي.
عيوبة: مؤقت ووقتي – خطورة إنقطاع الدعم أمام إحتياج مُلح آخر – علاج الأعراض وليس الأسباب – إستمرار الفقر – إعتمادية المتلقي – التركيز علي العطايا المادية – تكريس التصنيف بين البشر (مُعطي ومُستعطي).
العطاء في هذا النموذج يركز علي الإمداد بالمؤن (supplies)
- نموذج الرعاية الإجتماعية والخدمات
مميزاته: التركيز علي الخدمات الإجتماعية المدعمة (مستوصف أو مستشفي – مدرسة – سوبر ماركت – إلخ) وليس العطايا المادية – ولذلك هو يقدم شكل أفضل للخدمة.
عيوبه: عدم إستمرارية الخدمات لضعف جدواها الإقتصادية –تغيير شكل المجتمع دون تغيير الناس – التركيز علي توفير خدمات وليس تغيير الناس (الإستثمار في الحجر وليس البشر) – يقدم حلول مكلفة عير مستدامة (خطر إنقطاع الحبل بعد حين) – تصنيف الناس الي علماء وجهلاء – عدم مراعاة الثقافة المحلية والخبرة المحلية.
تركيز هذا النموذج علي الخدمات services
- نموذج التنمية بالمشاركة والمساندة والتمكين
تركيز هذا النموذج علي الإنسان Human Being
فهو يبدأ بتقدير الإحتياج ورصد الموارد المحلية المتاحة وتحليل أسباب المشكلات والعمل علي تمكين الإنسان من حلها (بالمعرفة والمهارة والإمكانيات) – يستثمر في الإنسان نفسه وليس في الظروف الخارجية (النمو المبكر للطفل – التعليم ذو الجودة – التنشاة والثقافة وبناء الوعي المعرفي – نمط صحي للحياة healthy life style – المشاركة الإجتماعية والسياسية (لمواطنة الفاعلة) – تعدد الفرص والخيارات المتاحة للإنسان لمواجهة مصاعب الحياة.
تركيز هذا النموذج علي التكامل بين جهد الإنسان الداخلي وفرص الدعم الخارجي (التنمية بالمشاركة والمساندة والتمكين (Synergy)
بالرغم من صعوبة هذا النموذج (المدة – تعاون المخدوم – نوعية الخادم – نوع الخبرة )، إلا أن مميزاته:
1. يحاكي نموذج التجسد (المعايشة والمشاركة والإخلاء).
2. يعمل على التغيير (تغيير الفرد نقطة البداية الصحيحة لتغيير الواقع؛ تغيير الداخل قبل الخارج – علاج المرض وليس العرض)
3. إحترام وإستخدام المعرفة والخبرة المحلية، البشر قبل الحجر ، البحث عن الحلول الملائمة وبذلك يضمن الإستمرارية.
4. يساعد علي تكوين رؤية ورسالة للحياة أبعد من مجرد سد عوز اليوم،
5. هذا النموذج يتمثل منهج السيد المسيح الذي أكد علي دور الإنسان حتي في المععجزات (إملؤا الأجران ماء – أعطوهم أنتم ليأكلوا قدموهم الي (الخمس خبزات والسمكتين) – إرفعوا الحجر
6. إحترام دور الإنسان فيه إعلاء لكرامة وقيمة الإنسان.
أي النماذج أفضل؟
يجب الإشارة أن أفضلية نموذج التنمية (من جهة تأثيره وإستدامته) لا تعني أن النموذجين الآخرين مرفوضان؛ فيجب أن تستمر الكنيسة في تقديم الإغاثة والإعالة للأفراد المعدمين، والأسر التي بلا عائل، أو التي تمر بظروف كارثية تحتاج معها تدخل عاجل. كما أن الكنيسة يجب أن تقدم خدمات مدعمة لبعض الفئات التي لا يناسبها برامج التنمية (مثل المسنين أو المرضى). والنماذج الثلاث يمكن أن تعمل بالتوالي في مجتمع ما (أي تبدأ بحلول إغاثية عاجلة، يعقبها تقديم خدمات مدعمة مع التحول التدريجي الي برامج تنمية شاملة)، أو بالتوازي في عدة مجتمعات معاً.
