باسم الاب والابن والروح القدس الاله الواحد امين
اخريستوس انيستي، اليثوس انيستي
المسيح قام، بالحقيقة قد قام
اهنئكم جميعا بعيد القيامة المجيد في عام 2023. نحتفل بالقيامة المجيدة بعد هذا الصوم الطويل، الصوم المقدس والذي امتد الى 55 يوماً. نحتفل بالقيامة كما في كل عام. وكما تعلمون ان احتفال القيامة هو احتفال بأساس ايماننا. وهذا الاحتفال بالقيامة هو احتفال بالمسيحية، والاحتفال بالإيمان بالمسيح. ولذلك نحتفل بالقيامة في كل يوم في صلاة باكر بالاجبية، ونحتفل بها في كل أسبوع في يوم الاحد لأنه يوم القيامة ويوم النور. ونحتفل بها أيضا في كل شهر في تاريخ 29 من الشهر القبطي، وهو تذكارات للبشارة وللميلاد وللقيامة. ونحتفل بها كل عام في عيد القيامة المجيد ويمتد احتفالنا الى 50 يوماً نسميها الخماسين المقدسة.
والحقيقة ان عطايا القيامة عطايا كثيرة جدا في حياة الانسان. وأود ان اتحدث معكم عن عطية من العطايا الغنية التي في قيامة رب المجد. هذه العطية هي عطية العين الإيجابية للحياة.
الانسان خلق له الله العين كعضو للنظر. خلق له عينان في وجهه لكي ينظر الى الحاضر وينظر الى المستقبل ولم يخلق له عيناً في الخلف حتى لا ينظر الى الماضي. جعله ينظر الى الامام دائما. وهذه العين على الرغم اننا نشترك جميعا في تركيبها، التركيب الفسيولوجي والتركيب التشريحي، ولكن نظرة العين تختلف من واحد الى آخر لنفس الشيء. لذلك العين الإيجابية للحياة تتميز بثلاث ميزات:
الميزة الأولى انها عين واقعية. تنظر للأمر في واقعيته وفي حدوده وفي شكله وليس في الخيال. وتنظر للأمر في واقعيته، انه أمر واضح أمام الانسان ولا يحتمل أي تأويل.
الجانب الاخر للنظرة الإيجابية للحياة، انها نظرة إنسانية. يعني يجب ان تشتمل نظرة الانسان للأمور على عمل الرحمة. لان عكس الرحمة توجد القساوة. والقساوة امتلأت بها قلوب كثيرة في العالم. ولذلك نظرتها ليست نظرة إنسانية.
الجانب الاخر للعين، يجب أن تكون النظرة متكاملة وليست نظرة متناقصة. كما تدرون جميعاً اننا نقول الكوب الذي فيه جزء من الماء، هذا الكوب ممتلئ ام ناقص؟ البعض يراه كوباً ممتلأ من الماء، هذه نظرة إيجابية ونظرة متكاملة. والبعض يراه كوبا ناقصاً، وبالتالي هذه نظرة سلبية.
هذه الأمور، النظرة الواقعية والنظرة الإنسانية والنظرة المتكاملة، تشكل جميعها العين الإيجابية للحياة.
سأعطيكم بعض الأمثلة من أحداث الصليب والقيامة.
كانا يوحنا الحبيب، ويهوذا الإسخريوطي، تلميذين من الاثنى عشر، اختارهما السيد المسيح، ورأيا تعاليم السيد المسيح ومعجزاته وكانا معه. وبالتأكيد كان هناك حوارات بينهما وبين السيد المسيح. يوحنا الحبيب كان له النظرة والعين الإيجابية للحياة. نراه يرتبط بالسيد المسيح، يصل معه حتى الى الصليب والى المحاكمات. ونراه يجد المتعة الكبيرة في انه يتكئ برأسه على صدر السيد المسيح. وهو أطلق على نفسه “التلميذ الذي كان المسيح يحبه” (يوحنا 19: 26). في المقابل، يهوذا الإسخريوطي كانت نظرته مادية، وكانت نظرته سلبية. ولم ير في المسيح انه المخلص الفادي الذي جاء لأجل خلاص العالم.