ولا شك أننا نتحدث هنا عن خدمة للفقراء برؤية تنموية جديدة ومستوي جديد تحتاج الكنيسة نفسها أن تتأهل له وأن تتعاون مع الجهات المتخصصة لتنفيذ برامج التنمية (مثل المؤسسات الأهلية).
العمل وصية وقيمة مسيحية
” أوصيكم بهذا أنَه إن كان أحدٌ لا يريد أنْ يشتغِلَ فلا يأكُلْ أيضاً“(2 تس 6:3 – 12)
”… أَطلُبُ إِليكُم أَنْ … وَتَشْتَغِلوا بِأَيديكُم أَنْتُمْ كَمَا أَوصَيْنَاكُمْ … ولاَ تَكُونَ لَكُمْ حَاجهٌ إِلي أَحَدٍ“(1تس 4: 10- 12).
”لا يسرِقِ السَارِقُ في ما بعدُ .. بل بالحريَ يتْعبُ. عاملاً الصالحِ بيديه ليكونَ لهُ أنْ يُعطي مَنْ لهُ أحتياجٌ“(أف 28:4 ).
”يدُ المُجتهدِينَ تسودُ .. امَا الرِخْوهُ فتكونُ تَحتَ الجِزْيهِ. الرَخاوهُ لا تَمْسِكْ صَيْدًا .. أما ثَرْوهُ الإنسان الكريمهُ فهي الاِجتِهادُ“(أم 24:12 – 27).
تطور مفهوم التنمية ((Development من العمل الخيري Charity)) إلى التمكين والإستدامة (Empowerment)
جهود مساعدة الفقراء والقضاء علي الفقر قديمة من قدم عمر الإنسان ، لكن في ال 100 سنة الأخيرة مرت الخبرة الدولية المتراكمة بمراحل كثيرة
المرحلة التاريخية | المنهج السائد | المصطلح العلمي الشائع |
1945 – | الإغاثة وإعادة التأهيل للبلاد والمجتمعات المتضررة من الحروب المدمرة | Relief and Rehabilitation |
1960 – | جولة الرفاه: تقديم خدمات مدعمة (التنمية من أعلي الي أسفل) | Welfare state (subsidized service provision) |
1980 – | برامج التنمية المجتمعية الشاملة (التنمية من أسفل الي أعلي) | Comprehensive community development |
1990 – | المنهج الحقوقي للتنمية بالمساندة والمناصرة والدعوة | Human Rights Based Approach (Advocacy) |
2000 – 2015 | الأهداف الإنمائية للألفية (8 أهداف)[*] | Millennium Development Goals |
2016 – 2030 | أهداف التنمية الستدامة (17 هدف)[**] | Sustainable Development Goals |
[*] الأهداف الإنمائية للألفية https://www.un.org/ar/millenniumgoals/
[**] أهداف التنمية المستدامة https://egypt.un.org/ar/sdgs
ما المقصود بالتنمية الشاملة ((Holistic Development ؟
ليس هناك تعريفاً واحدأ متفق عليه للتنمية الشاملة في الأدبيات العالمية. ولكن هناك جوانب أساسية يكاد يجمع عليها الكل عن مفهوم التنمية الشاملة. والتعريف المذكور أدناه هو محاولة لتجميع أهم الجوانب التي تصف المقصود بالتنمية الشاملة:
”هي عملية تغيير إيجابي متكامل في كل الجوانب الإنسانية (الإقتصادية والإجتماعية والثقافية والبيئية والروحية) لحياة الفرد والمجتمع، تلبي الإحتياجات الأساسية وتراعي حقوق الإنسان في نوعية حياة كريمة؛ من خلالها يتم تمكين الإنسان من إستخدام كل إمكانياته لتحقيق ذاته والإعتماد على نفسه، من أجل حاضر أسعد ومستقبل أفضل“
تطور جهود مكافحة الفقر(الخبرة الدولية)[*]
– فقر الدخل ((Income Poverty
– فقر القدرة ((Capability Poverty
– الفقر متعدد الأبعاد ((Multidimensional Poverty ويتم قياسه عن طريق “مقياس الفقر متعدد الجوانب MPI Multidimensional Poverty Index (10 indicators) – وهو يشمل 10 مؤشرات تقيس ظروف السكن – الصحة (إتاحة الخدمات – سوء تغذية الطفل ) – التعليم (عدد سنوات التعليم – الإنتظام في التعليم ) وكل هذه المؤشرات تصف بدقة أوجه ومدي حالة الفقر ، وبالتالي التدخلات المطلوبة.
– رأس المال البشري (Human Capital) وهو من أحدث المفاهيم الدولية للتعامل مع التنمية البشرية
[*] أنظر كتابنا ” المنهج التنموي في الخدمة”. مجدي لطيف السندي وأيمن رمسيس . الناشر خدمة الأنبا إبرامم للتنمية بكنيسة مارمرقس كليوباتر مصر الجديدة 2012
رابعأً: الخبرات المسيحية في العمل التنموي في مصر (في القرن العشرين)
رواد التنمية في الكنيسة القبطية وخبرات الكنيسة المعاصرة في العمل التنموي:
إهتمام الكنيسة القبطية بالتنمية ليس جديداً ، ونستطيع أن نرصد عدداً من المحطات الهامة في تاريخ الكنيسة المعاصر، تزامنت مع رواد من الأباء الذين آمنوا بفكر التنمية المسيحي وقدموا للكنيسة والمجتمع والوطن مبادرات هامة سبقت عصرها. علي سبيل المثال:
1. تأسيس أسقفية الخدمات العامة والإجتماعية والعلاقات المسكونية في 1962 – والدور الرائد للمتنيح الأنبا صموئيل (1962 –1981 ) في الدياكونية الريفية وخدمة الفئات المهمشة والتدريب المهني؛ الدور الذي إستكمله الأباء الأساقفة الأجلاء الذين تولوا الأسقفية بعد إستشهاده في حادث المنصة
2. مبادرات برامج التنمية الريفية وخدمة أحياء جامعي القمامة التي قادها المتنيح الأنبا أثناسيوس (1962 – 2000 م) مطران بني سويف والبهنسا وتوابعها، (والمشرف علي أسقفية الخدمات (1981 – 1985)
3. الإهتمام ببرامج الرعاية الإجتماعية من خلال إنشاء لجان البر علي يد المتنيح البابا شنودة الثالث والتي إنتشرت في عدد كبير من الكنائس وبدأ بعضها في تبني مبادرات تنموية.
4. المبادرات والبرامج التنموية الريفية والحضرية التي يقوم بها عدد كبير من الأباء المطارنة والأساقفة حاليا في الإيبارشيات (لمزيد من التفاصيل أنظر الي المرفق الخاص بخبرات ولإقتراحات الأباء الأساقفة).
5. نشاة ونمو خدمات المناطق العشوائية في كل الكرازة من خلال مجمعات من الخدام والخادمات المتطوعين والتي تجول معظمها الي برامج تنموية رائدة.
6. تتبني الكنيسة حاليا تحت قيادة قداسة البابا تواضروس الثاني تطويرا شاملا لخدمة إخوة الرب ولجان البر في إتجاه المنهج التنموي للخدمة. وقد تم تأسيس السكرتارية البابوية للرعاية الإجتماعية لهذا الهدف
7. كما تتبني مبادرة شركاء التنمية، والتي يشارك فيها عدد من الهيئات المسيحية التي تعمل في التنمية وتسعي الي تنسيق وتكامل الجهود بين الشركاء. أسقفية الخدمات العامة والاجتماعية والمسكونية، سكرتارية الرعاية الاجتماعية بالمقر البابوي، المكتب البابوي للمشروعات، خدمة الانبا إبرام بكنيسة مارمرقص بمصر الجديدة، خدمة الراعي وام النور، خدمة الانبا إبرام بكندا، خدمة الأنبالإبرام للذين ليس لهم أحد يذكرهم، هيئة كوبتيك أورفان، والمعهد القبطي للتدبير الكنسي والتنمية.
8. المؤسسات والجمعيات التنموية المسيحية التي تاسست في القرن العشرين من خلال بعض الطوائف في مصر مثل الهيئة القبطية الإنجليلة للخدمات الإجتماعية وجمعية الصعيد للتربية والتنمية وهيئة كاريتاس.