ولأنه لم يجد فيه تحقيق اطماعه المادية أو الأرضية ولذلك باع سيده بثلاثين من الفضة. وفي النهاية ذهب وشنق نفسه ومات وخسر نصيبه الابدي. الاثنان لهما نفس الموقف، واحد له العين الإيجابية والآخر له العين السلبية.
مثال آخر نراه في أحداث الصليب عندما ننظر الى اللصين، وهما اللص الذي كان عن شمال المسيح والأخر عن يمين المسيح. صلبوا لصين مع السيد المسيح امعاناً انه مجرم. اللص الشمال كان له حديث كبير “اذا كنت انت المسيح، فخلص نفسك وايانا” (لوقا 23: 39)، وارفع عنا الألم الذي نحن فيه، الم الصليب. اللص اليمين كان له نظرة في نفس الموقف وفي نفس التوقيت ونفس الشواهد. اللص اليمين ينظر نظرة إيجابية، ويفطن الى رؤية مغايرة: “اما نحن فبعدل لأننا ننال استحقاق ما فعلنا” (لوقا 23: 41). ونظر الى المسيح وقال: “اذكرني يارب متى جئت في ملكوتك” (لوقا 23: 42). كانت هذه العبارة، عبارة صلاة، عبارة توبة، عبارة نداء، عبارة رجاء. وقبلها السيد المسيح في آخر ساعات حياة اللص اليمين. وقال له: “الحق أقول لك: أنك اليوم تكون معي في الفردوس” (لوقا 23: 43).
هذه الصورة تنطبق في نماذج كثيرة جداً للعين الإيجابية للحياة. ولذلك أيها الأحباء، تمسك أن تكون لك عين إيجابية. عين إيجابية تنظر للأمور في ايجابيتها لكل احداث حياتك اليومية، احداث العمل والخدمة والاسرة. كل هذه الاحداث يجب أن تكون لك فيها النظرة الإيجابية. هذا هو فعل القيامة المجيدة في حياة الانسان. واجعل قلبك دائما مرفوعاً وتقول: يارب أعطني العين الإيجابية التي ترى الأمور في حقيقتها وفي جمالها وفي ايجابيتها، ابعدني عن النظرة السلبية أو النظرة الضيقة او النظرة التي لا ترى الا ما هو سيء. الحياة فيها جمال ممتد في كل عمل صالح.
انا سعيد أن أرسل لكم هذه الرسالة. أقدم التهنئة القلبية باسم الكنيسة القبطية وباسم المجمع المقدس، وأقدمها من هنا من مصر الى كل الايبارشيات والى كل الكنائس والاديرة في ربوع العالم كله. أهنئ اخوتي الأحباء الإباء المطارنة والاباء الأساقفة والاباء الكهنة والاباء الرهبان والامهات الراهبات ومجالس الكنائس وكل الشباب وكل الخدام وكل الشمامسة وكل الشعب وأيضا الى كل الأطفال. اهنئكم جميعا أينما كنتم، في اوربا، افريقيا، اسيا، أمريكا الشمالية، أمريكا الجنوبية، أو في قارة استراليا. اهنئكم جميعا. وهذه التهنئة احملها اليكم، الى كل فرد طالبا من ربنا يسوع المسيح القائم من بين الأموات ان يفرحكم على الدوام وان يعطيكم العين الإيجابية لكل عمل ولكل حدث في حياة الانسان. لإلهنا كل مجد وكرامة من الان والى الابد، امين.
اخريستوس انيستي، اليثوس انيستي.
البابا تواضروس الثاني
This page is also available in: English Français Italiano Nederlands Ελληνικα