خامساً: كيف نخدم الفقراء؟
تنمية الإنسان: خمس مجالات أساسية في كيان واحد
أشار السيد المسيح الي خمس مجالات أساسية لنمو الإنسان، هي الأساس في التنمية البشرية المتكاملة “وَأَمَّا يَسُوعُ فَكَانَ يَتَقَدَّمُ فِي الْحِكْمَةِ (نمو العقل) وَالْقَامَةِ (نمو الجسد) وَالنِّعْمَةِ (نمو النفس)، عِنْدَ اللهِ (نمو الروح) وَالنَّاسِ (نمو العلاقات والمهارات الحياتية)” (لو 2: 52). وهذه المجالات يمكن تشبيهيها ب5Hs :
· تنمية العقل: التنمية الفكرية (المعرفة والعلم) | Head |
· تنمية الروح: التنمية الروحية (الوجدان) | Heart |
· تنمية المهارات : التنمية المهنية والحرفية (مهارة اليد) | Hand |
· تنمية الجسد: التنمية الصحية (التوعية الصحية) | Health |
· تنمية البيئة الداعمة للإنسان: التنمية البيئية (البيئة المحيطة بالإنسان) | Home |
كيف نميز بين برامج وتدخلات الإغاثة والرعاية الإجتماعية والتنمية ؟
نوع المستفيدين | طبيعة التدخلات | هدف التدخلات |
الأسر المعدمة | إغاثة | تعطية شاملة للأسر المعدمة من خلال خدمات الإعالة المنتظمة أوالإغاثة العاجلة (مثال: شهريات – تموين – ملابس – شنطة البركة – علاج طبي مزمن أو تدخل جراحي عاجل) |
الأسر ذات الدخل المحدود أو التي لا تستطيع السؤال | رعاية | مساهمات جزئية وقتية لدعم الأسر ذات الدخل لمحدود أو التي لا تستطيع السؤال- وتشمل برامج الحماية الإجتماعية والخدمات المدعمة (تعليم – صحة – تموين مدعوم- إلخ) |
كل فئات الشعب وخاصة محدودي الدخل | تنمية | برامج ومشروعات تنموية متوسطة وطويلة الأجل، من أجل توسع الإختيارات المتاحة لكل إنسان ولإكتشاف طاقاته ومساعدته علي إنمائها |
سادساً: كيف نعد مشروع تنمية في المجتمع ومن يقوم به؟ (خطوات العمل الميداني)
مراحل إدارة المشروع التنموي
لأي مشروع تنموي ثلاث مراحل أساسية:
1. مرحلة التخطيط
2. مرحلة التنفيذ والمتابعة
3. مرحلة تقييم النتائج
خطوات العمل في القرية أو المنطقة العشوائية
1. تكوين فريق محلي من خدام التنمية
2. تحديث العضوية الكنسية بالكنيسة وإستكمال قاعدة البيانات عن كل المخدومين
3. تقدير إحتياجات المجتمع
4. تحديد المشكلات ذات الأولوية وتحليل أسبابها
5. وضع أهداف المشروع التنموي
6. تصميم وتخطيط التدخلات والبرامج التنموية الفنية
7. وضع خطة العمل
8. تنفيذ ومتابعة العمل ميدانياً
9. التقييم والتقويم من أجل إستدامة الأثر
من يقوم بمشروعات وبرامج التنمية؟
تصميم وإدارة مشروع تنموي ناجح أصبحت علماً متخصصاً ومهارة تكتسب بالدراسة والممارسة تحت إشراف فني. فهناك مدي واسع من التدخلات التنموية التي تتزايد بإستمرار، علي سبيل المثال لا الحصر: مشروعات التعليم – الصحة – توليد دخل – قروض دوارة (إقراض فردي أو جماعي) – المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر – حماية الطفولة – تمكين المرأة لإقتصادياً – تأهيل الشباب لسوق العمل – ترقية الفتاة – حماية الأطفال ضد العنف – توصيل المياه والصرف الصحي في المناطق الريفية والعشوائية، إلخ .
ولذلك نحن نوصي أن تَوَجُهْ الكنيسة نحو مشروعات وبرامج التنمية يجب أن يواكبه بناء لقدرات فريق الخدام الذي يجب أن يكون لديه الإستعداد للتعلم والتمرس في التطبيق الميداني، وربما يتفرغ البعض لهذا العمل السامي.
كذلك يجب أن تتجه الكنيسة الي العمل المؤسسي في هذا القطاع بتكوين مكتب للتنمية في الإيبارشية أو الكنيسة يقوم بتنفيذ خطوات العمل (المذكورة أعلاه) لعمل مشروع أو برنامج تنموي في المجتمع المستهدف. كما يمكن لمكتب التنمية في الإيبارشية التنسيق بين جهود كل شركاء التنمية في الإيبارشية لتجنب اي إزدواجية أو تكرار أو تنافس في الميدان.
كما يجب تشجيع الكنائس علي التعاون مع المؤسسات والجمعيات الأهلية المسيحية الموجودة في المجتمع من خلال بروتوكولات تعاون لخدمة شعب الكنيسة في إطار مشروعات تنمية المجتمع المحلي، وذلك للإستفادة من خبراتها التنموية في البرامج المختلفة.
كما يجب تشجيع الكنائس تكوين جمعيات أهلية تعمل كذراع تنموي للكنيسة، وتقوم بكل العمل الفني المتخصص من تصميم وتنفيذ ومتابعة للمشروعات، كذلك تدبير للتمويل وتسويق للمشروعات لخدمة شعب الكنيسة والمجتمع كله الذي تتواجد فيه الكنيسة.
ومن الضروري مراعاة مبدأ “فصل الملكية عن الإدارة” في مشروعات التنمية التي تقوم بها الإيبارشيات والكنائس، بمعني تفويض الجمعيات أو المؤسسات في القيام بكل الأعمال الفنية الخاصة بالمشروعات (من دراسة جدوي – تخطيط – تدبير التمويل – الإدارة والمتابعة الفنية – وتقديم التقارير)، علي أن تكون هذه الجمعيات والمؤسسات مسئولة عن نتائج المشروعات وجدواها أمام الإيبارشية أو الكنيسة التي تملك المشروع، دون تدخل من الكنيسة في إدارة المشروعات.
الخلاصة: توصيات ختامية
تغيير مسمي “خدمة إخوة الرب” بالكنائس الي “خدمة التنمية الشاملة” – (فإسم الخدمة يشير الي مدلول عملها)، وتشجيع تكوين مكاتب تنمية في كل إيبارشية.
مراجعة قوائم إخوة الرب وإعادة تصنيف الحالات (إغاثة – رعاية – تنمية ) وتنقية القوائم (بإستخدام بحوث الحالات)، والتشجيع علي التوجه الي مشروعات وبرامج التنمية.
غرس قيم العمل والإعتماد علي النفس والطموح والترفع عن الإستجداء والإعتزاز بالكرامة الإنسانية لشهادة مسيحية حية – في كل الإجتماعات الكنسية.
تشجيع وتحفيز أسر إخوة الرب علي المشاركة في – والإستفادة من – برامج التنمية المتنوعة المتاحة.
تدريب الخدام العاملين بخدمة “إخوة الرب” علي المنهج التنموي بالتعاون مع المعاهد والهيئات الكنسية المتخصصة.
تشجيع الشعب علي تغيير ثقافة العطاء من “الصدقة والإحسان” الي “المساهمة في برامج التنمية”
تشجيع الشعب علي التطوع في برامج التنمية – داخل الكنيسة وفي الجمعيات الأهلية – كلٌ بحسب خبرته.
تشجيع الكنيسة لأعضائها في تكوين جمعيات أهلية ومؤسسات تنموية وتمكينها من العمل من داخل وخارج الكنيسة. وفي نفس الوقت، بناء قدرات الجمعيات الأهلية المسيحية لتقوية بنائها المؤسسي وتطوير أداءها الفني.
تشجيع الكنائس علي عمل مشروعات تنموية وإسنادها الي الجمعيات الأهلية والمؤسسات التنموية المتخصصة (من خلال إتفاقيات شراكة) (مثل برامج تأهيل الشباب لسوق العمل – المشروعات الصغيرة – إحالات علاجية – حضانات – إلخ)، مع تفعيل مبدأ “فصل الملكية عن الإدارة”.
تشجيع التعاون بين المؤسسات التنموية المسيحية من خلال مبادرات شركاء التنمية، وعمل بروتوكولات تعاون.